أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي الحاج حسين - الأبقار البعثية المقدسة بين المطرقة والسندان















المزيد.....

الأبقار البعثية المقدسة بين المطرقة والسندان


علي الحاج حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1420 - 2006 / 1 / 4 - 10:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


جاءت التصريحات التي أطلقها النائب السابق للرئيس السوري تتويجا لحملة انتقام شخصية بسبب إقصائه عن مركز السلطة والمناصب السلطوية منذ خمس سنوات في سورية. كان مقربا من الحريري مما جعله مقبولا على السفرة السعودية، مما مكنه من إدارة شؤون لبنان من سورية وكان أحد مهندسي اتفاق الطائف والاتفاق الثلاثي ومرسي قواعد اللعبة التي أتممها غازي ورستم. لكن نعمة القوة تحولت لنقمة وضعف وإلى قنبلة موقوتة عام 1998 حينما كان بشار الأسد يعد نفسه لمنصب الرئاسة ويتدرب على الملف اللبناني، خشي وقتذاك من خدام الذي يرى نفسه خلفا طبيعيا لكرسي حافظ الأسد، وسيحول دون وراثة بشار كرسي الرئاسة بمساعدة أموال الحريري والسند السعودي. ورغم إبعاد الخدام لاحقا عن مركز القرار السوري استمر الحريري في ولائه لخدام، وتشكل تحالف بين الحريري وخدام وغازي كنعان في مواجهة تحالف غير مرئي بين الجنرال رستم غزالي الذي حل مكان كنعان في لبنان ووزير الخارجية فاروق الشرع وعائلة الأسد.
لقد أفرغ السيد خدام ما بجعبته عن النظام، ورغم أن ما قاله لا يعدو كونه قيل على لسان رمز بعثي سلطوي كشاهد من أهله، لكنه من حيث المضمون لم يكن بخاف على أحد داخل سوريا وخارجها. والجديد لا يعدو كونه اعترافات متأخرة سبقت وصول السعير لبساطه. وعليه أن يثبت عدم مشاركته في سرقة سوريا ولبنان قبلا ولم يكن له ثمن مسبق الدفع وأن واجبه الوطني أملى عليه قول ما قال، واختياره المتأخر للوطن وعدم ترك النظام قبل ثلاثة عقود مضت. أحدثت أقوال خدام ارتباكاً أكبر من المتوقع للقيادة السورية مع خروجه عن صمته مرتقباً منذ زمن، وقد سبق خروجه عن الصمت قرار سري رئاسي بحجز أمواله في سورية، وما قيل عن دورٍ مستقبلي في سوريا ترشحه له باريس وتتوسط لتفعيله لدى البيت الأبيض لتعويمه برفقة حكمت الشهابي.
أطلق عبد الحليم خدام رصاصة الرحمة على جمهورية القمع الذي شارك بصياغتها وبناء قوتها في لبنان وأماط اللثام عن تورط رموزها بمقتل الرئيس الحريري. وهناك من يرى انتحارا مبكرا رافق الولادة العسيرة للجمهوريات الوراثية ككل. ويشار إلى أن خدام كان قد وضع الأسس التي سار عليها غازي كنعان ورستم غزالة في الهيمنة اللاحقة على لبنان، وهو مهندس الملف اللبناني الذي تجلت حيثياته في ثرثرة على بحيرة ليمان واتفاق الطائف. وكان مجرد تخيل مغادرة البوط العسكري السوري لأرض لبنان ضربا من ضروب الخيال. إن كان ثمة تقدير لاعترافات الخدام، فلابد من التوكيد بأنه اعترف بخطايا الآخرين ولم يتطرق ببنت شفة لموبقاته، فهل كان ملاكا في جوقة أبالسة؟ أم أن الوشاية بالرفاق كاف للتكفير والمحافظة على المكاسب الشخصية؟ فهو لم يقل شيئا عن خطاياه الكبيرة في مساهمته واشتراكه في قرار وفعل التنكيل بالمعارضة السورية واللبنانية، وملاحقة المثقفين. وكان مهندس أبعاد الخطوط الحمراء، ومصادرة الحريات، والاستحقاقات الديمقراطية، في عهد حافظ وبشار الأسد، والسكوت على الفساد، ونهب الثروات السورية اللبنانية، ودفن النفايات النووية في صحراء تدمر والسكوت عنها قبلا والبوح بها اليوم.. الخ. كل هذا قد يكون دليلا أكبر على أن خدّام لم يكن بالسياسي السوري الشريف الذي يذرف الدمع اليوم على الإصلاح السوري، وعلى مذبح الحرية والديمقراطية السورية.
ربما لم يشارك الخدام في العشاء السري الذي تقرر فيه مقتل الحريري بشكل مباشر لكن خدّام كان سبباً غير مباشرا في مقتل الحريري
لقد جاء حديث عبد الحليم خدام ليرسم صورة واضحة لنظام الرئيس بشار الأسد هي أقرب إلى صورة عصابات المافيا واتهمه بالانفراد بالسلطة والسيطرة على كل مفاصل مستويات اتخاذ القرار، وبين لمن يساوره الشك أن سوريا لا يحكمها مؤسسة أو جهاز أمني أو مخابرات، بل أمزجة متقلبة لأشخاص كالهوام لا يمكن التعويل عليهم لرعاية قطيع دواب.. ورغم أن السيد عبد الحليم خدام لم يأت بجديد بتصريحاته هذه، سوى أنه أكد كشاهد من المطبخ الحكومي حتى الأمس القريب وواحدا من رموز أمس النظام، تأتي تصريحاته كوقع المطارق على هام النظام أمام المواطن الذي يتم تجهيله بطرق بدائية والتعتيم على عقله والاستخفاف به. وأماط اللثام عن حقيقة التهديدات القاسية لرئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري قبل التمديد لرئيس لبنان إميل لحود. كما اتهم بشار الأسد بمكافأة الذين ارتكبوا الأخطاء في لبنان، وعلى رأسهم العميد رستم غزالة، الذي نعته بشار باللص في أحاديثه مع خدام، وعلى علم بسرقة 35 مليون دولار من بنك المدينة في لبنان، ولكن كان هناك إصرار دائم على مكافأته، ولا سيما بتعيينه عضواً في المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي، الذي شهد استقالة خدام من مناصبه الرسمية.
كشف خدام وبأبسط الأبجديات المفهومة أن حكومة سوريا تريد البقاء بالسلطة وليس لها في معاداة أمريكا والوطنية والعروبية ناقة أو بعير، وضرب مثلا عن الجهل بلعبة السياسة حين تخطيء الحسابات وتقيس بمقياس الحرب الباردة بغياب الاتحاد السوفياتي وقلد بشار أبيه في الوقت غير المناسب. وكشف أن أداء بشار الأسد السياسي أقل من الضعيف والظروف التي قادته لارتكاب جرائم محلية ودولية، وزود المدعي الألماني ديتليف ميليس بمعلومات حول ضلوع النظام السوري في اغتيال الحريري. وأكد ما ذهب إليه التحقيق الدولي برئاسة القاضي ديتليف ميليس بما مفاده أن قرار الاغتيال يستحيل أن يتم دون موافقة بشار. مما يضع المقدمات الموضوعية لاستجوابه وتحويله للقضاء الدولي بجانب ميلوشيفيتش وصدام وكرادجيتش وأشباههم.
جاء الرد السوري وكعادته انفعاليا صبيانيا متماشيا مع مستوى الهرم القيادي للزعامة المتفردة بالسلطة بالضبط كما وصفه السيد خدام، موضحا للمواطن العادي وبأبسط الأشكال على الصعيد الداخلي أن أي قرار لا يمكن للمخابرات أو أي جهاز يتخذه دون "أوامر من فوق" وهنا يبرز على السطح من جديد مقتل الشيخ معشوق الخزنوي وفتح تحقيق دولي عن كافة حالات التغييب القسري لعشرات ألوف السوريين.
مجلس الشعب السوري المعيّن بانتخابات صورية عاد إلى لعب دوره الذي عُرف به منذ بواكير عهد الرئيس حافظ الأسد، وهو الدخول على خط الأحداث، بما يخدم السلطة التنفيذية، متنطعا دور تمثيل الشعب، البرلمان السوري الذي عرف عنه الاجتماع للتمديد مدى الحياة أو لتخوين أمثال الخدام، قام بحركة بهلوانية جديدة وعقد جلسة عاجلة، انقض فيها النواب السوريون على المسؤول السابق بالنقد والتجريح، وفتحوا ملفات الفساد التي يُتهم بها، وختموا جلستهم برسالة إلى الرئيس الأسد، أعلنوا فيها اصطفافهم وراء قيادته، وطالبوا بالإجماع بمحاكمة خدام بتهمة الخيانة العظمى. تلا ذلك فصله من القيادة القطرية البعثية ونقابة المحامين السورية وهو عضو فيها منذ نحو نصف قرن. وقد يرقن اشتراكه في مؤسسة الكهرباء ومياه عين الفيجة أيضا.
وجه عشرات النواب السوريين الاتهامات بالفساد، ودفن النفايات النووية، وقمع الحريات، وخيانة الوطن؛ إلى عبد الحليم خدام، كما لو كان جالسا في مقعد بشار الأسد. ولم يتوانَ المحللون السياسيون في دمشق عن اتهام خدام بالخيانة والعمالة، وبأنه جزء من مخطط للمنطقة، بل وذهب بعضهم للقول إنه يستحق اللعنة من شعبه، ويعتبر كافراً مرتداً بالعرف المستحدث.
كانت مسرحية مجلس الشعب سيئة الإخراج ككل مسرحيات السلطة السورية. ودعا أحد النواب خدام للتحلي "بأخلاق" هسام هسام الوطنية الذي رفض بيع نفسه مقابل المال، ومطالبة الإنتربول باعتقاله وإعادته إلى سورية لمحاكمته.
بلا شك لا ينتظر من مجلس الشعب السوري، أن يقيم تمثالاً لخدام بجانب تماثيل حافظ التي تغص بها البلد، لكن من مفارقات المضحك المبكي أن يحملون الخدام سجن عارف دليلة ورياض سيف، وبعد تنحية الخدام استمر هذا الاعتقال ومثله مئات التجاوزات والفواجع. وهذا ما أكدته المعارضة السورية في أكثر من مناسبة. واقتصر رد النظام وأبواقه الذي يفتقر لأي دليل لنقض التهم التي وجهتها إليهم المعارضة السورية وأكدها السيد الخدام سوى تكرار الأسطوانة القديمة: "عملاء، خون، متآمريين، مستقوين بالأجنبي..الخ".
أما على صعيد قصر بعبدا، فلم يختلف رد رئاسة الجمهورية اللبنانية في المضمون عن مقررات حزب البعث ونقابة المحامين السورية والبرلمان الصوري هناك، وقال بيان رئاسي أن حملة خدام لم تكن مستغربة على الرئيس لحود...
مع كل ما تقدم من أخذ ورد تبقى العديد من الأسئلة لم تلق أجوبة، ويستمر البحث فيما إن كان للمومس أن تحاضر في الشرف والعفة؟ وهل جولات وصولات النظام السوري في آخر فصولها؟ وهل ينتظر خروج أكثر من مسؤول سوري شاقا عصا الطاعة الرفاقية في المرحلة القادمة؟ هل إدانة النظام للمنشقين تعتبر إدانة لنفسه، بالسكوت عنهم وهم في السلطة وفضحهم حين يشقون عصا الطاعة؟ ومن التالي على قائمة "المنشقين" عن النظام السوري؟ .. وهل يقطع بشار الأسد الشك باليقين ويقدم استقالته قبل الغرق في المستنقع؟ أم أن الانهيار المفاجئ هو الذي سيحسم شوط البعث ويخرجه من اللعبة؟
رغم أن النظام السوري صار كالراعي الكذاب، لكنه يحاول العوم رغم أنه لا رصيد داخلي له ولن يأسف عليه قريب ولا غريب ويلفظ ما بقي لديه من أنفاس، وأن دمشق السياسية تغلي اليوم باحثة عن مخرج من هذا المأزق وبانتظار دوي الفضيحة التالية.
لو لم يجرد الخدام من مناصبه فهل كان سيفضح شركائه أم سيدافع عن القاتل كالشرع وبقية الجوقة؟
هل يبرر انتماء خدام الطائفي له موبقاته؟
هل يمكن أن تصنع من جلود الأبقار البعثية المقدسة طبولا تقرع للحرب والسلام؟
هل على الشعب والمعارضة السورية أن تكافيء كل منشق وتسامحه على موبقاته؟
هل العداء للمنشقين يغلق الباب أمام انشقاقات خشية خسران الصف البعثي والشعبي؟
هل ثمة خوف من فوضى عارمة في سوريا ولبنان إثر سقوط النظام أو تفككه المفاجئ؟
هل ما لخدام للخدام لأن الخدام وماله للأسد وندعه يحكي لندعه يمر؟
هل جلود الأبقار البعثية المقدسة بين مطرقة معارضة النفاق وسندان الرفاق؟
هل انتهت قوائم الاغتيالات الخارجية وبدأت مرحلة التصفيات الداخلية وينتحرون اختياريا؟

وفيما إن كان قد استهلك الخدام في السلطة وإن كان مفيدا للتغيير وسندا للمعارضة، إلا أن المثل الشعبي الشائع في حلب يقول عن بعض جلد البقرة " ما بصير منو طراق ولا صرماية".
_____________________________________
علي الحاج حسين - كاتب سوري مقيم في بلغاريا – صوفيا



#علي_الحاج_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الأكراد خنجرا سامة في خاصرة الأمة العربية...!
- رسالتي إلى الله
- قم يا أيها المدثر، تحت لحاف زوجتي لا تشخر..!
- أضرار الشراكة السورية-الأوربية
- الأنظمة الشمولية تنعش الأصولية لتعتاش بظلها
- مملكة سوريا وابن فضلان
- نداء لحظر حزب البعث دوليا كمنظمة إرهابية
- من الخروج من لبنان إلى السقوط في دمشق
- لا صوت يعلو فوق صوت المعركة
- السجن السوري الكبير للجميع


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - علي الحاج حسين - الأبقار البعثية المقدسة بين المطرقة والسندان