أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - مقالب خدّام














المزيد.....

مقالب خدّام


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1420 - 2006 / 1 / 4 - 11:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


عشرون جهازاً أمنياً أخطبوطياً فتاكاً، وأسوأ قانون للمطبوعات في ذيل القائمة بعد بورما، وكوريا الشمالية، وقانون للطوارئ، وآخر للأحكام العرفية، ومحكمة فرعونية لأمن الدولة، وثلاث جرائد صم بكم صامتات، بطابور طويل من كتبة "الظبوطة" وقد رفعوا شعار لا أسمع، ولا أرى، ولا أتكلم، وجيش جرار من المخبرين، ومجموعات غير محددة من المنظمات والهيئات والميليشيات الثقافية، وشبه العسكرية، والميليشياويين في مختلف المناصب والوزرات، وماكينات إعلامية جبارة لا تتوقف عن الدوران صباح مساء لغسل أدمغة الأطفال، والشباب، والشيّاب، وحتى الأجنة في الأرحام، أدوات جهنمية متغولة، ومتسلطة أنشأها، واستثمرها النظام حتى النخاع، وكانت تعمل وعلى مدار الساعات، لتطويع وتدجين الشعب السوري، ونشر التعتيم، والتغطية على الفساد، ومحاباة المافيات، ومداراة المفسدين، المنتشرين كالجراد في كل مكان، إلا أن تصريحات السيد خدام، النائب السابق لرئيس الجمهورية، لمحطة العربية وهو الذي شغل ذاك المستوى الرسمي العالي، وبذاك التاريخ الطويل المحوري الذي قضاه في أروقة، ودهاليز النظام، أتت لتنسف، ومن الجذور، كل تلك المحاولات، والجهود الجبارة التي حاول النظام أن يكرس صورته النمطية في عيون الآخرين كقلعة للطهر والنقاء القومي والوطني، وكعبة للثوار، ومحجة معصومة عن النقد، والأخطاء.

لكن، وأخيرا انكشف الغطاء، وبانت الحقائق عارية جرداء، حقائق حاولت كل تلك الأدوات تغييبها عن أعين بعض البسطاء الذين ظلوا حتى الأمس مخدوعين بنشرات الأخبار، وبالخطب النارية العصماء، وظهرت روائع اللصوص، وبطولات قطاع الطرق، وأكوام النفايات، وفتوحات المافيات، وحكايات الخيانة والعمالات، وروايات الفساد، ومسلسلات القمامة والزبالات. وممن؟ من واحد أبناء النظام المدللين ومنظره الاستراتيجي الذي لا يشق له غبار، وذراعه السياسية الضاربة، وحرسه المتشدد القديم، ممن أثروا، واستغنوا، وكدسوا المليارات، وكانوا فوق كل شبهة وسؤال، وعاثوا هم وأبناؤهم فسادا في الأرض التي استباحتها شراذم مافيوية مستفشرة لا ترحم أبدا، ولم تشبع يوما من مص الدماء، وعلى حساب سعادة ورفاه عموم المواطنين الفقراء. ونطق أخيرا، وقام مجلس الشعب الصامت أبدا بتشريح الرجل، وفضح ممارساته، والتشهير به من على منبر وطني كان الأولى به أن يناقش أولا الحالة الكارثية التي عرضها السيد خدام، ولو بشكل غير بريء، عن قيام السوريين بالتفتيش على الغذاء في القمامة والقاذورات، إن كان المجلس الموقر، معنيا فعلا ومهتما بشؤون، وأحوال الشعب السوري ويمثله خير تمثيل، وأن يدرس كيفية التصدي الفعلي، والعلمي، والطبي للعواقب الصحية الخطيرة، والبيئية الكارثية جرّاء دفن النفايات النووية في البادية السورية البكر العذراء، قبل التعرّض، وبشكل شخصي، لتاريخ الرجل وفساده، الذي يعرفة السوريون جيدا، وربما يعرفون أكثر مما قاله أعضاء المجلس الكرام، ولا حاجة أبدا لكل تلك المنازلات الإعلامية، ولا نبالغ كثيرا إن قلنا أن المجلس الكريم لم يضف شيئا يذكر على ما تكتنزه الذاكرة الشعبية السورية من كم هائل من القصص، والروايات، والأحاديث عن قصص الفساد، والثروات الأسطورية والخيالية لخدام وبقية السلالة الفريدة التي فرختها أنظمة الاستبداد، وممن مازلوا يمارسون، وحتى الآن، العربدة والرقص الثوري على أجساد، وأبدان السوريين جميعا، وبدون أدنى خجل، أو تردد، أو حياء.

نعم انقلب خدام، وفي زمن حرج للغاية، ونفض يديه كليا متبرئا من هذا النظام، وخرق اتفاق الجنتلمان التاريخي بين النظام ورموزه التاريخيين، والقائم على القاعدة الذهبية القائلة "افعل واكسب ما تشاء، ولكن حافظ على الولاء". و يعتبر خدام بذلك أكبر، وأخطر مقلب، ولغم ينفجر في وجه النظام من الداخل، حيث جرت العادة أن تتم إحالة كل من يبدي أي تذمر أو امتعاض، أو محاولة للتمرد، أو "زغزغة بالنيات"، بالإحالة على المعاش والتمتع بما ملكت، وكسبت يداه، مع المحافظة على الشق الثاني من القاعدة المذكورة، وصلى الله وبارك، و"كفى الله المسؤولين شر الكلام". لقد خلطت هذه التصريحات كل الأوراق، وأفقدت النظام صوابه، وتقوضت كليا استراتيجية التعتيم، والمداراة، والإغلاق التي قام عليها ردحا طويلا. ونظراَ للتخبط الظاهر، ولعدم وجود أية خطط لمثل هكذا حالات، فقد رد على "المقلب" بتلك المسرحية التراجيكوميدية، التي كان أبطالها أعضاء مجلس الشعب، والتي لم تكن إدانة، وتشهيرا بالسيد خدام فقط، بل إدانة شاملة ذهبت في عدة اتجاهات، ومحاكمة علنية، ومرة، وقاسية لنهج استمر ودام قرابة العقود الأربعة من الزمان.

لقد كان في الحقيقة أكبر"مقلب" يتعرض له النظام الذي كان هو البادئ، وصاحب كل المبادرات، و"القفشات" الأمنية، والترتيبات الدقيقة، والفائز الضاحك في كل المقالب السياسية التي كالها لمعارضيه، وخصومه السياسيين عبر تاريخ طويل من الشد والجذب والصراع، إلا أن المقلب الأخير، و"الكم" الكبير الذي أكله من السيد خدام، ذلك السياسي الماكيافيللي الذي كان ظلا، وجلس طويلا على "مقاعد الاحتياط"، وقد شطب، وبلحظة عابرة، كل تلك الشطارة، والفهلوية السياسية، والبطش، والتذاكي على الشعب المسكين الغلبان التي تميز بها النظام.

وإذا كانت مقالب غوار البريئة سابقا، والبعيدة كليا عن عهر السياسة وموبقاتها، قد أضحكتنا، ومن القلب، في ذلك الزمن السالف الحالم، فإن مقالب خدام السياسية، وبما حفلت به من فضائح ومهاترات ومن مختلف الأطراف، قد أصابت الجميع بالمفاجأة، والذهول، والإرباك، وكانت بالضرورة والمآل أيضا، مدعاة لذرف مزيد من الدموع التي أصبحت لازمة، ونشاطا يوميا على أوطان تحترق، وتذوب أمام أعيننا كالشمع، وتتآكل من غير مكان.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكتة الموسم الشامية
- حرب المزابل والنفايات السياسية
- المنشق السوري الكبير
- تعقيبا على تعقيب
- مرايا السوريين
- البرلمان العربي: سراب السراب
- شجرة الحرية
- الحجاج نويل
- الأجندة العربية والأجندة الأمريكية
- صلوات لاستسقاء الديمقراطية
- نقطة نظام
- عندما تطفئ الشموع
- لِمَ الإحراج يا سيادة الرئيس نجاد؟
- نبوءة علي الديك
- مدرسة الحوار المتمدن
- نهاية رجل شجاع
- مُصحف سيادة الرئيس
- عودة الوعي للسوريين
- قناة الشام الفضائية
- الحوار المتمدن ومحنة الأمل الكبير


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - مقالب خدّام