أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وديع العبيدي - التنوير عربيا.. اشكالية المصطلح (3-3)















المزيد.....



التنوير عربيا.. اشكالية المصطلح (3-3)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5353 - 2016 / 11 / 26 - 17:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


وديع العبيدي
التنوير عربيا.. اشكالية المصطلح (3-3)
(3-3)
"طرق التفكير التي تجد مرجعياتها الثابتة والمطلقة في النصوص المكتوبة وحدها، لا في العقل والبحث والسؤال، انما هي طرق مغلقة، ولم تعد قادرة على أن تفتح لنا أي أفق للتفكير... يسهم في الكشف المعرفي، وفي بناء العالم". – أدونيس

التربية المشوهة.. أو (الخيانة الوطنية)..
في علم الجيولوجيا تتراكم طبقات الأرض مع الزمن، واحدة فوق الاخرى، وفي دراسة عمر النبات، يتم حساب حلقات النمو المتسلسلة فوق جدر النبات. طبقات التراب وحلقات الجذع تنمو منسجمة متناغمة الواحدة مع الاخرى. وكذلك – يفترض- ان تنمو المجتمعات عبر الزمن، والمقصود – طبعا- مجتمعات الغرب المنسجمة ثقافيا واجتماعيا.
اما مجتمعات الشرق الأوسط فهي أكثر شبها بطبقات الصراصر المتراكبة ظهور بعضها، حيث القوي والسوقي يمتطي الضعيف والملتزم اخلاقيا. كل واحد من مجتمعاتنا هي مجتمعات أثنية/ غزوية متعاقبة بامتياز. ولا تفوت دورة زمنية قبل ظهور غزو جديد يسحق سابقه، وهو غزو عسكري وحشي اقتصادي استيطاني عرقي عنصري. وهكذا تتبدل اللغة والثقافة والمعتقد والأهواء مع كل دولة حاكم.
وشكرا للاستبداد السياسي والعنف الامني الذي يقمع الأورام التاريخية من الظهور فوق الجلد وتلويث الهواء والبيئة. وعندما تضعف قبضة الحكم، أو تتردى امور الحكم، كما حصل مع النظام العراقي السابق أواخر القرن العشرين، ظهرت الأورام والافات وطبقات الصراصر وهي تتنازع السلطة والارض والخطاب الثقافي. لذلك قلت..
حائط الصمت..
انهار على روحي..
وفقست تحته سحالي صفراء..
سحالي خضراء، برتقالية وملونة!..= من قصيدة: رسالة لم تصل الى جلجامش!-
وهاته السحالي تحاول ابتلاع بعضها والانتفاخ على حساب الكل، لفرض خطابها الايديولوجي ومصادرة الوطن وأهله خلال ذلك. فالخطاب الشيعي المغازل لايران هو لغة الاعلام ومعيار نشريات وزارة الثقافة وهيئة الاعلام الداخلي والثقافة التي يتم تسويقها باسم العراق وتهميش والغاء سواها.
الثقافة الخلدونية التي تصدرت مناهج التعليم في العهد الملكي تجاوزت الانتلجنسيا التركية العثمانية السابقة والرائدة في العراق – مثلا-. ومع وصول العهد الجمهوري تم اختزال الاجيال الملكية من الاكاديميا ومهندسي الثقافة والفكر والعمران المدني، لبدء جيل اكاديمي تالي يراوح بين الخطاب القومي العروبي والماركسي الشيوعي المؤدلجين.
في عام 1978م بدأت سياسة التبعيث: [بعثثة المجتمع والدولة والاعلام والتعليم]، واضطر جيل ثقافي اكاديمي للهروب من بلدهم، بينما اودع غيرهم السجن. فكل مرحلة من تلك المراحل تصادر نشريات ما قبلها وتمنعه من التداول. وهو ما حصل مع حكم الاحتلال وتصدر الايديولوجيا الدينية الصفوية، وتصفية ثقافة النظام السابق ورموز العراق في كافة المجالات ومن بينها مؤسسات الجامعة والاعلام والمجتمع، لصالح ثقافة شيعية النسب، ايرانية الهوى صفوية الانتماء، والغاء ما عداها.
وفي وقت متأخر، بعد عام 2007 بدأ الشعور بالفراغ الثقافي والحضاري العراقي، و(ما العراق الا ثقافة على مدى الزمن!). بدأت مؤسسات الحكم الرسمية والدينية في اصطناع مؤسسات وأقنية وأنشطة لانتاج جيل ثقافي موالي للحكم والخطاب الزهراوي الصفوي، وما زال التهالك في هذا الاتجاه، رغم خيبة الجهد وعجز الوسيلة.
ان ما يزيد من ثلثي الانتلجنسيا العراقية المتقدمة والرائدة تقيم خارج الوطن، محرومة من حق العودة والمواطنة، خارج شروط الايديولوجيا والتزكية الايرانية. علما أن اكبر نسبة من عدد الاغتيالات والتصفيات الجسدية هي في صفوف الاكادميين والادباء والصحفين، تمت خلال العقد الأول من الاحتلال، وما زالت المؤسسات والنقابات المهنية تخشى من نشر قوائم شهدائها وضحاياها في وسائل الاعلام، خشية ارهاب الحكم ومليشياته الصغوية الانكشارية.
كل عصابة حكم تريد تبييض وجهها بثلة من الادباء والكتاب والصحفيين، يدبجون القصائد والمقالات التلفيقية عن العصر الذهبي والفرع التجاري من جنة عدن.
وهاته اللعبة الرخيصة بعيدة كل البعد عن تنمية الانسان، وخطاب التنوير وتحرير العقل والارادة الوطنية الانسانية.
سيقول قائل، ان دور الدولة والثقافة الرسمية، محدود في عصر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. ولا أتهم هذا القائل بالتحشيش، ولكني أتساءل عن نسبة مستخدمي النت والقادرين على ادارة حسابات خاصة على النت، ناهيك عن انعدام حرية الرأي والارادة والرقابة المشددة لليمين الديني على المستخدمين.
السؤال الاحصائي هنا، يتمثل بحجم الجمهور الديني السلفي والصفوي في بلد كالعراق. ويمكن للباحث الراصد مراقبة مد التشيع في تسمية الاشخاص والولادات ليس في النجف وكربلاء، وانما في الانبار والموصل ودهوك، لاكتشاف حجم الارهاب الفكري والقومي للمد الايراني الديني [التفريس والتشيع] في عموم العراق. بعدها نتكلم عن الثقافة والتنوير ودور المثقف السلبي والتنوير المعاكس.
*
الدين والتنوير..
قفز العرب من قلب الصحراء وجدب البداوة، في وسط المدنية وتسلطوا على الحضارة في رمشة عين. اعني ما حصل في القرنين السابع والعشرين الميلاديين. ان الحصول السهل على شيء ما معقد، له من الاضرار ما يفوق المنفعة؛ وفي مقدمة تلك الاضرار الخلقية والعقلية منها. ومن الواضح ان العقلية العربية/ الشرق- أوسطية تعاني من عجز بنيوي عن استيعاب المدنية، أي عن فهمها فهما لائقا.
تعرف المرض العربي من كلمة واحدة، عدم الاعتراف بالخطأ أو المسؤولية، عدم الاقرار بالعجز أو الغباء أو التخلف. إذن من أين جاء التخلف؟.. هنا يبدأ التبرير، وكيل الاتهامات للآخر!. من هنا أيضا يحتاج العرب المسيحية، لكي يتعلموا أهمية (الاعتراف) شريطة لابتدار القداس، وتنقية (الضمير) والغفران والتسامح داخل الجماعة، للتقدم للامام.
العربي يفهم كل حديث من قبل الاخر، نوعا من الجدل [النزعة الديكية!]، والمبارزة الكلامية التي يمكن ان تتشعب خارج الموضوع. كل لقاء مع (مختلف) يفهمه المسلم من باب الاتهام ويقابله بالاتهام والاتهام المقابل. ليس الشخص العادي، بل ثمة جيش من الكتاب العرب والمسلمين، يتناولون قضايا الكون والمجتمع، بعقلية تبريرية، واتهام الآخر أو تلويمه وقلب التهمة/ الصاع صاعين نحوه!.
وهذا ما أدعوه التحشيش الاسلامي، وهو يقابل، - اسميا- باب الدفاعيات، في الليتورجيا المسيحية، مع اختلاف المنطق والخطاب. هذا النوع من الكتب والكتابات، برعت دور النشر العربية في نشره وترويجه منذ سبعينيات القرن المنصرم، وبتزايد حتى يومنا هذا.
فالموقف المناوئ للابداع الادبي والفكري، من قبل الناشرين والمؤسسات الثقافية، كان لصالح إعادة نشر كتب التراث وطبعها وترويجها، في حالة من السباق والمبارزة بين المدن والبلدان العربية والاسلامية ممن لا يجيدون نطق العربية وفهمها كما ينبغي. وعلى موائد مصنفات غير علمية من زمن التدهور والهزيمة أمام المغول، تغذى الجيل الذي رفع رايات الموت [القتل او الانتحار الجماعي]، معقدين بفكرة الثأر للهزيمة التاريخية، بعودة – الحشاشين- للسلطة، وفتح أبواب ودهاليز جديدة للجحيم [هادس].
وما زالت دور النشر العربية تعيش واقعا مزريا وتتلفع بدرحة كافية من المراءاة احيانا، للتلفع بالثقافة والمدنية. وليس تقليد ابتزاز المؤلف العلماني ماديا وفكريا، بتجريمه تكاليف الطبع – دون توزيع كتابه غالبا- غير نوع من الحكم والكفارة الدينية. بينما تطبع كتب التحشيش مجانا مع تكريم مؤلفيها أو مروجيها، ووضعها في صدارة معارض الكتب التي يقام معظمها اليوم في بلاد رجعية، أو تحت اشراف مروجي التحشيش.
أين هو العقل العربي وما هو مصير الناشئة في بلدان الشرق المسلم، بعد حوالي اربعة عقود من ثقافة التحشيش والشعارات الدينية الغوغائية. ولماذا -؟؟؟؟- اتفقت شركة الميايكروسوفت مع – المملكة السعودية- للاشراف على برنامجها العربي، ولم تتجه لبلد تقدمي له باع في المدنية والحضارة والانتاج الثقافي؟.. بل لم لم تعترف بالانتجلنسيا العربية المقيمة في الغرب منذ عقود طويلة؟.. أم أن الانترنت العربي هو جزء من ميراث شركة الارامكو سيئة الصيت والاهداف!.
ولذلك يخضع الانترنت العربي للابتزاز الاسلامي وأدوات التجسس والمراقبة لبلدان اسلامية لقاء حصتها المالية، وبالمشاركة مع دوائر المخابرات المركزية الامريكية. أقول هذا، لكي يعي العربي ويتوقف عن التصفيق وامتداح بيل غيتس واستثماراته الكولونيالية، وأن التبرعات السنوية التي يدفعها، ليست لحماية الاطفال من الاعتداءات الجنسية وآثار الكوارث، وانما لتسديد مستحقات بلاده في صناديق الامم المتحدة والمنظمات الدولية، العاملة اسسا في خدمة السياسات والبرامج الامريكية.
دور النشر، هي أداة التنوير الاساسية التقليدية عبر الزمن، وهذا يفضح التنوير العربي المعاكس. التنوير المعاكس هو التجحيش والتبليد بدل التحرير والتنوير العقلي.
فعندما كانت بيروت تتقلب في مستنقعات الدم وصراعات الاخوة والطوائف كما دعيت لاحقا، كان تجار الحرب والدين يمارسون لعبتهم المفضلة، ويختارون أقصر الطرق لاحتلال جنتهم الأرضية. الاستيلاء على دور النشر اللبنانية واقتسامها بين اليسار واليمين الاسلامي. بعض تلك الدور احتفظ بالاسم القديم لمراوغة القارئ، بينما انحرف اتجاه النشر والخطاب الايديولوجي، وبعضها اتخذ مسميات وعناوين جديدة، - كنت اتمنى من الأصالة اللبنانية- نشر قائمة ترصد تلك الحالة وتشرح متغيرات سوق وصناعة الكتاب اللبناني، لأن لبنان كانت عقل العرب، بل عقل الشرق الأوسط منذ وضع الابجدية الفينقية.
في بداية التسعينيات العراقية، وانفتاح أشداق الحصار الوحشي، ازدهر ربيع هجرة العراقيين، وبيعت كثير من المطابع واغلقت دور النشر الاهلية، وتجار الحرب والدين الانتهازيون، ايضا في الواجهة. وتوجد اليوم كثير من الكتب بدون ناشر أو مطبعة أو سنة نشر ورقم ايداع، وبعضها يتخذ بيانات مزورة ملفقة، لا تتكرر ليحل محلها عنوان ورقم وهمي جديد. وهل ثمة وزارة ثقافة أو مؤسسة نشر واتحاد ناشرين يضبط السوق، ويعرف ما يجري بين ساقيه!. وهل يجرؤ؟..
من هذا المنظور، يمارس الناشر العربي قطيعة تامة مع رموز الانتلجنسيا العربية، والتي ندعوها رواد النهضة الثقافية والفكرية للنصف الاول من القرن العشرين، فيما تتصدر المكتبات العربية، سيما في العواصم الأوربية، أسماء وكتب من بلدان التخلف والظلام. ومن يطالع الصحف العربية في الخارج/ اللندنية، تكفيه الاشارة!.
هاته بعض جوانب وزوايا وخفايا غياب التنوير العربي والوطني والانساني.
سوف يتساءل القارئ عن سبب تركيز الموضوع على العرب، منذ ظهورهم السياسي، وما علاقة ذلك بالتنوير المتصل بالحضارة الاوربية في القرن الثامن عشر الميلادي؟
من تعاليم يسوع المسيح، ان من يشعل المصباح، لا يضعه تحت المنضدة، وانما يرفعه في مكان عالٍ ليضئ نوره العالم!. وهذا هو جوهر ورسالة التنوير الاوربي الذي انتشر نوره في العالم خلال القرنين الاخيرين، وأفاد منه كثير من الشعوب التي ودعت ماضيها البدائي. ولكن المكان الوحيد الذي فشل فيه التنوير، وتعرقل دوره، هو العالم العربي وشرق المتوسط. والسبب وراءه..
- نظرة الكراهة والعداء التي ينظر بها العرب والمسلمون للغرب ومنتجاته الثقافية!..
- الترسبات التاريخية الجامدة في قاع اللاوعي العربي والمسلم، الذي ربط البداوة بالقداسة، ورفع تقاليدها الوحشية لمرتبة تعاليم سماوية مفروضة بلغة الاستبداد والغاء الاخر.
واستمرار وانتشار العقلية البدوية وديمومة الاسلام لا تدين للقيمة الانسانية والروحية لهما، وانما للغة العنف والخوف/ الارهاب والارعاب، الاكثر تماديا منذ القرن الواحد والعشرين، بمرموزية السكين والسيف والدشداشة واللحية.
ان منظومة الارهاب البدوي الاسلامي نفي للحرية، ونفي لأصول وقواعد الحياة الطبيعية والبيئة الصحية لنمو الكائنات الحية. وغياب الحرية والارادة الشخصية عبر عشرات القرون، جعل من غيابها أمرا عاديا، بل قانونا طبيعيا، بما فيه عند من ينسبون أنفسهم للثقافة والانتلجنسيا الذين اختلطت دماؤهم وجيناتهم بمركبات هجينة وسامة، يعجزون عن الفكاك عنها.
وإذا تيسر لهم – بطريقة ما- كانت السكين والقصاص في انتظارهم. وفي تاريخ الاستبداد والاغتيال الثقافي والسياسي الاسلامي، مزيد لمن يريد التحقق من جدران السجن الخانق المتداخل في خلايا المخ والمخيخ العربي، وليس محيطه الاجتماعي فحسب. فالمشكلة الحقيقية دائما في الرأس!.
لقد زرع الفكر الاسلامي، وما يزال- عائقا عقليا ونفسيا، في داخل الشخصية العربية عن مراودة ومداولة الحضارة والعصرنة. وهو ما يجعلني اشكك في مفهومية الثقافة والعلمانية واللبرالية عند العرب، من غير موقف فكري ومنتوج حقيقي على أرض الواقع.
العصر الذهبي العباسي، وما يسمى – زورا وافتراء- بالحضارة العربية الاسلامية، شهدت وأسست لممارسات محاكمات الضمير والعقل ومحاكم التفيش والاغتيالات والارهاب الفكري، التي لم يصدر عنها لليوم غير كتاب أو كتابين، بعنوان واضح.
وكما كان القرن العشرون عصر النهضة العصرية، شهد من الارهاب الفكري والتصفيات الجسدية والفكرية والاعتقالات ما يندى لها الضمير، دون موقف أو اعلان صريح عن تلك الشوفينية/ الفاشية الدينية بشكل واضح/ جريء ومحترم.
ومن المؤسف/ او المخزي، ان تنتهي تجربة الدولة الوطنية المدنية، ممثلا بتجربة عبد الناصر[1918/ 1956- 1970م] الى القصاص من اللبراليين والشيوعيين ومغازلة الاسلامويين. وهي اشارة ينبغي درجها في قائمة أسباب فشل التنمية النهضوية العربية.
لقد كان بمكنة عبد الناصر، لو تحلى بالحكمة والجرأة التي لكمال أتاتورك [1881- 1938م] والحبيب بورقيبه [1903/ 1957- 1987/ 2000م]، ان ينقل العالم العربي والاسلامي – مرة وإلى الابد- الى الضفة الاخرى من الحضارة والتقدم المتصل.
*
شكلانية المعايير – خواء الجوهر-..
لماذا لم تظهر شخصية عربية مستقلة فكريا ومتحررة –تماما- من العبودية والغيبيات؟. ولم لم يتبوأ القيادة مثل هذا الشخص.. وكان جميع قادة العرب – باستثناء بورقيبه- من الوسطيين ومن الطبقة المتوسطة التي كان للاستعمار والتنوير الغربي دور في انتاجها ودعمها.
في هاته النقطة الضيقة، نجد تفاهة الفارق بين القيادة الملكية والقيادة الجمهورية، برغم شسع الضجيج الاعلامي وتخوين السالف. عقب موت عبد الناصر والمد الديني الرجعي قال بعضهم ان عبد الناصر كان – خونجيا- ومتعاونا مع قيادة التنظيم، وكان المأمول منه قبادة انقلاب – خونجي- (هكذا وبكل سذاجة!)، وابتعد جمال البنا [1920- 2013م] أكثر إذ رصف أكثر جماعة قيادة الثورة ضمن قوائم الاخوان والمتعاقدين معهم سياسيا ان لم يكن فكريا.
ان مصادرة التاريخ والقرصنة وتزويره والافتراء على الماضي ليس غريبا في تاريخ العرب السياسي والثقافي والاجتماعي، بل هو المأثور والمستأثر، حتى غياب الحقيقة والمنطق والمصداقية.
قام عبد الناصر بضرب الحركة الشيوعية ممالأة للسياسة الامبريالية ابان الحرب الباردة، وعندما عجز عن مسايرتها مال لممالأة المعسكر الاشستراكي ومجموعة دول عدم الانحياز ومغازلة التيار الديني الاقليمي، بكل ما يكتنف سياساته وعهده من تناقضات وتذبذب وانتهازية لاتليق بصوره الاعلامية كبطل قومي بلغ درجة من (تقديس الشعب)، كما في مضاعفات نكسة حزيران 1967م.
ان تقلبات عبد الناصر، جعلت منه أسوأ تجربة تحتذى في المشرق العربي، فقاد للفشل التاريخي عموم التجربة القومية والنهضوية للعرب، في العراق وسوريا وليبيا والسودان واليمن، الجماعة التي قلدته الحافر على الحافر، وانتهت بمصيره. فيما نجت تجربة الجزائر التي استقلت عن مصر وتخذت طريقها الخاص كما هو لليوم.
فالتقليد والاخلاص للزعامة (ظالما ومظلوما) صفة عربية عريقة، وسمة من سمات الحالة العبودية في توصيفها التاريخي والعلمي. فالزعيم معصوم ومقدس، ويتنزه عن النقد واللوم والعيوب. وهو ما يذكر بالموقف من شخصيات قادة المسلمين والزعامات الاسلامية القديمة والمعاصرة، وبشكل يجعلها أكثر قداسة وتنزيها من رب العالمين نفسه!.
من يقدس الماضي، لا أمل فيه لادراك المستقبل، ونقل خطى شعبه للامام!.
وظيفة التنوير، هي تعليم الانسان النظر للامام والتقدم، وعدم الالتفات للماضي مهما كانت قداسته وأمجاده.
ان الاضرار الحقيقية لسياسات عبد الناصر وزملائه العسكر في البلدان الاخرى، لم تدرس بمعزل عن المدح أو القدح في شخصياتهم، من قبل مناوئيهم السياسيين، وحتى الاطاريح الجامعية والمؤلفات الموضوعة من قبل أكادميين، ظهرت في ظل انظمة مناوئة، ولا تخرج – ثمة- عن مجال النفاق السياسي والاجتماعي، وما يدعى بالأدب السلطاني و(وعاظ السلاطين)، وهو الصفة العامة للتأليف العربي والاسلامي مدى الزمن. وما أكثر العلمانيين والاكادميين العرب اليوم ممن يمتدحون المد الاسلامي بجناحيه، بعدما كانوا يمتدحون الغرب ومظاهرالحداثة.
من مظاهر انحراف التجربة النهضوية الجمهورية، ظهور موجة قراءات التراث والمراجعات اللبر الية والشيوعية للارث الاسلامي. فإلى جانب كتابات المصريين عن صدر الاسلام وشخصياته والأمجاد القومية، ظهرت القراءات الماركسية للاسلام، للدكتور حسين مروه [1919- 1987م] وعزيز السيد جاسم [؟] وهادي العلوي [1933- 1998م]، فأين يمكن تصنيف هؤلاء: قوميين/ ماركسيين/ لبراليين/ اسلامويين، أم مجرد كوكتيل غير منسجم مع نفسه، كما هو حال الثقافة العربية والنظام العربي.
بالتأكيد.. أنا أكتب هنا وأعبر عن رأيي وتجربتي الذاتية كقارئ نقدي مذ ما ينيف على أربعة عقود، وأعترف انني قرأت لهؤلاء، واعجبت – في وقت ما- ببعض تلك الكتابات، ولكني عندما أقرأ روسو وسارتر وكامو وكولن ولسن وتولستوي وبلزاك وديستويفسكي وسواهم من الغربيين، فأنني لا افصل بين الشخصية والكتاب، بين الفكر والموقف. فالقراءة ليست -التقاط- أفكار وصور، والعمل على تضمينها ثانية في كتابات مقلدة، على غرار التأليف العربي، وانما القراءة – عندي- هي علاقة تعارف شخصية وتبادل أراء وافكار، وبشكل نافع وتنويري.
لقد تعرفت الى رجال دين عرب بحسب المهنة والصورة الاجتماعية، ولكنهم من الناحية الفكرية والحوار الثقافي، أكثر لبرالية من سواهم، وعندما أخلو الى نفسي، لا استطيع تقعيد الصورة مع الاطار. رأيت أيضا من يدعون أنفسهم كتابا ومؤلفين وأكادميين في مظهرهم العام، وفي داخلهم أكثر رجعية وغيبية ويمينية من أي مخلوق جامد؛ وهاته الأكثر ازدهارا اليوم.
التنوير فلسفة، والفلسفة منهج حياة وفكر. الحداثة مذهب وتكوين ونمو طبيعي متناسق فكرا وسلوكا. الانجيل يقول: اسلكوا في الروح وانمو في الكلمة!، والاسلام يقول: لكم في الرسول اسوة حسنة!. وماذا يقول الكاتب والمؤلف؟..
وما الفرق بين الكاتب والفلاح، والمثقف والراعي، حين يكون الكتاب والفكرة مجرد (بضاعة/ مهنة) يرتزق بها الشخص، على غرار الصيد لدى البدائيين، والنهب عند البدو. فكل ما يشغل الانسان العربي هو المعيشة والقبول الاجتماعي وإذا استزاد سعى للجاه منافقا لتيار النفوذ، فأين هي الاضافة الحضارية والابداع العقلي؟.
غير قليل من القراء يصف كثيرا من الكتاب بالانتهازية وتملق السلطات، وهؤلاء مؤلفاتهم تملأ المكتبات، ويتبارى الناس لشرائها، بضمنهم اولئك الذ ي يقدحونهم في المجالس الخاصة، فهل الدافع هو (حسد عيشة)، أو (نقص جاه)؟.. من هذا المنظور كان الالتفاف والمراوغة وتغيير دهان المقدمات عاديا بحسب هوى السلطة، وتيارات النفوذ.
وفق هذا المنظور انتقل العرب من خانة اليهودية الى خانة المسيحية، ومن خانة الاثنتين إلى خانة الاسلام مع الزمن. استتركوا ايام العثمانيين، وتظاهروا بالحداثة في الثياب وصرعات الفكر ايام النهضة الحداثية، ثم عادوا الى سلامة المعيشة وهوان الفكر مع أسنة الارهاب، بين بداوة وتفريس. وهكذا يدور العربي على نفسه داخل حجرة السجن، مبتهجا بالطعام والثياب والالقاب المزيفة، بما يجعل من الواقع العربي ميدان سيرك أكثر منه بيئة مدنية طبيعية.
انفصام الفكر عن الحياة، هو سمة الشخصية والواقع العربي، وتلك هي الضربة القاضية التي سددها الفكر الاسلامي مرة وإلى الابد. وما يزال الخوف ونفاق المعيشة هو الهم والشاغل الأول.
ان على كل من يتهم نفسه بالثقافة والكتابة، ان يتحسس رأسه من قدميه، ويكون سائلا مسؤولا، راهنيا تاريخيا في نفس اللحظة، بغير انفصام في الذات أو الشخصية أو الجغرافيا والزمن. ومن عجز عن الامر، فالاسهل والاسلم له تعلم الحدادة والنجارة وزراعة الارض، وربما التجارة بعلف الدين، على تهمة الثقافة والتأليف والفلسفة.
ولو كان لهاته الادوات أهل في الشرق الأوسط، لما بقيت الحياة تراوح وتدور على نفسها ضمن دائرة الغيبيات والتقاط المعيشة. ولم يريد البعض ارتداء ثياب مسروقة، لا تليق بهم وبواقعهم!. والخطوة الاولى في هذا الاتجاه، هي الكف اعن اعتبار الكتاب والمنتج الحداثي اكسسوارا نزين به بيوتنا ومكتباتنا، أو مظهرنا الخارجي، بينما داخلنا- مستنقع آسن- وصورة مشوهة (ناشز).
*
التنوير حركة علمانية..
ان رسالة التنوير تتمثل في "تحرير الناس من الخوف، الناجم عن الدين والآلهة والموت"- (أبيقور[341- 279 ق. م.]). وهذا يعني الحرية الكاملة في أبعادها النفسية والاجتماعية والفكرية. فالحرية ليست أساس الحياة فحسب، وانما الأساس الصحيح لكل نشاط انساني صحيح. والعكس بالعكس. ومن هنا واقع المأساة في قراءة الحياة العربية، واغترابها عن نفسها وعن الحقيقة الوجودية.
"لم يَتوصَّل البشر كما تَوصَّلوا اليوم إلى إدراك معنى الحريَّة بكلِّ أبعادها، ولكن في الوقت نفسه تظهر أشكال جديدة من الإستعباد الإجتماعي والنفسي. فالأفراد والجماعات ظامئون لحياة حرَّة، وطريق الحريَّة وطريق الإستعباد مفتوحان أمامه، وكذلك طريق التقدُّم أو التقهقر، وطريق الأخوَّة والبغض.
غير أنَّ الإنسان يَتَّجه نحو الخير بملء حريَّته، هذه الحريَّة التي يعتبرها معاصرونا إعتباراً عظيماً ويبحثون عنها بكلِّ حماس، وهم في ذلك على حقٍّ، ولكن غالباً ما يُعزِّزونها بطريقة منحرفة. إذ يعرِّفونها على أنَّها إجازة لصنع كلِّ شيء يجلب السرور حتى وإن كان شراً. إنَّ وعي الناس في عصرنا لكرامة الشخص البشري يتزايد يوماً بعد يوم، كما أنَّه يتزايد عدد أولئك الذين يطلبون بإلحاح حتى يَتمكَّن الناس من أن يَتصرَّفوا وفقاً لآرائهم الخاصَّة مُتحمَّلين مسؤوليتهم ومُتمتّعين بكامل حريَّتهم، لا يواجههم ضغط، بل شعورهم بالواجب. يقول القديس بولس: إنَّكم أيُّها الأخوة، قد دُعيتم إلى الحريَّة (غلاطية 13/5)، هذه الدعوة هي رُكن أساسيّ من أركان إنجيل الخلاص. لقد جاء يسوع ليُبلِّغَ المأسورين بإطلاق سبيلهم ويفرج عن المظلومين (لوقا18/4). والكنيسة إذ تضطلع بدورها في فهم الأمور على ضوء الإنجيل الذي هو بطبيعته رسالة حريَّة وَتحرُّر، تتبنَّى هذه التَطلُّعات التي تنكشف على ضوء معاني الخلق والفداء. الحقيقة تُحرِّركم (يوحنا 32/8)، تتمحور هذه الحقيقة المُنزَلة من الله حول المسيح مُخلِّص العالم الذي منه - وهو الطريق والحقّ والحياة (يوحنا 6/14)".- (الأب سالم ساكا)*.
الحرية هي جوهر الفلسفة المسيحية للأخذ بيد الانسان من معاقل العبودية البدوية/ الاقطاعية/ الدينية، كما تمثلت في أقوال السيد المسيح ووصايا تلاميذه، والتي تجعل الحرية نقيضا للعبمودية، وترى العبودية لابليس/ الخطيئة/ الانحراف/ الخطأ. ومغزى الخطيئة ومرموزية ابليس (الشيطان) هو اسئثارها بالروح/ (دالة الحياة). فالعبودية لا تقتصر على الجسد أو الخاطر والرغبة أو الفكر، وانما كل ذلك مجتمعا عبر بوابة الروح.
أما الأمر الأخطر والأكثر أهمية، فهي ان تبعية ابليس ليست مسألة قدرية أو أمرا خارقيا مفروضا من خارج، وانما هو ملء إرادة الشخص، واستسلامه. وثمة، ففي قدرة الشخص (الحر) رفض الخضوع لأي قوة أو إرادة خارج جسده وإرادته، وبالضد من حريته ورغبته.
فيما يؤكد الاسلام ان كل انسان مرتهن بسلطة ابليس مذ لحظة خروجه للعالم، مما يترك تابع الاسلام مستسلما لسيطرة ابليس من جهة، وجملة طقوس ونصوص وقناعات، بوصفها مفاتيح ومعوذات للنجاة من ابليس، مهمشة بالتمام ومختزلة أي دور أو مكانة لارادة الفرد وقراره الشخصي.
ان من اشنع الامور تعليم الناس بأن الله (إله عبيد)، وان (العبودية) هي صورة العلاقة التي رسمها مع البشر. وهي صورة بدوية تتصل بالتقليد القبلي القديم وقيامه على قوام العبودية والغنائم وتجارة الرقيق التي نسخها الاسلام من واقعهم البدوي وواقع التعليم التوراتي، الذي يجعل (ابراهيم) أبا روحيا لهم. وكان ابراهيم تاجرا للعبيد وحيازة الغنائم والقطعان بوسيلة وغيرها، سبيلا للمعيشة والجاه.
وقد ركز القرآن على التجارة وامتدحها، الى حد قرن (العبادة) بالتجارة في غير ما موضع.. وما هي السلع والمنتجات المادية المتداولة في التجارة، غير البقر والبشر، الغلمان والجواري وملكات اليمين. هاته العبودية تجرد كائنات الله من القيمة والكرامة الانسانية، وتجعل السعر المادي – حتى على سبيل الحيلة والنصب- غاية ما يستحقه العبد والجارية.
هل يوجد اله واحد أم الاهان؟.. وهل يصدر عن الواحد تعليمان متناقضان؟.. هل يوجد اله بدوي يمجد طرز البداوة وتعاليمها، واله مدني تختلف مبادئه وتعاليمه برقي المدنية على البداوة والدم؟..
لقد اقتلع الاسلام فكرة الارادة الذاتية وقيمة الحرية من لاوعي الفرد، وذلك بحسب النظام البدوي/ القبلي/ الاقطاعي الذي يجعل الفرد تابعا لارادة القبيلة ومصالحها..
وما أنا الا من غزية ان غزت.. غزوت وأن تقعد غزية اقعد (دريد ابن الصمة)
وما فعلته اليهودية والاسلام هو اضفاء فكرة القداسة على نظام البداوة القبلية الغزوية (احمد القبانجي- الاسلام السياسي)، وحجر العقل المسلم عن التفكير أو محاولة التمرد والشك في قداسة البداوة والغزو.
هذا اللاوعي المؤكسد وراء عجز المسلم، عن الانفكاك عن عبوديته التاريخية، مهما ادعى من العلمانية واللبرالية والتحرر الفكري.
والحرية، بدورها، هي حرية واحدة وعلى مستوى واحد، وغير قابلة للتفكيك أو التشظي أو التزوير والمصادرة والاستعارة،. ولذلك تم التأكيد على وصفها بالحرية الكاملة، اصطلاحا، وارتهانها بالثمار السلوكية من الجانب الاخر. "مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ ­ نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ ­ وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا، بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ!."- (يع 1: 25).
لهذا أيضا، يؤكد الفرنسي جان جاك روسو[1712- 1778م]، ان "كل شئ جيد في يد الخالق؛ ولكن كل شيء ينحط في يد الإنسان. يولد الإنسان حرا ولكن العائلة والمجتمع تقيده بعد ذلك بالقيود والتقاليد."
لهذا أيضا، لم تظهر فكرة التنوير الانساني في بيئة الشرق/ العبودية/ الاقطاعية/ الغيبية/ القطيعية؛ وانما ظهرت في بيئة الغرب/ المدنية/ الانتاجية/ الابداعية/ الحرة والمتحررة في ذاتها.
فالتنوير هو: "خروج الإنسان عن مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد. والقصور العقلي هو: التبعية للآخرين وعدم القدرة على التفكير الحر أو السلوك المستقل في الحياة أو اتخاذ أي قرار بدون استشارة شخص/ الوصي الاجتماعي."-(ايمانويل كانت [1724- 1804م]).
ان معيارية قيمة التنوير لا سبيل لالغائها، لآنها تشمل كل مظاهر الحياة المعاصرة، ومن ضمنها واقع العرب وأدوات معيشتهم وحياتهم اليومية. سواء في الثياب او الطعام والشراب أو السكن والمواصلات، ام في مجلات التعليم والميديا والتجارة والاقتصاد والتنظيم الاسري والخطاب الثقافي.
إذا أصر العرب على أفضلية البداوة على الحضارة والتنوير، لابد لهم، من استئصال كل مظاهر الحداثة من حياتهم، بما فيها العمران والشوارع ومنازل الاسمنت والعودة للجمل والخيمة، لكي يكونوا سلفيين حقيقيين، بغير نفاق ورياء على أنفسهم والآخر. ونرجو ان يكونوا مستعدين لهذا التحدي، أو التنازل عن ادعاءات ديماغوجية؛ من أجل اطلاق شعوبهم في طريق الحرية والتحرر، ليقرر كل فرد وضعه الخاص بمحض إرادته. وعندها، فقط، يكون لدمقراطية الصناديق والتصويت والاقتراع معنى غير منافق وغير مزور ولا محتال.
التنوير يبدأ بالعقل وينتهي بالعقل وينشر ثماره وأفياءه على الحياة والوجود، ويرسم صورة ابداعية جديدة وجديرة للحياة والعالم. والعقل مغلول ومشلول ومتهم في الثقافة الاسلامية وقواعدها البدوية. فهل من سبيل لمراجعة دور ومعنى (التنوير) في الثقافة العربية دون الوقوع في هوة النفاق الاجتماعي والمزاودات الشخصية؟.
اشكالية التنوير، ليست محضا، وانما هي رأس الشبكة في منظومة الثقافة والانتاج الثقافي والعلمانية والنهضة واللبرالية والتحرير.
ليس التنوير سلعة أو صرعة يمكن اقتناصها او استيردها أو شراؤها بالبترودولار واستنباتها او اصطناعها في تربة المجتمع العربي والاسلامي. الحاجة ماسة لتقليب التربة واطلاق حرية الانسان والغاء منظومة البداوة والغيبيات والقدر وقواعدها البدائية والقبلية الرجعية، من أجل منح الجيل المقبل، فرصة تنفس هواء الحرية والكرامة والحداثة الحقة، كمنتجين ومساهمين، وليس مجرد ملتقطين ومقلدين وغزاة.
بفهم هاته الاشكالية، وتقعيدها بنيويا، سوف يلزمنا مراجعة كامل المنظومة الثقافية والاكادمية وكل قرصنتنا الحضارية على فضلات الحضارة والحداثة الغربية، لنصل مرحلة الكذب على الذات، ونتطاول على مصادر الحضارة والثقافة والمدنية، بل المصادر والاصول الدينية لمعتقداتنا التي تشوهت بالمزج ببداوتنا، والافتراء على الله قبل البشر، لارضاء عقد النقص والحقد في تكويننا العاجز عن النهوض.
من حقنا ان لا نرى أنفسنا، ونفتخر بعيوبنا وضغائننا، ولكن للاخرين أيضا حقهم في رؤيتنا وافتضاح عيوبنا ومضار تخلفنا غير المبرر، امام انطلاقة كل مجتمعات الارض للامام، ونكوصنا في تمجيد البداوة وما وراءها.
ومن هنا يقتضي للكاتب والمؤلفين والاكادميين والمثقفين والشيوعيين واللبراليين، ان يراجعوا أنفسهم، ويكتشفوا أدواتهم الخاصة والملائمة لبيئتهم، بعيدا عن القرصنة والافتراء. وبذلك فقط، يمكن لانتاجهم ونشاطهم أن يجد مبرره وقيمته!.
والطريق لاكتشاف الذات لابد ان يمر بمراحل: العقلانية، النهضة، الاصلاح، والتنوير، للوصول للرومانية والرومنطيقية التي تغنى بها العرب، اسوة بالغرب، على سبيل التقليد الاجوف، قبل قرن من اليوم!..
*
أم حسب العرب والمسلمون ان الارض ستميد من دونهم، والبشرية سوف ينقصها الهواء!..
ــــــــــــــــــــــ
• كان شراء الحكومة البريطانية لـ(أسهم) قناة السويس على يد رئيس وزرائها بنيامين دزرائيللي [1804- 1881م] الذي استلم رئاسة الحكومة البريطانية مرتين [1868م، 1874م]، وهو أول بريطاني من أصل يهودي يتسنم أعلى مركز سياسي في البلاد. وكان شراء قناة السويس ابرز منجزاته وأعظم هدية لترسيخ هيمنة بريطانيا في الشرق. كما عزز من مكانة وحكمة الملكة فيكنوريا [1819/ 1837- 1901م] التي واجهت انتقادات لدى تسميتها شخص يهودي – لأول مرة في تاريخ بريطانيا- لتشكيل الوزارة، أمام منافسه العتيد وليم غلادستون [1809- 1898م].
• ظهرت أول حروف طباعة عربية على يد مارتن روث عام 1468م الذي طبع ترجمة لكتاب (برنارد برايدنباخ) عن رحلته إلى الأماكن المقدسة، تبعها صدور كتاب [فن تعلم اللغة العربية بسهولة] في إسبانيا عام 1505م. وفي عام 1516م نشر كتاب (المزامير) بخمس لغات من بينها العربية في المطبعة اليسوعية بروما، وطبع (الإنجيل) عام 1591م. أي أن الطباعة العربية ظهرت في اوروبا أولا، وليس في العالم العربي أو الإسلامي. وكانت روما أول المهتمين بالطباعة، ممثلة بمطبعة اليسوعيين. وفي البلاد العربية ظهرت اول مطبعة عربية أسستها روما عام 1610م في بلاد الشام، وهي مطبعة دير قزحيا في قرية قزحيا قرب طرابلس، ونشرت سفر المزامير بالسريانية. وفي عام 1706 أحضر بطريرك الروم أثناسيوس الثالث (1685 ـ 1724) من مدينة (بوخارست) مطبعة في حلب. وفي الشوير أنشئت مطبعة عام 1734م أسسها وحفر أحرفها الشماس عبد الله زاخر [1680 ـ 1734م]. وفي بيروت أنشأ الشيخ يونس نقولا جبيلي المشهور آنذاك بأبي عسكر مطبعة القديس جاور جيوس للروم الأرثوذكس في عام 1787م. وبعد المطبعة التي حملتها معها حملة نابليون (1798م)، ظهرت مطبعة الشرق في الإسكندرية عام 1800م طبعت فيها جريدة (التنبيه) يوم 6/12/1800م، وهي الجريدة العربية الأولى. وفي عام 1819م، أنشأ الوالي محمد علي باشا المطبعة الاميرية في بولاق والعاملة حتى اليوم ويعمل فيها أكثر من أربعة آلاف عامل، وهي الأكبر في العالم العربي. وفي عام 1816م جلب المطران بطرس جروة بطريرك السريان الكاثوليك الى دير الشرفة في لبنان مطبعة من لندن من بين مطبوعاتها العربية: كتاب (مجمع الشرفة المعقود) سنة 1888م وكتاب (المباحث الجلية في الليترجيات الشرقية والغربية) للبطريرك أغناطيوس أفرام رحماني. دخلت المطبعة العراق عام 1830م وازدهرت في عهد مدحت باشا [1869- 1871م] حيث صدرت جريدة الزوراء – أول جريدة عراقية- في عهده. وفي عام 1877م أنشأ السلطان عبد الحميد الثاني أول مطبعة في اليمن، صدرت عنها جريدة (صنعاء) بلغتين: العربية والتركية. وفي عام 1919م أنشأ الملك عبد العزيز مطبعة ام القرى في الحجاز أصدرت الجريدة الرسمية الاولى هناك. وفي عام 1928م اسس خليل نصر مطبعة الاردن التي صدرت فيها جريدة بنفس الاسم. وفي منطقة الخليج ظهرت أول مطبعة في الكويت عام 1956م تابعة لوزارة الثقافة والاعلام. ومع أواخر الستينيات ظهرت طباعة الأوفسيت بالألوان، السريعة والدقيقة. وفي السبعينيات ظهر الحاسوب/ الكمبيوتر الذي وضع نهاية للصف اليدوي والالي.
• (حشاشين)/ [Assasin] اصطلاح استخدمته المدونة الغربية دالة على العرب/ المسلمين؛ واستخدمت مصادر بيزنطية اصطلاح [sarasin] لنفس الغرض. واستخدام لفظة (حشاشين) هنا ترجمة للاصطلاح الغربي -[العرب في منظور الآخر]-، ومنه لفظة (تحشيش، المشتقة من (حشاشين) ووصف تقنيتهم الجارية مع أتباعهم. علما ان المقطع [sin] يرجع لكلمة (قِن/ قيان، أقنان) السائدة في العربية بمعنى (عبد)، ومعنى الاصطلاح (عبيد سارة) كناية عن (أولاد الجارية) أي – هاجر جارية سارة زوجة ابراهيم، واعتبار العرب أنهم (اولاد اسماعيل) ولد هاجر.
• من المفترض ان الفرس جيران العرب، لا يفصل بينهما غير الماء – حوض الرافدين وحوض الخليج-. وتلفظ كلمة (حوض) بلغة فارس (حوز) وتحرف إلى (هوز/ خوز) التي تطلق على مقاطعة عربستان (خوزستان). ولفظة (حوزة دينية) لدى شيعة العراق تتبع لفظها الفارسي من المصدر السابق.
لم ينظر ساسة الفرس، اسوة بساسة الغرب، باهتمام أو طمع إلى شبه جزيرة العرب، كما لم يجدوا في أهلها تهديدا لملكهم. لكنهم لم ينظروا لهم أيضا بالجدية والاحترام. ونلمس ان سيف بن ذي يزن [516- 574م] الملك الحميري لليمن، حين استنجد بكسرى انوشروان، اجابه بعد تردد، لأنه لم يجد في أرض اليمن ثروة تثير طمعه. وبعد انتصار ذي يزن على ملك الحبشة النجاشي، والقضاء على نفوذ مملكة (أكسوم)/ -[100- 940م] غرب البحر الأحمر- شمال اليمن؛ جعلت اليمن تابعة للنفوذ الفارسي وتدفع جزية سنوية لملكها. ولم تثبت فارس أية علاقات ودية مع جيرانها أو غيرهم عبر التاريخ، معنية أولا وأخيرا بالهيمنة والسلب، وكما تسبب في استنزاف امكانيات العراق عبر طابورها الذي ربته في أحضانها قبلئذ.
ومنذ عهود سحيقة كانت قبائل عربية مشهورة تقيم غرب الهضبة الايرانية والى الشرق من جبال راكروس الفاصلة بين العراق وايران، كما كان تجار ايران يتنقلون بحرية بين الشام والحجاز عبر خطوط التجارة القديمة.
ويبدو ان نظرة العنجهية والكبرياء التي نظر بها ملوك فارس للامم، انقلبت ضدهم عبر الزمن. وقد أثار انتصار عرب العراق على الفرس الشعور القومي لدى عرب الجزيرة، لتوحيد القبائل تحت قوة مركزية ذات طابع ديني تحت راية (التوحيد). والواقع ان الفترة ما بين معركتي ذيقار والقادسية[604- 636م] شهدت ولادة الاسلام واندفاعه شمالا. وقد جاء تمادي نفوذ فارس عبر العراق إلى الشام – يومذاك كما اليوم!!- واحتلالها لبيت المقدس – قارن لافتات جيش القدس الايراني!!-، تأكيدا لاطماع ايران وسياساتها العدائية تجاه العرب. فكاد قرار العرب طرد الوجود الفارسي من العراق والشام واليمن، مستفيدا من آثار هزيمة الفرس أمام (هرقل) ملك الروم البيزنطيين (627م)، للقضاء على مركز نفوذهم وملاحفتهم شرقا حتى حدود الصين. يلحظ القارئ هنا مدى المقاربة والمطابقة بين ظهور الاسكندر المقدوني (ذي القرنين)/ الملك الصالح والقوي - (سورة الكهف 86)، ومحوه النفوذ الفارسي من الوجود، وما تكرر على أيدي العرب في القرن السابع الميلادي – حوالي ألف عام بينهما-. لقد أخطأ الذين عارضوا العراق وناهضوه في معركة القادسية الثانية، خطأ قوميا استراتيجيا، بكل المعايير والابعاد.
• مشروع الشرق الأوسط الجديد، من طروحات الامن القومي الامريكي، يختلف الفقهاء السياسيون في تأريخه، يعيده البعض لانعكاسات حرب تشرين 1973م، وما رافقها من أزمة النفط العالمي، واستخدامه [سلاحا في المعركة] أو [أداة للسيطرة والهيمنة الدولية]. فالهدف الرئيسي الأولي للمشروع هو السيطرة على نفط الخليج، وعدم السماح باحتمالية تهديد المصالح الغربية والاقتصاد العالمي. وكان أول اشاراتها مبادرة نيكسن حول قوات الانتشار السريع المرابط على ظهر قطعات الاسطول السادس في الخليج، بحيث تؤمن السيطرة على حقول النفط جنوبي العراق خلال (خمس دقائق) كما يرد في التحقيقات. ومن هذا المنظور يأتي الدعم الأأمريكي الغربي وأذنابه العربية لسيناريو حربي ايران والكويت، لتدمير انظمة الحكم في أكبر بلدين نفطيين، مناهضين للمصالح الأميركية. وكل ما حصل في العراق من ملابسات سياسية وعسكرية، منذئذ، مرورا بوصول الخميني وصدام حسين للسلطة (1978م) حتى يومنا هذا ضمن حيثيات المشروع. وقد أعلنت الولايات المتحدة وحلفها الداعم عسكريا للبلدين، ما أسمته [سياسة الاحتواء المزدوج]. وفي وقت لاحق استخدم بوش الابن شعار [محور الشر!]. وللأسف، لم ينتبه المثقف العراقي والعرابي ولا القوى السياسية والفكرية لمخاطر ما يجري على الامن القومي العربي والاقليمي، تحت ذرائع ومبررات لا تمت للفكر والمسؤولية بصلة.
ويعاني العراق منذ مقررات الحصار الدولي [1990- 2003م] والاحتلال الفاشي [2003م- ~] من سيناريو تدمير البنى والقواعد المادية والاجتماعية والثقافية للوطنية العراقية وتجريد العراقيين من أية روابط وقواسم مصيرية تجمعهم شعبا موحدا منتميا لأرض ووطن تاريخي، من خلال تفتيتيه سياسيا وعرقيا وطائفيا، يحارب بعضهم البعض، ويسرق بعضه البعض، ويتاجر كل طرف لصالح ولاءات خارجية، على حساب أهله ومواطنيه.
صحيح ان مبادئ الفوضى الخلاقة للبيت الأبيض عادت وبالا على الغرب، ولم تحقق لها ما أملته خيالاتها، وبشكل جعل ادارة اوباما تنسحب من لعب دور معهود في المنطقة، وتنفرط من تحالفاتها الاقليمية، محاولة التحالف مع طهران، لمناكفة موسكو، على حساب الرياض هاته المرة. ويرى دونالد رامب مرشح الرئاسة الجمهودي، ان ازاحة صدام والقذافي كان خطا استراتيجيا، زاد مخاطر الامن القومي الامريكي.
• جمال البنا [1920- 2013م] كاتب ومؤلف مصري شقيق أصغر لحسن البنا [1906- 1949م]، وهو كاتب متذبذب الرأي والفكر. رفض الانضمام لتنظيم الاخوان الذي عاش ظروفا غير ودية خلال الحكم الجمهوري، وقدم نفسه ماركسيا، وداعية لتحسين ظروف العمال والشغيلة، وبعد تغلغل المد الاسلامي خلال عهد مبارك وخلفائه، تحول الى داعية اسلامي والدعاية لشخصنة شقيقه وحركته والمبالغة في دوره السياسي والتاريخي، وبما رسم له صورة انتهازية تسعى للشهرة ونرجسية الذات والعائلة التي وصفها (عائلة العظماء!). وهو مثال للاضطراب وانعدام الاصالة والصدقية الفكرية.
• الأب سالم ساكا- الحرية المسيحية:
cese-iq.net/sada_alnahrayn/sd_5/m_5_11.htm



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنوير عربيا.. اشكالية المصطلح (2-3)
- التنوير عربيا.. اشكالية المصطلح (1- 3)
- أصداء نظرية الفراغ في رواية منى دايخ (غزل العلوج)
- المنظور الاجتماعي في رواية ليلى جراغي: (الصدأ)..
- الياس فركوح: الصعود الى حلب!.. الهوية والانتماء في رواية -قا ...
- (موسيقى في الظلام)
- (البستاني ذهب مع الريح)
- لوسيف..
- أوليات أولية..
- المنظور الاجتماعي والنفسي في مجموعة (ترانيم ابن ادم) لباسم ا ...
- (الخروج من عدن)..
- أرملة البستاني..
- البستاني الأخير..
- محمود الريماوي: عن الفرد والمكان الوجودي
- بستاني.. لا اكثر
- (أرض يهوه!)
- البستاني في حجرته..
- عولمة عنف.. دمقراطية انحطاط (1)
- المدارس الدينية وما وراءها..
- أزمة الوطنية.. لدى النخب الشيعية (2)


المزيد.....




- بآلاف الدولارات.. شاهد لصوصًا يقتحمون متجرًا ويسرقون دراجات ...
- الكشف عن صورة معدلة للملكة البريطانية الراحلة مع أحفادها.. م ...
- -أكسيوس-: أطراف مفاوضات هدنة غزة عرضوا بعض التنازلات
- عاصفة رعدية قوية تضرب محافظة المثنى في العراق (فيديو)
- هل للعلكة الخالية من السكر فوائد؟
- لحظات مرعبة.. تمساح يقبض بفكيه على خبير زواحف في جنوب إفريقي ...
- اشتيه: لا نقبل أي وجود أجنبي على أرض غزة
- ماسك يكشف عن مخدّر يتعاطاه لـ-تعزيز الصحة العقلية والتخلص من ...
- Lenovo تطلق حاسبا مميزا للمصممين ومحبي الألعاب الإلكترونية
- -غلوبال تايمز-: تهنئة شي لبوتين تؤكد ثقة الصين بروسيا ونهجها ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وديع العبيدي - التنوير عربيا.. اشكالية المصطلح (3-3)