أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فهد المضحكي - عن التسامح














المزيد.....

عن التسامح


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 5353 - 2016 / 11 / 26 - 11:46
المحور: المجتمع المدني
    


ليس من الممكن أن تترسخ ثقافة التسامح، في ظل الإقصاء والتهميش الاجتماعي، فالمجتمعات المليئة بالشكوك والكراهية، مجتمعات لا تشجع على الحوار الوطني والتوافق!
لم تكن أعمال العنف، والتعصب، ومصادرة الحقوق، ورفض فصل الدين عن السياسة سوى تحديات كبيرة أمام التسامح!
ومن هنا، فإذا كان مفهوم التسامح لدى البعض، اتخذ كشعارٍ لإطفاء بؤر التوتر والفتن والأحقاد، فإن حل الخلافات والنزاعات على أساس احترام الآخر، واعتماد حقوق المواطنة للجميع، ونبذ العنف والإرهاب، وضمان الحريات، قاطرة تؤدي أن يكون التسامح ركيزة حضارية للمجتمع الديمقراطي.
وإذا كان مفهوم التسامح - في نظر الكنيسة - استطاع تجاوز حدود الدين واقترن بحرية التفكير وبدأ ينطوي تدريجيًا على منظومة من المضامين الاجتماعية والثقافية الجديدة، فإن المفهوم المعاصر للتسامح يقوم على مبادئ حقوق الإنسان العالمية، ومن هنا لقد ربطت وثيقة اعلان المبادئ العالمي الصادر في نوفمبر 1995 بين التسامح وحقوق الإنسان والديمقراطية والسلم؛ وبالتالي ارتقت بالتسامح الى صورة قيمة قانونية تتطلب الحماية من قبل المجتمع الدولي.
وفي هذا الإطار ترى الفدرالية السورية لهيئات حقوق الإنسان في دراسة لها عن مفهوم التسامح، في مواجهة كل أشكال التعصب والتطرف والانغلاق إنه كلما غابت ثقافة الإقرار بالتعدد والاختلاف والتكافؤ والمشاركة داخل المجتمع، كلما اتسع المجال أكثر أمام ظاهرة عدم التسامح.
وترى أيضًا أن سلوك الأفراد والجماعات مازال متأثرًا الى حدٍ بعيد بثقافة التسلط والهيمنة، وادعاء امتلاك الحقيقة، لأن التربية العائلية مازالت تقوم في الغالب على سلطة الأب ووجوب طاعته، وعدم المشاركة من طرف باقي أفراد الأسرة فيما يقرره، كما أن التربية في المدرسة مازالت تقوم على التلقين، وتصور المعلم بأنه لا ينطق إلا بالحقيقة التي لا تحتاج الى نقاش، ولا تقبل رأيًا مخالفًا، والنشاط الديني لبعض الجماعات يقوم على التشدد والغلو والتطرف، وتكفير من لا يشاطرهم نفس الأفكار المتطرفة، والابتعاد عن المجادلة بالتي هي أحسن، والتنكر للاجتهاد، وكذلك بالنسبة للطقوس التقليدية للعمل، بالإدارات ومؤسسات الشغل ما زالت - رغم وجود قوانين حديثة - تضع المسؤول أو رب العمل في موقع (المعلم) والموظفين والعمال في موقع (المتعلمين) الذين ما عليهم إلا تنفيذ التعليمات والأوامر، والويل والثبور لمن يحاول إبداء أفكار تناقض او تعارض او تنتقد ما يراه او يقوله المسؤول، او يحاول تنبيهه الى خطئه، او تجاوزه لصلاحياته، وكذلك فإن السلوك السياسي كثيرًا ما يقوم على إقصاء المعارضة او تحجيمها، وتغيب الممارسة الديمقراطية السليمة، فكل هذه العوامل والمؤشرات تهيئ التربة الخصبة لنمو ظواهر التعصب والتشدد وعدم التسامح!
وأما وعلى الصعيد الدولي إن ما يطبع علاقات الدول من عدم التكافو، وترجيح مصالح التكتلات الدولية الكبرى، ونزعة الهيمنة واستعمال القوة، ينعكس بكيفية سلبية على دول العالم الثالث، وخاصة تلك التي لاتزال تائهة في البحث عن طريق النمو، او لا تحسن استعمال مواردها، أو تفتقر لمقومات النهوض الذاتي، مما يجعلها عرضة لليهمنة والاستغلال من طرف الدول العظمى، ليس بحكم ما لهذه الأخيرة من قوة اقتصادية فحسب، وإنما كذلك بسبب نفوذها السياسي داخل المحافل الدولية، فتأتي ممارستها في كثير من الأحيان مناقضة لقيم التسامح، ومبادئ حقوق الإنسان التي يتحدث عنها المنتظم الدولي وهيئاته المتختصة، وتنعقد بشأنها العديد من المؤتمرات، وتدرج قواعدها ضمن صكوك ومواثيق دولية تبقى سجينة الإطار النظري، او تستعمل سلاحًا من طرف الدول العظمى، والمؤسسات الدولية الخاضعة لهيمنتها، في مواجهة بعض الأنظمة السياسية في دول العالم الثالث، بقصد ابتزازها، او عزلها داخل المجتمع الدولي!
وفي ذات السياق تقول الدراسة: من أغرب المفارقات التي تميز عصرنا الحاضر، أن بعض الدول التي تعتبر نفسها «قدوة» في الديمقراطية وحقوق الإنسان تسهم بطرق مباشرة أحيانًا وغير مباشرة أحيانًا اخرى، في إذكاء ظاهرة عدم التسامح في البلدان المتخلفة، قصد إخضاعها لهيمنتها الاقتصادية والسياسية، كما تساهم في إعاقة تنميتها، وذلك بالحرص على إرساء نظام اقتصادي عالمي يكرس الاختلالات القائمة، ويعمق أكثر الهوة الموجودة بين الشمال والجنوب، وينهك جهود الدول السائرة في طريق النمو، في عملية تسديد الديون وفوائدها، مما يجعلها تواجه صعوبات اقتصادية واجتماعية كثيرة تهدد استقرارها، وتزرع بداخلها بذور الاضطراب والعنف. وليس غريبًا أن تكون الأسلحة الفتاكة التي تحصد الأرواح البشرية، وتدمر العمران، وتهدد الموارد في بلدان العالم الثالث على الخصوص، من صنع نفس الدول المنادية بالسلم والتسامح وحقوق الإنسان.
وحينما تصل العقوبات السياسية والاقتصادية المفروضة على بعض الدول باسم منظمة الأمم المتحدة، تحت ضغوط الدول العظمى، الى درجة إهدار أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء، من أطفال وشيوخ ونساء، بسبب الحصار المؤدي الى التجويع والحيلولة دون الحصول على الدواء، في هذه الحالة لا نكون أمام صورة من الصور البشعة لعدم التسامح فقط، او أمام تخلي المنتظم الدولي عن المبادئ التي تأسس من أجلها، وإنما تكون أمام وضع تنعدم فيه أي قيمة من القيم الإنسانية!



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد ردود الفعل النيابية؟
- الإمارات.. والقانون الوطني للقراءة
- منع الموسيقى وإعادة الثقة المفقودة!
- سوق العمل مرة أخرى !
- المرأة والسياسة
- عن اختلالات سوق العمل!
- عبد الرحمن عثمان
- الاتحاد الأوروبي!
- محمود أمين العالم وإشكالية الثنائيات في الفكر العربي!
- حول المواطنة والتعليم
- شيء من تاريخ إسرائيل الدائرة المغلقة لإراقة الدماء!
- فصل الدين عن السياسة واستقرار المجتمع
- عن الفساد المالي العالمي!
- فلسطين في أغانينا
- في ذكرى القنبلة الذرية على هيروشيما
- الرأي العام والديمقراطية
- عن الديمقراطية والإرهاب وثقافة التسطيح!
- محاربة الإرهاب واستئصال جذور العنف والكراهية!
- محاربة الإرهاب واستئصال جذور العنف والكراهية!
- أحداث فبراير - مارس 2011 وتفاقم أزمة اليسار في البحرين


المزيد.....




- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فهد المضحكي - عن التسامح