أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح16














المزيد.....

حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح16


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5352 - 2016 / 11 / 25 - 18:00
المحور: الادب والفن
    


الحديث مع أبو سامر حول البحر والبحارة وسفن الصيد وسفن الرحلات والعبارات التي تتنقل بين ضفتي شط العرب لم ينتهي، وكلما أجتمع معا في الليالي والأيام الثلاث السابقة يعود الحديث عن البحر والشط والصيد والغوص، كان والد عبد الحميد أشهر نجار مراكب في البصرة كلها بضفتيها، ركب البحر بسفنه الصغيرة التي صنعها ووصل للبحرين وإلى عمان، تاجر بجميع أنواع الخشب وعرف كل الموانئ والمدن التي كانت تنام على ساحل الخليج أو على أطراف الشط.
صوت عجلات القطار يصل إلى أذان راكبيه كأنه أنين ليلي لا ينقطع عن معاناة ووجع الراحلين والمرحلين بقدر أو بإرادة الهروب، أنين معبر وبوح خفي كثيرا ما حرك المشاعر وأخرج مكنون الروح من عقالها فولدت قصائد من زمن الألم والحسرة، حاول كريم أن يستغل بعض الهدوء الذي خيم على العربة وقد بلغ التعب مبلغه على المسافرين، منهم من أستغرق في نومه عميقه ومنهم من يجاهد على أن ينال نصيبا منها، الجميع صامت إلى من بعض الأحاديث شبه الصامتة من هنا وهناك.
أبو سامر الذي أسترخى وجعل من معطفه السميك وسادة له على زجاج العربة ليريح جسده السيني المنهك بسمرة شط العرب ووجع الفدان والألم وهو يتذكر سامر ولده البكر الذي كان بعناده وعصاميته مفخرة لم ينالها أحد من قبله ولا بعده، تذكر تلك السنين الجميلة خاصة حينما ودعه وزوجته سميرة على نفس هذا القطار وعلى ذات السكة لقضاء شهر العسل في الموصل، كانت الدموع تنصب على خديه وقلبه يرقص طربا وهو على رصيف المحطة يرسم بخياله الواسع صورة لتلك العائلة الجميلة التي سيراها يوما وقد منحته السعادة الكاملة، سامر وسميرة نجمان من سماء الخيال خرجا معا وغادرا معا والحسرة ألم يعصر قلوب المحبين.
البعض ما زال يتنقل من عربة إلى عربة أخرى من خلال الممر الطويل والأبواب الموصلة بينها، منهم من يحمل هما لا يكاد يستريح وآخرون يحاولون تمزيق جسد الليل الطويل، البعض يبحث عن فرصة ليغازل أو يتغازل مع حبيب مجهول أو وجه التقاه صدفة، كريم يتابع وكأنه مكتشف لهذا العالم الذي يعيشه لأول مرة، عالم محدود لكنه حقيقي وواقعي وجميل بحزنه وفرحه لمن يعيشه كمراقب، أخرج دفتره الصغير متأملا كل الوجوه التي مرت به أو مر بها وهو يحاول أن يبدأ في سياحته الروحية مع الذكريات....
الليل أفعى تبتلع كل شيء
يعتريها الجوع دائما ولا من شبع
هكذا يبدا ساعاته مع المتعبين من حمل النهار
وأيضا
يبدأ مؤانسة عشاقه في زمنهم الأثير
الليل لا يستحي أن يكون شريكا لمن يسرق الفرح
من لحظة عبث وشرود
ولا يأبه أن يستمع بلا هوادة لأنين مكتوم
إنه الليل المغمس دوما بكأس خمرة النسيان
فيذهب في أتجاه واحد ثملا
فيتخلى عن كل محبيه
وكل من حمل له آيات الكره والضغينة
لينام تحت ظل الشمس المحرقة
حتى تتعب هي الأخرى
فتنام تحت ظله المعتم
هكذا نولد وهكا نرحل
وهكذا نموت
لا شيء مهم في هذا المنوال
المهم ألا تقطع على الليل
سلسلة أفكاره المجنونة
حين تنادي الصباح وهو نائم في أخر عربة القطار.
أم ثامر التي كانت أول المبادرين إلى الغوص العميق في مرحلة السبات الليلي كانت أيضا أول من بادر لليقظة المبكرة أنتظار لفجر يوم آت، رفعت رأسها تتفحص من يمكنه أن يكون يقظا في هذا الوقت ولتطمئن على زوجها وجدت أن كريم ما زال كما تركه في أول الليل يتفحص الوجوه، ويكتشف الأشياء من حوله في لمحة استغراقية لم تتعودها من أحد من قبل سوى ما تعرفه عن قرب عن أبنها سامر، نهضت من مكانها والقت التحية عليه وذهب لتنزع عن وجهها أثر الليل والنعاس.
أستير وأركان وحدهما يملكان الحرية في التنقل والجلوس والنهوض والسفر داخل القطار، من ينظر لهما والمودة البادية بينهما يظن أن الشابين من طينة واحدة بل من أصل واحد، ستار أكثر طولا وأكثر بياضا من أركان، لكن الملامح البصرية تضعهما على درجة واحدة من القرابة، إنها الطبيعة حين ترسم أثارها على الوجوه، كثيرا ما حاول أن يرشدهما كريم للجلوس والراحة لاسيما أن ورائهم يوما طويل قد لا يجدان الفرصة الكافية للنوم أو الراحة، إنها اللهفة أيضا للتمتع والخروج عن النمطية العادية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حافية القديم وعارية
- الطفولة العراقية وتحديات البقاء
- الدين والتجربة وظاهرة الإيمان بالمقدس 2
- الدين والتجربة وظاهرة الإيمان بالمقدس
- عباءة البرد المخرقة في بلاد الله أكبر
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح15
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح14
- بين الإعلام والسياسة المطبخ هو الطائفية
- المتخيل والمدرك والمتوهم في السياسة العراقية
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح13
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح12
- السلام والمصالحة هدف الشعوب وحقها الأساسي وليس لعبة الساسة و ...
- أحلام السلام والمطر
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح11
- بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح4
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح10
- حوارية القمر والسلالة المنسية
- بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح3
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح9
- بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح2


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح16