أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (6) مَطْلَبٌ ديمُقرَاطِىٌّ ولَيْسَتْ مُؤَامَرَةً دَوْليَّةْ















المزيد.....

ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (6) مَطْلَبٌ ديمُقرَاطِىٌّ ولَيْسَتْ مُؤَامَرَةً دَوْليَّةْ


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1419 - 2006 / 1 / 3 - 09:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(1) قلنا إن الباعث على القلق حقاً فى موقف حكومة السودان من قرار مجلس الامن باحالة ملف دارفور الى الآى سى سى بلاهاى هو المراوحة المرتبكة لخطابها
الرسمى بين الاعتراض على القرار ، من جهة ، وبين الرفض (للآى سى سى) نفسها ، من الجهة الأخرى. ومن أجل مقاربة هذا الخلط عرضنا ، كخلفية لنشأة (الآى سى سى) ، لتطور العلاقات والقانون الدوليَّين باتجاه حقوق الافراد والشعوب ، مما أفرز الحاجة لقضاء جنائىًّ دولى يطال أشد الجرائم خطورة فى موضع الاهتمام الدولى the most serious crimes of international concern . وفى هذا الاطار عرضنا لمراكمة القواعد القانونيَّة الدوليَّة بتأثير الحربين العالميَّتين ، و(إعلان موسكو) الذى حدد فيه الحلفاء نطاق المسئوليَّة الجنائيَّة للضباط الألمان وأعوانهم وأعضاء الحزب النازى ، وقرار (مؤتمر لندن) بإنشاء (محكمة نورمبرج) لمحاكمة (كبار محرمى الحرب) فى أوربا كأول محكمة جنائيَّة دوليَّة فى التاريخ ، واعتماد الجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة لمبادىء القانون الدولى السبعة المستخلصة من النظام الاساسى لتلك المحكمة ، علاوة على حيثيات أحكامها ، كما عرضنا أيضاً لنشأة (محكمة طوكيو) بنظام آخر لمحاكمة (كبار مجرمى الحرب) فى الشرق الاقصى ، وأوضحنا أنها لم تختلف جوهرياً عن (محكمة نورمبرج) ، لا من حيث الاختصاص ، ولا التهم ، ولا الاجراءات ، ولا المسئوليَّة الجنائيَّة الدوليَّة الشخصيَّة ، بما فى ذلك مسئوليَّة رؤساء الدول وقادتها ، ولا رفض العذر المُحلِّ (المُعفى) بحجَّة أمر الآمر.
(2) ورغم أن المحكمتين معاً قد اعتبرتا ، فى التقييم النهائى الذى أجراه قضاة مرموقون وأساتذة قانون كبار ، مرحلة فاصلة ونقطة تحول تاريخيَّة فى تطور القانون الجنائى الدولـى (R. H. Jackson, 1946 - 1947; J. Zurek, 1961; H .L. Stimson, 1947) ، مِمَّا حدا بالكثيرين للاعتقاد بأن ذلك "لن يتكرر مرة ثانية" ، حسب إشارة الأمين العام للأمم المتحدة ، السيد كوفى أنان ، لأهوال الحرب (ضمن م. ش . بسيونى ، 2004م) ، بل ورغم أن المجتمع الدولى كان قد تعهد بالفعل "بألا يتكرَّر ذلك مرة ثانية" ، فإن العالم سرعان ما ألفى نفسه متورطاً فى ما يقارب 250 نزاعاً مسلحاً على المستويات كافة ، المحليَّة والاقليميَّة والدوليَّة (م.ش. بسيونى ، 2004م ـ إضافة إلى P. Hassner, 1995) ، الأمر الذى نتجت عنه ، فضلاً عن انتهاكات حقوق الانسان المرتكبة بمعرفة الانظمة القمعيَّة ، أرقام تقديريَّة للضحايا المدنيين تتراوح ما بين 70 و 170 مليون قتيل ، وما ذلك إلا لكون المجتمع الدولى قد شهد ردَّة مأساويَّة عن تلك الجهود العظيمة التى كانت قد تتوَّجت بمحاكمات (نورمبرج وطوكيو) ، حيث دأبت الحكومات فى معظم الأحوال على تطبيق سياسة واقعيَّة (تقرأ: إنتهازيَّة!) تتم من خلالها المساومة بالمسئوليَّة الجنائيَّة عن أرواح الضحايا وعذاباتهم ، علاوة على مبادىء العدالة الجنائيَّة الدوليَّة ، مقابل الوصول إلى حلول سياسيَّة وترضيات متبادلة بين الحكومات والأنظمة!
(3) وبالنتيجة فإن الجرائم الدوليَّة ، كالعدوان والابادة الجماعيَّة والجرائم ضد الانسانيَّة وجرائم الحرب والعبوديَّة والتعذيب ، آخذه فى الازدياد والانتشار فى كلِّ أرجاء المعمورة. وبدلاً من الحدِّ منها ، ومواصلة تطبيق مبادىء وقواعد العدالة الجنائيَّة التى كان المأمول أن تتكرَّس وتترسَّخ بعد حصولها على دفعة هائلة فى محاكمات (نورمبيرج) و (طوكيو) ، فإن المزيد من الحكومات والانظمة أضحت تتخذ ، للأسف الشديد ، موقفاً سلبياً منها ، بل وليس نادراً ما يكون هذا الموقف المخزى مسانداً ومبرِّراً ، صراحة ، لتلك الانتهاكات (!) الأمر الذى أفاد منه مرتكبو تلك الجرائم فى الافلات من العقاب Impunity ، سواء بحكم الواقع de facto ، أو بحكم القانون de jure . وما من شك فى أن أفضل بيئة للافلات من العقاب بأىٍّ من هذين الطريقين إنما تتوفر عندما تكون الدولة واجهزتها العدليَّة إما (غير راغبة) أو (غير قادرة) على تعقب الجناة ومحاكمتهم وانزال العقاب بهم. ولعل وقائع الابادة الجماعيَّة فى رواندا ، على سبيل المثال ، والتى ظلت مستمرَّة تحت سمع وبصر العالم بأسره ، وعلى مدى عام بأكمله ، تقدِّم أبشع دليل ، ليس فقط على وضعيَّة العجز وانعدام الرغبة الداخليتين معاً ، بل وعلى وضعيَّة السلبيَّة الدوليَّة ، ونكث العهود ، وربما التواطؤ (م. ش. بسيونى ، 2004م).
(4) رغم ذلك كله لم ينقطع احتجاج المجتمع المدنى الدولى ، إضافة الى كثير من الحكومات والانظمة الديمقراطيَّة ، ولم تكل أو تمل صرخة الضمير الجماهيرىِّ العالمىِّ ومعارضته للأوضاع والظروف التى تمكن من الافلات من العقاب ، كما لم تكف هذه القوى ، من مختلف البلدان والجنسيات والثقافات ، عن المطالبة بتعقب الجناة ومحاكمتهم (دولياً). وأخيراً ، وبعد أن تصرمت عقود طوال على انفضاض سامر (نورمبرج وطوكيو) ، زلزل الضمير العالمى زلزاله مجدداً ، على خلفيَّة مآسى البوسنا ورواندا ، فتشكلت محكمة (يوغسلافيا السابقة) بلاهاى ، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 827 لسنة 1993م ، لمحاكمة المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة (للقانون الدولى الانسانى) التى ارتكبت فى ذلك الاقليم خلال الفترة من يناير 1991م ، وعلى خلفيَّة الاحداث المأساويَّة التى شهدتها رواندا ، فتشكلت محكمة (أروشا) بتنزانيا ، بموجب قرار المجلس رقم 995 لسنة 1995م ، لمحاكمة المسئولين عن اعمال (الابادة الجماعيَّة) وغيرها من الانتهاكات غير الانسانية التى ارتبكت فى ذلك البلد خلال الفترة من 1/1/1994م حتى نهاية ديسمبر 1994م.
(5) لكن ، ولأن الامر هذه المرَّة لم يعد خاضعاً كما كان فى التجارب والخبرات السابقة ، لمحض التطبيقات المتقطعة ، المعزولة والمؤقتة ، فقد ارتفعت عالية ، أكثر من أىِّ وقت مضى المطالبة الصاعدة من الاوساط الشعبيَّة وقواها وتنظيماتها المدنيَّة بالاساس ، وفى مختلف البلدان ، بنصب ميزان (دائم) للعدالة الجنائيَّة الدوليَّة تعبيراً عن ذلك الحلم الانسانىِّ القديم. هكذا جاء (مؤتمر روما لسنة 1998م) باتجاه تأسيس المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة ، وما ترتب عليه من نتائج خلال النصف الثانى من تسعينات القرن المنصرم ومطالع القرن الحالى بتأسيسها فعلياً فى لاهاى ، لا كعمل من أعمال العلاقات التواثقيَّة بين الدول فحسب ، بل أيضاً كتتويج لجهد مدنى خارق وحملة عالميَّة ضارية شاركت فيها آلاف الاحزاب السياسيَّة ، والمنظمات الطوعيَّة والانسانيَّة ، والمراكز الأكاديميَّة والبحثيَّة ، والجمعيات العلميَّة والثقافيَّة والاجتماعيَّة ، والمؤسسات الصحفيَّة والاعلاميَّة المستقلة ، من مختلف المدارس والاتجاهات الفكريَّة الديمقراطيَّة. وما تزال هذه الحملة تتصاعد ، فى الوقـت الراهن ، للدفع باتجاه المزيد من الانضمام إلى (نظام روما) ، إما بالالتحاق بالتوقيع بالنسبة للدول التى لم توقع بعد ، أو باستكمال إجراءات المصادقة ratification ، كما فى حالة السودان ، والأهم من ذلك كله إثارة الاهتمام وخلق الوعى بضرورة هذه المؤسسة العدليَّة الجنائيَّة الدوليَّة ، وجدواها بالنسبة للشعوب وللناس العاديين من ضحايا الانتهاكات ذات الطابع الدولى فى المقام الاول.
تلك هى الحقيقة الابتدائيَّة الاساسيَّة التى ينبغى ان تظل نصب الاعين ، ولا تغيب ، لحظة عن الاذهان ، عند أىِّ حديث عن الآى سى سى.
(نواصل)



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (5)المَسَارُ التَّاريخِىُّ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (4) الحَرْبَانِ العَالَميّ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ!
- وَمَا أَدْرَاكَ مَا الآىْ سِىْ سِىْ مِنْ حُقوقِ الدُّوَلِ إل ...
- السُّودَانْ والآىْ سِىْ سِىْ: بَيْنَ المَبْدَئِى وَالعَارِضْ ...
- القَابِليَّةُ للقَمْعْْ!
- الكِتَابَةُ: شِفَاءٌ أَمْ .. تَشَفِّى؟!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 66
- كَوَابيسُ السَّلام!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 4ـ6
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 5ـ6
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 3
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ - 2
- التَّجَمُّعْ: هَلْ يَنسَدلُ السِّتارُ؟
- وَسِيلَةٌ خَسِيسَةْ 1
- مَحْجُوبٌ .. الذَّهَبِىْ!
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ3ـ3
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ 2ـ3
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ 1ـ2
- جَنَازَةُ البَحْرْ!


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال الجزولي - ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (6) مَطْلَبٌ ديمُقرَاطِىٌّ ولَيْسَتْ مُؤَامَرَةً دَوْليَّةْ