أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الطيب بدور - بين الضفتين / قصة قصيرة














المزيد.....

بين الضفتين / قصة قصيرة


محمد الطيب بدور

الحوار المتمدن-العدد: 5351 - 2016 / 11 / 24 - 22:24
المحور: الادب والفن
    


بين الضفتين / قصة قصيرة

*****************************************************************************************************************************************************


جلس مهدودا يكابد تعب أيام صعبة لا يعرف متى تنتهي ...على هذا الضفاف من البحيرة و حوله من جلسوا بالمقهى بصخبهم و حكايات يومهم ...ينظر في حسرة الى الضفة المقابلة للبحيرة ...أنوار يتلون بها سواد الليل كأنها النجوم في كبد السماء ...تلك المدينة الحديثة التي وطأتها قدماه مرة واحدة ... وراءه حيه ذي الأزقة و الأنهج الضيقة و حكايات الفقر في كل منعرج و زاوية ...
عبد الملك ...الرجل الخمسيني النازح منذ سنوات يجلس هذا المساء ليتخذ قرارا ليغير مجرى حياته ..
فكثيرا ما يقتنص الفرصة الأخيرة و ان خاب ...
استغرق في التفكير...و لم ينتبه أن بجانب المقهى يقام حفل ...و لم يعد يعرف كيف تحول المقهى الى جزء من الحفل ...تداخل المحتفلون برواد المقهى ...منبهات السيارات و صخب الغناء و ايقاع الأنغام
و توافد المتطفلين و سكان الحي ...أوحى اليه بوحشة اجتاحت صدره ...هو الذي لم تغمره الفرحة منذ
أن نزح ...
في خضم طقوس الحفل ...جنح فكره و تلاشت بين ملامح الفرح صور أفراد عائلته ...وراءه ...في ما يشبه المنزل ...زوجته التي نجت من الموت ذات يوم ...حين عجز المستشفى عن استيعابها ...يومها
أشير عليه بعيادة خاصة و هو المعدم ...هناك و هو يحمل طفله و معه ابنته الكبرى ...تذكر كيف كانت
حيرته بالغة برؤية تكاليف العلاج ...كيف تذرع الى خالقه ...و كيف اقترب منه رجل وسيم كان يشاهد
تفاصيل عجزه ...و قدم نفسه مسؤولا عن جمعية تعنى بالفقراء ...هناك انتحى به ركنا من بهو العيادة
و عيناه لا تفارقان البنت المتشبثة بأخيها الصغير..عرض عليه المساعدة في التو ..و دفع معلوم العلاج ...لم يصدق ...ترك البنت و الطفل بين ذراعيها ..أسرع لزوجته ليستقدمها ..أخذت مباشرة الى حجرة العمليات ...في البهو...كان الرجل الوسيم في انتظاره ...أخذه الى خارج العيادة و البنت تتبعهما و الطفل متشبث بها ...هناك أين فتحت سيدة وسيمة هي الأخرى ..باب سيارة ...حيته ...و لم تفارق عيناها
الطفل الوديع الذي امتنع عن الذهاب اليها عندما مدت يدها اليه ...و كان العرض كالصاعقة ...وظيفة للبنت و خروج من الفقر و الحاجة بالتنازل عن الطفل ...أخذ الطفل الى صدره و بيد أخذ يد البنت..ابتعد قليلا و أشبعهما وابلا من السب و الشتم ...أسرع الى موظفة الاستقبال ...و طلب الغاء العملية ...لكن الأمر انتهى ...لا يمكن ايقافها ...
رأى البنت تراقب السيارة و تتحين الفرصة للالتقاء بالرجل ...ذاك الوسيم ...اقتنت منه ورقة صغيرة
و عادت لتلتحق بأبيها على باب غرفة الانعاش ...و منذ ذلك اليوم تداخلت التفاصيل ...لينتبه أن في اليوم الموالي...اختفت ابنته ...ماذا عليه أن يفعل الآن ؟ زوجة ترقد بالعيادة و طفل في حضنه و بنت
اختفت ...أيام عصيبة حتى عادت الزوجة ...و لكنه لم يعد للمنزل ...قصد الضفة المقابلة ...فهو يسمع عن فتيات يشتغلن بالمنازل أو نادلات ببعض الملاهي أو الفضاءات العائلية ....حياة لا تشبه في شيء
تلك التي يعرفها بحيه ...عاد خائبا ...حتى علم عن طريق شاب يعرفه أن ابنته تشتغل نادلة بمقهى
على الضفة المقابلة يؤمه كبار القوم ...لم يهنأ حتى اقترب من المكان ...مكث واقفا حتى بانت تحمل سينية الطلبات ...ترتدي زيا كأخريات و آخرين يتنقلون بين الزبائن ...و قبل أن يجلس أو يتوجه اليها ...نظر الى حذائه الملطخ بغبار ورشة البناء..و يديه الخشنتين ...و هندامه الذي يحكي الحرمان ...و لكنه جلس ...حتى رمقته ...اختفت ...و جاءه نادل...تحدث اليه قليلا ...بعدما وضع فنجان القهوة على
الطاولة ...نشب بينهما خصام ...فجاء آخرون و دفعوه بينما لم تظهر ابنته و لا حتى لحقت به ...غادر
المكان ...و لسان حاله يقول ...هل كان يجب أن تشفي يا زينب لنفقد سعاد ؟ هل كان علي أن أبيع
ابني لينتهي فقري ؟ هو يعرف أن من تبدأ نادلة في تلك المدينة لن تعود و سترتقي حتى تسقط ...
صور مرت ...التفت ...بعض الجالسين فقط في المقهى....انتهى الحفل ...و عيناه تنظران الى الضفة الأخرى ...



#محمد_الطيب_بدور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزقاق / قصة قصيرة
- هل لي بزهرة ؟
- قولي للربيع لا تأت / قصيد
- حنين / خاطره
- نبض الروح / خواطر شعرية
- نهاية السفر / قصة قصيرة
- ليس اختياري
- ابتسامة و انهيار / قصة قصيرة
- المصير / قصة قصيرة
- رصيد معطلة عن العمل
- قبل النهاية / قصة قصيرة
- أجنحة لا تطير / قصة قصيرة
- أين أنت ؟
- المدرسة : قاطرة أم مقطورة ؟ أداة للرقي الاجتماعي أم عامل مسا ...
- الأماكن
- الاصلاح التربوي بين الفشل و رهانات النجاح
- أماه
- واحدة بواحدة قصة قصيرة
- الأمل


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الطيب بدور - بين الضفتين / قصة قصيرة