|
من - هوا مصر الجديدة -
مجاهد الطيب
(Megahed Al-taieb)
الحوار المتمدن-العدد: 5351 - 2016 / 11 / 24 - 20:49
المحور:
الادب والفن
مقطع من رواية " هوا مصر الجديدة " لمجاهد الطيب
سبتمبر 1909 إعلان:
( واحة مصر الجديدة – هليوبوليس ) للإيجار بجانب الجامع الجديد والتراموى الذى سُينشأ قريبا.
بيوت على الطراز التركى ، مؤلفة من ثلاث غرف أو أربع غرف وفسحة وفرن ، الأجرة من60 إلى 140 قرشا.
********************
كل جمعة ، قبل الصلاة بساعة ، يعطي ظهره مؤقتا لميدان الإسماعيلية ، يأخذ عمر بن الخطاب حتى صلاح سالم ، ثم يمسك اليمين في اتجاه العَمار - عكس اتجاه المطار ، في رحلته يرفع الأستاذ حلمي زايد الرأس متفحصا العمارات والفيلات ، كأنه يتفقد أملاكا ، في لحظات انتقاله من مبني إلى مبنى يُسلِم نفسه لأمر أو أكثر من أمور ليست ذات صلة ، لكنه يعود سريعا . يظهر قصر البارون ، يتوقف قبله بأمتار ، عند ناصية شارع الثورة يضع الرحال ، يدخل إلى مسجد السلطان حسين بكامل هيئته : بالبدلة والكرافته ، بهمة مازالت في البدايات ، و بال راقَ بالكاد عند نقطة الوصول ، بعد الصلاة سيجد مدام فاطمة ، ومن تم إنجابه من أولادهما ( حتى تاريخه ) مستندين إلى سور قصر السلطانة " مَلَك " ، تقف السيدة فاطمة بشعرها الحرير ، شعرها يطير ، تتركه غالبا ، تتبرم منه أحيانا ، تبرم من لا يريد للمشكلة أن تُحل . النظارة الشمسية على عينيها أو مستقرة فوق الشعر ، أو مراوحة بينَ بينَ ، فاطمة لا تشبه فاتن حمامة ولا مديحة يسري ، هي أقرب إلى راقية إبراهيم في " حكيم روحاني حضرتك ؟ " ، تعرض على الهواء مباشرة ، إلا أنَّ دورها يسير بفعل فاعل إلى نهاية تبدو محتومة ، وفي نفس الوقت لا تخلو من تشويق . تمشي خطوات كثيرة في السنتيمرات القليلة ، تترك أولادها أحيانا متجاوزة المقطع المختار من السور ، تضرب الملل ضربة خفيفة بكعب حذائها ، ثم تدور مائة وثمانين درجة ؛ فترى الأولاد مرة ثانية بعد غياب ، تلتقي نفسها وتثني عليها ، كأنها سيدة القصر ، كأنها السلطانة مَلَك ذاتها . لا ، فاطمة لما تنتمي إلى الأسرة المالكة فلن تكون سوى الأميرة فوزية ، أخت فاروق ، وامبراطورة إيران لأربع سنوات متتالية ( "متتالية " هذه سمعتها عن الأستاذ حلمي !) . يهل صوت الإمام خفيضا : السلام عليكم و....، وبعده عاليا وواضحا جدا صوت الشيخ الآخر : السلام عليكم ورحمة الله ، يصرخ الباعة بأسماء فاكهة الجمعة . يدخل الأستاذ حلمي في صراعه الأسبوعي مع حذائه على بوابة الجامع ، يعبر سريعا إلى الحياة على الضفة الأخرى من الشارع ؛ فيلتمُّ الشمل ، ويبدأ حق القلب. لو سمع الأستاذ حلمي ذكر السلطانة ملك سيتدخل فورا ، حتى لو أفسد اليوم ، سيقول بصوت عال ( وعندما يعود سيكتب ما قاله بقلم أحمر ) : القصر أصلا هو قصر السلطان حسين كامل ، ثم يستطرد : عندما رأى )السلطان (قصر البارون لم يُخفِ إعجابه الذي تطور إلى حسد بائن ، فما كان من البارون إمبان سوى أن بنى له هذا القصر الفخيم قبالته على سبيل التعويض ، وليقتطعَ – بالمرة - جزءا معتبرا من صحراء هليوبوليس ، ثم أهداه السلطان بدوره إلى " مَلَك " . بالمناسبة جاء فاروق وفوزية مرارا إلى هذا القصر ؛ من باب صلة الأرحام الملكية ، قبل أن يصبحا الملك والامبراطورة. من الجدير بالذكر أن حسين كامل كان أميرا وقتها ، ينتظر اندلاع الحرب العالمية الأولى ؛ ليُخلَع عباس حلمي الثاني ؛ فيصير هو السلطان ، لا مجرد الخديوي ، ورغم ذلك ظلت الناس– في عز سلطنته – تردد : “الله حي .... عباس جاي ".
صدرت مؤخرا عن دار شرقيات – القاهرة
#مجاهد_الطيب (هاشتاغ)
Megahed_Al-taieb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سعاد
-
هربت الفكرة
-
لقطة المترو
-
دَوا نُقَط
-
فوقية
-
قهوة علي مالك
-
جبال الألب
-
محمود ونوجة وصفية
-
النادي الفرنساوي
-
بأثر رجعي
-
شارع الحب
-
مصر الجديدة - الرابع والخامس من ديسمبر 2012
-
ليلي نهارك
-
نُؤْنُؤ
-
حراس الفكرة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|