أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - دور البيئة الطبيعية والتأقلم















المزيد.....

دور البيئة الطبيعية والتأقلم


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5351 - 2016 / 11 / 24 - 13:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دورالبيئة الطبيعية والتأقلم
طلعت رضوان
هاجم كثيرون (تشارلس روبرت دارون) بسبب كتابه (أصل الأنواع) رغم ما كتبه عن أهمية دورالبيئة فى التكيف والتأقلم مع البيئة الطبيعية، فكان من رأيه : أن النباتات التى تكيفتْ مع البيئة هى الأصلح للبقاء، بينما النباتات غيرالمتأقلمة مع البيئة فسوف تـُـهلك. كما أنّ خصومه لم يهتموا بالعنوان الكامل للكتاب وهو( نشأة الأنواع عن طريق الانتخاب الطبيعى، أو حفظ السلالات فى الصراع من أجل البقاء) وكان دارون يـُـدرك أنّ كتابه سيـُـصادف الكثيرمن الأعداء، الذين تجاهلوا كل صفحاته (703 صفحة) وأشاعوا مقولة أنّ الإنسان أصله قرد. وذلك بسبب قول دارون إنّ ((الأنواع الحية نشأتْ عن أنواع سابقة جرى عليها التحوير)) ولم يكن دارون وحده الذى اجتهد فى هذا المجال ، حيث كتب إدوارد بلايث (1810- 1873) فى بحث ظهرعام1837 قال فيه ((إنه لمن الحقائق أنّ صغارالقبرة التى تفقس فى منطقة يغطيها الحصى الأحمريكون لون ريشها ضاربـًـا إلى الحـُـمرة، مقارنة بتلك التى تــُـربى فوق تربة سمراء)) وتساءل : ألايمكن – إذن – أنْ تكون نسبة عالية مما نعتبره أنواعـًـا قد نشأتْ عن سلف مشترك؟)) فرد عليه أحد المؤمنين بالديانة العبرية (روبرت تشامبرز) فى كتابه (بدايات الخلق) الصادرعام1844 قال فيه ((إنّ كل الكائنات الحية، من أبسطها وأقدمها إلى أعلاها وأحدثها، كلها تخضع لتدبير(الإله)
بينما دارون حـدّد لنفسه هدفيْن : فكتب ((الأول هوأنْ أبين أنّ الأنواع لم تــُـخلق منفصلة. والهدف الثانى أنّ الانتخاب الطبيعى هوالعامل الرئيسى فى التغيير)) وأشارإلى قصورالسجل الجيولوجى (فى عصره) وكان من رأى د. مستجير أنّ دارون أرسى للعالم العلمى مبدأ الاستدلال، بالنسبة للعلوم التى تحاول أنْ تعيد تصويرالتاريخ. وأنه لابد من تطويرمعايير نستدل منها على العملية التى لايمكننا ملاحظتها، وذلك من النتائج التى حفظها الزمن. وهذه هى المشكلة فى نظرية التطور: فكيف يمكننا من التشريح والفسيولوجيا والسلوك والتباين والتوزيع الجغرافى للكائنات الحية الحالية، ومن البقايا الأحفورية بالسجل الجيولوجى أنْ نستدل على الطريق الذى سلكه تاريخ التطور؟ وهنا أهمية منهج دارون حيث وضع قواعد الاستدلال فى العلوم التاريخية (قراءة فى كتابنا الوراثى- هيئة الكتاب المصرية – عام2013- ص174)
إنّ نظرية التطور ترتكزعلى وجود تباين داخل أنواع الكائنات الحية، البرى منها والمُستأنس وأنّ هذا التباين كثيرًا ما يورث، رغم أنّ دارون لم يكن يعرف آليات التوريث، ولذلك قال ((إنّ القوانين التى تحكم الوراثة مجهولة فى معظمها)) (وفق انجازات العلم فى عصره) وبالرغم من ذلك أكد على (إنّ أى تباين ليس وراثيـًـا لايهمنا ، حيث أنّ توارث الصفة هوالأصل وعدم توارثها هوالشاذ)) وكتب ((ونتيجة للتباين داخل الأنواع إذا تفاعل مع الوفرة فى التكاثر، فهى أنّ الكائنات الأكثرتكيفــًـا مع بيئتها الطبيعية لابد – على العموم – أنْ تكون هى التى ستبقى وتتزايد على حساب الكائنات الأقل تكيفــًـا. وهذا هو لب نظرية التطور والانتخاب الطبيعى))
وبينما قال العالم (لامارك) إنّ التحويرات التى تمكن الكائن الحى من البقاء فى بيئة متغيرة ، إنما تنتج عن المجهود الذى تبذله هذه الكائنات ، لذلك طوّرتْ الزرافة رقبتها، لأنها ظلتْ تحاول الوصول إلى الأوراق أعلى الشجرة، ولكن دارون كانت له وجهة نظرمختلفة، فقال : إنّ التباين فى طول رقبة الزرافة وفى الآلاف غيرها من الصفات ، إنما ينشأ عشوائيـًـا (عن أسباب مجهولة للعلم) ولاعلاقة له بحاجة الكائنات ، ولكن – فى كل الأحوال - فقد ثبت أنه مفيد للكائن الحى من أجل البقاء.
وعن التكيف مع الطبيعة ضرب دارون مثالا بالأشجارالنامية فى أوروبا قبل الثورة الصناعية، حيث كانت مغطاة بلون أخضر رمادى ، وكان ثمة فراشة تنتشرهناك تــُـسمى الفراشة المُقلقة (بيستون) لونها رمادى مفلفل، فإذا حطتْ على جذوع الأشجار وأرختْ جناحيها ، فإنّ لون الشجرة يغطى جسمها ، وبالتالى يصعب على الطيورالمفترسة أنْ تميزها. ولكن مع بداية الثورة الصناعية انشر تلوث البيئة الزرعية القريبة من المصانع، وبدأتْ جذوع الأشجاريـُـغطيها غشاء رقيق من السناج (الهباب) وأصبحتْ الحشرة بلونها الفاتح ظاهرة ، وبالتالى تكون فريسة للطيورالمفترسة، مع هذا التغيرلم يعد اللون الرمادى المفلفل والفاتح أية ميزة تكيفية، وإنما أصبح اللون الأسود هوأفضل ما يتوافق مع الخلفية الداكنة لجذوع الأشجار. وفى نحوعام1850 ظهرتْ بضع فراشات سوداء اللون فى منطقة مانشيستر، ثم تزايد تكرارهذه الفراشات قاتمة اللون. وبمرورالسنين أصبح اللون القاتم فى هذه المنطقة هوالسائد ، وتراجع اللون المفلفل وصارنادرًا. والنتيجة أنّ الفراشات (تجاوبتْ) مع البيئة الجديدة ، وأنّ اللون الداكن أصبح هوالأفضل كى تتخفى عن عيون الطيورالمفترسة.
وقد تبين أنّ اللون الفاتح ناتج عن طفرة وراثية سائدة تنتقل من الآباء إلى الأبناء. وأنّ ظهورهذه الطفرة فى مانشيسترفى ذاك الوقت لم يكن من قبيل الصدفة أوالسحر، بينما السبب الحقيقى يكمن فى (قانون التكيف الطبيعى) وللتأكد من ذلك أعد العالم (كيتلويل) مجموعتيْن من الفراشات فى كل منهما عدد من الفراشات قاتمة اللون، وعدد من الفراشات مفلفلة اللون. وتم إطلاق إحداها فى منطقة صناعية والأخرى فى بيئة زراعية، ثم رصد عدد ما افترسته الطيورالمفترسة فى كلتا المنطقتيْن، فظهرأنّ نسبة ما أفترس من الفراشات القاتمة كانت أعلى فى الريف، بينما كانت نسبة ما أفترس من المفلفلة هى الأعلى فى المناطق الصناعية.
الانتخاب الطبيعى معناه أنّ البقاء للأصلح، أى الأكثرمقاومة من خلال تكيفه مع اليئة الطبيعة. وعندما تحوّل الطقس إلى البرودة الشديدة (قبل أنْ يطوّر الدب فراءه السميك) أى أنّ تفوق الكائن الحى فى البيئة الجديدة ، إنما يعبرعنه فى صورة (البقاء التفاضلى)
وكانت (الوراثة المزجية) معروفة أيام دارون، وبمقتضى هذه الفكرة يمتزج فى النسل الأساس المادى لوراثة الأم والأب ، تمامـًا مثلما تمتزج نقطتان من الحبر، تختلفان فى اللون، لينتج لون وسط ، فكيف للنباتات الصغيرة أنْ تبقى بعد التهجين ؟ إنّ أى صفة جديدة تظهر يتخفف بالفعل عند التهجين مع النمط الأصلى ، لتختفى بعد فترة فلا تبقى فروق بين الأفراد يعمل عليها الانتخاب الطبيعى ، وكانت هذه مشكلة أمام دارون ، ولم يتمكن من حلها، فجعلته يعطى وزنــًـا لأبحاث (لامارك) أكثرمما يجب ، وقد حـُـلتْ هذه المشكلة تمامًـا بإعادة اكتشاف أبحاث العالم (مندل) منذ عام1900 ثم اكتشف العالم (هوجوفريز) الطفرات (أى تلك التغيرات الذاتية العشوائية التى تحدث بالمادة الوراثية) وتفرّعتْ البحوث وتوسّـعتْ حول هذيْن الكشفيْن وغيرهما ، وبذلك اكتملتْ الداروينية وأصبحتْ بالفعل كيانــًـا علميـًـا متينــًـا يصعب اختراقه (د. مستجير- مصدر سابق – ص180) وهكذا يتبيـّـن أنّ نظرية دارون وأبحاثه عن الانتخاب الطبيعى وعن دور البيئة فى تشكيل الكائن الحى ، وعن تطور الكائن الحى من خلية واحدة ، ظلــّـتْ تنقسم وتتعدد وتتنوع ، حتى وصلتْ فى أعلى مراحلها إلى الإنسان، وذلك بعد الكشف عن الحلقة المفقودة ، بينه وبين القردة العليا ، بعد أنْ استطاع أنْ يمشى مُـنتصب القامة، وبعد التأكد من كبر حجم مخه، قياسـًـا على حجم الكائنات السابقة عليه، ثم مقدرته على الكلام.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول مشكلات اللغة العربية
- التطور من الخلية الواحدة إلى الإنسان
- انعكاس الثقافة القومية على الإبداع (10)
- زراعة الأنسجة ودور العلم
- المواجهة بين العلم والكهنوت الدينى
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (9)
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (8)
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (7)
- العلوم الطبيعية والأنظمة العربية
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (6)
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (5)
- انعكاس الثقافة القومية على الأدب (4)
- محمود تيمور ومشكلات اللغة العربية
- انعكاس الثقافة القومية والدين على الأدب (3)
- عروبيون وينتقدون اللغة العربية
- انعكاس الثقافة القومية والدين على الأدب (2)
- انعكاس الثقافة القومية والدين على الأدب
- الأقليات الدينية والثقافة السائدة
- كيف كسر الولاء للدين مصطفى كامل
- هل البديهيات تحتاج إلى توضيح ؟


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - دور البيئة الطبيعية والتأقلم