أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: الميم 3














المزيد.....

الفردوسُ الخلفيّ: الميم 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5351 - 2016 / 11 / 24 - 13:18
المحور: الادب والفن
    



عليّ كان أن أتوقّع مسبقاً مفاجأة ثقيلة من عيار الأميرة، طالما أن سيارتنا كانت مركونة في تقاطع الطريق، المؤدي إلى عرينها. ولعل التركيز كان قد زايل رأسي، لما أعتمل فيه من بخار الخمرة والرغبة. لما صحوتُ على صوت " للّا عفيفة "، كانت يقظة الفكر قد فات أوانها. بقيَ عندئذٍ سبيلُ المراوغة، وهوَ ما أعتمدتُ فيه على دهاء رفيقتي. إلا أنني رأيتُ " الشريفة " مبهوتة، ولم تكن تقلّ عني حيرة وعجزاً. ذلك أنها قدّرت ولا مِراء صعوبة تبرير حركة إنحنائها عليّ، لما كانت تقوم قبل قليل بتقبيل قدميّ كتعبيرٍ عن الندامة والإعتذار. فأنا مَن كنتُ قد نبهتها للأمر، حال تأكّدي مِن أنها الأميرة التي تقف بسيارتها على بعد أمتار من سيارتنا.
" نعم، لقد طرأ عطلٌ على محرك السيارة فيما كنا عائدين من منزل أسرتي..! "، توجّهت رفيقتي للأميرة بكلامها متلعثمة نوعاً. هذه الأخيرة، هزّت رأسها تعبيراً عن التفهّم دونما أن تسمح العتمة بتمييز ملامح سحنتها. ثمّ ما عتمت أن جعلتني أنشده، متأثراً بحركتها التالية. إذ أطلق فَمُها صفيراً رفيعاً كإشارة لمرافقتها، المنتظرة في السيارة الأخرى. الخمسة أمتار تقريباً، التي كانت تفصل بين سيارتينا والمشغولة بالغلسة، شاءت المرافقة إجتيازها بتؤدة كما يفعل شبحُ حكايات الأطفال. في الأثناء، أنتبهتُ إلى يد " الشريفة " وهيَ تلملم من على المقعد أوراقَ المحارم الملوّثة بآثار الشهوة، لتدسّها من ثمّ في مذخر السيارة. فكّرتُ أنّ ذلك كله كان بلا طائل، طالما أننا لم نكن قد فعلنا أمراً يهمّ من قريب أو بعيد هذه المرأة، المعرّفة فوق ذلك بالتهتّك والإستهتار.
" هل يمكننا جرّ سيارتهما بطريقة ما، بغية إعادة تشغيلها؟ "، سألت الأميرة مرافقتها. فأجابتها الأخرى ممتعضة: " الأمرُ يحتاج إلى وقتٍ، ومن الأجدى الإتصال بالقصر لطلب المعونة ". إذاك، أنتبهتُ على غرّة إلى أنّ كلا المرأتين قد لعب الخمرُ برأسها لعبته المعتادة. فتقدّمتُ حالاً من الأميرة، مقترحاً بنبرة بريئة أن تتصل بمخدومتنا، مُضيفاً: " فسنتدبّر نحن مهمة تشغيل السيارة مجدداً، فلا أرى من داعٍ لإيقاظ المستخدمين في مثل هذه الساعة المتأخرة "
" لديّ فكرة أخرى؛ وهيَ أن تمضيا معنا إلى القصر ريثما يتمكّن رجالنا من سحب السيارة "، نفخت الأميرة بسأم. رائحة الشراب المُسكر، راحت تتماهى في أنفي مع نفح مساكب الخضار، المترامية على جانبيّ الطريق. كانت الأميرة، في المقابل، بكامل أناقتها وزينتها، وقد تسنّى لي معاينة ذلك حالما أنطلقت بنا سيارتها. بعدما إتصلت من هاتف السيارة بمخدومتنا، كي تطمئنها علينا، فإنّ " للّا عفيفة " بقيت لا تنبس بنأمة لحين وصولنا إلى باحة القصر. خاطبتني عند ذلك وهيَ تترجّل من السيارة: " سيمضي بك الوصيفُ إلى الجناح المخصص لمنامتك، أما مرافقتكم فإنها ستأتي معي ". تمنيتُ لهم ليلة سعيدة، ثم أتجهتُ إلى الناحية المفضية للجناح بدون إنتظار الوصيف. ولا شكّ أن ذلك أدخل الدهشة في روع " الشريفة "، مثلما أفصحت لي في صباح اليوم التالي.
" كأني بك تعرفُ هذا القصر، قبلاً..؟ "، قالت لي رفيقتي آنَ صرنا لوحدنا على أثر الفطور. وكنتُ حينئذٍ ما أفتأ مشغول البال في أمرٍ مُحيّر، وهوَ إطلاق الأميرة سراحي بدون حتى أن تلقي عليّ تحية مجاملة. ففي الليلة المنقضية، بقيتُ مسهداً لبعض الوقت على الرغم من شعوري بالخمول نتيجة السهر والشرب، متوقّعاً إقتحام المرأة المتهتكة لحجرة نومي. إلا أنها كانت في تلك الأثناء تستثيرُ مكامن غلمتها، من خلال محاولة إستجواب " الشريفة " عما كانت تفعله معي في السيارة.
" لقد جلبَ لي رجالي مناديلَ كلينيكس، ملطخة بالشهوة والقذارة، كانت مغلقاً عليها في مذخر السيارة.. كانت الآثار تلك ما تني طرية..! "، قالت صاحبة القصر فيما يدها تعبث بجسد الأخرى العاري. ثم شرعت تستنطقُ " الشريفة " بطريقة غير مبالية بالغيرة، يغلب عليها لجاجةٌ شبيهة بمن يتهيأ لممارسة العادة السرية مستثاراً بصوَر يختلقها خياله. فلما رأت ملامح مَن تعُدّها " جاريةً "، مكسوّة بتعبيرٍ أبكم، فإن ذلك إستثار غيظها هذه المرة: " أيتها القحبة الرخِصَة! أتلعبين دَور الزوجة المخلصة مع سيدتكِ؛ مع مَن يعرف الجميعُ خيانتها لرجلها العالي المقام؟ "، صاحت بها وهيَ تلطمها على وجهها بقسوة. ولم تلبث أن أنتترت واقفة على قدميها، لتتجه نحوَ الموقد فتتناول من على سطحه سوطاً مصنوعاً من شعر الخيل: " أركعي يا قحبة على ركبتيك، كما كان دأبك مع عشيقك السوريّ! ".
قلتُ لرفيقتي المسكينة، فيما كنا نتمشى بإتجاه بوابة القصر الخارجية كي نستقل سيارتنا: " وإذاً، فإنها كانت صرخاتك تلك، التي أقلقت منامي ليلاً؟ ". على أنها بقيت صامتة، مسدلة جفونها، فيما كانت خطاها تستعجل الوصول إلى مقصدنا. ثمة، إستلمنا السيارة وكانت تلمع بالنظافة. خلال الطريق، طفقت " الشريفة " محافظة على صمتها، ولكنها كانت مشرقة الوجه وكما لو أنّ داخلها يتمتم صلاة الخلاص. فجأة، إلتفتت إليّ لتدسّ يدي في لحم مؤخرتها، كي أتحسس آثار ضربات السياط ثمة: " تلك الأصوات، هيَ أصداءُ صرخات سجينات القصر من وصيفات ومستخدمات، مغضوب عليهن.. بل يوجد أيضاً طالبات ثانوي، تمّ إحتجازهن لأنهن تجرأن وهتفن بشعارات مهينة بحق مقام أمير المؤمنين ". فلما باحت لي بذلك، فإنني أستعدتُ وقائع ليلة الرابع عشر من ديسمبر، حينَ كنتُ ضيفاً على الأميرة. ما يحيط بالقصر من كتمان مشدد، هوَ ذا يُخترق رويداً من لَدُن أكثر المخلوقات حرصاً على حفظ اللسان عن النطق بالأسرار. أبحتُ بفكرتي للمرافقة، فهزت رأسها بغموض بعدما رمقتني بعينين محمرتين من أثر السهاد أو ربما الدمع. ولكنها لم تبقَ على خصلة الصمت. فإذا بها تتطلع نحوي بنظرة إمتنان، فتشرع بقص حكاية غريبة، متواشجة مع حديثنا الفائت عن صاحبة القصر.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الميم
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 3
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام 2
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الطاء
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الحاء
- الجزء الأول من الرواية: زاء 3
- الجزء الأول من الرواية: زاء 2
- الجزء الأول من الرواية: زاء


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: الميم 3