أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق سعيد أحمد - الخطاب الشعري عند نجيب سرور.. الشاعرية المتوحشة















المزيد.....

الخطاب الشعري عند نجيب سرور.. الشاعرية المتوحشة


طارق سعيد أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5349 - 2016 / 11 / 22 - 15:14
المحور: الادب والفن
    


يكشف كتاب "الخطاب الشعرى عند نجيب سرور" الصادر عن الهيئة العامة المصرية للكتاب مؤخرا عن ولع الكاتب أحمد إبراهيم الشريف بالشاعر الكبير نجيب سرور حيث تعامل مع عوالم "سرور" كزائر يحمل بين أصابعه النور وبخطى محسوبة تقدمت عيونه الباحثه عن أبواب ونوافذ مفتوحة على مزرعيها كان يكتنفها الغموض، وبحث أيضا عن الأبواب الأخرى المغلقة، ومشى في شوارع خطرة التضاريس متفاديا السقوط في بحر رمال قصائد "سرور" المغتربة ودلالاته المنفية.
تجاوز "إبراهيم" التحجر الأكاديمي والقوالب النقدية النمطية والجامدة، وانتصر للإنسانية بتقريب الشاعر الكبير نجيب سرور إلى أقرب نقطة ممكنة للقارئ الذي سوف يكتشف من الصفحات الأولى بل من الكلمات الأولى أسرار تختفي خلف القصيدة، ومعاناة تلهو بالنص، وصورة شعرية ساخرة غارقة في دموع الوجدان.
من البداية يمهد الناقد أحمد إبراهيم الشريف الطريق الوعر للقارئ الغير متخصص، وللباحث الشغوف يضيء له مناطق إبداعية سكت عنها النقاد ولم يمسسها قلم!، ويحمله معه إلى شاعرية "سرور" التي تبدو متوحشة من اللحظة الأولى لكنها في حقيقة الأمر هي شاعرية حانية كطفل تركته أمه فجأة!.
من الممكن أن أصف حياة الشاعر الكبير نجيب سرور بأنها كانت حياة داخل "غربة كونية" أنصهر فيها "سرور" وأنصهرت فيه عناصر هذا "الإغتراب الكوني" لتنعكس على النص الشعري "السروري" حالته الفريدة وكانت "الغربة المكانية" في حياة نجيب سرور نصيب من التحليل تحت مجهر الناقد أحمد إبراهيم الشريف في كتابه الصادر مؤخرا عن الهيئة العامة المصرية للكتاب تحت عنوان "الخطاب الشعري عند نجيب سرور" بالفعل فكل تاريخه يمكن تفسيره بالغربة الخارجية، ف"القراءة الأولية لنجيب سرور كما يؤكد "إبراهيم"، بخاصة شعره المباشر، تدل دلالة قاطعة على أن تجربة السفر كان لها تأثيرها القوي والخطير في شخصية "نجيب سرور"، وإنها تجربة مريرة وقاسية بحق، شرخته من الداخل شرخا كان كفيلا بأن يتصدع منه أي بناء مهما كان قويا؛ لذلك أعتمد الكاتب أحمد إبراهيم الشريف في تحليله للنصوص على سياقات خارجية فكما أن سلسلة الأنساق والإنحرافات تكون نسقا أكبر يفسر بعضه بعضا، فإن السياق الخارجي يمكن أن يفسر الكثير من أجواء ذلك النسق الأكبر أو السياق اللغوي، كما يمكن أن يفسر جانبا كبيرا من دلالة العمل الأدبي في مجموعه باعتباره علامة،إن للغربة الذاتية/ النفسية دورا كبيرا وواضحا في بناء الغربة المكانية، تمثل صبغة عامة لكل ما يشعر به الشاعر، ويريد أن يعبر عنه في تجربته الشعرية وخيوطها: الخوف، والحزن، والإحباط، والضياع، والألم، والحيرة كما يشير "إبراهيم"، والعذاب، والرومانسية الرممية. وأمكن الكاتب أن يقسم مراحل الغربة عند نجيب سرور إلى:- معنى الغربة، التيه، الوصف
النفسي، الحنينن، العودة.
أولا : معنى الغربة:-
في محاوره للشاعر مع الشاعر )دانتي الليجيري( صاحب )الكوميديا الإلهية( في ديوان )لزوم ما يلزم(،
حيث كان منفيا لا يستطيع العودة إلى مصر، ولا حتى إلى روسيا؛ حيث زوجته وابنه كتبه نجيب سرور في )بودابست/ المنفى(
، يقول في النص
- أتدري ما الجحيم؟!
- ها نحن فيه من الصباح!
- لا.. ليسَ هذا.. فالجَحِيم،
هو أ ن تَعيشَ بوَطَن،
وتموتَ في المنفى، وتُدفنَ في تراب الآخرين.
فالجحيم في نظر نجيب سرور ليس الجحيم الإلهي المقابل للجنة الإلهية، لكن الجحيم عنده يعني النفي خارج
بلاده، ولنا أن نتخيل مقدار ما شعر به الشاعر من الألم حتى قدم لنا هذه الصورة، ومن يطابق بين المعنيين، ويرى أن الدفن في تراب الآخرين هو أيضا نوعٌ من الجحيم!.

أما عن الحالة النفسية التي صاحبت الشاعر في المنفى كما يذكر الكاتب، هي نتاج طبيعي لما يحدث له، فقد قدمها في صور كثيرة، يقول في النص رقم 36 من ديوان "لزوم ما يلزم"
الأوِّلى: يا ليل يا منفاي
وَيلا ه حِينَ يُطبِقُ الظّلاَم
كالنَّعشِ .. كل كائنٍ يَنام
يا ليل ــ كل كائنٍ سِواي

اختار الشاعر شكل الموال الشعبي ليقدم تجربته، والموال مرتبط عادة بكونه وعاء لتجربة عادة ما تكون نفسية الرؤية، وحزينة الطابع؛ فالبعد والفراق والهجر أو حتى الموت يكون موضوعه، والشاعر قد جعل موضوعه )النفي(، فبدأه بالجملة الاعتيادية )يا ليل(، لكنه أضاف )يا منفاي( فجعل الكلمتين في حالة دلالية متساوية؛ فالمنفى يساوي الليل، بكل ما تحتويه وتحمله كلمة الليل من دلالات، لكن الشاعر لم يكتف بذلك؛ بل أخذ في تفسير الدوال ليؤكد أن المنفى ليل؛ فبين دلالات الليل؛ وهي الظلام، والنوم، وصور الظلام بالنعش، بما يعطي دلالة الموت، وهي صورة قاتمة أكثر سوداوية من دلالة الظلام المعجمية، ثم ينفي عن نفسه النوم في ذلك النعش المطبق عليه، وبذلك تتضح الحالة النفسية للشاعر التي صاحبته مع وجوده في المنفى، و"انتقال دلالة الألفاظ من معناها الأصلي الذي تم التواضع عليه إلى معان طارئة ذات صيغة جمالية موقوتة، فتتكاثر المدلولات على حسب موضع الكلمة في مختلف التراكيب، ثم على حسب تماسك أصوات حروفها وتآلفها.

يقول الشاعر في النص رقم 33 بعنوان )حوار مع ناظم حكمت( من )ديوان لزوم ما يلزم:-
إنَّ في عينَيك حُزنًا يا نَجيب
بل ليسَ هذا الحُزنُ عني بالغريب
لأكادُ ألمسُ باعِه
حزنُ المنافي.. هكذا يبدو تمامًا في العيون
في النص السابق عودة أخرى لأسلوب المنولوج "الحوار الداخلي مع الذات"، حتى لو كان الحوار ظاهريا مع
الشاعر )ناظم حكمت(، والشاعر يستخدم في السطر الشعري الأول )إ ن ( التوكيدية، ليؤكد عمق الحزن المسيطر على النص الشعري، فكأنما ينظر إلى مرآة فرأى نفسه حزينا، لكنه يستدرك بأن هذا الحزن لا يحتاج للتساؤل عنه، فهو حزن المنافي، وكأن حزن المنافي هذا له ملام مغايرة عن الحزن العام، فقد يكون أعمق، وقد يكون مصحوبا بدموع، وبذلك حمل الشاعر تركيب )حزن المنافي( دلالة جديدة.

وتحت عنوان البنية الإيقاعية للخطاب التجانس..الدلالة يقع الفصل الرابع والأخير من كتاب "الخطاب الشعري عند نجيب سرور" للكاتب أحمد إبراهيم الشريف مشير إلى أهمية الإيقاع دوره في الدرس النقدي في كل من الشعر والنثر على السواء، وفي الدرس القديم والحديث، فقد مثل الإيقاع في الدرس القديم جانبا مهما مع اللغة والصورة، فانصب الاهتمام على الوزمن والقافية وكذلك الظواهر البلاغية الأخرى مثل الجناس، والطباق... وغير ذلك، وحديثا احتل التنوع الموسيقي والتغيارت العروضية التي أصابت
الشعر دورا حيويا في تشكيل النص الشعري.
على أن دور الإيقاع في البناء الشعري والصياغة الشعرية أكبر من كونه أداة لتميم الشعر"ذلك أن بين معنى
الشعر وموسيقاه ارتباطا حيويا، وكلنا يعرف أن القصيدة قد تضيع تماما إذا ترجمت إلى كلمات منثورة، فالمعنى في الشعر يتطلب موسيقى الشعر حتى نفهمه الفهم الكامل.
وعلى هذا يكون الإيقاع من أهم خطوات البناء، ونقاط النظام المهمة للشعر؛ حيث يحتوي على الدفقة الروحية المسيطرة على المتلقي، والعلاقة بين الشكل والموسيقى قديمة ودائمة، فتاريخيا نرى أن البناء الموسيقي للشعر قد أخذت أشكالا متعددة.
ونهتم في هذه القراءة بشعر التفعيلة؛ لأن نجيب سرور يقع في هذه المنطقة وينتمي إلى هذه المدرسة، وشعر التفعيلة قد اختار له شكله المميز والمختلف ثلة من الشعراء الحالمين الذين يأتي على رأسهم نازك الملائكة، وبدر شاكر السياب، وصلاح عبد الصبور، وغيرهم، دون إغفال ما سبقهم من محاولات للتجديد والتطوير في الشكل الشعري والعروض الشعري، وشعر التفعيلة عروض يا هو "شعر يعتمد على التفعيلة )الخليلية( كأساس عروضي للقصيدة، ويتحرر من البيت العمودي ذي التفعيلات المحددة، مثلما يتحرر من الروي الصامت ونلحظ ما بين المفهوم )شعر التفعيلة ( والمضمون الذي يحتويه فنجد أنه يعود إلى الموسيقى فقط، وغير مرتبط سواء باللغة أو بالصورة، فشعر التفعيلة يحتوي حرية ما، هذه الحرية تقع في منطقة التفعيلات العروضية فيمكن تكرارها
أكثر من مرة أو التوقف عند مرة واحدة وهذه الحرية التي تعلقت بالوزن والقافية قد عملت على "أن صار الشاعر يتحرك نفسيا وموسيقيا وفق مدى الحركة التي تموج بها نفسه وقد تكون حركة سريعة ما تلبث أن تنتهي متماوجة وممتدة، وعندئذ يمتد الكلام أو يمتد السطر بها إلى غايتها. وفي كلتا الحالتين ما زال الكلام يحمل الخاصة المميزة لتشكيل اللغة تشكيلا شعريا خاضعا للتنسيق الجزئي وللحركات وللسكنات والمتمثل في التفعيلة ومع هذه الحرية التي تكاد تكون شبه مطلقة أو محددة بحدود إبداعية في عدد التفعيلات وفي القافية المناسبة ونسبة ورودها في القصيدة الشعرية.
إذن فالحرية التي يتيحها ذلك الضرب الشعري تقوم على أن السطر الشعري يمتد كما يريد الشاعر وعلى حسب ما يحقق الهدف الفني والبناء الشعري للقصيدة معتمدا على الدلالة العروضية وما يعتمل داخل المبدع.



#طارق_سعيد_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -قلق غزالة- إنعكاسات على مرآة الشعر
- خطابات ضد الحرب يرسلها العجوز-تيتزيانوتيرتساني-
- التحدي لمجابهة التطرف.. رؤية ثقافية
- تحريض
- حواري مع الأديب عمار علي حسن
- تذويب الثورة 2
- حواري مع الدكتور شاكر عبد الحميد
- خام الكوميديا السوداء.. وأشياء أخرى
- تذويب الثورة -1-
- الدراكولا ترامب و موت السياسة The Darakula Trump and the dea ...
- الزمن = الماضي + المستقبل


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق سعيد أحمد - الخطاب الشعري عند نجيب سرور.. الشاعرية المتوحشة