أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - الإنتخابات الأمريكيّة و الديمقراطية و الفاشيّة : دروس و عبر لمن يعتبر















المزيد.....



الإنتخابات الأمريكيّة و الديمقراطية و الفاشيّة : دروس و عبر لمن يعتبر


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 5344 - 2016 / 11 / 15 - 23:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الإنتخابات الأمريكيّة و الديمقراطية و الفاشيّة : دروس و عبر لمن يعتبر

" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقّفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظريّة و أن يتخلّصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليديّة المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أنّ الاشتراكيّة ، مذ غدت علما ، تتطلّب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلّب أن تدرس . و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمّال بهمّة مضاعفة أبدا..."
( انجلز ، ذكره لينين فى " ما العمل؟ " )
------------------------------------
" الديمقراطية هي شكل للدولة ، نوع من أنواعها "
( لينين ، " الدولة و الثورة " – الصفحة 106 )
-------------------------
" الديمقراطية هي أيضا دولة و أنّ الديمقراطية تزول هي أيضا ، تبعا لذلك ، عندما تزول الدولة ".
( لينين ، " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " - الصفحة 20 )
--------------------------------------------------------
" قد كان الناس و سيظلّون أبدا ، فى حقل السياسة ، أناسا سذّجا يخدعهم الآخرون و يخدعون أنفسهم ، ما لم يتعلّموا إستشفاف مصالح هذه الطبقات أو تلك وراء التعابير و البيانات و الوعود الأخلاقيّة و الدينيّة و السياسيّة و الإجتماعيّة . فإنّ أنصار الإصلاحات و التحسينات سيكونون أبدا عرضة لخداع المدافعين عن الأوضاع القديمة طالما لم يدركوا أن قوى هذه الطبقات السائدة أو تلك تدعم كلّ مؤسّسة قديمة مهما ظهر فيها من بربريّة و إهتراء . "
( لينين ، " مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة " )
---------------------------
" جوهر ما يوجد فى الولايات المتحدة ليس ديمقراطية و إنّما رأسمالية - إمبريالية و هياكل سياسية تعزّز الرأسمالية – الإمبريالية . و ما تنشره الولايات المتحدة عبر العالم ليس الديمقراطية و إنّما الإمبريالية و الهياكل السياسية لتعزيز تلك الإمبريالية . "

(بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 43، 16 أفريل 2006 /" الأساسي من خطابات بوب أفاكيان وكتاباته " ،1:3 )
----------------------------
مقدّمة :
صبيحة يوم 9 نوفمبر 2016 ، إستفاق الكثيرون عبر العالم على خبر مزعج ، خبر إنتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتّحدة . و فضلا عن كون هذا الحدث يسجّل لحظة تحوّل خاصة فى تاريخ السياسة فى ذلك البلد إذ يستعيد الحزب الجمهوري السلطة بعد فترتين رئاسيّتين للحزب الديمقراطي ، فهو يسجّل صعود فاشيّ مفضوح إلى سدّة الحكم بما لذلك من تبعات محلّية وعالميّة لا تخفى على العيون الفاحصة لمتتبّعى السياسات العالمية و الصراع الطبقي على النطاق العالمي و داخل الولايات المتّحدة ذاتها . و فى هذا المقال ، لن نسعى إلى قراءة الحدث الجلل أسبابا و تبعات بل سنعمل على إستخلاص بعض الدروس لمزيد توضيح خطوط التمايز بين من يقرؤون الحدث قراءة مثاليّة ذاتية و براغماتيّة شغلهم الشاغل ذرّ الرماد فى العيون و المساعدة على إعادة إنتاج الوضع السائد محلّيا و عالميّا من جهة و من الجهة الثانية من يبحثون عن الحقيقة مهما كانت و يسعون إلى فهم العالم فهما علميّا وتغييره تغييرا جذريّا شيوعيّا ثوريّا .
1- صدمة أم الشيء من مأتاه لا يستغرب ؟
لقد رصدنا عديد ردود الفعل و كانت الغالبيّة الغالبة منها تعدّ ما جدّ صدمة أو زلزالا أو ما شابه و الحال أنّه واقعيّا وموضوعيّا ليس كذلك .
وحدها النظرة المثاليّة الذاتيّة للواقع متداخلة أحيانا مع الأوهام الديمقراطية البرجوازيّة كانت تستبعد إمكانيّة تحقيق ترامب الفوز و تقود الآن إلى إعتبار صعوده إلى السلطة صدمة . فالكثير والكثير من الناس وقعوا فى فخّ أوهام الديمقراطية البرجوازيّة و الدعاية الممجوجة " للعالم الحرّ " و إعتبروا الديمقراطية الإمبريالية الأمريكية أعرق الديمقراطيّات المنشودة و أحيانا " نهاية التاريخ " بمعنى ما و بالتالى هي بالنسبة إليهم النموذج الذى يجب على شعوب العالم أن تحذو حذوه و لا نموذج غيره ، لا قبله ولا بعده على حدّ تعبير البعض ، متغاضين عن كلّ جرائمه فى الداخل و الخارج ، تاريخيّا و حاضرا . و لم يتوقّع هؤلاء المخدوعون أو الخادعون للجماهير الشعبيّة بالأوهام الديمقراطية البرجوازية أنّ هذا النموذج و أعرق الديمقراطيّات فاسد و قد فرّخ و يفرّخ نظامه قوى فاشيّة قد تمسك بمقاليد الحكم جزئيّا أو كلّيا فى الوقت المعيّن الذى تحتاجه الطبقة السائدة لحماية مصالحها و ديمومة نظامها .
تنشر الرجعيّة والإمبريالية و التحريفيّة بما هي شيوعيّة زائفة الأوهام الديمقراطية البرجوازيّة و تضخّمها إلى حدّ تجعل الشجرة تغطّى الغابة . وحتّى لا نمضي بعيدا فى التاريخ الآن ، نذكّر هؤلاء وأولئك و نوضّح لمن لم تتّضح له الرؤية بعدُ بفعل الضباب الكثيف للدعاية الضخمة المضلّلة للجماهير الشعبيّة ، بأنّ جورج بوش و جورج بوش الإبن قد موّلا الفرق الفاشيّة و زرعاها فى البلاد طولا و عرضا و دافعا عنها وعن جرائمها . و قد كان عديد مستشاري جورج بوش الإبن من المسيحيين الفاشيين . كما نذكّرهم ونوضّح لهم أنّه فى ظلّ إدارة أوباما الذى أشرف و أمر بجرائم لا تحصى ضد الإنسانيّة عبر العالم و فى بلده بالذات ، لقي المسيحيّون الفاشيّون رعاية و تشجيعا مباشرا أو غير مباشر ، إضافة إلى تولّى جمهوريّون فاشيّون عددا من المسؤوليّات السامية و قد تعاونوا مع إدارة الديمقراطيين . و منذ عقود الآن ،أخذ الفاشيّون يكتسحون الفضاءات و المجالات المختلفة و يكرّسون عمليّا برامجهم و تصوّراتهم الفاشيّة فيعنّفون و يقتلون و يحرقون و يهدّدون بالإغتيال إلخ . و لا أدلّ على ذلك من فرض إغلاق مئات المصحّات التى تقدّم خدمات الإجهاض للنساء و إغتيال الأطبّاء الذين يقومون بعمليّات الإجهاض ، و من مساعى فرض تدريس فكر الخلق فى الجامعات بدلا من نظريّة التطوّر ، إلى جانب شيطنة المسلمين و المهاجرين و الإعتداء عليهم يوميّا و ترحيلهم قسرا و خارج القانون . و طبعا كان الفاشيّون يوفّرون المساندة المطلقة للشرطة و لجرائمها ضد السود و السمر . و غير هذا كثير و كثير جدّا .
و لا ينبغى أبدا نسيان أنّ الولايات المتّحدة بُنيت أساسا على التطهير العرقي و الإبادة الجماعيّة للأمريكيين الأصليين و على غزو المكسيك و سرقة أراضيه و على استعباد الأفارقة و ما إلى ذلك . و عالميّا ، لعقود عديدة الآن ، ما فتأت تنصّب فى السلطة أو تساند الأنظمة الرجعيّة و القوى الفاشيّة من كلّ لون . و الأمثلة على ذلك كثيرة ، و لا نعتقد أنّنا نحتاج إلى تفصيلها . و هكذا بينما كانت البرجوازيّة الإمبريالية تمارس دكتاتوريّتها فى الداخل فى شكل حكم ديمقراطي آخذ فى الإنكماش ، كانت تزرع الفاشيّة فى أنحاء العالم و بالتالى ما الغريب فى أن تعمد إلى الشكل الفاشي للحكم هي نفسها ؟!
هذا هو الواقع ببراهينه الساطعة و أدلّته الدامغة الذى يشهد بمراكمة القوى الفاشيّة للقوّة قبل حدوث التحوّل النوعي و لإدراكه يحتاج المرء إلى القراءة العلميّة المادية الجدليّة للواقع المادي الموضوعي وليس إلى السباحة فى عالم الأوهام . هذا هو الواقع المادي الموضوعي لجوانب من الصراع الطبقي فى الولايات المتحدة الأمريكية وهو واقع يغمض المضلّلون لأنفسهم و للجماهير الشعبيّة عيونهم عنه بمثاليّة ذاتيّة لا يحسدون عليها . لم يروا صعود الفاشيّة و مساهمة الحزب الديمقراطي نفسه فى ذلك . أمّا الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية فقد كان بإستمرار يفضح تلك الإعتداءات و المؤامرات و السياسات والبرامج ويتصدّى لها بكلّ ما أوتي من جهد و طاقة منذ عقود الان . و لذلك و لأدراك عميق لسيرورات الصراع الطبقي هناك توقّع صعود الفاشيّة و ناضل ضدّه و لا يزال وهو يتحدّث عن ما جدّ على أنّه تحوّل نوعي فى شكل الحكم بمعنى تغيير شكل حكم سائد بشكل آخر كان ثانويّا فصار رئيسيّا ، و لم يتحدّث عن صدمة فالشيء من مأتاه لا يستغرب .
و إذن ما جرى صدمة للواهمين و المخادعين و المخدوعين وهو شيء من مأتاه لا يستغرب لدى من يملكون قراءة علميّة ماديّة جدليّة لواقع الصراع الطبقي عالميّا و فى الولايات المتحدة الأمريكيّة . وهذا درس من الدروس المؤكّدة مجدّدا على أهمّية التسلّح بالنظريّة العلمية و الثوريّة إذا رمنا فهم الواقع فهما علميّا و تغييره تغييرا شيوعيّا ثوريّا .
2- الديمقراطية البرجوازيّة والفاشيّة البرجوازيّة وجهان لنظام برجوازي-إمبريالي واحد !
مثلما أجلى ذلك لينين فى كتاب " الدولة و الثورة " ، ليست الديمقراطية سوى شكل من أشكال الحكم و شكل من أشكال الدولة وليست الشكل الوحيد .
" الديمقراطية هي شكل للدولة ، نوع من أنواعها "( لينين ، " الدولة و الثورة " – الصفحة 106 )
ومن ثمّة قد تلجأ البرجوازيّة – الإمبريالية فى ظروف معيّنة ، خدمة لمصالحها الطبقيّة و لديمومة نظامها و دولتها الإستغلاليين و الإضطهاديين إلى هذا الشكل أو ذاك من أشكال الحكم بمعنى أنّها قد تستخدم الشكل الديمقراطي و قد تستخدم الشكل الفاشيّ أو تمزج بينهما لفترة قصيرة أو طويلة أو تراوح بينهما كلّما دعت حاجة نظامها و إنقاذه وترسيخه إلى ذلك ، على أنّه عامة ، الشكل الديمقراطي هو الأكثر خداعا للجماهير و الأكثر مواتاتا للأنظمة الرأسمالية – الإمبريالية لعدّة أسباب شرحها لينين .
و قد هنّأ الحزب الديمقراطي و هيلاري كلينتون و باراك أوباما شخصيّا الفاشي بفوزه و داعباه و طلبا من الجماهير الأمريكيّة القبول به رئيسا شرعيّا ، كما عرضت هيلاري كلينتون على ترامب خدماتها والتعاون بين حزبه و حزبها و صرّح أوباما فى الندوة الصحفيّة التى عقدها مع ترامب بُعيد إعلان نتائج الإنتخابات أنّه و ترامب من " نفس الفريق " و هذا فى ذاته معبّر للغاية. هذا ما شهدت به تصريحات مسجّلة بالصوت و الصورة تعثرون عليها على اليوتيوب و ما يثبت للمرّة الألف أنّ الحزب الديمقراطي و الحزب الجمهوري وجهان لنظام واحد و دولة واحدة إنّهما مرّة أخرى بكلمات أوباما " نفس الفريق " . و هما يمارسا الديمقراطية فى صفوف الطبقة الحاكمة و يمارسان الدكتاتوريّة ضد الطبقات الشعبيّة .
و حالئذ ما وقع فى الولايات المتحدة لا يعدو أن يكون تغييرا فى شكل الحكم ، على أنّه إلى أسوء بالنسبة للجماهير الشعبية و الإنسانيّة ، إقتضته أزمة المجتمع و النظام الأمريكيين و مصلح الطبقة الحاكمة لذلك تظلّ دكتاتوريّة البرجوازيّة – الامبرياليّة قائمة و دولتها هي هي و غن تغيّر شكل الحكم .
و بالمناسبة ليست هذه هي المرّة الأولى فى التاريخ حيث تغيّر البرجوازيّة – الإمبرياليّة شكل حكمها و تعمد إلى شكل الحكم الفاشيّ . ففى ثلاثينات القرن العشرين ، عمدت البرجوازية – الإمبرياليّة الألمانيّة و الإيطاليّة مثلا إلى النازيّة و الفاشيّة تباعا خدمة للدولتين الرأسماليتين الإمبرياليتين . و قد صعد هتلر إلى السلطة أيضا عبر الإنتخابات .
تزرع الدول الرجعيّة الإمبريالية منها فى البلدان الرأسماليّة – الإمبريالية أو دول الإستعمار الجديد فى المستعمرات و المستعمرات الجديدة و اشباه المستعمرات ، و تغذّى ألوانا من القوى الفاشيّة الدينية و العسكريّة و غيرها لتستخدمها كلّما دعت الحاجة إلى ذلك . و حسبنا إلقاء نظرة على العالم بأسره لملاحظة ذلك بيسر . و لئن أخذ نجم الفاشيين يسطع فى أوروبا ، فى أنجلترا مثلا مع نجاح " البراكسيت " و خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي ، و مع حزب البديل من أجل ألمانيا و حزب حرّية النمسا و أسماء فيكتور أوربان، وخيرت فيلدرز إلخ ؛ فإنّ الفاشيين فى الشرق الأوسط و شمال أفريقيا لبسوا لباسا دينيّا أو عسكريّا .
و نلفت النظر إلى إستشراء الفاشيّة فى فرنسا فى العقود الأخيرة و إلى أنّ " الديمقراطيين " أو أشباههم هناك و لئن أظهروا إختلافا معها و بعض المقاومة لها ، فإنّهم تبنّوا مباشرة أو بصفة غير مباشرة برامجها و محاور دعايتها و حجبت وسائل الإعلام عن أوسع الجماهير مدى تأثير االفاشيين و قوّتهم ليصدم الكثيرون بالنتائج التى حقّقها لوبان فى الإنتخابات الرئاسيّة مثلا .
و علاون على ذلك ، نلمح إلى أنّ الجبهة الشعبيّة الفرنسيّة فى ثلاثينات القرن الماضي و أنجلترا " الديمقراطية " قد وقفا موقفا سلبيّا جدّا من حرب الجمهوريين الإسبانيين ضد فرانكو فلم يمدّوا حكومة مدريد بالسلاح و لا بالدعم المادي فى وجه الزحف الفاشيّ ، لا بل أغلقوا الحدود ليمنعوا وصول السلاح إليها و قد أقامت أنجلترا حصارا بحريّا كي لا يصل السلاح للجمهوريين. و عليه موضوعيّا ساهمت هذه الأنظمة الديمقراطية الأوروبيّة فى هزيمة الجمهوريّة الإسبانيّة و إنتصار الفاشيّة فى إسبانيا بعون كبير و كبير جدّا من الفاشيين الإيطاليين و النازيين الألمانيين . و أخطأت الحركة الشيوعية العالميّة فى تعويلها على الديمقراطيّات البرجوازية خطأ قاتلا و البقيّة تاريخ !
و هذا الدرس الثاني فائق الأهمّية بالنسبة للشيوعيين و الجماهير الشعبيّة المناضلة الذين ينبغى أن يدركوا هذه الحقيقة و ينشروها فى كافة أنحاء العالم و ينطلقوا منها لفهم العالم و تغييره : الديمقراطية البرجوازية و الفاشيّة البرجوازية وجهان لنظام واحدو لدولة برجوازية - إمبريالية واحدة !
و فى المستعمرات و المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات ، تتّخذ الديمقراطية البرجوازية شكل ديمقراطية دولة الإستعمار أو الإستعمار الجديد و تخرجها القوى و الطبقات الرجعيّة فى ثوب ليبرالي أو ديمقراطي تشاركي أو ديمقراطي تمثيلي أو ديمقراطي نسبيّ أو ديمقراطي إجتماعي أو ديمقراطي إشتراكي و هلمّجرّا . و تتّخذ الفاشيّة بالأساس شكل الحكم العسكري المطعّم بالأحزاب المحافظة و الدينيّة الفاشيّة أو شكل حكم ديني أوتوقراطي ... و تطبيقا للحقيقة الملخّصة فى ما سبق على هذه البلدان نقول : كلّ ديمقراطيّات دول الإستعمار و الإستعمار الجديد و فاشيّاتها وجهان لنظام واحد رجعي عميل للإمبرياليّة ! و لا أدلّ على ذلك ممّا حدث فى مصر و تونس على سبيل المثال لا الحصر .
و قد أعربنا عن ذلك فى مقال " الإنتخابات و أوهام الديمقراطية البرجوازية : تصوّروا فوز الجبهة الشعبية فى الإنتخابات التشريعية و الرئاسية لسنة 2014 " ( العدد 22 من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة ! "- مكتبة الحوار المتمدّن و الموقع الفرعي لناظم الماوي - و الروح الثوريّة للماويّة اليوم هي الخلاصة الجديدة للشيوعيّة ، شيوعيّة اليوم ، الشيوعية الجديدة ) ، حتّى إن وقع إنتخاب زعيم الجبهة الشعبيّة ، حمه الهمّامي رئيسا للدولة فسيكون رئيسا لدولة الإستعمار الجديد و سيملى عليه النظام و مصالحه الأساسيّة و الطبقات الرجعيّة و نمط الإنتاج و مقتضياته ، إمّا خدمة هذا النظام بشتّى الطرق حتّى الملتوية منها أو إبعاده من المنصب بالأساليب المناسبة التآمريّة منها و الإنقلابيّة . و من يشكّ فى هذه الحقيقة التى طالما شهد بصحّتها تاريخ الصراع الطبقي فى أنحاء العالم ، أن يتناول بالبحث تجربة ألندى الشيليّة بأمريكا الجنوبيّة و بركينافاسو بأفريقيا و أندونيسيا فى ستيّنات القرن العشرين بآسيا ؛ و لو وجد هذا بعيد المنال ، عليه بدراسة الأحداث الأخيرة فى اليونان و سياسات سيريزا الفعليّة فى صلة بوعودها الإنتخابيّة .
و الدرس و العبرة هنا أنّ الديمقراطية أو الفاشيّة البرجوازيّة – الإمبرياليّة من أشكال الحكم المتوفّرة بيد هذه الطبقة الرجعيّة بها تخدم مصالحها و تحافظ على ديمومة نظامها و دولتها الإستغلاليين والإضطهاديين ؛ و ديمقراطية دول الإستعمار أو الإستعمار الجديد و فاشيّاتها من أشكال الحكم بيد الطبقات الكمبرادوريّة / البيروقراطية و الإقطاعيّة و حليفتها الإمبريالية تخدم مصالح الرجعية و الإمبريالية . وكافة أشكال هذه الدول تقف حجر عثرة أمام القيام بالثورة و تحرير الإنسانيّة و من هنا ، مهما كانت التعلاّت ، من يعزّز عمليّا هذه الدول الرجعيّة محلّيا و عالميّا و أشكال حكمها بأيّة طريقة كانت و لا يناضل من أجل الإطاحة بها ، لا يمكن إلاّ أن يقدّم أجلّ الخدمات لأعداء الشعوب و البروليتاريا العالمية و يضرّ بمصالح الثورة البروليتاريّة العالمية .
مجمل القول ، واجب الشيوعيّات والشيوعيين والثوريّات و الثوريين المناضلات والمناضلين فى سبيل الثورة و تحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإضطهاد والإستغلال الجندري و الطبقي و القومي هو العمل على الإطاحة بهذه الدول و ليس التعاون و إقامة التسويات معها .
3- الهدف الأسمى للشيوعيين و الشيوعيات ليست " الديمقراطية " و إنّما تحقيق " الكلّ الأربعة " :
و لأنّنا تناولنا بالبحث جوانبا من الموضوع الذى نحن بصدده منذ سنوات الآن ، نستسمح القرّاء بإيراد مقتطفين من كتاباتنا السابقة .
( أ ) - فى الأشهر الأولى من سنة 2011 ، فى العدد الأوّل من نشريّة " لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة ! " و على وجه الضبط فى مقال " الديمقراطية القديمة البرجوازية أم الديمقراطية الجديدة الماوية ؟ " كتبنا :

" ديمقراطية أم ديمقراطيات ؟
لعلّ قول إنّ الديمقراطية ديمقراطيات قد يصدم أصحاب الرؤى المثالية و القوالب الجاهزة بينما فى الواقع طبقيا. فمنذ العبودية وجدت الديمقراطية فكانت ديمقراطية أسياد العبيد و فى نفس الوقت مظهرها الآخر ، دكتاتورية على العبيد المشكّلين للسواد الأعظم للشعب. و بعد ذلك عرفت الإنسانية ديمقراطية / دكتاتورية الإقطاعيين و النبلاء ضد الأقنان و تاليا الديمقراطية / الدكتاتورية البرجوازية ضد البروليتاريا فى المجتمعات الرأسمالية ( و الرأسمالية الإمبريالية منذ القرن العشرين و بلوغ الرأسمالية مرحلتها العليا الإمبريالية). و بفضل الثورة الإشتراكية بقيادة شيوعية فى روسيا، شهد الإتحاد السوفياتي زمن لينين و ستالين ديمقراطية / دكتاتورية البروليتاريا كما شهدت الصين الماوية ديمقراطية جديدة / دكتاتورية الديمقراطية الشعبية إلى أواسط الخمسينات فديمقراطية /دكتاتورية البروليتاريا إلى حدود الإنقلاب التحريفي لسنة 1976 و إعادة تركيز الرأسمالية هناك .(1)
و تعلّمنا الماديّة التاريخية أنّ الطبقة ( أو الطبقات ) الحاكمة تمارس الديمقراطية فى صفوفها و تسمح حتى لمعارضيها من الطبقات الأخرى الذين يقبلون بإطار دولتها و لا يطالبون سوى ببعض الإصلاحات بهوامش من ديمقراطيتها غير أنّها تمارس الدكتاتورية المتستّرة أو المفضوحة ضد أعدائها من الطبقات الأخرى الذين يعملون فى سبيل تحطيم دولتها و الثورة عليها و إيجاد دولة بديلة تحكمها طبقة أو طبقات أخرى تجعل من الطبقة ( الطبقات) السائدة و المهيمنة سابقا طبقة (طبقات) مسودة و مهيمن عليها و عرضة لدكتاتورية الطبقة ( الطبقات) الحاكمة الجديدة. و ليس من المستغرب أيضا أن تلجأ الطبقة أو الطبقات الحاكمة ، فى ظروف معينة من تطوّر الصراع الطبقي،إلى إستعمال العنف و الدكتاتورية حتى ضد فئات من صفوفها إذا ما إقتضت المصالح العامة للطبقة أو الإئتلاف الطبقي الحاكم ذلك كما لا يستغرب أبدا أن تعمد الطبقة أو الطبقات الحاكمة إلى تقديم تنازلات إقتصادية و إجتماعية و سياسية - ديمقراطية برجوازية- إن لزم الأمر فى ظرف تاريخي معيّن من تطوّر الصراع الطبقي محلّيا و عالميّا من أجل المحافظة على حكمها و دولتها لتعود لاحقا إلى الإلتفاف على هذه الإصلاحات البرجوازية كلّما خوّل لها ذلك ميزان القوى الطبقي و مدى تطوّر الصراع الطبقي أو فرضه عليها سير نظامها و مصالحها الآنية و البعيدة المدى.
ومسألة ذات صلة بما نحن بصدده هي مسألة الأقلية والأغلبية. و فى هذا المضمار أكّد التاريخ أنّ ديمقراطيات / دكتاتوريات أسياد العبيد و الملوك و النبلاء و البرجوازيات كانت بلا مراء ديمقراطيات/ دكتاتوريات الأقلّية ضد الأغلبية فالطبقات الحاكمة لم تكن تمثّل إلاّ نسبة مائوية قليلة جدّا من المجتمع. و بالمقابل كانت الديمقراطية الجديدة فى الصين فى المناطق المحرّرة ثمّ فى الصين قاطبة من 1949 إلى أواسط الخمسينات ديمقراطية / دكتاتورية الأغلبية ضد الأقلية ، ديمقراطية / دكتاتورية الطبقات الثورية – الأغلبية بقيادة البروليتاريا وهم من العمّال و أقرب حلفائهم الفلاحين الفقراء ثمّ الفلاحين المتوسطين و البرجوازية الصغيرة المدينية و فئات من البرجوازية الوطنية - ضد الأقلية و هم أعداء الثورة من إمبرياليين و كمبرادور و إقطاع .
و خلال مرحلة بناء الإشتراكية و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا فى الصين منذ أواسط الخمسينات إلى أواسط السبعينات ،عرفت الصين ديمقراطية / دكتاتورية البروليتاريا المتحالفة مع الفلاحين الفقراء خاصة وهي أيضا ديمقراطية / دكتاتورية الأغلبية بقيادة البروليتاريا و حزبها الطليعي الماوي آنذاك، الحزب الشيوعي الصين ، ضد الأقليّة من البرجوازية القديمة منها و الجديدة التي تظهر داخل الدولة و الحزب البروليتاريين.و إبّان الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كطريقة و وسيلة لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، تمّكنت جماهير الكادحين بقيادة ماويّة من منع إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين لعقد ( فضلا عن مكاسب أخرى ليس هذا مجال تفصيلها ) و تكريس ديمقراطيتها و دكتاتوريتها على أوسع نطاق عرفه تاريخ البشرية، فى الأرياف و الحقول و فى المدن و المصانع وفى الحقل الثقافي إلخ و مارست اهمّ حقّ من حقوقها السياسية ألا وهو حقّ التحكّم فى وسائل الإنتاج و الدولة و الحزب القائد للدولة البروليتارية و توجيه المجتمع صوب الشيوعية . و بذلك كانت الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى التي هزّت الصين و العالم هزّا والتى شرّكت إلى أقصى حدّ الجماهير الشعبية فى الصراع الطبقي من أجل المضيّ قدما فى بناء الإشتراكية فالشيوعية أعلى قمّة بلغتها البروليتاريا العالمية فى تكريسها للديمقراطية / الدكتاتورية البروليتارية فى سيرها نحو الشيوعية و إلغاء كافة الطبقات و كافة أنواع الإضطهاد و الإستغلال.
و إذن من مغالطات البرجوازية و تضليلاتها الحديث عن ديمقراطية مجرّدة من صبغتها الطبقيّة كتعبير مطّاط و بصفة عامة دون ربطها بالطبقة أو الطبقات التي تستفيد منها و الطبقات التي تمارس عليها الدكتاتورية ، المظهر الآخر الملازم لأية ديمقراطية ،كوحدة أضداد أو تناقض . و فى المجتمع الطبقي، من الحقائق الموضوعية أنّه لا وجود لديمقراطية فوق الطبقات أو خارجها وليس هناك طبعا بالنسبة لمن يتبنىّ وجهة النظر البروليتارية للعالم و المنهج المادي الجدلي و المادي التاريخي ديمقراطية للجميع مثلما يدافع عنها أتباع المنطق الشكلاني البرجوازيين لتضليل الجماهير.و فى عالم اليوم ، عالم القرن الواحد و العشرين ، لم تعد هناك (و منذ 1976) أية ديمقراطية / دكتاتورية بروليتارية بينما تتواصل الديمقراطية / الدكتاتورية البرجوازية الإمبريالية مهيمنة فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية وهي تفرض فى المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات شكلين أساسيين لدول الإستعمار الجديد حسب تطوّر الصراع الطبقي ؛ شكل ديمقراطية دولة الإستعمار الجديد أو شكل فاشية دولة الإستعمار الجديد. "الديمقراطية هي شكل للدولة ، نوع من أنواعها "( لينين "الدولة و الثورة " ص106). و نظرة سريعة على ما يحصل فى العالم لعقود تؤكّد ذلك بلا أدنى شكّ.
و لا ينبغى أن ننسى أو نتناسى أنّ حتى البرجوازية الإمبريالية عادة ما تعتمد الشكل الديمقراطي للحكم إلاّ أنّها فى فترات معيّنة من إحتداد الصراع الطبقي تلجأ إلى الشكل الفاشي لصيانة دولتها و مصالحها الطبقية و تاريخيا ألمانيا النازية و إيطاليا الفاشية خير أمثلة على ذلك. وقد أخطأ الشيوعيون خطأ فادحا و مميتا فى إيطاليا و فرنسا و غيرها من البلدان حينما ساندوا ديمقراطية الدولة البرجوازية و إكتفوا بالعمل فى إطارها ضد الشكل الفاشي عوض الإطاحة بالدولة البرجوازية الإمبريالية مهما كان شكلها و تركيز دولة بروليتارية / إشتراكية عوضا عنها.
و بما هي شكل من أشكال الدولة فإنّ الديمقراطية آيلة للزوال مع زوال الدولة ذاتها التي تعدّ مرحلة من مراحل تطوّر المجتمع الإنساني و نتاجا تاريخيا له بدايته و نهايته التي تستدعى الخروج من إطار المجتمع البرجوازي و إعادة بنائه على أسس إشتراكية و توسيع و تعميق الديمقراطية البروليتارية و التقدّم نحو الشيوعية التي بحلولها عالميا تضمحلّ الدولة الديمقراطية البروليتارية ذاتها و بالتالى الديمقراطية.
قال لينين فى " الدولة و الثورة " :

" الديمقراطية ليست البتّة بحدّ لا يمكن تخطّيه ، فهي ليست غير مرحلة من المراحل فى الطريق من الإقطاعية إلى الرأسمالية و من الرأسمالية إلى الشيوعية " (ص 105) و

" إنّ إلغاء الدولة هو إلغاء الديمقراطية أيضا و إنّ إضمحلال الدولة إضمحلال الديمقراطيةلا" ( ص 87) .

و عليه من الأكيد و الأكيد للغاية أن نتصدّى للأوهام التحريفية البرجوازية حول الديمقراطية / الدكتاتورية كأحد أهمّ و أوكد المهام فى الصراع الإيديولوجي و السياسي للشيوعية الحقيقية ، الثورية ضد مشوهيها و أعدائها."

( إنتهى المقتطف الأوّل )

( ب ) - و خطّ قلمنا فى جانفي 2013 فى كتاب " حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد حزب ماركسي مزيّف " ( النقطة الثانية من الفصل الثاني ) :

" - الديمقراطية "الخالصة " أم الديمقراطية الطبقية ؟
فى هذا الباب أيضا كسائر التحريفيين و البرجوازيين المروّجين لحياد جهاز الدولة يطعن مؤسّسو الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الطبيعة الطبقية للديمقراطية مثلما طعنوا الطبيعة الطبقية للدكتاتورية . و قد بلغت بهم الهلوسة البرجوازية الصغيرة حدّ إعتبار ما جدّ فى تونس " ثورة ديمقراطية " و " ثورة ديمقراطية إجتماعية " دون إضافة أي نعت طبقي ( هذا بقطع النظر عن كون ما جدّ ليس ثورة أصلا بل هو إنتفاضة شعبية و قد حبّرنا بعض الصفحات من قبل بهذا المضمار.) و قد بلغ بهم الإستهتار بالحقيقة و الغرق فى مستنقع أوهام الديمقراطية البرجوازية أن جعلوا من " الديمقراطية " فى عداء سافر للينينية ، فى الصفحة 6 من عدد جوان 2011 من " الوطني الديمقراطي " مطلب البشرية جمعاء" و " مفهوما إنسانيا كونيا " .

و من يسلك نهج نزع الطبيعة الطبقية للديمقراطية و يغالط المناضلات و المناضلين و الجماهير الشعبية العريضة يحوّر الماركسية تبعا للإنتهازية و بالتأكيد ليس من تلامذة لينين و إنّما من أعدائه فلينين كان صارما حاسما فى فهمه الطبقي لطبيعة الديمقراطية :

" طالما هناك طبقات متمايزة ، - و طالما لم نسخر من الحسّ السليم و التاريخ ، - لا يمكن التحدث عن " الديمقراطية الخالصة" ، بل عن الديمقراطية الطبقية فقط ( و نقول بين هلالين إنّ " الديمقراطية الخالصة" ليست فقط صيغة جاهلة تنم عن عدم فهم لنضال الطبقات و لجوهر الدولة على حدّ سواء ، بل هي أيضا صيغة جوفاء و لا أجوف، لأنّ الديمقراطية، ستضمحلّ ، إذ تتطور فى المجتمع الشيوعي و تتحوّل إلى عادة ، و لكنها لن تصبح أبدا ديمقراطية " خالصة ".

إنّ " الديمقراطية الخالصة " ليست سوى تعبير كاذب للبيرالي يخدع العمّال . إنّ التاريخ يعرف الديمقراطية البرجوازية التى تحلّ محلّ النظام الإقطاعي ، و الديمقراطية البروليتارية التى تحلّ محلّ الديمقراطية البرجوازية " )."

و إذا و بإختصار شديد بكلمات لينين ، مفهوم مؤسسى الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد و كوكبة نقّاد الشيوعيّة الثورية من أمثالهم " صيغة جوفاء و لا أجوف " و " تعبير كاذب للبيرالي يخدع العمّال ".

و نطلب من القرّاء أن يتذرّعوا بالصبر و أن يسمحوا لنا هنا بأن نضيف ما كتبناه فى العدد6 / جانفي 2012 من نشرية " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! " مجادلين بالذات ضد الديمقراطية " الخالصة "( مقتطف من نصّ " تونس : أنبذوا الأوهام و إستعدّوا للنضال! - خطوة إلى الأمام ، خطوتان إلى الوراء !") :

" لا للأوهام الديمقراطية الرجوازية ! :

أ – الديمقراطية / الدكتاتورية :

ما إنفكّ حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين و قبلهم و إلى جانبهم على الساحة السياسية ، الحزب الإشتراكي اليساري – فى الحقيقة " الرأسمالي اليميني "- و حركة التجديد و قوى عديد أخرى يبثّون الأوهام البرجوازية الصغيرة حول مسألة الديمقراطية. دون مراوغة و مباشرة نقولها : إنّ حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين الذين يدعيان تبنّى اللينينية ينظّران و يمارسان فى تضارب تام مع اللينينية التى هي منهما براء. إنّهما مرتدّان . متحدثا عن مرتدّ آخر ، كاوتسكي فى" الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ( ص18)، أوضح لينين :

" أنّه طالما هناك طبقات متمايزة ، - و طالما لم نسخر من الحسّ السليم و التاريخ ، - لا يمكن التحدث عن " الديمقراطية الخالصة " ، بل عن الديمقراطية الطبقية فقط ( و نقول بين هلالين إنّ " الديمقراطية الخالصة " ليست فقط صيغة جاهلة تنم عن عدم فهم لنضال الطبقات و لجوهر الدولة على حدّ سواء ، بل هي أيضا صيغة جوفاء و لا أجوف، لأنّ الديمقراطية، ستضمحلّ ، إذ تتطور فى المجتمع الشيوعي و تتحوّل إلى عادة، و لكنها لن تصبح أبدا ديمقراطية " خالصة ".)

فلينين أكّد أنّه لا وجود لديمقراطية خالصة ، فوق الطبقات و أنّ ما هناك إلاّ ديمقراطية طبقية و أنّ كلّ ديمقراطية هي فى آن واحد دكتاتورية ؛ ديمقراطية لطبقة أو طبقات و دكتاتورية ضد طبقة أو طبقات ( و قد تعمّقنا فى هذه المسألة فى مقال " أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغيرة حول الإنتفاضة الشعبية فى تونس "، الحوار المتمدّن) فى حين أنّ هؤلاء روّجوا خيالات عن ديمقراطية لا طبقية - سياسية و إجتماعية – و ما من مرّة نعتوها أو حدّدوها طبقيّا و بذلك ساهموا و يا لها من مساهمة فى تضليل المناضلين و المناضلات و الجماهير الشعبية .

إنّهم لم يقوموا باللازم لينينيّا لشرح علاقة الديمقراطية بالدكتاتورية طبقيّا و بأنّ كل ديمقراطية هي بالضرورة دكتاتورية : ديمقراطية لأقلية أو أغلبية و دكتاتورية ضد أغلبية أو أقلية و مثال ذلك فى كتاب لينين " الدولة و الثورة" أنّ الديمقراطية البرجوازية ديمقراطية للأقلية و دكتاتورية ضد الأغلبية بينما دكتاتورية البروليتاريا / ديمقراطية البروليتاريا هي فى آن أيضا ديمقراطية الأغلبية دكتاتورية ضد الأقليّة.

و كذلك لم يبذل مدّعو تبنّى اللينينية قصارى الجهد – فى الواقع لم يبذلوا أي جهد – لتفسير أنّ لكلّ طبقة ديمقراطيتها و أنّ الديمقراطية ذاتها كشكل للدولة مآلها تاريخيا الإضمحلال مع إضمحلال الدولة مثلما بيّن ذلك لينين فى " الدولة و الثورة " أنّ " الديمقراطية البروليتارية لأكثر ديمقراطية بمليون مرّة من أية ديمقراطية برجوازية " ( لينين " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ، دار التقدّم ،موسكو ، الطبعة العربية ، الصفحة 25 ).

و ليعلم مؤسّسو الحزب الجديد أن الديمقراطية البرجوازية وحتى البروليتارية المناقضة لها ، لينينيّا مآلهما الإضمحلال مستقبلا. و من أوكد واجبات الشيوعيين و الشيوعيات النضال بلا هوادة فى سبيل أن تعوّض ديمقراطية / دكتاتورية البروليتاريا ديمقراطية / دكتاتورية البرجوازية ثم مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية/ ديمقراطية البروليتاريا من أجل إضحلال الديمقراطية جميعها مع إضمحلال الدولة بما يعلن عالميّا بلوغنا هدفنا الأسمى ، الشيوعية كمجتمع خال من الطبقات لا حاجة فيه للدولة و لا للديمقراطية كشكل من أشكالها.و قد نبّهنا لينين في " الدولة و الثورة " لحقيقة أنّ :

" الديمقراطية هي أيضا دولة و أنّ الديمقراطية تزول هي أيضا ، تبعا لذلك ، عندما تزول الدولة ". ( المصدر السابق ، الصفحة 20).
( إنتهي المقتطف الثاني )
و إذن شيوعيّا ، ديمقراطيّات الطبقات البرجوازية و الإقطاعيّة جميعها مفروضة و يجب الإطاحة بها فهي شكل حكم لا يلغى إضطهاد السواد الأعظم من البشريّة و إستغلاله و المآسى المصاحبة لها . و فعلا ،

" فى الدولة البرجوازية الأوفى ديمقراطية ، تصطدم الجماهير المظلومة على الدوام بالتناقض الصارخ بين المساواة الشكلية التى تعلنها " ديمقراطية " الرأسماليين ، و آلاف القيود و الأحابيل الفعلية التى تجعل من البروليتاريين عبيدا مأجورين. "
( " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ، دار التقدّم ، موسكو ، بالعربية ، الصفحة 19 )

لهذا و بهدف تحرير الإنسانيّة تحريرا حقيقيّا من براثن كافة ألوان الإضطهاد و الإستغلال الجندري و الطبقي و القومي ، ينبغى إجتثاث جذور المجتمعات الطبقيّة و عدم الإكتفاء و لا حتّى بالإشتراكية بما دكتاتورية البروليتاريا و نمط إنتاج إشتراكي و مرحلة إنتقاليّة بين الرأسماليّة و الشيوعية و بالتالى مجتمع طبقي تسوده البروليتاريا بفضل دولة دكتاتوريّة / ديمقراطية البروليتاريا ( و حلفائها ) ؛ ديمقراطية فى صفوف الشعب و دكتاتوريّة على أعدائه . ينبغى إجتثاث الجذور العميقة للمجتمعات الطبقيّة السياسيّة منها والإقتصادية و الإجتماعية و الثقافيّة ، لا مناص من ذلك مثلما علّمنا ماركس :

" هذه الإشتراكيّة إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتوريّة الطبقيّة للبروليتاريا كنقطة ضروريّة للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقيّة ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعيّة التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه ".

( كارل ماركس ، " صراع الطبقات فى فرنسا من 1848 إلى 1850" ، ذكر فى الأعمال المختارة لماركس و إنجلز ، المجلّد 2 ، الصفحة 282 ).

و يبرز واضحا جليّا الدرس الثالث الذى ينبغى إستخلاصه ألا وهو : تحقيق " الكلّ الأربعة " و ليس الديمقراطية مهما كانت هو الغاية الأسمى للشيوعيين والشيوعيات وهو السبيل الوحيد الكفيل بتحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإستغلال و الإضطهاد الجندري و الطبقي و القومي .

4 - الأوهام الديمقراطية البرجوازيّة و ضرورة الثورة الشيوعيّة :
لقد أصاب بوب أفاكيان كبد الحقيقة عندما لخّص أنّ :
" جوهر ما يوجد فى الولايات المتحدة ليس ديمقراطية و إنّما رأسمالية - إمبريالية و هياكل سياسية تعزّز الرأسمالية – الإمبريالية . و ما تنشره الولايات المتحدة عبر العالم ليس الديمقراطية و إنّما الإمبريالية و الهياكل السياسية لتعزيز تلك الإمبريالية . "
(بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 43، 16 أفريل 2006 /" الأساسي من خطابات بوب أفاكيان وكتاباته " ،1:3 )

و لم يكتسح ما تنشره القوى الرجعيّة بكافة تلويناتها من أوهام ديمقراطية برجوازية عقول المثقّفين فقط بل معظم عقول الجماهير الشعبيّة. والأدهى أنّ قوى متمركسة ، شيوعيّة زائفة ، إلتحقت وتلتحق بالجوقة الرجعيّة فتعزف اللحن الممجوج: الحلّ هو الديمقراطية و الإنتقال الديمقراطي و الديمقراطية الإجتماعية و ما إلى ذلك ، مساهمة هي الأخرى فى عمليّة تضليل الجماهير الشعبيّة خدمة لمصالح شخصيّة أو فئويّة و لمصالح الطبقا ت الرجعيّة و دولة الإستعمار الجديد .
و قد عرّت مجريات أحداث الصراع الطبقي أنّ هذه الديمقراطيّات الرجعيّة تؤبّد الإستغلال والإضطهاد و لا تقضى عليهما و تتسبّب فى عذابات كبرى و سحق لمعظم الإنسانيّة عبر العالم . و بالملموس ، دلّلت السنوات الخمس الأخيرة ، سواء فى مصر أو تونس أو المغرب إلخ أنّ دول الإستعمار الجديد باشكال حكمها الديمقراطية الليبراليّة أو الفاشيّة العسكريّة أو الدينيّة الأوتوقراطية أو المزيج من هذا و ذاك ، داست و تدوس حقوق الشعوب و طموحاتها ، وهي تستغلّها و تضطهدها و تقترف فى حقّها المجازر إن رأت ضرورة لذلك ، حسب وجهة نظرها بطبيعة الحال .
و نوجّه سؤالا غاية فى الأهمّية و الخطورة إلى المدافعين عن ديمقراطية دول الإستعمار و الإستعمار الجديد ، على ضوء ما جرى فى الولايات المتّحدة الأمريكيّة :
إذا كانت تلك " الديمقراطية العريقة " ، كما يقولون ، فسحت المجال و عبّدت الطريق إلى صعود الفاشيّة ، فما يمنع ديمقراطيّات دول الإستعمار و الإستعمار الجديد الهجينة أو الفاشيّة بطلاء مدني ديمقراطي من فعل الشيء نفسه كلّما رأت ضرورة ذلك ؟
و لخداع المناضلات والمناضلين خاصة و الجماهير الشعبيّة عامة ، يلجأ الإمبرياليون و الرجعيّون والطبقات و التحريفيّون والإصلاحيّون إلى تصوير الديمقراطيّة على أنّها فوق الطبقات و الحال أنّها ليست كذلك فى هذه المجتمعات الطبقيّة. ولقد سخر لينين من هكذا رأي مجافى للواقع المادي الموضوعي و شدّد فى الصفحة 18 من " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " على حقيقة :
" أنّه طالما هناك طبقات متمايزة ، - و طالما لم نسخر من الحسّ السليم و التاريخ ، - لا يمكن التحدث عن " الديمقراطية الخالصة " ، بل عن الديمقراطية الطبقية فقط ( و نقول بين هلالين إنّ " الديمقراطية الخالصة " ليست فقط صيغة جاهلة تنم عن عدم فهم لنضال الطبقات و لجوهر الدولة على حدّ سواء ، بل هي أيضا صيغة جوفاء و لا أجوف، لأنّ الديمقراطية، ستضمحلّ ، إذ تتطور فى المجتمع الشيوعي و تتحوّل إلى عادة، و لكنها لن تصبح أبدا ديمقراطية " خالصة ".)
و منذ بضعة سنوات ، أعاد بوب أفاكيان بجدارة تلخيص الفهم الشيوعي الثوري لهذه الحقيقة الماديّة الموضوعيّة و عمّقه كالتالى :
" فى عالم يتميّز بإنقسامات طبقية ولامساواة إجتماعية عميقين ، الحديث عن " الديمقراطية " دون الحديث عن الطبيعة الطبقية لهذه الديمقراطية ، بلا معنى وأسوأ . طالما أنّ المجتمع منقسم إلى طبقات، لن توجد " ديمقراطية للجميع " : ستحكم طبقة أو أخرى وستدافع عن وتروّج لهذا النوع من الديمقراطية الذى يخدم مصالحها و أهدافها . المسألة هي : ما هي الطبقة التى ستحكم وإذا ما كان حكمها ونظام ديمقراطيتها ، سيخدم تواصل أو فى النهاية القضاء على الإنقسامات الطبقية و علاقات الإستغلال والإضطهاد و اللامساواة المتناسبة معه ."
(بوب أفاكيان - مقولة مثلما وردت فى القانون الأساسي للحزب الشيوعي الثوري - الولايات المتحدة الأمريكية ،2008)
و ممّا تقدّم نستشفّ الدرس الرابع ألا وهو حاجة الشيوعيين و الشيوعيّات إلى أن يكونوا شيوعيين و شيوعيّات ، إلى أن ينبذوا أوهام الديمقراطية البرجوازية ويفضحوا التحريفيّة والإصلاحيّة و ينشروا حقيقة هذه الديمقراطية الطبقيّة الرجعيّة ، فى صفوف الجماهير الشعبيّة فى القلاع الإمبريالية و فى المستعمرات و المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات و يجتهدوا لبثّ البديل الشيوعي الثوري حقّا بين المثقّفين و الجماهير الشعبيّة قصد تغيير العقول و إنجاز المهام النضاليّة اللازمة للمساهمة فى دفع عجلة الموجة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية و إرساء دكتاتورية / ديمقراطيّة البروليتاريا بالأشكال التى تفرضها الظروف الملموسة لمختلف البلدان ؛ و غايتها الأسمى لا أقلّ من الشيوعية على الصعيد العالمي.
و أكيد مجدّدا أنّ الواقع المادي الموضوعي للصراع الطبقي عالميّا و محلّيا يصرخ و بأعلى صوت بضرورة جعل الثورة الشيوعية على جدول الأعمال . لقد فشلت فشلا ذريعا و تاريخيّا كلّ أصناف الحلول الديمقراطية البرجوازية و الفاشيّة العسكريّة و الدينيّة فى توفير الحاجيات الأساسيّة الماديّة و الثقافيّة لإزدهار الإنسانيّة وهي لا تقدّم للشعوب غير تحطيم البيئة و الكوكب و مواصلة إضطهاد و إستغلال الغالبيّة الساحقة للبشر من قبل حنفة منهم . و إلقاء نظرة على بلدان القارات الخمس يجعل الشكّ فى ما نذهب إليه يتبخّر و الآن لمن لديهم أدنى ظلّ للشكّ فى الحقيقة التى سجّلنا أمثلة قريبة فى الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و المثال الأحدث هذه الأيّام هو قمّة " العالم الحرّ " و " أعرق الديمقراطيّات " أي الولايات المتحدة أو أمريكا الفاشيّة .
و بناءا على ما يقتضيه واقع الصراع الطبقي و تقييم الخلاصة الجديدة للشيوعيّة لتاريخ الحركة الشيوعية العالمية ، يترتّب علينا ، على الشيوعيين خاصة و الثوريين عامة ، عدم السقوط فى خطأ سابق إقترفته الحركة الشيوعية العالمية فى ثلاثينات القرن الماضي و أربعيناته فى تعاطيها مع الفاشيّة ألا وهو خطأ سياسة الجبهة ضد الفاشيّة و التحالف مع " الديمقراطيّات البرجوازيّة " ضد الفاشيّة على حساب الثورة الإشتراكية و التنكّر لها فى البلدان الرأسماليّة – الإمبريالية لإرضاء البرجوازية – الإمبريالية ( مثال ذلك ما جدّ فى فرنسا و إيطاليا ) و وضع حدّ للثورات الديمقراطية الجديدة فى المستعمرات و المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات والإندماج فى إطار دول تحكمها طبقات عميلة للإمبريالية للغرض الذى مرّ بنا ذكره ( هذا ما نصح به ستالين الحزب الشيوعي الصيني و رفض ماو تسى تونغ لحسن الحظّ هذه النصيحة و واصل قيادة الثورة الديمقراطية الجديدة الصينية إلى الظفر فى 1949 ...).
و نحيل من يتطلّع لنقاش عميق لخطأ تكتيك الجبهة المتّحدة ضد الفاشيّة ، على فقرات " تكتيك الجبهة المتّحدة العالميّة ضد الفاشية ، تكتيك إصلاحي أم تكتيك ثوري ؟ " بما هي النقطة العاشرة من كتابنا " آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم الشيوعية - ردّ على مقال " ضد الأفاكيانية " لصاحبه آجيث الأمين العام للحزب الشيوعي الهندي ( الماركسي – اللينيني ) نكسلباري " ؛ نوفمبر 2013 .
و على حدّ تعبير الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة فى بيان له صدر فى 9 نوفمبر 2016 و ترجمه شادى الشماوي و نشره على صفحات الحوار المتمدّن على الأنترنت ضمن " الإنتخابات الأمريكية 4 : موقف الحزب الشيوعي الثوري من إنتخاب فاشيّ لعين رئيسا للولايات المتحدّة " :
" ما نحتاجه لن يكون العودة إلى ما وُجد سابقا ومواصلة نفس النظام القمعي و جرائمه و فظائعه . ما نحتاج إليه و ما هو ممكن هو مجتمع جديد راديكاليّا و نوعا مختلفا راديكاليّا من الدولة تفسح المجال و تقود فى النهاية إلى القضاء على كافة أشكال الحكم الإضطهادي و القمعي و كافة علاقات الهيمنة و الإستغلال عبر العالم .
و هذا مجتمع خطّط له و جسّده " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا " ."
و لو سحبنا هذا الموقف الشيوعي الثوري حقيقة على واقع المستعمرات و أشباهها ، لكرّرنا ما أعربنا عنه فى عدّة مناسبات سابقة فى مقالاتنا و كتبنا و ملخّصه : لا للتحالف مع الطبقات الرجعيّة و أحزابها " الديمقراطية " و الفاشيّة ، " الليبراليّة " أم العسكريّة و الإسلاميّة أو المسيحيّة الفاشيّة ؛ فما يحتاجه تغيير العالم لتحرير الإنسانيّة هو موجة جديدة من الثورة الشيوعيّة و الإعداد لمستلزماتها و إنجازها . و شيوعيّة اليوم ، علم الشيوعية الجديدة ، كإطار نظري لهذه المرحلة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية هو الخلاصة الجديدة للشيوعية .
ونستخلص الدرس الخامس ألا وهو ضرورة دحض الأوهام الديمقراطية البرجوازية و خوض الصراع بلا هوادة ضد فاشيّي و" ديمقراطيّي " دول الإستعمار الجديد و الدول الإمبريالية من أجل الثورة الشيوعيّة التى يصرخ الكوكب و يصرخ واقع مليارات البشر بالحاجة إليها لتخليصهما من هذا النظام الإمبريالي العالمي المجرم و فارضيه و عملائه ، و تشييد عالم جديد تحرّري ، أفضل بكثير ، يكون خاليا من كافة ألوان الإضطهاد والإستغلال الجندري و الطبقي و القومي فالثورة الشيوعية هي البديل الوحيد الثوري حقيقة و الممكن للنظام الإمبريالي العالمي الفاسد .
الخاتمة :
" دروس و عبر لمن يعتبر " ، هكذا ورد الجزء الثاني من عنوان هذا المقال . و من الدروس عرضنا خمسة فى منتهى الأهمّية و الدلالة فى ممارسة الماركسية ونبذ التحريفيّة و بالنسبة لمن يعتبر . و قد أضفنا " لمن يعتبر " عمدا عامدين لأنّ هناك من يستهينون بالحقيقة و لا يعيرونها أي إهتمام أو الإهتمام اللازم و من ثمّة لن يهتمّوا كثيرا لهذه الدروس إن كانت مصالح الطبقات التى يمثّلونها أو يذودون عنها ، على المدى القريب أو البعيد ، تتضارب مع الثورة الشيوعية و مستلزماتها أو إن كانوا يخدعون أنفسهم و يسلكون سياسة النعامة و دفن الرؤوس فى الرمل لتجنّب مواجهة الحقائق مهما كانت مؤلمة و ما تتطلّبه فعلا . ولعلّكم أدركتم أنّ هناك هذا الضرب من الناس فى صفوف من يدّعون تبنّى الشيوعية. و الصنف الأوّل من خدم الرجعيّة عن وعي و لا يرجى منه خيرا بل يتوقّع منه الشرّ كلّه ؛ و الصنف الثاني إن لم يثب إلى رشده قبل فوات الأوان ، قد يستيقظ يوما على حقيقة تحوّله عمليّا إلى متواطئ مع الرجعيّة أو خادم لها فى جرائمها فى حقّ الشعوب ، أراد ذلك أم أبى .
يجب على الشيوعيات و الشيوعيين أن يكونوا شيوعيّات و شيوعيين و يناضلوا من أجل الشيوعية و أهدافها و مبادئها و أساليب نضالها و أخلاقها ... كما يجب عليهم نبذ الرجعيّة ديمقراطية كانت أم فاشيّة و فضح الأوهام الديمقراطية البرجوازية و الإصلاحيّة و التحريفية والدغمائيّة و كلّ هذا لإعلاء راية علم الشيوعية و التسلّح به لفهم الواقع فهما علميّا ماديّا جدليّا و تغييره تغييرا جذريّا شيوعيّا ثوريّا . و النجمة القطبيّة أو النجمة الحمراء اليوم ، شيوعيّة اليوم ، علم الشيوعيّة الجديدة يتجسّد اليوم فى الخلاصة الجديدة للشيوعية التى عرّفها بوب أفاكيان بإقتضاب قائلا فى " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ( الجزء الأوّل ) :
" تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية ، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيئ مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . "
==============================================================



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غياب التقييم العلمي المادي الجدلي لتجارب البروليتاريا العالم ...
- عمليّا ، سلامة كيلة مادي جدلي أم مثالي ميتافيزيقي فى العديد ...
- الماركسيّة ضد الدغمائيّة و التحريفيّة : نظرة سلامة كيلة الإح ...
- تطوير ماو تسى تونغ للجدلية : التناقض هو القانون الجوهري للدي ...
- المادية الجدليّة وفق رؤية سلامة كيلة أم المادية الجدليّة الت ...
- - الشيوعية الجديدة : العلم و الإستراتيجيا و القيادة من أجل ث ...
- الماركسيّة منهج فقط أم هي أكثر من ذلك ؟ - النقطة 2 من الفصل ...
- - ماركسية مناضلة - نكوصيّة و مثاليّة ميتافيزيقيّة - النقطة 1 ...
- نقد ماركسية سلامة كيلة إنطلاقا من شيوعية اليوم - خطّان متعار ...
- من هو الشيوعي و من هي الشيوعية اليوم ؟- النقطة 5 من الفصل ال ...
- الأممية البروليتارية ليست التضامن بين بروليتاريا مختلف الأمم ...
- تشويه سلامة كيلة للعصر و تناقضاته – النقطة 1و2 من الفصل الأو ...
- مقدّمة كتاب جديد لناظم الماوي : نقد ماركسية سلامة كيلة إنطلا ...
- لعقد مقارنة بين مواقف الشيوعيين الماويين الثوريين – أنصار ال ...
- تحرير فلسطين و أوهام الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين – اللي ...
- الوطنيوّن الديمقراطيّون الماركسيّون-اللينينيّون و تأجيل الصر ...
- الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون – اللينينيّون و اللخبطة ف ...
- الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون - اللينينيّون بين الوطنيّ ...
- كيف يسيئ الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون – اللينينيّون ال ...
- من مضحكات مبكيات الوطنيّين الديمقراطيّين الماركسيّين – اللين ...


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - الإنتخابات الأمريكيّة و الديمقراطية و الفاشيّة : دروس و عبر لمن يعتبر