أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهدي جعفر - تصاعد الأصولية و تنامي شيزوفرينية التدين في المجتمع المغربي















المزيد.....



تصاعد الأصولية و تنامي شيزوفرينية التدين في المجتمع المغربي


مهدي جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 5344 - 2016 / 11 / 15 - 20:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يمر المجتمع المغربي في الآونة الأخيرة ، بمرحلة نوعية تتميز بتغيرات و تحولات جذرية على كل الأعصد و المستويات و خصوصا في الميدان الإجتماعي في أسقاعه الكبرى : فكريا ، قيميا ، أخلاقيا ، عقائديا و سوسيولوجيا بشكل عام ، مرحلة خاصة يسميها بعض الباحثين الاجتماعيين " بمرحلة ضياع المرجعيات " ، حيث أصول السلوك و التصرف مبهمة المناهل و متعددة المنابع ، مختلفة الأشكال و متضاربة المعاني و الدلالات ، خصوصا و أن المجتمع المغربي أقرب المجتمعات إلى أوربا المعروفة بمجتمعاتها المتفتحة نسبيا ، و هو ما يسهل استقبال و انتقال أشكال ثقافية عديدة و معتددة تفد باستمرار على مجتمع برزخي لا هو بحداثي محض و لا هو بتقليدي خالص ، و هو ما يحفز على بروز أشكال من التصرف و التمظهر و التفكير متضاربة و مختلفة ، تؤدي غالبا إلى احتكاكات و توترات بين من يحملون هذه القيم المختلفة ، التي تضعهم دائما في صفوف متقابلة تظهر على شكل عنف أو إقصاء أو صراعات آيديولوجية أو غير ذلك من أشكال الإحتقان المجتمعي . و نضيف كذلك أن الفترة الراهنة الشديدة الخصوصية التي تأتي في ظل سياق إقليمي و دولي مشحون بالتوتر و تصاعد وتيرة التمييز ضد الإسلام و المسلمين من قبل الغرب , و بالمقابل تصاعد وتيرة العنف و الإرهاب ضد هذا الغرب .

و كما هو معلوم فإن الشعب المغربي و على غرار معظم المجتمعات المسلمة ، يحتل الدين في حياته مكانة لا يستطيع أي شيء آخر في الوجود تعويضها ، حيث يخترق الدين كل طبقات المجتمع بدرجات مختلفة ، تتميز بتكثف و تزايد وتيرة التدين في الأوساط الفقيرة و الأمية/الجاهلة ، و نزور و بهوت نسبيا في أشكال التدين في الأوساط المتعلمة و الغنية ، لعل أبرز هذه التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي ما يتعلق خصوصا بالمجال الديني ،تحول يتجسد في تغير ميزة المغاربة الدينية من شكلها المعروف " المتسامح نسبيا " إلى شكل أكثر " تشددا و انغلاقا " ، حيث غير مستساغ و غير متقبل من طرف معظم المغاربة المسلمين ، كل أشكال التصرف و التمظهر و التدين و الفكر غير المطابق تماما للتصور الذي يحمله المغاربة عن معنى الاسلام ، و هو ما يوحي بصعود مضطرد لظاهرة " التعصب و الأصولية الدينية " حيث يقبل المجتمع من يماثله تماما ، كما يماثل الوجه نضيره في المرآة ، و يميز و يضطهد و يهدد بل يطرد كل من يحمل أفكار لادينية مختلفة أو شكل تدين مغاير لشكل التدين السائد ، ( مثل التدين اليهودي أو المسيحي ، أو الإسلامي في قالبه الشيعي أو النابع من مذهب آخر ) .

فضلا عن ذلك نذكر بأن المستبصر الناقد للحقل الديني بالمغرب ، يلاحظ تنامي ظاهرة مرافقة لظاهرة الأصولية في التدين المغربي و هي بروز " ظاهرة شيزوفرينية التدين " عند الفاعل الديني المغربي ، حيث يقول هذا الأخير شيء له طابع ديني خالص ، و يتصرف تصرفا مناقضا تماما لأقواله و لما يدعيه ، في تنافي صارخ للمماثلة القيمية مع السلوكية في شكل التدين المغربي ، كل هذا يحفز على إنبعاث جملة من الأسئلة الإشكالية لعل من بينها : ماذا نقصد بالأصولية ؟ ما هي الأشكال المجتمعية التي تبرز من خلالها ظاهرة الأصولية الدينية في المجتمع المغربي ؟ ما هي الأسباب و الميكانيزمات التي ساعدت على تحول سمة التدين المغربي من شكله المتسامح إلى شكل أكثر تشددا و إنغلاقا ؟ ما هي الظروف الإجتماعية التي حولت الفاعل الديني المغربي إلى فاعل أصولي مميزا بالإنفعال و التعصب ؟ كيف تربى الجيل المغربي الحالي الذي يتسم سلوكه الديني باللامرونة و اللاإنسيابية ؟ ما هي الأشكال و الأسباب الخفية وراء بروز ظاهرة شيزوفرينية التدين عند المغاربة ؟

تحديد معنى الأصولية :


الأصولية من المصطلحات الشائعة والمنحوتة في التداول الغربي الحديث خاصة في اللغة الفرنسية، فهي ترجمة لكلمتين من هذه اللغة هما intégrisme وfondamentalisme، ويقصد بهما الرؤى المذهبية المتعصبة في الاعتقادات المسيحية. أما عربيا فمصطلح الأصولية غامض وملتبس؛ ورغم أن أدبيات التراث العربي الإسلامي تنعت المتخصص في أصول الفقه بنعت «أصولي»، فإننا نستعمل هنا المصطلح للدلالة على التعصب المتمركز حول الدين والمرتبط بتأويلات خاصة لحقائقه ولمعطيات المعرفة الدينية والمبادئ التي تدعو إليها؛ ونحن نقصد بالأصولية كذلك تلك الرؤية الطهرية التي تزعم قداسة فكرتها ومبادئها، دينية كانت أم دنيوية علموية .

الأصولية الدينية – ظاهرة تاريخية واجتماعية ولدت مع بداية القرن العشرين في الثقافة الدينية البروتستانتية الأمريكية , و كما تُعرّفها الموسوعة العالمية التي صدرت بأجزائها الخمسة بين عامي (1991 – 1995) وحملت عنوان «المشروع الأصولي» – هي كل ايديولوجيا تدعو إلى تسييس الدين وإقامة نظام سياسي مبني على تعاليم إلهية. وفي حين أن الأصوليات الدينية غير الإسلامية تطالب بإقامة أنظمة حكم دينية في بلدانها فقط، فإن الأصولية الإسلامية تسعى إلى بناء نظام سياسي إسلامي في جميع أنحاء الأرض كبديل للنظام العالمي الغربي (1) .

كما تجدر الإشارة أن مصطلح الأصولية لم يبرز في المعاجم والموسوعات الغربية إلا حديثا ، فهو لم يظهر في " معجم روبير الكبير 1966 " ، ولم يظهر في الموسوعة العالمية في 1968 م سوى ما ورد في " قاموس لاروس " الصغير سنة 1966م وبكيفية عامة جدا حيث يقول " إن الأصولية هي موقف أولئك الذين يرفضون تكيف عقيدة مع الظروف الجديدة وفي " قاموس لاروس الجيب " الصادر في 1979م أقتصر المفهوم على الكاثوليكية وحدها حيث " أنها استعداد فكري لدى بعض الكاثوليكيين الذين يكرهون التكيف مع ظروف الحياة الجديدة " . أما هربر كمجيان " أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيويورك " فيرجع أصل الأصولية إلى فرقة من البروتستانت التي تؤمن بالعصمة الحرفية لكل كلمة في الكتاب المقدس ويدعي أفرادها التلقي المباشر عن الله ، بالإضافة إلى معاداتهم للتفكير العلمي وميولهم إلى استخدام العنف والقوة لغرض لفرض معتقداتهم .

و حتى نخصص فإن ما نقصد بالضبط في هذا المقال "بالأصولية" هو ما ذهب إليه عالم الإجتماع الإيطالي *ماسيمو ليوني* في كتابه " سيميائيات الأصولية الدينية، خطاباتها، بلاغتها، وقوتها الإقناعية " من أن الأصولية تعني ( الاعتقاد الراسخ في أنّ الفرد الذي يحمل هذا الفكر المتعصب هو وحده من يمتلك الحقيقة المطلقة ، وأنّ الله أوكل له مهمة الدفاع عنها وأنّ ما سواه محكوم عليه باتباع أسلوبه في الحياة , و إلا فإنّه سيدرج ضمن الأعداء الذين وجب معاداتهم أو نبذهم أو القضاء عليهم (2) ، و عليه فإننا نميز الأصولية كظاهرة اجتماعية تتسم بالتعصب وكراهية الآخر ليس لشيء آخر إلى لأنه "مختلف" عقديا و مسلكيا و مظهريا و فكريا ... أي الفكر المثنوي الذي يدور الحديث عنه خصوصا في أوساط السلفيين الذي يعبر عنه بعبارة وجود فسطاطين (فسطاط كفر و فسطاط إسلام ) ، أو كما يعرفه الدكتور عدنان إبراهيم بقوله : " الفكر الأصولي يعني إما أن تتطابق معي مئة في المئة و إما إنك في أحسن الأحوال ضال و مشرك ، مبتدع و فاسق " (3) , و هذا يملك للأصولي نظرة استعلائية يقسم بها البشرية إلى قسمين كبيرين إما كفار و إما مؤمنين ، حيث يعتبر المؤمنين إخوة يجب نصرتهم ، و أن الكفار أعداء الله يجب معاداتهم أو الجهاد فيهم و تخريب ديارهم حتى يكون الدين كله لله , فهي رؤية عموما تقوم في مجملها على رفض الآخر المختلف من الفاعلين الإجتماعيين .



أشكال تمظهرات الأصولية و التعصب في المجتمع المغربي :


في هذه الفقرة سننطلق من معاينة ما ثم نشره غالباً في وسائل الإعلام وخصوصا ما تتداوله الصحف الإلكترونية و الورقية ، و تتداوله العوام في ما له علاقة بأحداث لها بعد أصولي خالص ، لعل ما وقع في الصيف الماضي للمصطفين و خصوصا للفتيات على الشواطئ المغربية من اعتداء جسدي بالأسلحة البيضاء على كل جسد أنثوي لا يرتدي لباسا وصفوه المعتدين " باللباس الشرعي " و هو من أجرم مظاهر الأصولية التي عرفها المغرب مؤخرا ، ذلك و مع صفحة فايسبوكية ، تحمل اسم « عائشة آمال »، أعلن القائمون عليها أنهم سيخوضون ما أسموه بـ”حملة فضح المتبرجات في الشواطئ”، حيث هددوا من خلالها المغربيات بـ »فضحهن من خلال التقاط صور لهن عاريات بالشواطئ المغربية » ، ونشر القائمون على الصفحة عشرات الصور لفتيات بالشواطئ المغربية، مؤكدين "" تم جمع عشرة مليون صورة في أنحاء الشواطئ المغربية للعاريات العاهرات المغربيات ، خليتنا مجندة بأحدث آلآت التصوير والهواتف الذكية، هدفنا وشعارنا « لا للتبرج » و سوف يتم خلق موقع إلكتروني للعموم للإطلاع على تلك الصور المتبرجة " , فضلا عن ذلك فقد تناسلت في الآونة الأخيرة ( من سنة 2010 حتى الآن ) العديد من الفتاوى الدينية الغريبة والمثيرة للجدل ، وهي فتاوى صاحبتها موجات عاتية من الانتقادات اللاذعة والمستهجنة ، إما لكونها متطرفة و معادية للحريات وحقوق الإنسان ، أو لإعتبارها دينية في المظهر وسياسية في الجوهر، وإما لاحتوائها على مزيج من الطرافة والغرابة من جهة و التصلب و التشدد من جهة أخرى .

لعل من بين أخطر الفتوى التحريضية و أكثرها تشددا ، تلك التي أصدرها الداعية المنفعل "عبد الله النهاري" التي دعى من خلالها إلى قتل و هدر دم "من لا غيرة له" ، و كان يقصد بها بالضبط " المختار الغزيوي " رئيس تحرير جريدة الأخبار المغربية ، و ذلك ردّا على تصريحات المختار التلفزية التي عبّر فيها عن موقفه الخاص حول ضرورة ضمان الحرية الجنسية للمغاربة، قبل أن يوضح بأنه يقبل أن تمارس أخته وابنته حريتهما الجنسية دون تدخل من أحد .

أما من جانب ردود فعل الجماهير ، فمعظم المغاربة انتصروا للشيخ النهاري و تقبلوا فتواه الداعية إلى قتل من لا يرى ضرورة في التدخل في العلاقات الجنسية للآخرين ، بل أكثر من ذلك خرج بعض المغاربة في وقفات إحتجاجية دفاعا عن الشيخ بعد أن رفع رئيس تحرير الجريدة دعوة قضائية ضده من أجل تدخل الجهات المعنية في النزيلة ، أما من جهتهم فقد دعى بعض المغاربة إلى محاكمة " المختار الغزيوي " و ليس الشيخ النهاري ، لأنه يبيح حسب رأيهم الزنا و التفسخ الأخلاقي في المجتمع، و للقارئ تعليق أحد المغابة حول هذا الموضوع ""يبدو أن العدالة في المغرب لا تميز بين الظالم و المظلوم فعوض متابعة عديم الغيرة نجدها تتابع من يذكِّر بتعاليم الإسلام "" , تعليق آخر " لعنة الله عليكم يا ديوثيين وجزاك الله خيرا يا شيخ نهاري "" (4) .

أما من جانب رفض الفنون و حرية المرأة ، فقد داع ضجيج جماهيري غوغائي عنيف ، بعد أن قامت الممثلة "لطيفة أحرار" تجسيد دور مسرحي بلباس البحر ، و اختلفت ردود الفعل السلبية ، من ناحية هناك من ديثها و فسقها و اتهمها في عرضها و هناك من دعى إلى محاكمتها لأنها عاهرة تمثل و تجهر بعهرها - حسب بعض تعاليق بعض الجماهير - مثل ما فعل الشيخ عبد الباري الزمزمي الذي دعى إلى محاكمة الممثلة التي ظهرت عارية في مسرحية "كفر ناعوم أوتو-صراط" ، بل قال بأن عدم محاكمة الفنانة لطيفة التي تعرت على خشبة المسرح ، سيشجع التعري و الفسق و الفجور العلني بدافع الاحتجاج أو دافع الفن (5) .

وقال الزمزمي بهذا الخصوص، في حوار مع أحد المواقع الالكترونية، إن "المرأة لا يجوز لها التعري، و إظهار جسدها في الشارع أو أمام الرجال، وإذا أرادت المطالبة بحقوقها، عليها أن تقوم بذلك بطرق شرعية"، قبل ان يضيف أن "من لها إنتماء للإسلام لا يمكن لها أن تتعرى في الشارع، لأن ذلك سيتناقض مع إنتماءها للدين الحنيف" (6) .

أما من ناحية تكفير و زندقة الكتاب و المفكرين و الصحفيين أصحاب الفكر و القلم الحر من التسييجات التي تفرضها الأديان ، فقد كان لذلك الكاتب " كريم لقمش " آخر ضحية لأكبر موجة تكفير و تفسيق عرفها المغرب مأخرا ، بسبب مقال صحفي لهذا الكاتب ، قيل ممن لم يقرأ المقال أصلا من السلفيين أنه مقال يسفه فيه مقام النبوة , بل يسب فيه الرسول و ينزل به منزلة البشر العاديين لا المقدسين مثل الأنبياء ، فجاءت بعد تفشي الخبر ردود فعل طوفانية غاضبة ، كفرت الكاتب و الجريدة و رئيس تحرير الجريدة التي نشر فيها المقال ، زائد تهديدات بقتل الكاتب و التنكيل به ، بل زاد الأمر عن حده لنرى بعض الصحف الإلكترونية ذات التوجه السلفي تدعوا إلى مسيرة مليونية للدفاع عن النبي الكريم ، و كأن النبي في حاجة لمن يدافع عنه ، و كمثال عن سلسلة السب الذي تعرض له لقمش نذكر ما كتبه "د. محمد بولوز" ، الذي وصف القمش بأقبح النعوت و منها أنه سفيه و جعل ( نوع من أنواع الدود) و المسخ النكرة والجيفة الحية النتنة الذي تجرأ على مقام النبوة ، و لم يتوقف عند حد القذف بل لعنه و دعى لمحاكمة الكاتب بصفته مرتد ساب للنبي محمد (7) .

في نفس السياق لا يزال المفكر المغربي أحمد عصيد يتعرض لهجمة من محسوبين على التيار الإسلامي المغربي الذين يتهمونه بوصف النبي بـ«الإرهابي» خلال ندوة قدمها ضمن مؤتمر «الجمعية المغربية لحقوق الإنسان» ، الضجة التي أثيرت حول تصريحات أحد أهم المثقفين في المغرب الذين اشتهروا بدفاعهم عن المواطنة والدولة المدنية، أدّت إلى حملة تكفيرية واسعة ضدّه، وإلباس كل التهم به، بما فيها العمالة للغرب، أما السلفيون، فقد شنّوا انتقادات أشرس على عصيد . فعبد الباري الزمزمي، الفقيه الشهير بفتاواه الغريبة وصفَ كلام عصيد بـ«الكذب والافتراء والكراهية للإسلام». كما دعا المعتقل السابق بتهمة الإرهاب الشيخ محمد الفيزازي ، إلى محكامة عصيد بتهمة «ازدراء الدين الإسلامي». الهجمة لم تتوقّف هنا، بل تعالت الأصوات الداعية إلى قتل الكاتب والباحث كما ورد في هذا التعليق على الفايسبوك: "«لو كان بيدي، لفديت نفسي لدين الله ولجاهدت فيك وفي الملحدين والمرتدين عن دين الله يا أكبر الجاهلين»" ، كل هذا جاء كرد فعلبعد أن وصف عصيد رسالة «أسلم تسلم» التي بعثها النبي إلى هرقل بـ«الإرهابية» بمعايير عصرنا الحالي . الرسالة التي قد تفهم على أنها رغبة في إخضاع الشعوب الأخرى بالقوة، وأنه لو بعثها شخص ما في هذه الفترة إلى رئيس دولة، سيعتبر إرهاباً ، وتزامنت هذه الهجمة مع تعالي أصوات الحقوقيين إزاء تقلص هامش الحريات ، وخصوصاً مع فتوى «المجلس العلمي الأعلى» (المؤسسة المخولة للإفتاء في المغرب) التي أجازت قتل «المرتد عن الدين الإسلامي» ، و هو ما رحب به الأصويون و دعوا إلى تطبيق حد الردة على الكاتب بموجبه (8) .

أما عن رأي الشيوخ السلفيين في منتوج المفكرين المغاربة ، فنذكر أن أكثر الشيوخ المكفرين للمثقفين هو المسمى الشيخ " أبو النعير " الذي كفر أكبر كبراء المفكرين المغاربة في الفترة المعاصرة و هو " محمد عابد الجابري " صاحب المشروع الفكري المشهور " نقد العقل العربي " الذي يتكون من 4 مجلدات ، صاحب هذا العطاء الضخم تم تكفيره من طرف هذا الشيخ ، و أضاف عنه تكفير ثلة من الكتاب و كبار المفكرين مثل الفيلسوف و المؤرخ البارز " عبد الله العروي " ، و الباحث عصيد الذي كفره و دعى لقتله . فضلا عن زندقة الأستاذ سعيد لكحل ، بالإضافة إلى تكفير و تفسيق كل وسائل الإعلام المغربية بدون استثناء التي وصفها بالصهيونية التي تحارب الإسلام (9) .

أما عن جماعة العلمانيين المغاربة ، فيمكن أن نقول أنها أكثر الجماعات جمعا للسب و التكفير و التدييث من طرف سلفيي المغرب ، فقد وصفها الشيخ المراهق الملقب "بالشيخ سار " بأنها الجالية العلمانية المقيمة بالمغرب ، حيث يعتبر السلفيين أن العلمانيين المغاربة ليسوا مواطنين بل لاجئين ، و أنهم زنادقة غير مرحب بهم في المغرب , بالإضافة إلى وصف هذا الشيخ المتطفل على المشيخة الأمهات العازبات بالعاهرات الزانيات , في تجاوز سافر غير مسؤول .

كل ما سبق يبين بما لا يدع مجالا للشك أن المجتمع المغربي يعرف تصاعد مخيف لظاهرة التشدد و الأصولية و التعصب ، ليس فقط من طرف شيوخه و فقهاءه و ممثلي الدين داخله ، بل مجتمعا و مؤسسات دينية و أحزاب سياسية و شيوخ و جماعات دينية مثل السلفية أو جماعة التوحيد و الإصلاح ، فواه من يعتقد أن المجتمع المغربي مجتمع متسامح و متقبل للآخر إذا كان مختلفا ، بل هذا مجتمع لا يتقبل حتى أبناءه المختلفين ، بل خرج منه من يكفر و يزندق و يديث و يدعوا لقتل كل من لا يوافق فكره و كتاباته و خطاباته ما هو سائد و شائع و متصلب في أذهان المغاربة و خصوصا الشيوخ عن معنى الإسلام , و هذا ما يخلق بستمرار حالة استقطاب و بالتالي توتر و احتقان بين مختلف الفاعلين الإجتماعيين ، ما يؤدي بين الفينة و الأخرى إلى إثارة الفوضى و ممارسة العنف خصوصا في الوسط العام .



في محاولة فهم السلوك الأصولي عند الفاعل الديني المغربي :


ثمة ظاهرتين تلعبان دورا رئيسيا في طفرة الديني اليوم هما : زوال صفة الإقليمية و تعويضها بالدولية أو العالمية ، زائد فقدان الهوية الثقافية ، و لا يرتبط زوال الصفة الإقليمية بانتقال الأشخاص فحسب بقدر ما يعني انتقال أفكار و قيم ، مواد و أشكال ثقافية جديدة ( يسميها الأصول الغزو الثقافي الذي يهدم القيم الدينية ) فضلا عن الإعلام و أنماط الإستهلاك العامة في فضاك غير إقليمي كما صاغته وسائل الاتصال الحديثة . لذلك و حتى تنتقل المادة الثقافية يجب أن تبدو عالمية ، غير مرتبطة بثقافة حصرا ، ينبغي فهمها قبل ادراك رسالتها ، لكن بما أننا نتحدث عن مجتمعات تتميز بالإستهلاك اللاعقلاني ، و التقليد الأعمى فإن المستهلك لهذا العلف الثقافي لا يفهم دلالته في قالبها الجوهري , و هذا يفتح المجال للأصوليين ليأتي بعض المتعصبين منهم و يحاولون تأويل هذه الأشكال الثقافية على أنها تحارب قيم و أخلاقيات قد فات للدين أن رسخها في المجتمع ، فيصبح من يستهلك هذه الأشكال الجديدة من الثقافية - التي تحارب الدين في نظرهم - مميز و منبوذ لأنه يصور على أنه موافق على ما يهدد وجود القيم الدينية في المجتمع (10) .

هناك العديد من الأحداث التي جرت في المغرب كما عرضنا في الفقرة الماضية و تجسد رفض حراس المقدس و أغلبية المغاربة لبعض الأشكال الثقافية المعاصرة مثل المسرح و بعض تمثيلياته التي يصفونها بالخليعة ، مثال ذلك ما قام من جدل و زوبعة كلامية و فقهية و إعلامية حول تجسيد الممثلة المغربية " لطيفة أحرار " لدور مسرحي بلباس البحر ، حيث خرجت هذه الممثلة وسط أحداث إحدى المسرحيات بهذا اللباس لتجسيد لقطات محددة ، غير أن الجمهور لم يتقبل و انهال عليها بالسب و القذف ، بل هناك من اتهمها في شرفها و عرضها ، أما عن الشيوخ و بعض المراقبين فهناك بينهم من كفرها و أحل دمها ، و هناك من دعى لمحاكمتها باعتبارها فاسقة تمثل فسقها عن الجمهور و تجهر به كما أسلفنا .

هذا مثال يجسد مدى تشدد المغاربة خصوصا منهم الفقهاء و الدعاة ، و لاتسامحهم مع أي شكل مختلف عن أشكال السلوك و التصرف حتى و إن كان فنا راقيا مثل المسرح الذي حرم و جرم و كفر من يمارسه من قبل فقهاء الإسلام الكلاسيكيين ، فلا ضير أن يكفره و أن لا يتقبله المعاصرون كذلك باعتبارهم امتداد لهذا السلف الذي يقال عنه أنه كان صالحا ، فحتى لو كان صالح لزمانه ، فهذا لا يعني أنه صالح لزماننا .

الذي يهمنا في هذه الفقرة تحليل السلوك الأصولي و تحديد الميكانيزمات التي تفرزه , أي يهمنا في هذه الحالة رد فعل العوام ، الذي جاء على شكل هيجان شعبي رافض لمثل هذه الأشكال الفنية ، فلو استبصرنا وبحثنا قليلا في دلالة رد فعل الغاضبين ، سنجد أنهم استنكروا خروج فنانة بلباس البحر في المسرح ، لكن في الوقت نفسه ستجد معظمهم يتتبعون مسلسلات تركية أو غربية عموما مع ممثلات ليسوا فقط كاسيات عاريات ( باللفظ الإسلامي ) بل عاريات عاريات ، و يتقبلون الأمر عادي دون كثير ضجيج فارغ ، بل أكثر من ذلك سنجد أن أكثر الجمهور الغاضب بسبب لباس البحر ، يسمح لبناته في فصل الصيف في الشواطئ بارتداء هذا اللباس . بدون جدل و بدون سعار لاعقلاني ، لذلك قد نتساءل بتعجب لماذا الجماهير تسمح بمشاهدة أفلام تتميز بلقطات أكثر خليعة من لقطة الممثلة لطيفة أحرار ، لماذا الجماهير تسمح لبناتها بارتداء لباس البحر في الشواطئ في فصل الصيف ، و بالمقابل لم يسمح و لم يتسامح نفس الجمهور مع لقطة مسرحية عابرة غير مستساغ أن تختزل في قالب أخلاقي ديني ، بل الأجدر أن تفهم في سياقها الفني الابداعي لو كنا في مجتمع متحضر و متقبل لكل أشكال الاختلاف بما فيها الفنية !

كل هذا من خلال هذه الحاله يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن هذا رد فعل إنفعالي أصحابه يتميز تصرفهم بالشيزوفرينية ، حيث اختيار القبول أو الرفض من طرف الجمهور لواقعة ثقافية معينة يختلف حسب سياقات مجتمعية شتى . من جهة أخرى يظهر لبديه الملاحظة بأن رد فعل الجماهير دائما يستتبع رد فعل الشيوخ و الفقهاء السلبي ، ما يؤكد بأنه " سلوك إمعي " بما أن رجل الدين استنكره فهذا يعني أن الدين يحرمه كذلك ، هذا يعني بدوره أننا مع الدين في شكل رأيه المجسد ضمنيا في رأي الفقيه أو الشيخ . حتى نفهم الأمر بأكثر علمية ، فإن علم الاجتماع التفهيمي يقدم لنا تفسيرا رائعا لهذا السلوك الديني/الجماهيري ، حيث اختط لذلك السوسيولوجي ماكس فيبر نمذجة تفسيرية رباعية للسلوك الديني ، حيث يندرج تصرف الجماهير الديني هذا في أحد أنواعها ، الذي سماه ماكس ڤيبر "بالفعل التقليدي " و معناه التصرف الذي ينفذه الفرد تحت تأثير حالة وجدانية عاطفية ، وفق قالب العادة أو العرف ، و هذا ينطبق على الجزء الاكبر من سائر الأفعال اليومية التي بات الناس مدمنيها ، و في هذا النمط يكون معنى الفعل مستمدا من مثل و رموز لا تتمتع بالشكل المتجانس(11) .

هذا يعني أن تصرف الجماهير لا يحركه منطق نقدي للمسرحية ، بل فقط بما أن لقطة منها تخالف سائد عادات و عرف المجتمع و بما أن الدين في شكل آراء الفقهاء رفضها فالجمهور يماثل نفس رد الفعل بشكل عاطفي و يستنكر بطريقة لا تخلوا من سعار وابل بالقذف و السب و التدييث . ما يزيد من تأكيد عاطفية رد الفعل هو أن معظم الأقلام التي انتقدت المسرحية لم تشاهد العرض أصلا بل دارت ردود فعلهم حول صور انتشرت للممثلة و ليس للمسرحية كما أشار الشاعر المغربي ياسين عدنان (12) .

فضلا عن ذلك لو بحثنا مع الجمهور في حيثيات النزيلة ، أكيد سنجد من كان من بين من انتقد مشهد مسرحية لطفيفة أحرار في الرباط ، قد ذهب في نفس المدينة إلى مهرجان " موازين " ليشاهد المغنية " جينفر لوبيز " التي صعدت شبه عارية لمنصة المهرجان ما يزيد عن ساعة و المغاربة يشاهدونها و يستمتعون بغناءها ، فلم نجد من يستنكر بل العديد من الحاضرين كانوا من معجبي الفنانة لوبيز و هناك من التقط بعض الصور معها . طيب لماذا لم يخرج من الفقهاء من يزندق و يدعوا لمحاكمة منظمي المهرجان باعتبارهم يدعون مغنيات عاهرات عاريات يجهرن بتبرجهن و فسوقهن ، لماذا لم يخرج المجلس الأعلى للفتوى بفتوى تحلل دم من ينظمون مهرجانا مثل هذا مميع للأخلاق المجتمع الدينية و مخل بالمنظر العام للشارع المغري المسلم .

أكيد فهذا لن يحصل لأن الفتوى تطال الضعفاء كما يعلمنا تاريخ الفقه الإسلامي ، كما الشريعة التي كانت تطبق على الفقراء و المساكين و عامة الشعب دون الفقهاء و الخلفاء و الولاة و المتنفدين ، من كل هذا نستنتج وجود " نفاق اجتماعي" لعل من أشكاله الكبرى " شيزوفرينية الدين " حيث تجد الفرد المغربي شاهد في الصباح مسرحية لطيفة أحرار و شجبها و دعى لمحاكمتها ، و في المساء شاهد " جينفر لوبيز " شبه عارية على خشبة مهرجان موازين و مع ذلك لم نرى من يشجب و لا من يستنكر و لم تخرج فتوى تكفر و تزندق منظمي المهرجان ، فهل هناك من نفاق وقاح أكثر و أبعد من هذا ؟

هذا ليس إلى شكل من أشكال شيزوفرينية التدين عند المغاربة ، فقد تجد الأم تنصح ابنتها و بنات الجيران بارتداء اللباس الإسلامي المحتشم ، بعد لحظات تجد نفس الأم تشاهد أحد حلقات المسلسلات التركية التي لا تخلوا من مجون و فسق ( كما يسميه الإسلاميين ) ، ممكن أن تجد الأخ ينصح بل يفرض على أخته الحجاب أو النقاب ، و هو نفسه من يريد صديقته أو زوجته على الطراز الأوروبي أو الأمريكي ، تجد الشاب الذي ينصح الفتيات بالإستعفاف هو نفسه من يتحرش بهن جنسيا ، تجد الفقيه المغربي يستنكر ممارسات داعش الإرهابية ، و ينادي بتطبيق الشريعة في نفس الوقت . كل هذا التناقض الفاحش و البون الشديد الإتساع بين القول و الفعل ، لا يستطيع الأفراد في المجتمعات المتخلفة هذه تمييزه بل يعملون على هضمه و توارثه و تربية الناشئة عليه ، لذلك يكبر الإنسان في هذه المجتمعات و هو مقتنع بتناقض يحمله على أنه منطق بل حقيقة مطلقة غير قابلة للنقاش و يجب الدعوة إليها و تبليغها للعالمين , هذا ما يبصم عليه بالعشرة صاحب كتاب " الفكر المتطرف " جيرالد برونر بتأكيده أن " الأصولية و التطرّف لا يكونان إلاّ نتيجة اعتقاد جازم في صحّة فكرة وجدارتها و ضرورة إيصالها لأكثر عدد من الأفراد " (13) , و عندما يلاقي صعوبات في تبليغ رسالته أو يوجد من ينقض هذه الرسالة , يلجأ للعنف المادي أو الرمزي , و عليه فإن الأصولي الديني يعمل دون كلل أيضًا على بلورة المعنى عبر أفعاله وعندما يستحيل يلجأ إلى القوة و العنف رمزي كان أو مادي كالتدمير و الإعتداءات و الإغتيالات , كما يشير إلى ذلك ماسيمو ليوني [14] .

لذلك نجد حركة الأصولية تستعمل سلسلة من استراتيجيات العنف الرمزي غالبا في المغرب ، ذلك من خلال مثلا مقاومة التغيير و التجديد ، فدائما تعتمد منظومة الفكر الأصولي على "منطق إقصاء" كل تأويل ديني آخر من طرف أي جماعة دينية أخرى ، بل تعتبره بدعة و ظلال . و إذا تطور الأمر إلى تحد حامي الوطيس ، يستعمل الأصولي استراتيجة متقدمة عن الإقصاء ، وهي "استراتيجية الوصم" وهي وسيلة لمواجهة الخصوم إذا تعذر إقصائهم ، ذلك عن طريق شيطنتهم أو زندقتهم أو تكفيرهم و عليه الوصم حسب *ايرفينغ غوفمان* هو " علاقة التدني التي تجرد الفرد من أهلية القبول الاجتماعي الكامل . وتكون الوصمة إما جسمية أو نفسية أو عقلية أو اجتماعية فتجعل الفرد مرفوضا اجتماعيا لأنه ثم إلباسه لبوس شيء محضور مدنس ينبذه باقي الفاعلين في المجتمع ، و بالتالي يميز و يضطهد و أحيانا يعتدى عليه ماديا ، و أخيرا يقصى تماما عن ساحة السجال الإجتماعي " .

لذلك نلاحظ أن خير وسيلة لإقصاء الخصم والمخالف للرأي وصمه بأنه “كافر” أو “مرتد” أو “علماني” أو “ملحد” . وتعود أسباب الوصم إلى ضعف المحاججة لدى العديد من فاعلي الحركة السلفية وعدم القدرة على الإقناع والمواجهة الفكرية فيكون الوصم الحل الأمثل للخروج من هذا المأزق , أما السبب الأخر فيعود إلى التشبث بالرأي ورفض الرأي المخالف من قبل العديد من الفاعلين الأصوليين وخاصة فئة الشباب ، فوفق هؤلاء كل تراجع عن مبدأ إسلامي مجتمع عليه من طرفهم يعتبر مهادنة أو استسلاما أو اعترافا بالخطأ فيلتجئون للوصم لتبرير أفكار تتميز بالدغمائية في الكثير من الأحيان ، و عليه أنجع وسيلة لصد المخالف في التصرف أو الفكر أو الرأي عن أرائه هي وصمه بالكافر أو العلماني أو الملحد أو الخارجي أو الزنديق وإن لم يكن كذلك في الحقيقة ، و هو ما يجعله منبوذا و غير مرحب به عند الجماهير ، هذا ما حصل و يحصل للأستاذ النبيل " أحمد عصيد " الذي طالما عارض أفكار المتعصبين و هو ما دفعهم لتكفيره و الدعوة إلى قتله باستمرار بصفته أكبر عدو للإسلام كما كان رائجا مؤخرا .



استنتاجات حول منظومة الفكر الأصولي عموما و في المجتمع المغربي خصوصا :


نستنتج أن السلوك الديني المغربي في أبعاده الكبرى يتسم بالتأصلن و التشدد ، و هو ما يؤكد تصاد ظاهرة الأصولية و هي ظاهرة إتجتماعية فكرية مرتبطة بفكر معين له سمات خاصة تتلخص في ثلاثة مميزات كبرى هي : الشمولية، والنصوصية، والانحياز المطلق .

فالشمولية :وهي مفهوم مأخوذ عن الكاثوليكية- تعني أن جميع الأسئلة التي تفرضها الحياة الخاصة والعامة تجيب عنها تعاليم الدين أو الأيديولوجية.

والنصوصية : تعني أن النصوص المقدسة تؤخذ حرفيا، دون الدخول في تأويل أو تفسير بما يعنيه من استكشاف ملابسات أو طرح تساؤلات وغير ذلك .

والانحياز : يعني الرفض المطلق لأي مساءلة لتلك المبادئ التي يعتقدها الأصولي، ورفض كل ما عداها .

نلاحظ أن الأصوية تتمسك بأفكار الماضي وتعتبرها المقياس الذي يجب أن يقوم عليه الحاضر فكرًا وممارسةً مع تغييب كل مظاهر التحول الزمني . و أي خروج عن هذا الرأي أو محاولة تأويلية أخرى تعتبر شاذة و مناقضة للدين ، أي بدعة بلغة الأصويين ، و هذا يتم حشوه في أذهان الناشئة أثناء التربية أو أثناء التنشئة الإجتماعية بلغة سوسيولوجية ، بهذه الطريقة يثم توريث الفكر الأصولي عن طريق التربية و التعليم كما سيأتي شرحه ، ها هنا تترسخ في أذهان الأصوليين عقيدة “إما الأنا أو الأخر” يعني الاختلاف في الآراء مرفوض تماما و هو ما يجسد هدم للتعددية و الإختلاف الذي يتميز بها أي مجتمع و خصوصا المجتمع المغربي الذي نحاول دراسة سلوك أفراده من هذه الزاوية .

أما من ناحية لخصوصية المتفردة التي يميز بها الخطاب الأصولي ، فإن ماسيمو ليوني يقول في هذا الصدد : "إنّ هذا الخطاب يمتلك قوة إقناعية فائقة في التعبير عن نفسه دون كلل مثلما هو الحال بالنسبة للخطاب الإشهاري الذي يمنح هوية ويسعى إلى الحصول على لذة عبر سراب أو وهم الحرية، فالخطاب الأصولي يشيد بالانتماء ويحث ويحرض على السعادة عبر وهم الحاجة "[15] .

أما عن عقلية الصوي فيمكن أن نستنتج أن من جملة ما يميّز العقلية الأصولية هو أنها تنبني على مبدأ قائم على إخضاع الأزمنة والأمكنة كافة لتطبيق نظرية ما أو فكرة ما أو مقولة ما ، من هذه الزاوية تظهر الأصولية كآيديولوجيا – بوصفها إطلاقية – في صيغة تعميمية لا تعير اهتمامًا للظروف الموضوعية في الزمكنة المعنية بها . من هذا الموقع فإن ما يعنيني هو «الإطلاقية» (La généralisation) المميزة لهذه الآيديولوجية أو تلك ، بغض النظر عن الآيديولوجيا بمفهومها العام كنسق من الآراء والأفكار والنظريات، وبغض النظر عنها أيضًا كجزء من الوعي الاجتماعي (La conscience sociale) ، و عليه تقوقع الكثير من الآراء والأفكار والنظريات في صيغ إطلاقية تعميمية .

بكلام مختصر: إن ما يعنيني في النهاية هو الذهنية التي تعتنق وتتعامل بالأصولية و تتبنها كآيديولوجيا معينة ، فهي القادرة من خلال موقعها على تأكيد إطلاقية الأصولية أو على نفي هذه الإطلاقية ، بمعنى أن معايرة الذهنية الإطلاقية تنحصر في قدرة الذهنية المعنية على تحقيق المرونة التي تتيح لها الانفتاح على الواقع أو العكس ، والمعرفة الهلامية لمعطياته وظروفه المختلفة للتمكن من التعامل مع القضايا جميعها بنوع من التصلب يتميز بأحاديّة الفكر (Monoïdésime) و الأحكام المسبقة (Les préjugés) مع و عن الحياة و العالم و المجتمع و الإنسان .

تنغلق عقلية الأصولي على ذاتها دون التطلع إلى الخارج ، فتبدو العمليات داخلية محضةً ، وتتحول الآيديولوجيا الأصولية إلى آيديولوجيا كونية غير قادرة على تقبّل أية أفكار ومعطيات تناقض محتواها، وتغدو رؤية العالم أحادية الجانب «دوغمائية (Dogmatise)»، فيتحول نسق الأفكار والنظريات والآراء إلى قالب دماغوجي متكلس غير قابل للخروج من دوامته الكونية ، وبذلك تصبح هذه الآيديولوجيا ويصبح منظروها مقدّسات و محرّمات (Tabous) تندرج تحت قائمة المحظّر والممنوع والمحرّم ، ومن غير الممكن مساسها ليس بالنقد والتخطيء فحسب ، بل حتى بالمناقشة العلمية والحوار الديموقراطي ، كل ذلك عبر مجموعة من الطواطم والتابوات العقلية (Les totems et tabous d’intellectuels) القادرة على نسف أية حالة عقلانية للمحاكمات العقلية الممكنة لهذه الأنساق المقولاتية و العقلية الخاصة بالأصولية .

عبر هذا النمط من ضيق الأفق يظهر الأصولي في حالة من الدونية (L’infériorité) تجاه منظّري و منتقدي آيديولوجيته الأصولية و هو ما يشعره بقلة الحيلة أما مخالفيه ، ذلك و لأنه مقيّدًا بمجموعة من الأفكار الكونية غير القابلة للحوار والمناقشة ، ومنساقًا بأحكام قَبْليّة دوغمائية ، وعدائيًا اتجاه كل ما لا يماثله في فكره و عقيدته و تصوراته ، كل هذا يجعله انعزاليا عن الآخرين ، منسلخًا عن واقعه ، منقرضًا من عصره ، واتهاميًا وتطرفيًا ،عاطفيًا وانفعاليًا ، في الآن ذاته . كل هذه الصفات والتمايزات تتفاقم عنده بتفاقم إطلاقية آيديولوجيته المتصلبة ، رغم تنوع أصنافه واختلافها تبعًا للآيديولوجيا المتَّبَعة .



أسباب تصاعد الأصولية و التعصب في المجتمع المغربي :


هناك العديد من الشروط الإجتماعية التي تفرز التعصب الديني و الأصولية في مجتمعات العالم التالث ، التي ينتمي إليها المجتمع المغربي ، لذلك سنحاول الحفر في الواقع المجتمعي لإبراز هذه الأسباب ، ذلك من خلال تتبع ما أسميه " مراحل صناعة التطرف " (16) .

* تجدر الإشارة أن الإنسان هو حصيلة أفكار تستدمج و تسدخل لذهنه أثناء مرحلة شديدة الخصوصية و هي الطفولة ، حيث نلاحط أن أول لقاء بين الطفل المسلم و الفكر المتعصب يحصل عن طريق *" التربية "* التي تعتبر الجسر الواصل بين الطفل و مستقبله ، فالتربية تعني " تكوين شخصية إنسان " و هو أمر طبعا موكول للوالدين , و أبسط ما يقال عن هذه التربية الإسلامية هي أنها تربة * شاذة و متشددة * تفرض على الطفل ما لا يطيق ، يكثر فيها "الوعظ و الإرشاد" و هو خطاب معياري لا يتيح للطفل اكتساب خبرات جديدة عن طريق التجربة و الخطأ .

فضلا عن هذا يتم زرع في الطفل أولى الأفكار الأصولية ، كأن المسلم فقط هو المؤمن المرضي المهدي عند الله الذي سيدخل الجنة حصرا ، أما غير المسلمين فهم كفار ملاعين مغضوب عليهم من لدن الله وهم الفئة المعذبة بالنار/الجحيم و في هذا حمولة استعلائية و استقصائية للآخر المختلف عقديا دينيا و فكريا ، و للأسف الطفل لا يمتلك حينئذ الملكة الفكرية ليتسائل " هل الله خلق كل هؤلاء البشر لكي يدخل الجنة فئة صغيرة فقط مثل المسلمين حصرا ، أما الباقي فستستقبلهم جهنم " ، أي منطق هذا ؟

يعني أن مؤسسة الأسرة عن طريق التربية هي أول من يبث في الطفل هذا الفكر الظلامي المتزمت ، فبدل ما تنشأ هذه التربية " إنسانا كاملا بحس كوني " كما هي رسالة التربية السليمة التي نجد خطوها في الفكر المتسامح ، على غرار ما دعى إليه جون بول سارتر بقوله " لا شيء يمكن أن يكون صالحا و حسنا لي ، إلا عندما يكون كذلك عند جميع الناس " (17) ، أي بعبارة مختصرة " لا أتبنى فكرا يصلح لجماعتي و لا يصلح لجماعة أخرى " ، و هكذا لا يمكن أن نربي طفل على هذه الفكرة و يكون أصوليا متعصبا ، لكن نجد العكس في تربيتنا التي تبني " إنسانا متحزبا " ينتمي إلى حزب ( الإسلام ) و يبغظ باقي الأحزاب ، و هو ما يبين أنها تربية تعلم كراهية الآخر المختلف , لا الحظ على التعامل مع " الإنسان " كقيمة مقدسة في ذاته ، بغض النظر عن دينه و حزبه و عرقه و عشيرته .

* نسترسل و نلاحظ أن الطفل بعد أن يخرج من المنزل محملا بهذه الأفكار اللاإنسانية متجها نحو *" المدرسة "* ، التي يدرس فيها الغزواة و الفتوحات و الحروب أثناء و بعد العهد النبوي ، على شكل دروس إسلامية لا تخلو من تراجيديا العنف ، حيث فتح الأرض بالسيف ، و ذبح الرجال المشركين فيها و سبي نساءهم و استرقاق أطفالهم ، بل و اغتصاب نسائهم و من بعد بيعهم في أسواق النخاسة كالنعاج ، حيث يذكر التاريخ أن "موسى ابن نصير" باع امرأة *بدرهم* و بعير *بخمسة دراهم* ، لكن المفجع الذي يستنزف الدموع و المآخي هو أن هؤلاء البراعم الضحايا تجدهم يفتخرون بهذه الأحداث و يتذكرنونها بين الفينة و الأخرى ، و هذا خطير عندما يفتخر أطفالنا بالجرائم فهذا إيذان بتكوين أمة من المجرمين .

و عليه عن طريق التعليم يلاحظ وجود ما يوحي بتشويه فطرة و إنسانية الطفل المسلم ، يلاحظ أن الطفل المسلم يتعرض لتعليم يجرده من لحمته مع الإنسانية ليضيفه إلى جماعة صغيرة من جانب ، من جانب آخر يتميز التعليم في دول العالم التالث بتجريد الطفل من قواه الإبداعية و رسم خطوط لفاعليته و تفكيره ، و هكذا نستنتج أن التعليم بهذه الطريقة ينشئ طفلا لا يستطيع التفكير إلى ضمن حدود محددة ، بل تفكيرا إطلاقيا غير نسبي و لاعقلاني و لا موضوعي ، فضلا عن عدم توجيه التعليم الطفل بمهامه الإنسانية الكبرى مثل إعطاءه نظرة نقدية اتجاه واقعه المتخلف و يدفعه إلى إيجاد حلول لذلك، بل نجد العكس حيث يربى و يتعلم المسلمين على أن واقعهم المتقهقر مكتوب من لدن الله و وراءه حكمة لا يعلمها إلى هو ، فلو حصل تحريض المسلمين ضد التغيير و الإصلاح بدل التحريض على الآخرين ، لما نمت الأصولية بهذا الشكل المضطرد .

* نسترسل و نقول أن الطفل بعد أن يخرج من المدرسة يدخل *" المسجد "* الذي يكتظ بمن تطول لحاهم و تقصر سراويلهم و تشل عقولهم ، و هنا يستمع الطفل إلى " خطاب متشدد " مقصي للآخر ، مكفر للغير، مزندق للمختلف ، مفتي بإحلال دم من شك أو طعن أو انتقد عقيدة الإسلام ، و عليه فهو خطاب يتلقاه الطفل في حد ذاته دعوة إلى الجريمة المبررة شرعا لقتل غير المسلم و بالتالي إنتفاء قيم التّسامح و الإنسانيّة بين الأديان ، ناهيك عن التّجييش بالإنطلاق من مسلّمة مفادها أنّ **الإسلام هو دّين الحق حصرا و باقي الأديان مدنسة محرفة لا ربانية ** و مع هذا يزيد إقتناع معتنقيه بضرورة تمييز و استصغار كل من ليست له علاقة بالإسلام ، كل ذلك لإعلاء دّين الحق .

لذلك كيف تريد من إنسان كبر في هكذا ظروف أن يكون " شخصا متسامحا سويا " تصرفه إنساني و عقلاني اتجه نفسه و اتجاه الآخرين ، فحتما انسان مثل هذا لا يمكن أن يكون إلا أصوليا متشددا .

- نضيف أن من أسباب تطور الفكر الصولي هو تراجع الخطاب الفكري المتفتح النقدي و سيادة الخطاب الإعلامي و الديني المتشدد .

- تأثر المغاربة بالفقهاء و الدعاة أكثر من تأثرهم و إعجابهم بالعلماء و المثقفين و الفلاسفة و المفكرين ، على غرار باقي شعوب المنطقة التي تعيش خارج التاريخ و بعيدة عن صنع العالم الحديث .

- استهلاك المغاربة للمواد الدينية أكثر من المواد العلمية و المعرفية .

- غياب التثقيف و التنوير و التوعية التي من شئنها أن تحصن الناس على الأقل من السلوكات العنيفة الطائشة ضد الآخر المختلف دينيا و مظهريا و فكريا .

- زائد عدم حماية القانون للأقليات الدينية ، ما يحفز الأغلية على الإعتداء بدافع أصولي على الأقلية .



_______________________________________________________

مراجع و إيحالات :


1-(Martin Marty & Scott Appleby (Ed), The Fundamentalism Project (AmericanAcademy of Arts and Sciences), 5 Vol., Chicago 1991-1995.

2- سيميائيات الأصولية الدينية، خطاباتها، بلاغتها، وقوتها الإقناعية ، ماسيمو ليوني ، ترجمة وتقديم الدكتور عبد الله بريمي، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، ط 1، 2016 عمان، الأردن، ص 53 .

3- د.عدنان ابراهيم خطبة بعنوان " خطة إنقاذ " بتاريخ 15/08/2014 .

4- https://www.youtube.com/watch?v=NCvzCADuZWw

5- الزمزمي يطالب بمحاكمة لطيفة احرار لأنها تشجع التعري بدعوى الفن , مقال منشور بجريدة تليكسبريس بتاريخ أضيف في 27 مارس 2013

6- نفسه .

7- إن لم نغضب لله ورسوله، فمتى نغضب؟ (ردا على ما زعمه لقمش في حق الرسول (ص) محمد بولوز يوم 2016 الثلاثاء 25 أكتوبر على جريدة أنباء اليوم المغربية .

8- يحدث في المغرب الآن : تكفير أحمد عصيد ، نشر في جريدة الأخبر ، بتاريخ الأربعاء ١ أيار ٢٠١٣ .

9-https://www.youtube.com/watch?v=HWgA2LO6Azg

10- أوليفييه روا ، الجهل المقدس زمن دين بلا ثقافة ، تعريب صالح الأشمر ، دار الساقي ، ص 28 .

11- أنتوني غيدنز " الرأسمالية و المدرسة الاجتماعية الحديثة ، تحليل لكتابات ماركس و دوركاهم و ماكس ڤيبر" ، ترجمة فاضل جتكر ، الكتاب العربي ( بيروت لبنان ) مؤسسة محمد ابن راشد آل مكتوم 2009 ,ص 243,244 .

12- أحرار : انتقادات مسرحيتي مصدرها حزب العداله والتنمية الاسلامي ,مقال نشر في جريدة الصباح بتاريخ 30 نوڤمبر 2016 .

13- " الفكر المتطرف " جيرالد برونر , ص 87 .

14-ماسيمو ليوني، سيميائيات الأصولية الدينية: خطاباتها، بلاغتها، وقوتها الإقناعية، ترجمة وتقديم عبد الله بريمي، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، ط 1، 2016 عمان، الأردن، ص 16 .

15- ماسيمو ليوني، سيميائيات الأصولية الدينية: خطاباتها، بلاغتها، وقوتها الإقناعية، ترجمة وتقديم عبد الله بريمي، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، ط 1، 2016 عمان، الأردن، ص 15 .

16- مهدي جعفر , صناعة التطرف ، الحوار المتمدن-العدد: 5233 - 2016 / 7 / 24 - 19:15

17- جان بول سارتر ، الوجودية منزع إنساني ، تعريب محمد نجيب عبد المولى , دار التنوير, ص 34 .



#مهدي_جعفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية العربية : جدل الإخفاق ، و رهان المستقبل .
- سوريا و أسباب الصراع من منظور مختلف
- ‏أكبر خرافة حول فتح الأندلس و طارق ابن زياد .
- العالم العربي-الإسلامي و التقدم الحضاري ، تنافر و استسلام لل ...
- ما بين ابن سينا و الغزالى , عندما يكفر الدين العلم
- - الخلافة - تاريخ أسود : ذبح سلطان مغربي و تعليق رأسه على با ...
- المثلية الفكرية و الثقافية مقابل الصراع , نحو منفذ جديد للتع ...
- - التحليل النفسي لمدمن العادة السرية العربي -
- الإعلام الساقط
- ظاهرة الإلحاد في العالم العربي وفق منظور الباحث السوسيولوجي ...
- * الإيمان * , المفهوم المخادع
- التيار الإسلامي و حقوق المرأة في العالم العربي
- فتوحات إسلامية أم جرائم إرهابية
- فكر و مدارس الفلسفة الإسلامية
- لغز الكون
- ‏الموسيقى حديث الملائكة
- صناعة التطرف
- حول الكون نظريات علمية أم تخاريف بشرية
- قصة و عبرة !!
- علمانية علمانية ... حديث شريف !!


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مهدي جعفر - تصاعد الأصولية و تنامي شيزوفرينية التدين في المجتمع المغربي