أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جميل السلحوت - من غرائب أمريكا Amish














المزيد.....

من غرائب أمريكا Amish


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 5344 - 2016 / 11 / 15 - 20:13
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


بينما أنا وشقيقي راتب نجلس في مزرعة الدّجاج التي يملكها، دخلت حسناء ترتدي ملابس كما الرّاهبات، وتنتعل حذاء "جزمة" لافتة تصل حتّى ركبتها، فقد أتته تلك السّيدة بشحنة من الدّجاج البلديّ، لفتت انتباهي بأدبها الجمّ، وحيائها الذي لا يخفى على أحد، فاستفسرت عنها وإذا بها من جماعة دينيّة تدعى "أميش" ولم أعلم من أين أتت هذه التسمية- رغم استفساراتي الكثيرة- لكنّهم جماعة دينيّة مختلفة، فعرضت على شقيقي راتب أن نزورهم في مكان سكناهم، لنراهم على الطّبيعة كما هم.
رتّب راتب الزّيارة هاتفيّا مع زوج المرأة، فذهبنا مجموعة مكوّنة منّي ومن كلّ من: شقيقيّ راتب وداود، ابني قيس، محمد سلامة البدوي، أبو نايف غزاونة وعفيف الياسيني.
تبعد "مضارب" جماعة " Amish"أميش عن شيكاغو حوالي ثلاثمائة كيلومتر، وتقع في ولاية انديانا المجاورة، وصلناهم بعد سياقة ثلاث ساعات في الطريق السّريعة، كلّ واحد منهم يسكن بيتا في أرضه الزّراعيّة، لذا فإنّ بيوت قريتهم متباعدة ومنعزلة عن بعضها البعض، وقد تصل المسافة بين بيت وآخر إلى مئات الأمتار، وأحيانا تزيد على الكيلومتر.
استقبلنا الرّجل وزوجته الشّابّة بترحاب زائد، وسألت الزّوجة فور وصولنا: ماذا تريدون أن أعدّ لكم لوجبة الغداء؟
أجابها راتب: لا شيء، شكرا لك، والتفت إلى زوجها وسأله: هل أحضرت خروفا لنا كما اتّفقنا؟ فأجاب الرّجل بالايجاب.
قام راتب بذبح الخروف وسلخه وتقطيعه تمهيدا لشوائه على الخشب، في حين قمت باستطلاع المكان، البيت كما بقيّة البيوت الأمريكيّة في الرّيف، وفي محيطه "براكس" مخصّص لتربية طيور الإوزّ، وبجانبة بركة ماء عادية محفورة في التّراب لاستعمال الإوزّ فقط. وهناك حظيرة لتربية الخيول القزمة"النّغل" فيها ثلاثة رؤوس "ذكر وأنثيان". سألنا الرّجل عن الحكمة من تربيتها فقال: "كي يلعب عليها أطفالي!"
وهناك حظيرة أخرى يستعملونها لتربية الخيول، التي يستعملونها للحراثة، وجرّ العربات. بينما يوجد "براكس" تحيط به قطعة أرض لتربية الدّجاج، العلف المقدّم للطيور ذرة صفراء مجروشة فقط.
وهناك "براكس" آخر لتربية الخنازير. بينما توجد في الأرض منحلة، تعتاش على رحيق الزّهور والأشجار.
عند مدخل أرض الرّجل هناك غرفة صغيرة فيها هاتف، لا يستعمل إلا في الضّرورة القصوى والحالات الطّارئة، الرّجل لديه هاتف محمول لا يستعمل إلا للعمل فقط.
الأسرة ومن ضمن معتقداتهم لا يستعملون الكهرباء مع أنّ خطوطها تمرّ من قريتهم، يحتاجون الكهرباء لتكييف "البراكسات" للطيور والحيوانات التي يربّونها، فيستعملون "موتورات" توليد، في بيت الأسرة ثلاجة تعمل على كهرباء الموتور، لكن البيت لا يضاء بالكهرباء، ويستعينون بمصابيح تعمل على الطاقة الشّمسيّة.
لا يستعملون التّلفاز أو المذياع، ولا يقرأون الصّحف، منعزلون كلّيا عن العالم، ولا يهمّهم ما يجري فيه. عندما سألناهم عن سبب عدم وجود تلفاز أو مذياع عندهم قال الزّوج: لا نقتنيها كي لا تفسد أخلاق الأطفال!
و"أميش" مجموعة دينيّة بروتستنتيّة تأسّست في نهاية القرن السّادس عشر في سويسرا، ويبلغ تعدادها في أمريكا هذه الأيّام ثلاثماية وثمانية ألف شخص، وتعود أصولهم إلى مهاجرين أوروبّيّون غالبيّتهم من ألمانيا، سويسرا، بولندا وفرنسا، وهم جماعة مسالمون لا يؤذون أحدا، ولا يكرهون أحدا. ومن معتقداتهم " أنّ الكبرياء والتّعالي لله فقط، وعلى البشر أن يتواضعوا، وهم منقسمون في بعض معتقداتهم إلى حوالي عشر مجموعات، فهناك مجموعة واحدة منهم تؤمن باستعمال"التراكتور " في الحراثة، وثلاث مجموعات تسمح باستعمال ماكنات تصنيع الحليب والغاز للطبيخ، بينما الآخرون يطبخون على نار الموقد، لكنّهم يجمعون على عدم إضاءة البيوت بالكهرباء، بل هناك مجموعتان منهما ترفضان إضاءة البيوت بالمصابيح الشّمسيّة.
ولا يرسلون أبناءهم وبناتهم إلى المدارس بعد الصّفّ الثّامن، فثمانية صفوف تكفي، وبعدها قد تكون المدارس والتعليم مفسدة- حسب معتقدهم-!
وهم يزوّجون بناتهم وأبناءهم في سنّ الثمانية عشرة، ولا يتزوّجون من غيرهم. ومن الملاحظ أنّ رجالهم يحلقون الشّوارب ويطلقون اللحى المشذّبة.
ويطلق على "أميش" " Anabaptist"أنابابتست" وتعني حسب "قاموس المعاني: "قائل بتجديد العماد، ومنكر وجوب تعميد الأطفال".
وهم يعتاشون على تربية بعض الطّيور وبعض الحيوانات، ويملكون أراضي شاسعة، يزرعونها ذرة وفول الصّويا، ومن اللافت وجود عنابر ضخمة لتخزين الحبوب بجانب عدد من البيوت، في حين توجد مجموعة عنابر تتسع لآلاف الأطنان تملكها شركة، ويبدو أنّها تشتري الحبوب من المزارعين.
والأهالي يزرعون أرضهم بالحراثة على الدّواب.
لمضيفينا ثلاثة أبناء وبنتان، أربعة منهم في المدرسة. لديهم موقد بجانب بيتهم، وهو عبارة عن حفرة دائرية صغيرة، قطرها حوالي متر، مصوب بجانبها قضيب حديديّ قويّ، تمتدّ منه شبكة قابلة للرّفع والتّنزيل فوق النّار.
عندما عاد أطفالهم من المدرسة، تربّعت الطفلتان على الأرض فوق الأعشاب، شاركونا الطّعام بدعوة منّا، رفضت الطفلتان أن نضع لكل واحدة في صحنها بعض الشّواء، بينما قبلتاه من يدي والدتهما التي كانت تفتّته لهما قطعا صغيرة كما الأطفال المفطومين حديثا. أخبرنا الزّوجان أنّهما يأكلان لحم الخراف للمرّة الأولى، وأنّ أكثر اللحوم التي يأكلونها هي لحوم الخنزير.
في بيت مضيفينا صالون واسع فيه عدد من "الكنبات" والكراسي، ولا توجد عندهم كنائس، وقال لنا الأب:" أنّهم يجتمعون كلّ يوم أحد في بيت واحد منهم ويؤدّون صلواتهم.
وقد لاحظنأ أنّهم يكرمون ضيوفهم بطريقة لافتة، حتّى أنّ الرّجل تمنّع في استلام ثمن الخروف الذي ذبحناه، لولا اصرار شقيقي راتب على دفع ثمنه، علما أنّ الرّجل اشتراه من مكان آخر فهو لا يربّي الخراف.
وعند مضيفنا كانت فرصة للتّجوال في بعض جنبات القرية بواسطة "الحنتور" الذي تقوده الخيول، لأنّهم لا يستعملون السّيارات داخل قريتهم.



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية أطفال الليل والمأساة المتوارثة
- صرحة المرأة التي لم تكتمل
- المكتبات العامّة مكان للمطالعة
- المطالعة ضمن المنهاج الدّراسيّ
- محترفون في صناعة كتب الأطفال
- تربية المطالعة
- رواية -المطرودون- وبلاد العرب أوطاني
- معمّر بختاوي يفضح الفساد والتّخلف
- الحفاظ على التوازن البيئي
- استغلال الموارد
- عندما يغضب أطفال أمريكا
- فريق الدّياسم وماعز بيلي
- مكتبة عامّة في متنزّه
- في المزرعة التّراثيّة الأمريكيّة
- بدون مؤاخذة- القدس والأقصى مفتاح السّلم والحرب
- لنّوش في مزرعة القرع
- بدون مؤاخذة- لن يصلح العطّار
- الدّحّيّة باقية
- بدون مؤاخذة-تقديس الجهل
- بدون مؤاخذة- دعواتنا الجاهلة


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جميل السلحوت - من غرائب أمريكا Amish