ليس عيبا أن يكون رئيس حكومتنا غنيا !!

حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 5343 - 2016 / 11 / 14 - 22:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ليس عيبا أن يكون رئيس حكومتنا غنيا !!
الفقير لم يولد فقيراً ، والغني لم يولد غنياً ، ولكنه رزقُ الله يُقسمه على من يشاء من عباده ، فيجعل من يشاء فقيراً ويجعل من يشاء غنياً مصداقا لقوله سبحانه تعالى : "قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ" سبأ 36 ، وليس عيباً أن يكون المرء فقيراً ، كما أنه ليس فخرا أن يكون غنيا ، لأن الله هو الذي فاضل بين عباده ، لحكمة عظيمة تخفى على عقولنا لقوله عز وجل :"َاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ "النحل : 71 ، لكن النفس البشرية ،الأمارة بالسوء ، تجزع أن تكون فقيـــرة وتميل إلى حب الثروة والجاه والسلطان ، لقوله سبحانه وتعالى : "زين للناس حب الشهوات والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة " آل عمران 14، رغم ما فيها من فتنة ، كما في قوله تعالى: " وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ " الأنفال: 28 ..
مناسبة هذه المقدمة المقتضبة هو التقرير المتعلق بأغنى ساسة المغرب ، والذي تناقلته مؤخرا مواقع التواصل الاجتماعي نقلا عن موقع "طوب ريتشيستس " Top Richest " المتخصص في تصنيف أغنياء العالم وترتيبهم حسب ثرواتهم، والذي أماط النقاب عن أغنى عشرة ساسة مغاربة ،
ليست المفاجأة في وجود الأغنياء بالمغرب ، فهم كثر ويزخر المغرب بهم ولله الحمد ، لكن الغرابة ، هي في كون الأغنياء ، هذه المرة ، وخلافاً لما هو معروف عن تصنيف أغنى أغنياء المغرب ، هم من المشتغلين بالسياسة ، والأكثر غرابة من كل ذلك ، هو تواجد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير العدل المصطفى الرميد من ضمن الوجوه الجديدة التي دخلت "نادي الأثرياء" حديثا، والذين حصرهم الموقع المذكور في عشر شخصيات مغربية ، احتل بينهم المصطفى الرميد المرتبة الخامسة بثروة قدرت 600 مليون دولار ، وجاء بعده عبد الإله بنكيران في المرتبة السادسة، بثروة وصلت 565 مليون دولار.
التصنيف الذي قسم المغاربة عامة والفيسبوكين على وجه الخصوص ، بين مصدق للخبر على عواهنه ودون شك أو ريبة ، على أساس أن المناصب السياسية تمكن أصحابها من الثراء بسرعة جنونية ، كما حاول"نورالدين زاوش" أحد الفيسبوكيين إثبات احتمال صحة ما ذهبت إليه المجلة الأمريكية ، وذلك بعملية حسابية لمداخل رئيس الحكومة ، حيث وجد أنه تقاضى كوزير أكثر من 420 مليون، وتوصل بأكثر من 120 مليون كتعويض عن السكن ، و 30 مليون عن تغيير أثاث البيت ، وحصل 630 مليون كبرلماني لأكثر من طيلة 15 سنة، إلى جانب مداخل مدارسه الحرة التي تدر عليه عشرات الملايين كل شهر، وملايين تعويضات تمثيل الدولة، و التنقل، ونسبة مأوية عن مداخل الضرائب ، بصفته المسؤول الأول عن تحصيل الضرائب، والتي تعد بالملايين ، وتفرقوا بين مرتاب يعتبر الأمر دعاية كيدية سياسوية مغرضة ضد الرجلين ، وبين مكذب للخبر جملة وتفصيلا على أن تلك الأرقام خيالية ومغلوطة ، ومن المستحيل أن يمتلك بنكيران والرميد كل تلك الثروة الهائلة حتى لو أطلقا يديهما ورجليهما في مالية البلاد ، وحتى إذا توفرت لهما ، فمن جهديهما ومثابرتهما في العمل المقاولاتي ، حيث أن السيد الرميد يملك مكتبا مهما للمحاماة ، والسيد بنكيران له شركة للمطهرات "جافيل" ومطبعة وعدد من المؤسسات التعليمية الخاصة.
لقد تحتير الكثير من المغاربة في من يصدقون ، أيصدقوا رئيس حكومتهم الذي لا يمكن أن يكذب لإيمانه بقوله تعالى : "إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله " النحل َ105 ؟ أو يصدقوا موقع Top Richest" المتخصصة في نقل أخبار ثراء الشخصيات العالمية ، والذي أدخل لأول مرة عبد الإله بنكيران ، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة، إلى "نادي الأثرياء المغاربة"، وصنفته من بين أغنى السياسيين المغاربة إلى جانب الملك محمد السادس وعزيز أخنوش وزير الفلاحة و وزير الصناعة مولاي حفيظ العلمي ، و مستشار الملك الطيب الفاسي الفهري ، وجعله يحتل المرتبة السادسة بثروة قدرت 565 مليون دولار ، متقدما على الأغنياء المعروفين ، ابنة الملياردير الراحل أسماء الشعبي و القيادي في التجمع الوطني للأحرار منصف بلخياط ، ومستشار الملك الطيب الفاسي الفهري ، و الوزير الأول الأسبق عباس الفاسي ، خاصة أنه كان دائم الشكوى من قلة ذات اليد لغاية يعلمها هو وخالقه ، والتي ربما تكون خوفا من العين التي يؤمن بها جل المغاربة- رغم مرتبه السمين وتعويضاته الكثيرة والمتنوعة ومداخل مشاريعه المختلفة الخاصة - وقد كانت آخر شكواه والتي لازال المغاربة يذكرونها في تصريحه الغريب الذي أطلقه مدويا قبل أقل من شهرين خلال الحملة الإنتخابية لانتخابات لــ7 أكتوبر حول ما واجهه من متاعب مادية في إصلاح صالون ومطبخ بيته ، والذي لم ينتهى من ترميمهما إلا بمشقة .. أما بالنسبة للسيد المصطفى الرميد ، فقد نفى في تصريح لموقع الأول امتلاكه لتلك الثروة الهائلة ،قائلا : "لقد أطلعت على هذه الأخبار، ولا أعرف من أين جاؤوا بها، ومن الممكن أن تكون لي ثروة في مكان ما، آبار بترول أو كنوز ذهب، لذلك فمن يدلني عليها سأمنحه 99 في المائة منها وأحتفظ فقط ب1 في المائة"، وفي تطورات غير مسبوقة طالب حقوقيون من الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، بالتحقيق في مصادر ثروات المسؤولين الحكوميين المغاربة، الذين وردت أسماؤهم في تقرير المجلة ضمن أغنى المسؤولين السياسيين في البلاد ، وتحريك متابعاتهم ، أمام الغرفة الأولى الجنائية لدى محكمة النقض، في حال ثبوت أي نقص في التصريح بالممتلكات ، أو أي استغلال للوظيفة أو تَربُّحْ منها بصفة غير مشروعة .
وفي الختام أسأل الله أن يبارك لرئيس حكومتنا في غناه ، ويرزقه القناعة بما أعطاه ، وألا يحوجنا إليه ، آمين يا رب العالمين
حميد طولست [email protected]
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان "

#حميد_طولست (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات