أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الجنة ومفهوم الكهنوت الديني للفرصة المتاحة للفرد بنيلها















المزيد.....

الجنة ومفهوم الكهنوت الديني للفرصة المتاحة للفرد بنيلها


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5343 - 2016 / 11 / 14 - 02:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بغض النظر عن موقفنا من مفهوم الجنة دينيا ولا عن كيفية تصورها أو تكوينها وشكليتها والمكان والخ من التفصيلات الإثباتية لشيئية الجنة، لا بد لنا أو من تحديد المفهوم دينيا ومن خلال النص فقط، النص الأساس الذي أخبرنا بوجودها ومنحنا قيمة معرفية علينا أن نؤسس المعتقد بالنسبة للذي يؤمن بالنص ويعتقد به ليكون دليله في فهم القضية بصورة أجمالية عامة وكافية لتكون دليله إلى ما يتعبد به، أولا لا بد أن نعرف أن الجنة متاحة للجميع كقاعدة عامة لا يحرم منها كائنا من كان إلا بشروط أساسية منصوص عليها أيضا في النصوص، وأول هذه الشروط الكفر بالله أي عدم الأعتقاد اليقيني وليس الظني بوجود الله الذي هو خالق الجنة والمتحكم بها، ثانيا أن تؤمن بالله ولكن ترفض إرادته بما يريد منك على سبيل الوصول للجنة، فكثيرا من الناس مع إيمانهم بوجود الله إلا أنهم لا يؤمنون من حيث نتيجة سلوكهم وترجمتهم لإيمانهم وعقيدتهم بوجود الجنة أما بالفعل الملموس أو بالتقصير في إدراك المعنى وإن كان الأخير محل إرجاء ونظر عند الله تعالى.
النص الأساسي الذي يعتمده المؤمن والذي يحدد من يدخل الجنة أولا على سبيل التأكيد واليقين وبدون أدنى توهم هو قل الله تعالى في تخصيص الجنة للمتقين بأعتبار أن الأتقاء هو طريق إيماني في أعلى درجات التقيد {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}٤٥ الحجر وقوله {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ}٣٠ النحل وأيضا قوله {لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ}٣١ النحل، فهم جميعا وبما ذكر الله من صفات للمتقين في خمس وعشرين موضع بالنص في كلمة المتقين غير ما ذكر بالفعل والوصف كقوله ومن يتق الله يجعل له مخرجا أو أتق الله وغيرها من الأوضاع اللفظية، فهم أذن خالصة المؤمنين وأعلى درجات التيقن في إيمان المؤمن الذي يعرف الله ويعرف الحق فيتبعه على هدى من ربه.
فالمراد هنا أن نجمل مصطلحي المؤمنون والمتقين بأعتبار أن الله وعد المؤمنين جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا، هذا الإجمال لا بد أن نعرف المؤمن بعد أن عرفنا المتقي ليكون دليلنا لما سنتكلم به لاحقا، فالمؤمنون حسب التعريف الجامع المانع الذي ورد في النص هم (لذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وزادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون) فالجنة أذن للمتقين خالصة المؤمنين وللمؤمنين خالصة المسلمين الذي دخل الإيمان في قلوبهم، فهي دار القرار ومحل الحيوان الأكبر عند الله خالصة لمن أتقى وخاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، وما هوى النفس إلا السير وراء الرغبة والشهوة والرضوخ لما في النفس الأنانية من متطلبات، وليست الجنة ماخورا للمهوسين بالجنس والشهوة والذين حذرهم ربهم من حب الشهوات في الدنيا (زين للناس حب الشهوات) ووعدهم خيرا منها في الأخرة... (قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا ...عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار)، هنا المؤمن يكرم ويمنح ما يستحق على أساس ما كان يتقي من أمر ربه وليس إستجابة لرغبته الدنيوية في أن يشتهي ويريد، فوقروا ربكم وأحترموا عقولكم وأعملوا الفضيلة فليس ما عند الحور في الأخرة إلا ما عند النساء في الدنيا فأنى تؤفكون.
الإسلامويين ومن خلال اللعب بالمفاهيم وتحريف المرادات إنما يمارسون التضليل والكذب على العقل البشري وتشويه المفاهيم خاصة فيما يتعلق بالمفاهيم المطلقة مثل الخير والحق والعدل وحتى مفهوم الإيمان، فقد كذبوا على الله وعلى الناس مثلا حينما قالوا أن الله سيمنح المجاهدين في سبيله كذا عدد من الحور العين، وكأن الله يشتري منهم شيء مقابل شيء بالمبادلة العينية وعبورا على وعن معنى الإيمان بالله وتصديق إرادته وأحكامه الخاصة والعامة، فلا قيمة للإيمان به عند هؤلاء المحرفين بقدر ما يجرون المعنى السامي للإيمان إلى مفردات حسية يمارسون من خلالها التحريض على هدف خفي ومضمر في أفكارهم وتأويلاتهم الذاتية، فالمؤمن عندهم ليس الذي يعانق الإيمان بعقل حر ومختار ويقيني ولكن يشيرون من زاوية شهوانية له فإن لم يكن له أجر جسدي وشهوة تتبعها شهوات لا يكون مؤمنا بميزانهم المختل أصلا.
يقينا أننا نعرف ومن خلال المعرفة المنطقية لكونية علاقة الله بالإنسان من النص أيضا نجد مثلا أن الله ليس بحاجة لأن يشتري من أحد جهاده ولا إيمانه لمجرد أن ذلك يلبي للإنسان شهوته الجنسية والجسدية ...ولكنه مثلا ذكر الحور العين في نصوص القرآن الكريم إخبارا وليس وعدا فقط في أربع مواضع، الأولى والثانية حصرا عن تشكيل وتصوير لجزاء المتقين الذين عرفناهم في المقدمة فقال {فزوجناهم بحور عين} وقد يكون الخبر ماضوي لحالات لم تعد قائمة الآن وهذا واحد من أوجه القراءة التي جاءت في الخبر عن الله، والثالثة لمن خاف مقام ربه (حور مقصورات في الخيام)، والأخيرة كانت من نصيب السابقون السابقون (وحور عين كأنهن لؤلؤ مكنون)، في كل هذه الصور عن أجواء الجنة وما فيه تعتمد قياسات منطقية وظاهر حال يشير إلى معان لا يمكن توفرها لمجرد أن ترغب بنكاح الحور العين كما يورد أحاديثهن الكذابون وتطبق ما يريدون من أمر مضمر حصلت على الجنة لأنها طريقك للحور وللشهوة وللملذات.
هذا المنطق المتهافت يتناقض تماما مع منطق النص القرآني الخاص والديني العام، فالجنة لها شروط متاحة للجميع ولكنها متعلقة بإشاءة الإنسان أولا (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، المقدمة الضرورية هنا الإيمان أولا والإيمان في مشترط حدي أن يكون الإنسان مسايرا لرغبة الله في أتباع الحق والعمل به، فليس كل مسلم أو متدين على حق وقد نبه النص لهذه الإشكالية في الكثير من النصوص منها كمفتاح قوله تعالى {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر}، فالحق أولى أن يتبع لا أن يترك للتأويل والتفسير {قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون}35، فنظرية الحق وقياساته ومفاهيمه محددة ومنصوص عليها ومن ضمن ما يقدس لله فيها، بمعنى أنها محا تخصيص وممارسة هذا التخصص لله وحده وليست خاضعة لتأويلات أو أفكار أو قراءات أعتباطية للبعض يرتب فيها ما يشاء من تصورا على أنها هي إنعكاس لمفردات الفكرة الربانية الأصيلة.
هذا الفهم لجزئية من جزئيات مفاهيم الجنة وما يمكن لنا أن نقرأه بمنطق الفكرة الدينية الموزونة، لا نجد ما يدعوننا إليه رجال الكهنوت من وسائل وأساليب وطرق ومسائل توصلنا للجنة، تلك التي يستغرقون كثيرا في توصيفها والدعوة لها وتركوا الأمر الأهم وهي الحث التفصيلي العقلي الفكري للإنسان على العمل الإيجابي وفقا للمعايير في العلة الأولى من الخلق {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}، هذه العلية هي التي يجب أن تقدم قبل أن ندعوا الناس للجنة وهي الطريق التي سوف توصلهم لها على وجه اليقين، ومن يدع خلاف ذلك أو أنه يستطيع أن يمنحكم هذه المراتب الكمالية لتدخلوا جنة أعدها الله لصنفين من الناس هم السابقون السابقون وأصحاب اليمين وكلاهما خطاب لكل الناس بدون تمييز أو تخصيص يعتمد في ترتيبهم ليس لأنه أختار فلان ليكون من السابقين ولا فلان ليكون من أصحاب اليمين، بل جعل الطريق مفتوحا على أوسع أبوابه لمن شاء ولمن أراد العمل الإيجابي بمعناه الخير والأحسنية، فلا تمنح هذه أعتباطا من الله ولا يمكن ترتيبها من البشر قطعا وهي من أعلى علياء درجات الإيمان، ومن قال فيها أنه قادر فقد كفر بالله وبالعقل وبالدين وما هو إلا شيطان رجيم.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح6
- محذور ...... من أن تحب
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح5
- المقدمات والنتائج في قراءة مبكرة للانتخابات الأمريكية (2)
- المقدمات والنتائج في قراءة مبكرة للانتخابات الأمريكية (1)
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح4
- وكل شيء أحصيناه ..... تراب
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح3
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح2
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح1
- الدين والثورة ومستقبل المجتمع. ح 3 (راهنية التجربة في الواقع ...
- الدين والثورة ومستقبل المجتمع. ح2
- الدين والثورة ومستقبل المجتمع. ح1
- إختلاجات الموت في موسم الحياة _قصة قصيرة
- غناء للموت والحياة والمطر
- الفكر الإسلامي وعقلية الأحتواء
- اليسار العربي والمدنية الديمقراطية ... أختلاف وأتفاق
- فضاءات العقل الإنساني بين المتخيل والواقعي
- المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح2
- المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح1


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الجنة ومفهوم الكهنوت الديني للفرصة المتاحة للفرد بنيلها