أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - هل القرآن بحاجة إلى تفسير جديد؟














المزيد.....

هل القرآن بحاجة إلى تفسير جديد؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 5343 - 2016 / 11 / 14 - 00:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


دُعيت يوم 10 نوفمبر إلى محاضرة ببيت الحكمة ألقاها الأستاذ احميدة النيفر وكانت بعنوان " الجديد في تفسير القرآن الكريم، قراءة في المنهج من الداخل الثقافي". كانت محاضرة قيّمة دون شك، لكنّ قيمتها بانت عكسية بالنسبة لي. ذلك أنّ الأستاذ المحاضر أراد بيان وُجود تيار يعتمد منهجية معاصرة لتفسير القرآن الكريم بينما ليس التفسير، حسب ما توصلتُ إليه كنتيجة لبحوث عديدة، هو الذي يشكل حاجة المسلم المعاصر لكي يسهم هذا الأخير في تطوير بلاده وفي الفعل الحضاري لأمة الإسلام. بل أعتقد أنّ شيئا مغايرا يشكل الحاجة كما سنرى.
أما ما يدعم هذه المعاكسة فيأتي أولا وبالذات من داخل المنهجية التي توَخاها المحاضر حيث إنّ أعمال الستة أعلام في الفكر الإسلامي الذين اختارهم للتدليل على وجود منهجية معاصرة للتفسير (وهم محمد عبده، محمد إقبال، أمين الخولي، أبو القاسم الشيخ حمد، السيد حسين نصر، محمد شحرور) لم يهتمواّ بصفة مباشرة بتفسير القرآن الكريم. لا أستهين بأعمال هؤلاء الأفذاذ، معاذ الله، بل أؤكد على أنّ المادة التي أنتجوها والتي ما يزال بعضهم ينتجها تصبّ (مبدئيا) في خانة تجديد الفكر الإسلامي لا محالة، و بالتالي فهي تلبّي حاجة المسلمين. بيد أنّ المشكلة تكمن في أن يُسمى إنتاج هؤلاء "تفسيرا" بينما هو ليس كذلك. وهذا أمرٌ جدّ خطير في رأيي ويعكس أزمة من الممكن تسميتها أزمة المنهجية في مجال تصوّر المنهجية. و في ما يلي بعض أوجُه الإشكالية :
أولا، أن يقع سحب فعل التفسير على كل عمل يهدف إلى وَصْل النص القرآني بالواقع (والحال أنه ليس تفسيرا) يعني إخضاع مثل هذا الجهد إلى الضوابط الصارمة لعملية التفسير وبالتالي يعني التقليص من عدد العقول التي تحاول الإسهام في رفع التحديات بخصوص العلاقة مسلم/نص/واقع،. والأخطر أن هذا الخلط المفاهيمي سيتسبب في تأبيد استبعاد المتعلمين من عامة الناس عن عملية التفكير في المصير بما تشتمل عليه من عمليات إدراك ونقد وتقييم وتعبير. وإن دام هذا الوضع سيبقى تناولُ قضايا المجتمع المسلم حكرا على نفر قليل ممن يُسمّون بالمفسرين، ما سوف يزيد مسألة حلحلة الإشكالية الحضارية العامة تسويفا وتعقيدا.
ثانيا، أشك في أنّ المجتمع المسلم بحاجة إلى تفسير لأنّ في هاته الحالة سنكون مجبرين على التخلي عن التفاسير المتداولة. وإذا وقع التخلي فكأننا نقر بأنه لم يكن هنالك تفسيرا صحيحا للقرآن أبدا وبالتالي كأننا انتظرنا 15 قرنا لنستفيق اليوم و نقرر: "فلننزع من أفئدتنا ومن عقولنا كل المعارف التي تعلمناها من التفاسير، بل أيضا كل المعارف التي حصلناها على قاعدة التفاسير المتعارفة."
بينما مجرد مرور القرون الطويلة دون أن يحدث من طرف المسلمين أنفسهم أي تشكيك في قدرة القرآن الكريم على مواكبة كل العصور والأزمنة دليل على أنه مفسر بعدُ، و أنّ تفسيره قد اكتمل. فما الذي يعوز الفرد والمجتمع المسلمين إذن، إذا لم يكن التفسير الجديد هو الذي يعوزهما؟
إنّ الفرد والمجتمع بحاجة إلى تطبيق التفسير الموجود، تطبيقه في الواقع المعاصر. فتفاسير القرآن المتداولة ما زالت صالحة. وستبقى دوما صالحة طالما أنها، بمحاسنها وبمساوئها، تمثل تراكما معرفيا وتاريخيا وطالما أنّ التطور الحضاري يتطلب التراكم. لكن على عكس ذلك إنّ الذي لم يعد صالحا هو فهمُنا للتفاسير. وهذا لَعَمري لا يستوجب تفسيرا بل تفسيرَ التفسير، إن صحت العبارة، أيْ غربلة وتصفية التراكم؛ تفسير التراكم. وهذا الأمر يستوجب بدوره تفكيرا ( وهو تقريبا ما أشار إليه الطاهر الحداد بعبارة "حياة التفكير"، مقابل "حياة النص")؛ تحررا من الحاجة إلى تفاسير جديدة؛ تحررا من المفسرين إن وجدوا؛ فلسفة وجودية إنسانية؛ عقيدة منهجية جديدة تحدد تصورا جديدا للعلاقة بكلام الله.
أتوقف عند هذا المفهوم الأخير لأبيّن أنّ العلاقة بكلام الله ليست "فهما" بقدر ما هي "تطبيقٌ" للفهم. أعني أنه إذا كانت مقتضيات نيل المراد الأخروي كما ينص عليها القرآن والسنّة (من قواعد الإيمان و أركان الإسلام وتوصيات وتعاليم وأحكام وسنّة وغيرها) معلومة من طرف جمهور المسلمين في كل زمان ومكان إلا أنه ليس لدى المسلمين في الزمن الراهن، عدا المناسك والشعائر، منهجيةً لتحقيق المراد الدنيوي الذي من شأنه أن يوصلهم إلى تحقيق المراد الأخروي. ليس لديهم ما يُعرف في الابستيمولوجيا المعاصرة بـ"نظرية للتطبيق".
أخلص إلى أنّ الحراك الفكري الذي تشهده الساحة العربية الإسلامية اليوم لا يقل أهمية عن الحراك السياسي بل إنّ الاثنين مطالبان بالتفاعل معا من أجل خَلقِ ديناميكية واحدة وموحِّدة للمجتمع. لكنّ هذا الهدف يبقى صعب المنال طالما أنّ النخب الفكرية والسياسية توثر رصد الحاجة المنهجية لكنها لا تبذل ما يكفي من الجهد لتسمّي أية منهجية جديدة خارج الأطر التقليدية، كأن تطلق مفردة "تفسير" على ما قد يشكل أداة معرفية جديدة. هكذا تبقى هذه الأخيرة مسمًّى يفتقر إلى اسم، ما يشكل لبّ الأزمة المنهجية ولا يحلحلها.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخالفة القانون: أين الداء وما الدواء؟
- حتى تنهانا الصلاة عن الفحشاء والمنكر...
- الضحكة التي تكاد تهزم التونسيين
- تونس: خسرنا الدنيا فهل ربحنا الدين؟
- كيف أكون عربيا إسلاميا مستقبلا؟
- لا نداءَ ولا نهضةَ بلا اجتهاد، لكن أيّ اجتهاد؟
- الكدح إلى الله والكدح التاريخي
- اللهجة العامية عربيةٌ فما الذي يزعج دعاة التعريب؟
- هل فهِمنا الإسلام وطوَّرنا اللغة العربية؟
- تونس، بلد عربي؟
- كفى استخفافا بالتونسيين
- لو أصبحت تونس بلدا ديمقراطيا، لَما انتحر أرسطو وقدم ساركوزي
- هل الإسلاميون وحدهم يلعبون لعبة الغرب؟
- جريمة سوسة: لماذا بريطانيا؟
- المسلمون والفهم الضبابي للواقع، داعش نموذجا
- تونس: كفانا مغالطة لأنفسنا !
- الشباب التونسي بين إخلالات الحاضر ورهانات المستقبل
- وكأنّ التوانسة سيموتون غدا...
- تونس: الإصلاح اللغوي والتربوي من أضغاث الأحلام إلى الحلم
- تونس: وهل سيُنجز الإصلاح التربوي بعقل غير صالح؟


المزيد.....




- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - هل القرآن بحاجة إلى تفسير جديد؟