أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - القاص الذي جعل حوادث قصصه قريبة من العقل والمنطق... قراءة / أحمد البياتي















المزيد.....

القاص الذي جعل حوادث قصصه قريبة من العقل والمنطق... قراءة / أحمد البياتي


عبدالكريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 5336 - 2016 / 11 / 7 - 23:24
المحور: الادب والفن
    



( كوميديا العالم السفلي ) مجموعة قصصية للقاص عبد الكريم الساعدي صدرت عن بورصة الكتب للنشر والتوزيع / مصر – القاهرة وهي من القطع المتوسط وتضمنت ( 15 ) قصة قصيرة هنّ على التوالي ، ولادة – كوميديا العالم السفلي – سروال داخلي – المعبر – غبار القصائد – الكمبارس – رقصة فزع – قرابين الفرح – امرأة القمر – أهلا بك ... ننتظرك في بغداد – 1700 – في قباء الكواليس – ذات الأثر – 1 / 2 وطن – آخر المحطات .
حين نطلع على أي نص قصصي فأنه لابد لنا للوهلة الأولى ان ننظر هل ان القاص أسس قصصه على معايير محددة بحيث يجعلنا نتمكن من تحليل النص وتفسيره وتقويمه لنزداد تعرفا على الوعي الفني والمعرفي للقاص ؟. لذلك هي تساؤلات عدة للتصورات والتحليلات ولنتعرف على التجليات المتنوعة في السرد ، وهل سعى القاص الى التوفيق بين الذات والموضوع ؟. اذاً تتحدد علاقة القاص بواقعه من خلال بعدين هما الأصل الذي يمثله الواقع ، والصورة التي يمثلها الشكل القصصي بمعنى ان تصف القصة الحياة الاجتماعية على ماهي عليه .
(( ذات يوم ، بل كلّ يوم ، أقف على هامش المكان ، مسكوناً بالقلق ، يلازمني غراب أسود ، يلتصق بي كالظّل ، يرسمني غريباً كما يشاء ، يرشدني إلى مدافن سوءات التأريخ ، استمع الى خفقة الموت ، أرى أشلاء القتلى تطوف حول ظلّ لوحاته ، تنزّ من بين ثناياها قوافل من قطيع الأحلام ، يشيّعها عويل من نساء محنّات بالوحل ، مكحّلات بالدمع ، شيخ يبرق الدمع في عينيه ، يبحث عن كسرة خبز ، جنائز لجثث مجهولة ، مستغرباً لما يجري ، أتساءلُ لِمَ يحدث كلّ ذلك ؟ حتى رأيت الأشياء تعدو قبلي وبعدي ، وأنا أبحث عن رائحة وجودي التي لاأعرف لها أثراً في أنف الليالي ، تلك الرائحة الممزوجة بالعبث والضياع ، أظنّ أنّها تعرّقت ، " قصة كوميديا العالم السفلي " ص 11 )) .
القاص عبد الكريم الساعدي في هذه المجموعة وجدته يفكر في تهيئة الأفكار والآراء التي يبني عليها القصة قبل ان يفكر في هيكل القصة نفسها وعقدتها وحبك حوادثها وبذلك تمكن من ان يحقق التواصل في المجتمع من خلال ثقافة محكومة بالعقل وصياغة الشخصية الفردية في ضوئها ويمحو الفوارق الفردية بين الأفراد .
(( هناك حيث مقاهي الظلّ ، ضجيج أسى وأحلام يقظة تحلّق في مستنقعات يابسة ، منفعلة بأوهام التخيلات ، ثمة مقهى تقع في طرف زقاق منسي ، تعجّ بالحالمين ، ينتظرون إطلالة مندوب أستوديو الإنتاج كلّ يوم ، علّه يشير بسبابته على أحدهم ، ليؤدي دوراً صغيراً في فلم ، أو دوراً هامشياً على خشبة المسرح ، أي دور كان ، خليفة ، تاجراً ، سكيراً ، مليونيراً ، جندياً ، أي دور حتى لو كان قواداً ، كانوا مهووسين بالسينما ، يتقاضون أقلّ الأجور ليسدّوا رمق الإملاق ، لاأحدّ منهم يستطيع الفكاك من أسر العيش في الظلّ ، يتنفسون أحلامهم خلف الكواليس ، إلاّ هو ، كان يحلم أن يكون نجماً ، لكنه لم يفلح ، كان منسياً ، منفياً ، يفكّر في تزيين صومعته ، قابعاً في صمته ، محدقاً في سقف الزمن ، يرمي حجراً في الفراغ ." قصة الكُمبارس " ص 33 )) .
القصة وسيلة القاص التعليمية فهي اداته في التوضيح ، وليست الحكاية فيها سوى اطار خارجي يشوق المتلقي لمتابعة القراءة ويؤثر في المتلقي والسعي نحو تثقيف المجتمع والنهوض به من خلال الافكار والآراء والمشاكل التي يطرحها .وعليه فالقاص يتزود اولاً بمعرفة فكرية تسبق الممارسة ، ثم ينتقل الى الواقع كاشفاً عن المشاكل الإجتماعية الغامضة وتمكين المتلقي من وعيها ووضع الحلول الناجعة لها ، وهذا يعني ان الكشف عن الواقع ومشاكله لايتأتى لكل فرد وانما لصنف خاص من الناس يكون القاص احدهم فيعمد الى ايجاد طرق المعالجة ، اذ انه يكشف عن الواقع افجتماعي ويسبر اغواره ويبحث عن النمط الفكري في عملية السرد عبر تصويره الدقيق .
(( عند منتصف الفراغ يهبط الليل بصمته ، اقترب من فانوس شحيح ضوئه ، لاشيء سوى صفير يعبث برأسي ، موجة برد تراقص أطرافي النحيلة ، أحرك أشياء مهملة ، أفتعل ضجة ، أدسّ جبيني بين يدي ، أتسربل ذاكرتي ، أحلّق في عوالم يخيل إليّ أنها موجودة . أصحو على وقع أقدام خلف الباب ، أترقبه بحذر شديد ، رائحة مخاوف تهزمني ، تقلقني ،
" ياترى من خلف الباب في مثل هذه الساعة المتأخرة "
أستجير بخطواتي ، أمدّ بصري من خلف النافذة ، لاشيْ يدعو للريبة . صوت الصراصير يتحسسّ صمتي دون استئذان ، يختلط مع الصفير العابث بمسمعي ، " قصة في قباء الكوابيس " ص 63 )) .
القصة القصيرة التي يبدعها القاص عبد الكريم الساعدي او تلك التي يعمد الى ترجمتها انما تقود الى غاية محددة ، فهل بامكاننا ان نعتبر القصة التي ينتجها صورة مجسمة من صور الحياة الإجتماعية ؟. نستطيع ان نقول نعم كونها صوراً ناطقة للحياة الواقعية ، صادقة واضحة وقريبة من الحياة اليومية المعتادة . إذ وجدت القاص في هذه المجموعة قد اتكأ على الوصف الذي يشابه التصوير الى حد كبير لأن القصة في تصوره ليست الا صورة الواقع بكل تفاصيله وابعاده واشكاله ، ولكنه على الرغم من تأكيده ان الواقع يمثل قاعدة اساسية للقصة ، فهو يؤكد ان القصة يجب ان تصور مايحدث من احداث فقط .
(( في ساحة الميدان رأيته يحثّ الخطى إلى شارعه ، أسطورة علت صهوة القوافي ، لم يمسَسْها كدر ، تتبعه خيول من كبرياء ، تظلّل سَيرَهُ أسراب السمو والبهاء ، يهزّني طرب اللقاء ، حسبي دقائق معدودات ؛ لأبحر في عوالم الصور والخيال ، عوالم تناطح الغيوم ، تلكزها ، فتشدوا مطراً من كلمات " قصة غبار القصائد " ص 29 )) .
نعلم ان القصة القصيرة تمثل الصورة من خلال الوصف والتصوير ، إذ يمثل الواقع احد طرفي العلاقة ، ولها وسائط متعددة يمكن تقسيمها من حيث اداء وظائفها الى محاكاة ماهو كائن ومحاكاة مايمكن ان يكون ، كما ان الأعمال القصصية تتحول الى سجل لحوادث الحياة ، ومن ثم الى وثائق تاريخية للواقع الإجتماعي ، والقاص عبد الكريم في هذه المجموعة رصد الوقائع بادق التفاصيل التي تحدث في الحياة وعمد الى تسجيلها ومحاكاتها بلغته القصصية كونه يعتقد ان القصة تحكي من حوادث النفوس ووقائع الحياة تاريخا كون التاريخ سجل الأخبار والحوادث .
(( مابين شاطىء وآخر مسافة حلم ، الحلم ـ كما يراه ـ يرقد هناك ، خلف المدى ، وهج حياة باذخة الجمال ، حدائق غنّاء ، غابات فرح ، وعناقيد مسرات ، هنا تجثم فوق الثرى توابيت حجرية ، تقطر شغفاً لمن تقاذفتهم أمواج العتمة وظلال الحروب العديدة ، كلّ شيء هنا يتغوّط دخاناً وحرائق ، يتنفس قلقاً وتيهاً ، الهنا صحراء تمتدّ من حبلك السري حتى تلك التوابيت الحجرية ، يوصد باب الأمس خلفه ، يحمله طائر النورس إلى شاطىء البحر ، يجلس بخشوع كراهب حزين في معبده ، تدغدغ ناظريه ألوان المساء ، البحر مهيب ، مخمور بالزبد ، أمواجه العاتية تعانق السفن في رحلة عشق . " قصة قرابين البحر " ص 41 )) .
اغلب قصص هذه المجموعة تكشف عن ابعاد معرفية تتصل بالأفكار الذهنية المجردة ، وهذه الأبعاد حقائق موجودة وتسهم في تمكين المتلقي من فهم ووعي واقعه الإجتماعي ، كون الأشكال القصصية تكشف كثيرا عن خبايا النفوس وتظهرها امام الأنظار ، كما ان موادها الأساسية مقتبسة من الواقع ، لذلك العمل القصصي يجمع بين الحقيقة والخيال أو ربما في بعض الحالات استساغة الوهم .
(( قبل أن يرشقه وابل من ضجيج الموت ، ملتفّ ببيارق الغائبين ، كان يبتهل شوقاً إلى عدسة التصوير كلّما هزّه الوجد ، يداعب أحلام قلمه الصغير ، المعلّق بين أنامله الجميلة ، اعتاد كلّ ليلة يهفو إلى أسطره ، يدسّ أساه بين ضلوعها وحين يدركه الفجر يغادر نحو ظلمة النهار المغلول بالضجيج والكتمان ، يراقب تعاقب قهقهات الحمقى ، الناس تتجاهل الضجيج ، تحتمي بأفق مختنق بالصمت ، النهار يلتفّ بأسمال موت بالٍ ، مرتبكاً بضجيج الجيوش يلامسه ظلّ رغبة بريئة ، ينطلق كالطفل يجوس لعبته هائماً في مجاهيل الضباب ، فتينع أسراره الدفينة عند حرف غفا بين شدو أسطره أشجاناً ترتجف بالهيام ، ثمة كارثة في الضفة الأخرى لها صدى خفقة القتل في العراء ، " قصة 1700 " ص 59 والتي تتحدث عن الجريمة النكراء : " سبايكر " للدواعش الأراذل في حزيران / 2014 )) .
كان القاص يسعى لعرض أفكاره وتصوراته، وما الأشكال القصصية إلا إحدى الوسائل لتوصيل هذه الأفكار، ولذلك فهو يهيئ الأفكار والآراء التي يريد عرضها، ثم تأتي عملية التفكير في صوغ عناصر القصة وكيفية تركيبها .



#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في لوحة مرمرية أيديولوجيا الوجع في القص العراقي -33 أ ...
- جماليات اللغة في [ ولادة ] للقاص عبد الكريم الساعدي
- الغريب
- السفير / قصة قصيرة
- دراسة نقدية بقلم الأستاذة سامية البحري: - أحلام وذباب- ...
- بين الانتظار والاحتضار/ سامية البحري - تونس
- عيناك للعراق / الأستاذة سامية البحري / تونس
- دراسة نقدية لقصة ( طقس عبثي ) للقاص عبدالكريم الساعدي، بقلم ...
- قراءة نقدية للأستاذة/ زهرة خصخوصي لنصّ “الرّفيق ديونيسوس” لل ...
- - الكلام على الكلام صعب -
- عطب
- سيرة معطف / قصة قصيرة
- امتزاج التأريخ بالشعر والخيال في ( غبار القصائد) / دراسة نقد ...
- دراسة نقدية لقصة ( توهُّم ) / بقلم الناقد أحمد طنطاوي
- قراءة نقدية لقصة ( في بطن الحوت ) للقاص عبدالكريم الساعدي
- حين يغرد حمار جارنا
- كانت امرأة أخرى
- ذاكرة من رماد / قصة قصيرة
- الرسالة وصلت / قصة قصيرة
- (شهقة طين) عنوان يلخّص التجربة الإنسانية ويرفعها إلى مصاف ال ...


المزيد.....




- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - القاص الذي جعل حوادث قصصه قريبة من العقل والمنطق... قراءة / أحمد البياتي