أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الخليل - عفرين .. بوّابتي إلى العالم














المزيد.....

عفرين .. بوّابتي إلى العالم


احمد الخليل

الحوار المتمدن-العدد: 1416 - 2005 / 12 / 31 - 07:17
المحور: الادب والفن
    


عفرين .. بوّابتي إلى العالم!

(الحلقة الأولى)

القارة الجديدة.. والخبر المدهش

ليس هذا العنوان ضربًا من المبالغة.

وليس القصد منه هو الإثارة والتهويل.

وإنما هو يجسّد الحقيقة بكل نصاعتها ونقائها وصدقها.

وحين أرجع بالذاكرة إلى ما قبل التاسعة من عمري لا أذكر أشياء كثيرة عن مدينة (عِفْرين)، وكأنما كانت تقع في قارة أخرى، رغم أن قريتي (قرزيحل) لا تبعد عنها سوى مسافة خمسة كيلو مترات فقط.

بلى، لا أذكر عن (عفرين) تلك الأيام إلا أمورًا ثلاثة:

· كسوة الثياب الجديدة التي كان الأهل يشترونها لنا.

· أنواع السكاكر والحلوى التي كانوا يتحفوننا بها.. وكم كنا نجدها لذيذة!

· دويّ المدفع (الطوب) الذي كنا نبتهج لسماعه، كان دويّه الراعد إيذاناً ببدء شهر رمضان، وبشرى بقدوم عيدي الفطر والأضحى.. كان ذلك الدويّ يدخل الفرحة إلى حياتنا نحن الأطفال والصبية.. إنه كان يعني – من جملة ما يعني- ثيابًا جديدة، وكثيرًا من الكعك والشراب والحلوى، ومزيدًا من اللعب والأراجيح، وكثيراً من حلقات الدبكة على الأنغام الشجية لمزمار الراعي العم (عبدو) رحمه الله، وعلى دقات طبل العم (جابر) رحمه الله.

أما علاقتي المباشرة بمدينة (عفرين) فبدأت في خريف سنة (1954م)، حينما بلغت التاسعة من عمري، وصدّقوني أن تلك العلاقة كانت – بالنسبة لي- شبيهة باكتشاف كولومبس قارة أمريكا.. أذكر أن والدتي- رحمها الله- أعدّت مساء ذات يوم خريفي من تلك السنة دشداشتي (ثوب واحد طويل) الجديدة، واعتنت بتنظيف حذائي (التاسومة)، ثم أخبرني والدي – رحمه الله - أن عليّ صباح الغد الذهاب مع خالي (شكري) إلى عفرين، لأسجّل اسمي في المدرسة الابتدائية.

يا الله!.. كم كان وقع ذاك الخبر عليّ مدهشًا!

شعرت حينذاك بمزيج غريب من الفرح والخوف معًا!

أما الفرح فبالانتقال من القارة القديمة (قرزيحل) إلى القارة الجديدة (عفرين).. الفرح بالخلاص من لسعات عصا شيخ الكُتّاب الطويلة (كان والدي رحمه الله يقوم بالتعليم في الكُتّاب أحيانًا)، وبارتداء البنطال بدل الدشداشة، وبانتعال الحذاء بدل (التاسومة).. الفرح بمقاربة أكياس الكعك الشهي، ورؤية علب السكاكر الملوّنة المعروضة في الحوانيت، وكم كنت في شوق إلى رؤية ذاك المدفع (الطوب) الذي كثيرًا ما كنا نطرب لسماع هديره، ونجهل شكله وكيفية عمله!

وأما الخوف فكان من الحياة الجديدة التي ما كنت أعرف لونها ولا طعمها ولا إيقاعها، ومن البيئة الجديدة التي كنت أجهل مداخلها ومخارجها، ومن الأساتذة الذين كنت أسمع عنهم أخبارًا جعلتني أتصوّرهم على نحو غير مريح.

لقد علمت من الجيل الذي سبقنا إلى الدراسة في عفرين – ومنهم الخال شكري - أن معظم الأساتذة من أبناء المدن (حلب وغيرها).. لهم هندام مرتّب، وشعور مصقولة، وبعضهم يضع نظارات أنيقة.. لكنهم نادراً ما يبتسمون، وكثيراً ما تبدو ملامحهم متجهّمة، ويحملون على الدوام عصيّاً لسعاتها لا ترحم، ثم إنهم يسرعون إلى الغضب، ويتفنّنون في السخرية منا- نحن أولاد الفلاحين - ويكثرون من العقاب، ويقتّرون في الثوب.

وعلى أية حال.. لم يكن ثمة مفر من تنفيذ أوامر الوالد.

وكان لا بد من أن أرمي بنفسي في ذلك العالم الجديد المفرح المخيف.

وفي صباح اليوم التالي أقبل عليّ الخال (شكري) بابتسامته المعهودة، قائلاً:

هيا بنا إلى عفرين يا أحمد!..

(وإلى اللقاء في الحلقة الثانية).

24-11- 2003 الدكتور أحمد الخليل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدكتور أحمد الخليل في سطور:

اسمه الكامل (أحمد محمود شَمُّو الخليل)، ولد سنة (1945) في قرية قرزيحل - منطقة عفرين – محافظة حلب- سوريا. حصل على درجة الإجازة في اللغة العربية، وعمل مدرّساً في التربية والتعليم، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الأدب والنقد، وعمل محاضراً في جامعة حلب، وبعدئذ في جامعة الإمارات العربية المتحدة، نُشر له عدد من المقالات الأدبية والنقدية والتاريخية في المجلات المتخصصة وغيرها. من مؤلفاته:

من مؤلفاته المنشورة:

1- ظاهرة القلق في الشعر الجاهلي، دار طلاس، دمشق، 1989.

2- في النقد الجمالي:الرؤية في الشعر الجاهلي، دار الفكر، دمشق، 1996.

3- اللغة العربية في التخصص الجامعي، (مشترك)، جامعة الإمارات، 1999.

4- مهارات البحث والكتابة، (مشترك)، جامعة الإمارات، 1999.

5- فلسفة الجمال وجغرافيا الذات: أبو ظبي، 2001 .

6- الشعر الجاهلي: قراءة سيكولوجية، حمص، مطبعة اليمامة، 2004.

7- الميثولوجيا والهوية في شعر الهنود الحمر (ترجمة ودراسة)، مطبعة اليمامة، حمص، 2004.

ومن مؤلفاته المعدّة للنشر:

- الكرد في التاريخ العربي والإسلامي.


- القبائل الكردية (



#احمد_الخليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الخليل - عفرين .. بوّابتي إلى العالم