أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - عودة الطوائف














المزيد.....

عودة الطوائف


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 5330 - 2016 / 11 / 1 - 00:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يُذكر أنه مع إرهاصات تفكك الاتحاد السوفييتي السابق وتحوُّله إلى كائن صريع، بدأت تفصح عن نفسها عناصر بنيته المفتَّتة، والأسباب الكبرى التي أودت بحياته، وكان ذلك بمثابة مصادقة على ما كان يقدِّمه ناقدوه من الشرق والغرب، من أمثال الكثيرين الذين انتقدوا البيروقراطية والاستئثار بالسلطة وبالإعلام وبالمرجعية السياسية في الاتحاد السوفييتي على نحو أدى إلى نمط من الدولة والحزب الحاكم يفتقد القدرة على تغطية التمثيل الشعبي العام، وعلى إنجاز المهمات التاريخية المطروحة في حينه. لقد كان سقوط الاتحاد السوفييتي مدوياً على ما أتى به من مشكلات معلقة أو مغلقة، ومن ذلك كانت مشكلة أو مشكلات الانتماء الديني والطائفي والعرقي والمذهبي التي استعصت على الحل.

لقد اتضح أن تلك المشكلات، التي ظل الباب مغلقاً حيال حلها، لم يجر تجاوزها قسراً أو عفوياً. لقد ظلت تحفر في حياة الناس، إلى درجة أنه ما إن أُعلن عن سقوط الاتحاد السوفييتي، حتى راحت جموع الطوائف والأعراق وأصحاب المذاهب تعلن عن حضورها الحيّ الفاعل، وكأنها إذا غابت من قبل فإنها غابت لتخرج إلى الناس على نحو ثأري! هكذا عشنا أحداثاً من هذا الطراز، في أعقاب أحداث سياسية وعسكرية في العالم العربي، لتواجه حصاراً وتغييباً أولاً، ولتبدو لاحقاً وكأنها هي وحدها ذات الحضور. ها هنا نحتاج إلى دراسة هذه الظاهرة في ضوء علم النفس الجماعي وعلم الاجتماع النفسي.


نعم، ظهرت الطوائف والصراعات الطائفية والمذاهب الدينية مع الصراعات بين هذه وتلك، بحيث طفت على الصراعات الطبقية والاقتصادية، مما خلط الحابل بالنابل، ونلاحظ شيئاً من ذلك في العالم العربي بصور متصاعدة متحاربة، خصوصاً في البلدان التي رفعت راية العروبة والاشتراكية على أيدي حزب «البعث» وأحزاب قومية في سوريا والعراق، وارتبط بها في لبنان وليبيا ومصر واليمن ما يقترب من التنظيمات السياسية والأيديولوجية، فبقدر ما كان في بلدان المنظومة الاشتراكية السابقة، وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي، وفي العالم العربي ربما دون استثناء من هيمنة للأفكار ما بعد الطائفية والمذهبية الدينية وغيرها من هذا القبيل، فإن الأمر يتعلق بحالة من طغيان الصراعات الطائفية والمذهبية والإثنية والعرقية، التي نعيشها في راهننا، لقد حدث طغيان للفاشية الدينية بملحقاتها من تكفير وتدمير وإقصاء للمنظومة التنويرية وما يقترب منها. وبكلمة، أصبح الحقل الأيديولوجي الديني والعرقي سيد الموقف.

في سياق ذلك كله وعلى أعقابه المؤسسة على الخذلان واليأس والاضطراب، ظهرت الأرض وكأنها، لأول مرة، تعيش الوباء الأعظم باسم الطوائف وملحقاتها مجسداً بـ«داعش» الأول الأصلي، أي التنظيم الديني العالمي، الذي حمل لواء سحق ما لا ينتمي إلى الحقيقة المطلقة الكلية كما يراها التنظيم الذي يظن أنه سيُنهي الظلم والظلامية، ويؤسس لعالم جديد يطيح بما سبق. أما من كان يدعو إلى العدل والمساواة والحرية والعروبة والاشتراكية في العالم العربي والإسلامي، فقد «اكتشف» أن ما يضارع هذا كله إن هو إلا «الأصول» في العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن، الخ، التي التصقت بـ«البعيدة في التاريخ منها»، ما قبل المجتمع الوطني.

ها هنا، يبرز أمامنا «الواحد»، الذي يجسد البنية الأصلية للبشر، والذي اعتُقد أن كيانه مع كيانات الآخرين من أسرته هم الأقرب إليه، وبذلك، يبرز خط العودة إلى الأصول بمثابة اقتراباً من «الأنا»، أو اندماجاً فيها، وهذا بدوره يقرب من مجموعات بشرية راهنة، لم تتح لها عملية الاندماج الاجتماعي في مجتمع مؤسس على عائلات وفئات وطبقات وغيرهم، فهؤلاء نجدهم مجسَّدين في الميليشيات العصبوية والممثلين بـ«الحوثيين اليمنيين»، والطريف في ذلك أن أقواماً أو بقايا من هذه الأقوام الموجودة في بعض زوايا عالمنا قد تمثل - في رأي آخرين - أنموذجاً للكائنات التي لم تنخرط في الحضارة الحديثة، ببحرها وبرها، ومن ثم كلما ازدادت هذه الحضارة في ولوغها بالقتل والحرق ودفن الأحياء، كما هو الحال راهناً في حلب والباب وداريا، حيث تعاظم التوجه «إلى الوراء» نجد مزيداً من إنتاج هؤلاء.



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسلخ حلب.. أين النظام الدولي؟
- الوحشية القصوى والجريمة الدامية!
- سوريا ومأساة الاستعمار الجديد
- كُفوا عن عار الخطاب الطائفي
- الطوائف والأعراق.. والآخرون!
- المؤامرة الكبرى على سوريا
- الجرح السوري والنظام العالمي
- النظام العولمي وسيادة القوة
- الجيوش غير الوطنية والانقلابات العسكرية
- خطاب التنوير ضد الإرهاب
- النزيف السوري والتدخل الدولي
- الاستشراق بين الأنا والآخر
- «داعش» وتحديات التاريخ
- أما آن لليل أن ينجلي؟
- من فلسطين إلى سوريا
- الدين لله والوطن للجميع
- سوريا وأسئلة اللحظة
- القصور التاريخي
- من الصهيونية إلى المشروع «الفارسي»
- الأزمة السورية والنهاية العصيّة


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - عودة الطوائف