أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عباس علي العلي - المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح1














المزيد.....

المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5328 - 2016 / 10 / 30 - 14:30
المحور: المجتمع المدني
    


المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح1

في قراءة عميقة لواقعية المجتمعات العربية عامة المجتمع العراقي خاصة نجد هناك خيط مشترك يجمع بينها في مفارقة قد تبدو غريبة، كل هذه المجتمعات تعاني من الهيمنة سواء بشكلها الفكري الثقافي أو بوجهها الأقتصادي الأجتماعي، لا ننكر أن المجتمع العربي محكوم من حيث التوجه العام بهيمنة أجتماعية قبلية بالرغم مما قطعته هذه المجتمعات متعثرة من مراحل أنتقال حضاري نحو مجتمع مدني قد يبدو للبعض أنه متبلور وخاصة في المدن الكبيرة والعواصم، لكن الحقيقة التي يلتمسها الدارس من خلال السلوك الجمعي لمجتمعات المدينة والحواضر العربية يجد أن الهيمنة القبلية ما زالت متجذرة في أنماط عدة من السلوكيات اليومية للفرد كمجتمع وللفرد كحالة.
ما عدا حالات نادرة وغير قياسية ما زال العمل الأجتماعي في المجتمعات العربية عمل فردي يستند في قوته لهيمنة القبيلة والعشيرة والأسماء الجامعة بما يعرف بالنسب، والأنكى في هذه الظاهرة أنها تقاوم ما يعرف بتمدين العمل الجمعي وتعود بقوة مع أي إنهيار أجتماعي أو سياسي أو أقتصادي، في مرحلة منتصف القرن الماضي شهد العراق والكثير من المجتمعات العربية موجه من مظاهر التمدن والأنخراط في ليبرالية أجتماعية واضحة، تأسست في ظلها الكثير من مظاهر المدنية (نقابات منظمات مجتمع مدني، مسارح وسينما وفنون والكثير مما شكل في حينه تطور ليبرالي واضح وبين ومتصاعد)، لكن المحزن أنه في ظل هذا التطور الليبرالي حدثت أنتكاسات سياسية وأقتصادية قادت إلى عودة الهيمنة القبلية من جديد لتطل برأسها هذه المرة بقوة وعنف، خاصة بعد تداعيات هزيمة حزيران عام 1967 وما تلاها من أرتدادات أجتماعية لم تصمد معها ظاهرة ليبرالية المجتمع العربي.
من قراءة أخرى لبعض التجارب التي جسدت أنتقالات الشعوب والمجتمعات من الهيمنة الكلاسيكية ثقافيا وأجتماعيا إلى مرحلة المدنية، نجد إن هذه الهيمنة تبدأ في الانهيار عندما تنجح الطبقات الخاضعة في تطوير منظمات المجتمع المدني الخاصة بها وتحويلها لقوة واقعية قادرة على التصدي للرجعية والعودة إلى واقع الهيمنة المنهزمة، والسبب يعود أولا لإصالة الفكرة الخالقة ولتوجهها تحت قيادة مثقفيها إلى بلورة هيمنتها المضادة، التي يعتبر ظهور بوادرها علامة على تحول ثوري قادم في هذا المجتمع يجمع بين الجدية والإخلاص وعمق التجربة ، فهنا المدنية تعني أن لا يقتصر التطور المدني على انتقال أجهزة الدولة فيه إلى ممثلي أو حلفاء الطبقة الصاعدة وثقافتها الجديدة فقط ، وإنما يمتد هذا التحول إلى العلاقات الإنتاجية ذاتها وقوة الإنتاج أو قاعدة نمط الإنتاج الذي يمكنه أن يدعم المدنية وينحاز لهيمنتها كبيئة تحافظ على العالم الجديد عالم التحولات المادية المهيمنة على الوعي الجمعي.
هذه الفكرة ليست كما يتصور البعض إنها من بقايا التراث الماركسي وأدبياته، ولكنه في الحقيقة نتاج تجربة وواقع بالرغم من تطابق ملحوظ بين الفكرة الماركسية والتجربة التاريخية، في بدايات القرن الماضي وعلى أثر سقوط الهيمنة السياسية العثمانية والتي كانت ترتكز في مقوماتها في المجتمع العربي على الإقطاعية كوجه أقتصادي هو ذاته هيمنة أجتماعية قبلية محافظة، كلاهما يمثل وجه من أوجه الهيمنة الفعلية ضعفت وتراخت في قبضتها على المجتمع مع قدوم الأستعمار الغربي وخاصة الفرنسي والإنكليزي على البلاد العربية والمجتمعات التي ولد لها الأحتلال نوع من الصدمة الحضارية بقدوم محتل كافر مهيمن عسكريا وسياسيا على حركة المجتمع، لكن ردود فعل المجتمع كانت ضعيفة ومشتتة ولا أثر حقيقي لها بغياب التنظيم المدني أو ما نشأ لاحقا من أحزاب وتكتلات سياسية وثقافية قادت فيما بعد إلى مرحلة التحرر والأستقلال الوطني.
ما يلفت في هذه الفترة فترة الأحتلال وبتشجيع منها نمت طبقة أقتصادية وأجتماعية جديدة على أنقاض هيمنة الإقطاع وديكتاتورية القبيلة والمؤسسة الدينية التقليدية وهي طبقة البرجوازية الوطنية، التي نشأت أولا نتيجة الصدمة الحضارية التي نشأت من الإحساس بالإنبهار والدهشة من جهة والشعور بالتخلف والإنتكاسة التي تركتها السلطة العثمانية على واقع المجتمعات العربية أقتصاديا وأجتماعيا، كانت سلطة الأحتلال تعي أنها لن ولم تستمر بقيادة المجتمعات العربية بنفس الطريقة (طريقة السيطرة العسكرية بالنار والحديد) دوما وعليها أن تجد ذراع مدنية تستجيب من جهة لمصالحها البعيدة كسلطة أحتلال أقتصادي وسياسي وفي ذات الوقت تعفي نفسها من إدارة مجتمعات تعي أنها في تقاطع وخصومة حتمية بما في الشعوب أساسا برغبة في الإستقلال والتحرر.
عمل الأحتلال الغربي ومع تزايد الوعي المدني نتيجة الأحتكاك وتطور وسائل الأتصال والمعرفة والأختلاط الحضاري بين الشعوب على تشجيع قيام طبقة برجوازية مؤمنة بحتمية الأنتقال من المجتمع الإقطاعي القبلي البدائي إلى مجتمع فيه ملامح مدنية حقيقية وقادر على الأستمرار بالتحول والأنتقال إلى نمط جديد من العلاقات والروابط الأجتماعية التي سوف تنشأ من هذا التحول وتؤسس لعلاقة جديدة بين الدول الغربية التي تبحث عن ضمان مصالحه البعيدة وتريد أن تؤسس لعالم جديد أقتصاديا وفكريا لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجربة البشرية ومهمة الدين.
- الطريق إلى الوعي الطريق إلى الديمقراطية والمدنية.
- وأنا المجنون زماني
- صراع الماضي على أطلال الحاضر(تركيا الحاضر والعصملية المتجذرة ...
- تأزيم المأزوم وسياسة تشتيت الوعي
- ليس بالخمر وحده يموت الإنسان.
- وهم الظل المتعافي
- المشرع العراقي بين وهم ثوابت الإسلام ومبدأ الحرية الشخصية وح ...
- شبهة الردة وحكم النص القرآني في إبطالها
- جواد الشلال .... شاعر يركب صهوة الحب بهدوء
- القضية الأخلاقية في النظرية الفلسفية المثالية
- غدا........................
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح3
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح2
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح1
- النار تحرق وجه الارض
- رحلتي في المرافئ القديمة
- قراءة باردة على صفيح يغلي
- قتل الطفولة وتجريم المجتمع.
- وما ذا بعد؟


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عباس علي العلي - المدنية وصراع الهيمنة الثقافية والأجتماعية _ ح1