أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عصام شعبان حسن - دولة الفساد والاحتكار تسرق قوت المصريين















المزيد.....

دولة الفساد والاحتكار تسرق قوت المصريين


عصام شعبان حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5328 - 2016 / 10 / 30 - 12:59
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


أزمة في السلع تضرب مصر، تكوي بارتفاع أسعارها الطبقات الشعبية خصوصاً، تنكر السلطة في البداية الأزمة، وترجعها إلى شعورٍ زائفٍ بالغلاء لدى المواطنين، أو إشاعاتٍ مغرضةٍ، طبقا لنظرية المؤامرة، وحين تتفاقم الأزمة، يجمل الخطاب الرسمي الأزمة في عاملٍ واحدٍ يبرئها، وهو جشع التجار، من دون تحديد من هم هؤلاء: هل هم المحتكرون من كبار رجال الأعمال المقرّبين للسلطة، أم تجار التجزئة الصغار ذوي هامش الربح المحدود. يخلط خطاب السلطة وأعلامها الحابل بالنابل، وتترك الدولة الطغم المالية التي تحتكر السلع، من دون حسابٍ أو رقابة.
يمكن تحليل أزمة السلع الغذائية إجمالاً عبر تناول الأسباب الأكثر تأثيراً في الظاهرة، أولاً توجهات الدولة الاقتصادية التي تعتبر القطاع الخاص المنوط به توفير السلع والخدمات. ثانياً، طابع الاقتصاد الذي يفتقد إلى التخطيط، وتتصف فيه القرارات بالتخبط والعشوائية، ويتزامن مع كلا العاملين الفساد المستشري في جهاز الدولة، والذي يخدم مجموعات المصالح المتمثلة في محتكري السلع. وأضف إلى ذلك الأزمة التمويلية الضخمة، وأزمة تخفيض سعر الجنية في مقابل الدولار، وكلاهما آثرتا بجانب تخفيض الدعم على ما يصرف لشراء السلع، خصوصاً حين تتزايد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك. كذلك، يمكننا رؤية الصورة بشكلٍ أقرب من خلال تتبع أثر سياسات التحرير الاقتصادي، خصوصاً في مجال الزراعة، والتي جعلت عوائد زراعة المحاصيل بالنسبة للفلاحين لا تكفي تكلفتها، نظرا لارتفاع أسعار مستلزمات الزراعة من مبيداتٍ وأسمدةٍ ووسائل نقل وماكينات، وتراجع دور الإرشاد الزراعي.
غنى محمد منير أغنيته "سو يا سو" ضمن ألبوم "قلبي مساكن شعبية" عام 2001، وكانت الأغنية نقداً لسياسات الخصخصة، قائلاً "حبيبي عاوز سكر ومنين نجيب السكر الواد بياع السكر حبسوني وحبسوه"، وأكمل "حبيبي عايزله لولي منين أجبله لولي دول سرقوا اللولي يالولي وحبسوني وحبسوه". لكن، لم نكن نعرف أننا مع موعدٍ لنغني الأغنية، بمعناها المباشر، لا المجازي، مع أزمة ارتفاع سعر السكر وندرته في السوق. دولة بحجم مصر عرفت صناعة السكر مبكراً، وتسيطر شركة السكر والصناعات التكاملية المصرية المنشأة بنهاية القرن التاسع عشر على 80% من صناعة السكر، وتنتج ما يقارب 2.4 مليون طن سنوياً، بينما يبلغ الاستهلاك 3.2 ملايين طن، ويتم استيراد ما يقارب 800 ألف طن لسد الفجوة، بينما ينتج القطاع الخاص ما يقارب 300 ألف طن سنوياً. وبجانب الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، هناك أسباب أخرى للأزمة، أتاحت قرارات حكومية للقطاع الخاص السيطرة على كمياتٍ ضخمةٍ من إنتاج الشركات العامة، ما أدى إلى تعطيش السوق، وسقوط المستهلكين ضحية لمكاسب تلك الشركات. وسمح وزير التموين المقال، خالد حنفي، بالسماح بتصدير السكر، مع فرض جمارك 900 جنية للطن المصدّر، فقامت الشركات، ومنها شركتا النيل المملوكة لساويرس وصافولا السعودية، بالتوسع في التصدير لمنتجها الذي سبق وأن استوردته سكر خام، وقامت بتكريره في شركات القطاع العام، فحقّقت بذلك أرباحاً طائلة من فرق الأسعار، وساهم ارتفاع سعر السكر عالمياً بقدر 6% نتاج تراجع إنتاج البرازيل والهند، ونقص المعروض من الصين، إلى اتجاه شركات التصدير إلى توسيع نشاطها، وساهم أيضاً ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في زيادة معدلات التصدير، كما مكّن قرار الحكومة ضم شركات السكر إلى وزارة التموين محتكري السكر من السيطرة على سوق السكر، مستفيدين من سياسة التوزيع التي تفتقد للعدالة، ويحتكرها عدد محدود من الشركات الكبرى، بينما منعت شركات التوزيع والتعبئة صغيرة الحجم من الحصول على حصص من إنتاج السكر. هذا الوضع سهّل للمحتكرين تعطيش السوق، والتحكّم في الأسعار داخلياً، والتوسع فى التصدير، تحالف الفاسدين في وزارة التموين مع رجال الأعمال والغرفة التجارية جعلت الأزمة تتفاقم.
تزامن ارتفاع أسعار السكر والأرز مع ندرة السلعتين من السوق، بدأت، أولاً، أزمة السكر الذي تصاعد ثمنه من خمسة جنيهات إلى عشرة جنيهات على مدار شهرين مضيا، ثم ظهرت أزمة الأرز، والتي ارتبطت بسياسةٍ زراعيةٍ، أهملت التعاونيات، وتركت الفلاح فريسة للتجار، حدّدت الدولة سعراً لطن الأرز الشعير أقل من تكلفة إنتاجه، ما دفع الفلاحين للبيع للتجار الذين قاموا بدورهم بالاستيلاء على محاصيل الفلاحين وتخزينها وتعطيش السوق. وبالتالي، ارتفعت الأسعار. يرتبط جامعو المحاصيل من الفلاحين بكبار رجال الأعمال محتكري السلع الغذائية، واتجهت معظم شركاتهم إلى تصدير الأرز المصري إلى الخارج، للحصول على أكبر قدرٍ من الربح، لإنهاء الأزمة لجأت الدولة إلى الاستيراد، وهو ما سيضغط بلا شك على موازنة الدولة، وقامت بحملاتٍ أمنية على بعض المحال، لمصادرة كميات السكر الموجودة لديهم، على اعتبار أنهم سبب للأزمة، بينما تحصل تلك البقالات على المنتج من محتكرين كبار بسعر أعلى، تجاهلت حلول الحكومة الأسباب الحقيقية للأزمة، والتى منها الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وكذلك الاحتكار في مجال الصناعات الغذائية ومافيا الغذاء التى تراكم أرباحها على حساب تجويع الشعب، لم تشر الحكومة من قريب أو بعيد إلى محتكري السلع، وكيف يستفيدون من الأزمة، وليس منتظراً أن تخرج حكومة عبد الفتاح السيسي لتدين الاحتكار، فالمحتكرون جزء من نسيج السلطة، يخلقون الأزمات ويستفيدون منها.
بنظرة على المستقبل، وفي ظل أزمة الاقتصاد المصري، وتراجع سعر صرف الجنيه، وانخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي، ووجود فجوة غذائية بين المنتج والمستهلك، نستطيع القول إننا مع موعدٍ لتفجر أزمات أخرى، في مجال السلع الغذائية، فإذا انتهت أزمة السكر ستندلع أزمة الزيت والبقول، لأن أصل الأزمة وأسبابها ما زالت قائمة.
تستدعي معالجة الأزمة، أولاً، تفكيك تحالف الاحتكار والفساد في جهاز الدولة، أضف إلى ذلك توقف سياسات التقشف وتوجيه جزء مناسب من الموازنة لتوفير السلع الغذائية، وتحديد هامش ربح للشركات الخاصة، لا يتم تخطيه، فيما يخص سلة السلع الغذائية. وبالتزامن مع كل هذه الحلول العاجلة، يجب التخطيط لسد الفجوة الغذائية بين الإنتاج والاستهلاك، وهذا يستدعى دعم قطاع الزراعة والصناعات الغذائية، بدلاً من تفكيك تلك الصناعات، أو فرض أعباء على الفلاحين، وإهمال ملف الزراعة.
عصام شعبان
باحث مصري في الأنثروبولوجيا السياسية في معهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة



#عصام_شعبان_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مركب رشيد... استراتيجية إدانة الضحية
- أزمة حليب الأطفال في مصر: سياسات اقتصادية سلطوية
- فلاحو مصر غاضبون: -من يشتري القمح ؟
- دواء المصري في قبضة التجار
- نقابة الصحفيين. مصر تحاصر حصارها
- الأرقام تكشف أوهام سماسرة المال
- التمرّد يواجه الاستبداد
- العمّال العرب: هموم واحدة ومطالب مشتركة
- الاقتصاد مدخل السيادة المصرية
- عطش فى بلد النيل
- كيف تُحوِّل اقتصاداً إلى جمعية إحسان؟
- أنظمة تنتج البطالة وتبررها
- المهمّشات فى فصول الاحتجاج العربي
- من فصول العطش والموت في مصر
- الثورات العربية مستمرة والاقتصاد أساسها
- مدخل اقتصادي للقضايا النسوية
- عن عنف السلطة المسكوت عنه
- نظام السيسي يمنع الانتقاص من سلطاته ونسبة المشاركة بالانتخاب ...
- الشباب وسلطة 30 يونيو
- مصر: عام من قمع الحريات وعودة الدولة البوليسية


المزيد.....




- ارتفاع أسعار النفط بعد أنباء عن هجوم إسرائيلي على إيران
- بعد انقطاع دام ثلاثة أشهر بلجيكا تستأنف استيراد الماس من روس ...
- مطار حمد الدولي ينتزع الصدارة في قائمة أفضل مطارات العالم
- هتكسب أضعاف الفلوس اللي معاك في شهر واحدة بس .. مع أفضل 6 شه ...
- حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة
- -قضية الذهب الكبرى-.. قرار جديد من هيئة مصرية بحق رجل الأعما ...
- ستاندرد أند بورز? ?تخفض تصنيف إسرائيل طويل الأجل 
- اعملي ألذ صوص شوكولاته للحلويات والتورتات بسيط جدا واقتصادي ...
- تباين أداء بورصات الخليج مع اتجاه الأنظار للفائدة الأميركية ...
- صندوق النقد: حرب غزة تواصل كبح النمو بالشرق الأوسط في 2024


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عصام شعبان حسن - دولة الفساد والاحتكار تسرق قوت المصريين