أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - الأدب و صناعة التغيير















المزيد.....

الأدب و صناعة التغيير


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 5326 - 2016 / 10 / 28 - 22:36
المحور: الادب والفن
    


لا شكَّ أنّ العلوم تجعلنا ننمو ماديّاً، لكنَّ الآدابَ و الفنون، فَيَزيدان من كميّة الإنسان بداخلنا، يُورِد (عليّ عزّت بيجوفيتش) في كتابه(الإسلام بين الشرق و الغرب) جُملَةً جامعةً مانعة(إنّ شجرةَ اللّيمون الّتي يراها الشاعِر، ليست شجرةَ اللّيمون الّتي يدرسها العالم)، لهذا يقدّر و يقرّب رجالات الدّولة الكبار منهم كبار المبدعين، و يهتمّون بالثقافة أيّما اهتمام، فمكتبة الكونغرس هي أكبر مكتبة في التاريخ، كما أنّه لا يوجد أحد يُشَكِك في الصّداقة الّتي كانت تربط بين (شارل دوجول) و (أندريه مالرو)، بل و تقديره الكبير ل(سارتر) الفيلسوف و الأديب الكبير، على الرّغم من الإختلاف الحادّ الّذي كان قائماً بينهما على مستوى الرّؤى السياسيّة، كما أنّ حبل الودّ المتين الّذي كان يربط بين (فرانسوا ميتيران)و (ماركيز) لا يخفى على كلِّ مهتمٍّ بسيرة (غابرييل غارسيا ماركيز) و لهذا أيضاً،عندما ضحُلَت ثقافة الأثينيّين و فَسَدَ ذَوقُهُم، كَتَبَ (آرسطوفانيس) رائعته(ملهاة الضفادع) عام 405 قبل الميلاد، و لِحُسنِ الحظّ أنّها نالَت إعجاب الأثينيّين، و اِعتبروها أروع ما جادت به قريحة شعراء الملهاة اليونانيّة القديمة و المتوسّطة و الحديثة. تتحدّث المسرحيّة عن رحلة يقوم بها (ديونيسيوس) راعي المسرح و إِلَاهُ الخمر، إلى عالم الأموات، لِيُحضِرَ أحدَ الشعراء الكبار، لِيُصلِحَ مِن ذوق و ثقافة الأثينيّين، الّتي كان يراها قد انحطَّت، فتحدُث مناظرة بين (أسخيليوس و ييربيدس)، ليكون الغالب منهم هو مَنْ يعود إلى الحياة. يعُدُّ (آرسطوفانيس) في مسرحيّته(ملهاة الضفادع) (سوفوكليس) أَشعَرَ مِن (يِيربيدس)، أمّا(أسخيليوس) فهُوَ من وجهةِ نظره القمّة الّتي لا تعلوها قمّة(سلاماً أَسخيليوس، اِذهَب و انقذ مدينتنا بِنَصائِحِكَ السّدِيدَة، عَلِّم الأغبياء فما أكثرهم). الأمر الّذي ليس غريباً على الإطلاق، هو أنّ أثينا سقطَت بين أيدي الإسبرطيّين، بعد سنةٍ مِن كتابة هذه المسرحيّة، و هذا دليلٌ واضح أنّ الدّول و الحضارات، تسقط عندما تفقد الثقافة و يتدهور حسّها الثقافي، فينعكس ذلك على شكل تطاحن سياسي رهيب كما هو مُقَرَّرٌ في المسرحيّة.
مِن جملة الأسئلة الّتي مَلََّت تكرارها الألسن و سماعها الآذان، سؤال(لماذا نحن متخلّفون؟) الإجابة على هذا السؤال، لا تحيط بها فقرة أو فقرتان في مقالٍ طال أو قَصُر، و إنّما بحاجة إلى عقد مؤتمر، إن لم تكن مؤتمرات، لكن بما أنّني أكتب في الأدب و الفنّ، فلا بأس بإلقاء نظرةٍ خاطفة من هذه الزّاوية الّتي أكتب فيها. هل نال القاصّ الكبير المُغَيَّب(سعيد الكفراوي) عُشر ما يستحقّ من تبجيل خاصّةً بعد أن قال الدكتور(جابر عصفور) جملته الجائرة(الزّمن زمن رواية) رغم ما قاله عالم الجمال الرّوسي(ميخائيل باختين) أكبر منظّر للنّوع الرّوائي في القرن العشرين(إنّ الرّواية هي النّوع الّذي يرفض الإكتمال و يُصِرّ على التطوّر)؟ كان يُمكنني تَقَبُّل مثل هذه الجملة لو صدَرت عن نَكِرَةٍ من النّكرات، الّذين لا يربطهم سببٌ و لا نسب بصنعَة الأدب، أمّا و قد صدرت عن مثل هذا العَلَم و عن مثل قامة و قيمة كالدكتور(جابر عصفور)، فإنّ الموقف يدعو إلي النّحيب، و إلى تلطيخ الوجوه بالزّفت و الهباب، أين نضع هؤلاء يا دكتور جابر(جي دوموباسان، و آلان بو، تشيخوف، بورخيس،وووو يوسف إدريس الملك المتوّج على عرش القصّة القصيرة في عالمنا العربيّ، كما وصفه شيخ النقّاد الحاليّين، صلاح فضل)، أين أنت من(خوان رامون خيمينيث) و(نيرودا)، الشاعرة البولنديّة الرّائعة(فيسوافا شيمبورسكا(نوبل للآداب1996)؟ ولأَدَع الأستاذ(سعيد الكفراوي) يردّ(رَحِمَ الله أستاذي(شكري عيّاد) عندما قال رأياً في هذا الشأن(زمن الرّواية؟ كنّا نتحدّث قبل قليل عن زمن الشِّعر، فهل يتغيّر الزّمن هكذا بسرعة أم نحن نتحدّث عن زمن مصاحب؟ ما أَلْيَق هذا التعبير الأخير بحالتنا). هل نال الدكتور الرّوائي(أفنان القاسم) الّذي خلعَ عليه النّاقد المتميّز(الدكتور غالي شكري) وَصْف(الرّوائي المجدّد، صاحب اللّغة الشعريّة المكثَّفَة) من التقدير ما يُكافِئُ موهبته؟ الحسرة ذاتها تنسحب على أستاذي (عبد الجواد السيّد) المحاضر المحترف، و الماهر في كتابة المقال، الّذي يَبُزُّ في هذين الفنّين أسماء كبيرة في دنيا الأدب، لها صالونات أدبيّة و محاضرات شهريّة ثلاثة أرباعها لَتّ و عَجْن و استطرادات خارج الموضوع المُعلَن عنه. إنّ عدم صعود نَجم هؤلاء الأساتذة، و غيرهم من المتميّزين، يؤكّد جملة الأستاذ (جميل راتب) في فيلم(البداية)(هي الدنيا غِير طاولة قمار).
إنّ الأدب هو تصريح إثبات وجود، يقول الشاعر و الرّوائي الفلسطينيّ(إبراهيم نصر الله)(الكتابة بالنّسبة لي، و بالنّسبة للكتّاب الفلسطينيّين فعل وجود، و ليست فقط تعبيراً عمّا بداخلنا،لأنّنا حين نكتب نقول نحن هنا). كما أنّ الأدب سلاح مقاومة(سجِّل أنا عَرَبِيّ)، و هو أيضاً مُوَلِّدٌ للأسئلة، الّتي تفتح آفاقاً أمام العقل، و تُطلِقُهُ من أَسْر الثّابت و الجاهز، كيف لا و هو وطنُ الخيال الّذي ينمو بداخله جَنينُ واقعٍ جديد، فلا زلتُ أذكر جيّداً صوت أبي الرّخيم، و هو يقرأ عليّ رواية(الوغد)(ميخائيل شولوخوف) التي صنعت الرَّجُل الّذي أنا عليه الآن، محاولاً أن يغرس بداخلي حُبَّ الأدب، فهنيئاً له ظفَرُهُ بمطلَبِه، لكنّه لم يكُن يعلم أنّه كان يغرس بداخلي عِشقَ الأحمَر أيضاً(ثُمَّ ظَهَرَ البلاشفة و رئيسُهُم، رئيسُهُم هذا اسمُهُ(لِينِين)، تراهُ فتقول إنّه مثل غيره، و لكنّ عقلَه عقلُ عالِم، مع أنّه من جماعتنا منَ الفلّاحين. قال لنا االبلاشفة كلاماً اِندَهَشنا لهُ و أُعجِبنَا بِه! ماذا قالوا يا أبي؟ قالوا ما لَكُم يا فلّاحون؟ ما لَكُم يا عُمّال تهشّونَ الذّباب؟ هُشُّوا الأسيادَ و الرّؤساء، اُكنُسوهُم مثل القُمَامة! كلُّ شيءٍ لكم. قالوا لنا هذا الكلام!).
ألا يَشعُر ولاةُ الأمور بالعار و قد رصدوا جوائز ماديّة تافهة ليمنحوها للأدباء؟ ثمّ كيف يسمحون لقوى الظّلام أن تطارد المبدعين، وأن تلاحقهم قضائيّاًً بحجّة أنّه ينبغي للأدب أن يكون مُلتَزِماً؟ أَلَم يعلموا أنّ الإلتزامَ كُفرٌ في دِينِ الأدب. إذا كان الوضع بهذا السّوء فكيف يُمكِن خَلْق ما أسماها (خوان رامون خيمينيث)(القِلَّة الفاعلة) أو ما يسمّيها الفرنسيّون(المادّة الرّماديّة)؟ ثمّ يَعِدون المغفّلين من أبناء الشعب بتحقيق التطوّر و التنمية، فيكونون بفعلهم هذا كالبغيّ الّتي تُحَاضِرُ في الشَّرَف.






#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيمانويل روبليس(الإيمان بالإنسان)
- إنّني لا أتّفق و إيّاك مسيو فيليب
- السيّد إبراهيم و زهور القرآن
- لِأَنّهُ ماذا ينتَفِعُ الإنسان لَوْ رَبِحَ العَالَم و خَسِرَ ...
- حكاية البرونكس
- أيّام الرّعب(الظّلاميّة و التنوير)
- جسور مقاطعة ماديسون
- الشّموع
- نَدَى كفِّك
- لماذا نكتب الشعر؟
- سينما باراديزو
- الأَوْلَى بِقَلبِك
- لا رجوع
- العَصَا السِّحرِيَّة
- لا يُرِي النَّاسَ وَجهَه
- أين الحقيقة؟
- مَنْ أَكُون؟
- حَظُّ شَاعِر
- الشِّعر
- فِتنة الشّعر


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - الأدب و صناعة التغيير