أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سهر العامري - ظهور مئة وخمسين إماما منتظرا في طهران وحدها !















المزيد.....

ظهور مئة وخمسين إماما منتظرا في طهران وحدها !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1416 - 2005 / 12 / 31 - 10:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حملت وكالات الأخبار على متنها في الساعات القريبة الماضية خبرا من إيران يقول : إن صحيفة جمهوري إسلامي الصادرة في العاصمة طهران قد قالت : ( ان التيار الخرافي الخادع يملك ميدانا واسعا للنشاط في ايران، حيث يوجد 150 شخصا في العاصمة طهران فقط يدعون بانهم الامام المنتظر او وسطاء بينه وبين الناس. ) كما يضيف الخبر أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ! أصبحت مرتعا خصبا للخرافات التي بات تجتاح المجتمع الإيراني ، والى الحد الذي ندد فيه آية الله ، موسوي أردبيلي ، احد مراجع التقليد ، في مدينة قم الإيرانية قائلا : ( حاليا بلغ الوضع حدا اصبحت فيه الخرافات هاجس الجميع. )
وإذا كان النظام في إيران يطمح الى تبرئة نفسه من مسؤولية تفاقم الخرافات والشعوذة الدينية التي استبدت بالمجتمع الإيراني ، ومن خلال تصريح هذا المسؤول أو ذاك ، أو من خلال نشر خبر عن هذه الظاهرة في هذه الجريدة أو تلك ، فإن هذا النظام يتجاهل حقيقة مفادها هو أن الكثير من المراقبين السياسيين يعتبرون أن النظام الديني في طهران هو المسؤول بالدرجة الأولى عن تفاقم هذه الظاهرة التي أصبحت هاجسا يؤرق الجميع على حد تعبير أية الله ، موسوي أردبيلي ، فقد عمل النظام منذ قدومه الى السلطة على إشاعة شعوذات وخرافات عبر وسائل إعلامه المختلفة ، أو عن طريق العشرات من رجال الدين الذين استغلوا البسطاء من الناس الذين حُرموا من نِعم القراءة والكتابة ، حيث تعم الأمية ، ويتفشى الجهل ، خاصة في الأرياف ، وفي أحياء الفقراء السكنية ، المزدحمة في المدن ، هؤلاء الفقراء الذين يسميهم أغنياء إيران بـ ( الدهاتية ) ، والذين سيكونون صيدا سهلا لرجال الدين ، ووسطا خصبا لتفشي الخرافة والمخرفين ، وذلك حين يقوم رجل الدين مثلا بكتابة طلسم لرجل يخشى الحسد ، أو تميمة لامرأة تريد حملا ، أو قراءة بعض العبارات ذات الدلالات الدينية لطفل هده مرض نقص التغذية .
هذا باب ، أما الباب الثاني الذي فتحه النظام الإسلامي في إيران لدخول مرض الخرافات والإدعاءات الباطلة فهو باب وسائل إعلامه ، ومنذ ساعات الأولى لتسلم رجال الدين للسلطة في إيران ، وشاهدي على ذلك هو أنني كنت أتابع برامج التلفزيون الليبي ، حين كنت أعمل هناك مطلع الثمانينيات من القرن المنصرم ، وإذ بالتلفزيون المذكور يقطع برامجه المعتادة ، ويذيع خبرا ، نقلا عن التلفزيون الإيراني ، وكان ذلك في السنوات الأولى من اشتعال المعارك بين إيران والعراق . يقول الخبر : أذاع التلفزيون الإيراني الليلة أن الإمام المهدي المنتظر ، وبكفن أبيض ، كان يتقدم ، وهو يحمل سيفا ، صفوف الجنود الإيرانيين المتقدمين في المعارك الدائرة رحاها على جبهة الحرب .
صباحا سألني مدرس من العاملين معي بخبث ، هل سمعت خبر التلفزيون الإيراني ؟ قلت : نعم . قال : هل تؤمن بمتن الخبر ؟ قلت لا ! قال لي : ألا تؤمن أنت بظهور الإمام المنتظر ؟ قلت له : أنا قرأت عن ظهور الإمام المنتظر مثلما قرأت عنه أنت في كتب التراث ، ولكنني اعتبر قتاله الى جانب الإيرانيين يصب في مجرى الدعاية الحربية الإيرانية ، والتي تهدف الى إلهاب مشاعر الجنود الإيرانيين كي يندفعوا نحو بحور الموت !
هذه الحادثة ظلت لصيقة الذاكرة منذ تلك السنوات البعيدة ، وها هي اليوم ترتسم حروفا تبرهن في مقالتي هنا على أن أول من بشر بظاهرة الخرافات والشعوذات المتفشية في إيران اليوم هو الجهاز الإعلامي للنظام الإيراني نفسه ، هذا الجهاز الذي عمل من جهة أخرى على إصدار سيل من كتب كثيرة لا تتلائم مضامينها مع روح العصر ، ولا تنسجم مع الحياة المتقدمة للإمام دوما ، وحتى الكتب التاريخية التي أرخت لشخصيات إسلامية معروفة ، والتي صدرت في مسار حملة الخرافات هذه كانت كتبا هزيلة أراد منها كتابها تحقيق ربحا ماديا ، سريعا على حساب تجهيل الناس ، ومن أجل إبقاء حكام إيران فترة أطول في الحكم ، وهناك من الكتب هذه ما أساء الى تاريخ الشيعة أنفسهم ، هذا التاريخ الذي سطر فيه فقراء الشيعة ملاحمة بطولية خالدة ، وأسسوا مذاهب في الفلسفة شتى بعيدا عن الخرافة ، والشعوذة الدينية ، وقريبا من العقل وحواس الإنسان الأخرى ، والكتب هذه ، على أية حال ، لا تصل في بسوطها ، وطروحاتها الى طرح وبسط كتاب : عبد الله بن سبأ لمؤلفه مرتضى العسكري من العراق مثلا ، والذي قدم له محمد جواد مغنية من لبنان ، والدكتور حامد داود من مصر ، ولا الى تناول وسطر الحجج في كتاب : أضواء على السنة المحمدية ، لمؤلفه : محمود أبو رية من مصر ، والذي قدم له الدكتور طه حسين .
لقد حفلت المكتبة الشيعية في الآونة الأخيرة بكتب هزيلة في المضمون ، وفي الإخراج ، وقفت وراء إصدارها دوائر إيرانية مختلفة التسميات ، ولغرض واحد هو خدمة النظام الديني في إيران ، وتحقيق تطلعاته في الاستحواذ على مصائر الشيعة بالدرجة الأولى في هذا البلد أو ذاك ، وذلك من خلال نشر ثقافة مضى زمانها ، ونقرض حبل وصلها بكل ما يمت ليومنا هذا بصلة ، فضلا عن مستقبلنا الواعد الذي تتطلع البشرية له بعيون تملأها ثقة بثقافة المعرفة والعلم ، والى الحد الذي بات فيه أفراد من المجتمعات الأوربية يدفعون أثمان شراء قطع من سطح القمر ، ولشركات تعمل على سطح الأرض ، أو يستأجرون مركبة فضائية تحلق بهم في الفضاء الرحب ، بعد أن كان أجدادهم يسيحون في الأرض على ظهر سفينة اكتشفت أمريكا ، أو على متن طائرة قربت المسافة ما بين مشرق الأرض ومغربها .
لقد مات الخرافة في عقول الكثيرين منهم ، وصار من يأتي بالخوارق عندهم هو عقل الإنسان الذي سخره لتحصيل المعرفة والعلم ، ويسنده منهج الدراسي ومدرسة هما يقودان مسار عملية التقدم المندفعة الى الأمام أبدا ، والتي بات شعارها لا للرجم بالغيب! ولا لكل ما يتناقض مع العلم والواقع !
تاريخيا ، وحين تمرد أبو مسلم الخراساني على أسياده من العباسيين ، بعد أن كان كبير دعاتهم في خراسان من إيران ، وما جاورها ، وبعد أن قاد جيوشهم من هناك لنصرة ثورتهم التي اشتعل أوارها في العراق ، بعد كل هذا قتله أبو جعفر المنصور ، الخليفة العباسي الثاني في مجلس حكمه في بغداد ، وبأحد سيفين ربحمها الخراساني نفسه في معركة كان هو قائدها من قبل الخليفة ذاته ، تلك المعركة التي دارت بين قوات الخليفة من جهة ، وبين قوات علي بن عبد الله ، عم الخليفة ، الذي تمرد عليه في البصرة من جهة أخرى ، وكان سبب هذا القتل هو تحدي الخراساني له ، حين كان يسير أمامه في قافلة حجيج عائدة الى العراق من مكة ، وقت أن كان أبو جعفر المنصور وليا للعهد . لكن الخراسانية من أتباع أبي مسلم الخراساني ما كانوا ليؤمنوا بموته ، ونحره بيد الخليفة المنصور ، وأمام من حضر مجلسه ، وفي ديوان حكمه ، فقد سارع هؤلاء الأتباع الى الخرافة ، ولاذوا بها ، مشكلين فرقة جديدة ، أخذت اسمها من اسم الخراساني نفسه ، قالت : إن أبا مسلم الخراساني لم يمت ، وإنما صعد الى السماء ، وإنه سيعود ذات يوم ليملأ الأرض عدلا وقسطا ، بعدما مُلئت ظلما وجورا .
إن فلسفة الحكم لأية دولة من الدول لا تكون بمنأى عن تفشي أية ظاهرة اجتماعية تستبد بواقع الناس في تلك الدولة ، فثقافة الدولة في إيران اليوم بكل ألوانها وأشكالها تنزع نحو الماضي الذي لن يعود أبدا ، إذ يعتقد الساسة في إيران أن إحياء الموروث الثقافي الذي عاد متخلفا الآن هو الكفيل بردم الهوة الواسعة التي تفصل ذاك الماضي عن الحاضر ، وعن طريق هذا الإحياء ، بما فيه التخرصات الخرافية ، سيتمكنون من لي أعناق الحقيقة ، وثني الناس عن المضي في طريق التطور الذي هو سنة الحياة ، وكل ذلك من أجل بسط نفوذهم ، دوام حكمهم ، وفاتهم أن عمر الزيف والدجل قصير ، وذلك حين تشرق شمس الحقيقة لتكتسح عتمة الجهل والتخلف .
ذات صباح ضمني وآخرين مجلس عزاء حسيني ، كان المتحدث على المنبر فيه واحد من الملالي الذين يتكسبون من وراء هذه المناسبة الأليمة على قلب كل حر ، وقد آلمني وقتها بعض ما جاء في حديث صاحب المنبر هذا في رواية خُص بها الإمام علي عليه السلام ، تقول : إن الإمام عليا استطاع في معركته ضد الخوارج في النهروان من رد الشمس عن غروبها ، كي يتسنى له الفراغ من قتال أعدائه .
انتظرت أنا الرجل حتى فرغ من حديثه ، حينها قلت له : أنت وغيرك تسيؤون للإمام علي في رواية منعه للشمس عن مغيبها ، ولا تزيدون فيه شيئا البتة ، وأنت بعد ذلك ـ والكلام مازال موجها للرجل ذاته ـ تغالي فيما تروي ، وإن غلوك هذا سينقلب الى خرافة يتداولها الناس فيما بينهم ، وكأني بك لم تسمع ما قاله الإمام علي نفسه في المغالين بحبه : ( من غالى في حبي أكبه الله على منخريه يوم القيامة في النار !)
والآن أخشى ما نخشاه نحن العراقيين اليوم هو أن يجتاحنا موج طوفان الخرافات ، والشعوذات الدينية القادم من إيران ، هذا الموج الذي بدأت طلائعه الأولى تسير في شوارع العراق وطرقاته ، جنبا الى جنب الدبابة الأمريكية الحاملة على متنها ديمقراطية الشعوذة ، والجهل ، والموت ، والتخلف ، والسجون ، وانقطاع التيار الكهربائي ، والماء ، وتفشي الجريمة والجوع . ومع كل هذا فالعراقي لن يطول صبره كثيرا ، فهو مازال بانتظار المهدي المنتظر



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملامح الحكومة الأمريكية القادمة في العراق !
- الانتخابات العراقية خسارة للعراق وفوز لإيران ! سه ...
- مرحى شيوعيي الناصرية !
- البصرة تحت ظلال صدام !
- أهداف إيران من احتلال البصرة !
- الشيوعيون ضمير الشعب !
- عملاء ايران والحزب الشيوعي العراقي !
- اطلاعات تقتل العراقيين وتعذبهم في عقر دارهم !
- كوندليزا في الموصل وسترو في البصرة !
- ما يجمع الجلبي بالطوشي !
- عملاء إيران والقائمة العراقية الوطنية 731 !
- أبو نؤاس في مصر 3
- أبو نؤاس في مصر 2
- أبو نؤاس في مصر 1
- محكمة الشعب !
- عصا علاوي !
- العشائر العراقية والحوزة الإيرانية !
- مظاهرة المخابرات الإيرانية في البصرة !
- فسوة صولاغ !
- في الجمهورية الخضراء الكشميري يطارد الحلفي !


المزيد.....




- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سهر العامري - ظهور مئة وخمسين إماما منتظرا في طهران وحدها !