أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الجبار السعودي - الى صديقي خروتشوف ... مع أطيب التحيات !















المزيد.....

الى صديقي خروتشوف ... مع أطيب التحيات !


عبد الجبار السعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1416 - 2005 / 12 / 31 - 06:51
المحور: حقوق الانسان
    


وسط الهموم التي تجثم على صدورنا ، وتحيل أيامنا بكل تفاصيلها الى غصة قاتلة تخنقنا بهدوء ، نبحث هنا وهناك عما يسلي الروح والنفس و ربما الجسد أحياناً ، ليس عن ملذات تتطاير هي الأخرى سريعاً ولا تترك أثراً في مسرى حياتنا اليومية ، بل عما تتناقله لنا الأخبار والعناوين و (القفشات) المسلية هنا وهناك .. ونمتع عيوننا المتعبة بما نشاهده من صور ٍ عبر الشاشة والأحرف الألكترونية ! ولو جاءت بعض من تلك الأخبار وسطورها ، لكي تحاكي أذهاننا وما نعيشه من أحداث يومية أو ذكريات جميلة مضت ، فإن القلم يستنهض فنونه وقدراته لكي يروي للقراء فصول ما حدث ويحدث في عالمنا الذي تتلبسه حالة من الهذيان والجنون المنفلت وتقوده قوى خارقة لا تعرف الرحمة والترحم ، لا حدّ لها بالفصول التي رسمتها لنا !
يقول الخبر المبكي والمضحك كما هو حال عالم شعوبنا العربية ، والذي تناقلته وكالات الأنباء والمواقع الألكترونية قبل أيام ، ما مفاده أنه ( قبل أسابيع رزق مواطن ليبي يدعى القذافي ( كذا ) بمولود ذكر في إحدى مستشفيات مدينة ( مصراتة ) الليبية فأسماه "معمر" تيمناً بالرئيس الليبي . ولم يقـدّر للطفل أن يعيش ويحيا ، فتوفي بعد أسبوعين فقط من ولادته. وعندما همّ والده بتجهيزه للدفن طلب من المستشفى إعطاءه شهادة وفاة لصغيره . لكن أحدا من الأطباء العاملين في المستشفى لم يكن على استعداد لإصدار شهادة وفاة باسم "معمر القذافي" خوفا من أن يناله الأذى من العناصر الموالية للنظام ! وهكذا ظل جثمان ذلك الطفل في الثلاجة لأكثر من أسبوعين دون أن يدفن !! وللخروج من المأزق نـُصح والد الطفل السيد القذافي بالحصول على إذن من المحكمة بتغيير اسم طفله المتوفى ، كي يتمكن المستشفى من إصدار شهادة الوفاة ! وفعلا تم ذلك واستبدل إسم "معمر" باسم آخر ليكون ذلك الطفل الليبي المسكين هو المخلوق الوحيد في العالم الذي غيروا اسمه بعد موته كي يتسنى لأهله دفنه !
هذا الخبر الذي أذهل القراء ولشدة وقعه على النفوس ولوقع المصائب المريرة التي نعاني منها في بلداننا العربية من جراء سياسات الحكام المهووسين بألقابهم ونياشينهم وعباءاتهم وهندامهم الأجوف الفارغ والرعب الذي تعيشه شعوبنا جراء سياساتهم الدموية ، فإن الذكريات الحية المشتعلة في صندوق الدماغ قد عادت بي الى أيام وسنوات ثورة 14 تموز 1958 الفتية وحيث كانت تعيش زهوة أيامها وعنفوانها .. وحيث المد الشعبي الثوري يجتاح كل فواصل الحياة ويلهب عقول الناس بحكايات ٍ وأفعال ٍ يتلمسون ثمارها على مستوى حياتهم المعيشية والثقافية ، ويتطلعون بشغف وحرارة الى المنجزات الحية والموعودين بها بمعاونة دول صديقة للعراق يقف على رأسها آنذاك الإتحاد السوفياتي وباقي دول المنظومة الإشتراكية ، بل وأن الأمل الكبير الذي كان يراود حياة عامة أبناء الشعب العراقي وبكل كادحيه وفقراءه هو أن يروا بلدهم و زعماءهم آنذاك في مصاف زعماء تلك الدول الذين ألهبوا حماس الملايين من البشرية في تلك الفترة وأصبحوا في أذهان الناس قادة ملهمين وأسطوريين تتحدث عنهم الألسن في كل مناسبة أو مجلس ! وأحد هؤلاء القادة كان نيكيتا خروتشوف السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفيتي للفترة من 1953-1964 و رئيس مجلس السوفيت الأعلى للفترة من 1958 – 1964 !
كان ( هَجــْول ) رحمه الله أحد أبناء جنوب العراق الباسم و الذي عاش تلك السنوات متطلعاً ومتأملاً كغيره من الكادحين في أن يرى ويتلمس ثمار ثورة تموز الفتية وهي تخطو بقوة وثبات من أجل مصالح الفقراء والمعدمين ومستقبل الوطن اللاحق ، وكان يرد الى أسماعه في تلك الفترة أسماء كل الزعماء الوطنيين والعالميين والأحداث الحاسمة التي صاحبت أيام حكمهم وعلى الأخص منها أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962 ، فكانت أسماء كاسترو و خروشوف وغيرهم قد ألهبت حماس كل قطاعات واسعة من الشعوب على إمتداد المعمورة المتطلعة للتحرر ومنهم صائغ الذهب العم ( هـَجــول ) الذي كان في أولى سنوات الثورة قد شرع في تعلم القراءة والكتابة بعد الإنتهاء من عمله مساءً وبحماسة منقطعة النظير هو وغيره من صحبته من الصاغة وأصحاب المهن والحرف الأخرى في أسواق البصرة الشعبية ، وكانت مدرسة المربد الإبتدائية في محلة القشلة و العريقة بتاريخها تحتضن هؤلاء الكسبة والحرفيين بين جدران صفوفها الواسعة لكي يبدأوا مشوار تعلمهم ودراستهم المبتدئة على أمل أن يتصفحوا الجرائد الوطنية ويتلقفون الأخبار عوضاً عما يسمعوه من مذياع الراديو ! وفي يوم ما .. قريب من تلك الأحداث رزق العم ( هـَـجـْــول ) بمولود ذكر هو الثالث بين أولاده ، وعمــّت الفرحة الدار والشارع والأحبة وسوق الصاغة الذي يعج بالحياة منذ أولى ساعات الصباح .. وحان موعد إصدار الجنسية الخاصة بالوليد الجديد الذي طلّ على الحياة في أيام وسنوات ثورة تموز المباركة على العكس من أخويه اللذين يكبرانه بسنوات و اللذين ولدا أيام الحكم الملكي . أسرع الوالد و رب البيت وسلطانه الى دائرة النفوس في البصرة لكي يصدر له الجنسية العراقية كمواطن عراقي جديد يضاف الى نفوس العراق البالغة حينذاك حوالي السبعة ملايين نسمة . لكن الذي حدث في تلك اللحظات أن الموظف المسؤول عن تسجيل البيانات الأولية لغرض ديمومة وإستمرار المعاملة الرسمية قد رفض تدوين ما ورد في بيان الولادة الرسمي آنذاك ، فقد ورد إسم الوليد الصغير في بيان الولادة تحت إسم ( خروتشوف ) ! ، بل وأسرع ذلك الموظف المرتعب الى مديره المسؤول لكي يخبره بتلك ( المصيبة ) الكبيرة ! التي إستبشر بها في أولى ساعات الدوام ! وعلى نفس الخطى المسرعة و( المصاب الكبير ) الذي ألــمّ بالموظف ، توجه سيادة المدير العام لكي يسأل مستوضحاً عن صاحب الطلب! ورغم الإلحاح الكبير على العم ( هـَجــْول ) لكي يغير إسم الوليد الصغير ويمنحه أي إسم آخر حتى ولو تيمناً بإسم الزعيم عبد الكريم قاسم أو الآخرين كالمهداوي أو وصفي طاهر أو ماجد محمد أمين ، لكن عمنا الراحل أصرّ على طلبه هذا ، والذي قابله رفض صريح وقوي من دائرة النفوس آنذاك !! وأنتشر الخبر كما يُقال كالنار في الهشيم وأصبح حديث الناس الأقربون ، بل وإزدادت زيارات الأحبة والمحبون لكي يشاهدوا ( خروتشوف ) العراق الصغير وهو لم يزل يتعدى الشهر من العمر !! وبعد محاولات إقناع عديدة تدخل بها الأهل والأقربون والأصدقاء ، ونظراً لإستحقاقات إصدار الجنسية خلال فترة زمنية محددة ، فقد إقتنعت عائلة الوليد الصغير أن تستبدل إسم ( خروتشوف ) الى إسم آخر ( ..... ) لا زال يحمله رسمياً أينما حل في ترحاله وسفره وعيشه ! أما نحن الذين سمعنا وعاشرنا الحدث الذي هزّ مشاعر الناس المقربون وأضحكهم وألهاهم ، فلم نزل نحتفظ بتلك الذكرى وأحداثها حية في أذهاننا الطرية ، بل ونسترجع ذكرياتنا مع ( خروتشوف ) العراق ، الصديق العزيز الذي هزّ إسمه كيان السجل الرسمي العراقي المتمثل بمديرية النفوس العراقية في لواء البصرة أنذاك .. ولا زلنا نردد في أول لحظة لقاء أو عناق أخوي وبدون همس هذه المرة .. وبدون خوف أو تردد .. أهلاً ( خروتشوف ) ! ونضحك
فاليك ايها الصديق الغالي .. أطيب التحيـــــــات !



#عبد_الجبار_السعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراقيون المندائيون .. والخط الأحمر !
- فرشاة حامد .. أنامل حامد !
- ويستمر القتل ُوالخطفُ المتعمد للصابئة المندائيين !
- ممارسات مدمرة .. يدفع ثمنها الشعب والوطن
- ضحك على الذقون
- وعند كوبا .. بلسم ٌ للجراح


المزيد.....




- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الجبار السعودي - الى صديقي خروتشوف ... مع أطيب التحيات !