أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم فتحي - قراءة في مجموعة - كناري- لأحمد الخميسي














المزيد.....

قراءة في مجموعة - كناري- لأحمد الخميسي


إبراهيم فتحي

الحوار المتمدن-العدد: 5321 - 2016 / 10 / 22 - 10:07
المحور: الادب والفن
    


ابــراهــيــم فــتــحــي
تبدو مجموعة “كناري” لأحمد الخميسى جامعة بين طرفى نقيض فى الأسلوب، فهى تمزج أدوات أدبية واعية بذاتها بالتلقائية الصحفية العامة داخل تكثيف شعري، أى تجمع بين التلقائية والتدبر الصياغى مما أدى إلى الاقتصاد والتلميح بالتضمن البديهي. وذلك يضع القراء فى حالة ذهنية راضية. وتسهم تلك القصص القصيرة بتحقيق مباشرتها وتركيزها وحيويتها ومشاركتها فى ذلك مع الصحافة فى أعلى مستوياتها، مزج الغنائى والحكائي. وقصص المجموعة كل منها ذات تأثير مفرد مهيمن وتمتلك عناصر صراع درامي، فالتوتر عنصر بنائى أساسى فيها. وشكل القصص شديد الوعى بنفسه يستطيع أن يحتفى بالتلقائية وأن يضفى طابعًا دراميًأ على لحظة كشف قصصية شكلها عمدى ومحسوب ويستطيع أن تكون له العرضية الظاهرية للقطة يكون وحدة التأثير فيها هو معيار الإنتاج الشعري. فلشكل القص عند الخميسى قوة الجمع بين الثراء والإيجاز والقيام بمهمة مركبة من خلال خلق وضوح. حقًا لا تغطى القصة الواحدة سوى مجال محدود من التجربة، بيد أن المجموعة تعكس تنوع الحياة، ولكنها تعكس أيضًا حس دراما اللحظة، ولها كثافة الشعر. فالشكل الموجز يحكى مباشرة التجربة الحديثة لأن يكون الفرد حيًا.
والكنارى عصفور حسن الصوت أصفر اللون أخضر يربى فى الأقفاص، وعلى الرغم من ذلك يطلقه أحمد الخميسى فى القصة التى تحمل المجموعة عنوانها محلقًا داعيًا إلى السير يسارًا رمزً للتغيير والتقدم، يجتاز الراوى به الأنهار. ورغم ثقل الراوى وضخامته ارتفع إلى الأعالي.
وقد قيل عن المجموعة بحق إنها تتسم بشمول التأمل فى آلام وأشجان القضية العربية ومذابح الطفولة الفلسطينية التى يتجاهلها عالم غربى مخاتل، وفى البشر الذين يشيّد لهم الرعب المسيطر سجونًا خانقة. ففى قصة “بط أبيض صغير” هناك تلك الكائنات البيضاء الصامتة التى يلازم الراوى شعور مضن أن عليه أن يعيدها إلى هيئتها الأولى، إلى أطفال بشرة كل منهم غضة وإلى وقفاتهم أمام فترينات اللعب. ومن قبل كان الراوى يتابع كل شيء، ثم توقف عن متابعة أى شي، عن متابعة الصحف كلها والتليفزيون وتوقيع بيانات الاحتجاج السياسى والكلام فيما يحدث حوله. لقد أحال القصف اليومى مدن فلسطين إلى شجرة عيد ميلاد تزينها بيوت صغيرة تطفح نوافذها بالموت. ويسيطر عليه اليأس لكن الأمل يتوثب ويلقى شباكه فى بعض الأحيان، فيهمس لنفسه أنه مخطئ وأن ثمة ما يتحرك نحو الأحسن. ولكن ما أن يبدأ القصف من جديد حتى يفر الأمل مذعورًا. ولكنه بحكم العادة المتأصلة كان يشاهد مقدمات نشرة الأخبار التى تستغرق نصف دقيقة تتدفق خلالها نعوش الأطفال الفلسطينيين إلى الشاشة مثل ماء رفعت عنه السدود مرة واحدة من شاشة التليفزيون إلى أرض الصالة فى بيت الراوي. ولكن كومات الأطفال التى تسربت من الشاشة تكون قد شغلت كل فراغ فى شقته ولا يدرى ما بوسعه أن يفعل. فالأطفال (البط المسحور) يألفون المكان ولا يغادرون لأن الدنيا فى الخارج مرعبة. وفى الليل يملأ البط الأبيض كل موضع فى حجرة النوم والراوى يهرب منه متحججًا بالعمل كما يتجول فى الشوارع قبل أن يتجه إلى منزله ليجد صفوف البط تتطلع إليه فى نظرة مبهمة وهو وحيد عاجز عن الفعل يتمنى أن تدق الباب يد بشرية. وهذه الحكاية عن الواقع شديدة الغرابة، وتقنية السرد وظيفة لمعرفة الواقع لتكثيفه وترميزه.
وفى قصة “انتظار” التى كتبت قبل 25 يناير 2011 وكأنها تستشرف المستقبل تتردد حكايات كثيرة حول الجماهير، أما الحقيقة فلا يكاد يعلمها أحد لأن لها مئات الأعين والأوجه واستخلاصها صعب. وربما بدأ الحشد بخروج رجل مسن من منزله فى شبرا ذات صباح وسار مسافة فى اتجاه الميدان، وتوقف هناك بحقيبته المتوسطة وذقنه النابتة وجلس على الرصيف وظل فى جلسته طويلاً حتى أخذت المحلات وتغلق أبوابها. وهو يقول للسائلين إنه لا يتذكر ما الذى كان ينتظره طوال اليوم. ففى الجو يتلبد الانتظار عند كثيرين. ثم جاء آخرون وجاءت فرقة شرطة فرقت بعصيّها الثلة فتناثر أفرادها واقفين فى منتصف الطريق. وواصلت صفوف الوافدين تدفقها حتى صاروا قوة من الأمل فى المستقبل وساد شعور فى الحشد بأن شيئًا لابد أن يقع تتبدل بعده الحياة.. وينهض رجل لم يعرف أحد اسمه ولا قصته ويمد بصره مأخوذًا بموج الرؤوس البشرية المترجرجة بلا نهاية، وينحنى على الأرض ببطء ملتقطًا فرع شجرة ثم يعقد على طرفه خرقة صغيرة تطلع الحشد الصامت إليها وهى ترفرف بتراخ ثم وهى تخفق فى الريح بكل قوتها، راية تختلج بالانتظار للأمنيات الجماعية ورفض القيود.



#إبراهيم_فتحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قص الجواسيس / من -الزهرة القرمزية- إلى -فتاة الحلوى- و-عملية ...
- هل نعيش في زمن ما بعد الحقيقة؟
- صعود وانهيار النموذج التركي
- ما بعد العاصفة / توابع الاستفتاء البريطاني على الخروج من الا ...
- رواية الجريمة النشأة والتطور
- علاء الديب وتمجيد الحياة
- صناعة الثقافة
- أدب نسوي أم أدب إنساني
- إردوغان والسلطنة التركية الجديدة
- السلالات الحاكمة في السياسة والاقتصاد
- -الاختلال- العالمي الجديد
- تطور تقنيات الرواية في مصر
- صعود اليسار في جنوب أوروبا
- كيف قرأت أمل دنقل
- الحرب العالمية والأدب
- اليسار الراديكالي والسلطة جنوب أوروبا
- هنرى كورييل ضد الشيوعية العربية فى القضية الفلسطينية -
- الحاضر والتاريخ عند نجيب محفوظ
- حيرة ومتاهات موقتة في القاهرة
- إبراهيم أصلان ساحر البيان


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم فتحي - قراءة في مجموعة - كناري- لأحمد الخميسي