أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الأول من الرواية: ج / 1














المزيد.....

الجزء الأول من الرواية: ج / 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5321 - 2016 / 10 / 22 - 06:25
المحور: الادب والفن
    


أيامي، كانت توشك على النفاذ في فيللا العائلة، عندما تعلّقت بي " الشريفة ".
على طرف المشهد، كان يقف زوجها بهيئته الطريفة المُذكّرة بأصحاب المحلات التجارية، المُحدقة بساحة جامع الفنا من جهة الأسواق، والتي يختصّ معظمها ببيع الحقائب والأخفاف الجلدية. إنهم شلوح أيضاً، يستغفرون الله آن أوبتهم من العمل لذكرهم اسمه كذباً عشرات المرات. يفعلُ ذلك كلّ منهم عبرَ أدعية تعقبُ الصلاةَ، وتسبقُ فرشَ امرأته لمائدة العشاء، ومن ثمّ الركون إلى الفراش لفتح الرجلين عن فرْجٍ يُمكن أن يكون على شكل خفّ جلديّ، كبيراً أو صغيراً.
امرأة " سيمو "، كانت شيئاً آخر ولا شك. وأعني مشكلة الجسد، بما أنّ الحديث كان عن المعصية والمغفرة. كانت تملكُ كفلاً كبيراً، فاحشَ الفتنة، يُذهل الرجالَ عن فرجها.. أقول الرجال، وأعني ما أقول. إذ دأبت " الشريفة " على كونها محجّ طلاب المتعة، وخصوصاً أولئك الكَوَر ( الأوربيين النصارى ) ممن كانت تخدمهم هيَ ورجلها. هذا الأخير، كان قد كفّ زمناً عن الإقتراب من امرأته لدرجة أن تعيّره بأنه عنين. كذلك كان الحال، حينَ حظوتُ لأول مرة بدخول هذا الفردوس الخلفيّ.
كنتُ آنذاك ما أفتئ أكتشف المكان، بصفته الثقافية لا بكونه مقصداً سياحياً. فكان عليّ أن أجتاس يومياً عشرات الكيلومترات، ثمة في المدينة القديمة، بحثاً عن روح مراكش الهائمة في متاهة دروبها وأزقتها وأسواقها. عليّ كان الإفادة من المناخ الفريد، حيث الخريف امتداداً لصيفٍ جاف بلا سحابة واحدة، كي أمضي من جهة الفيللا مَصحوباً بشجيرات الزينة الليمونية، الناشرة عطرَ أزاهيرها الناصعة والمظلِلَةَ جانبيّ شارع محمد الخامس، وصولاً إلى مشارف الكتبية. أشجار النخيل، تتسيّد المشهد بقاماتها الفارعة. وإنّ بعض النخل ليُمسي شبيهاً بأعضاء ذكورية منتصبة، آنَ تجرّده من السعف بفعل عاصفة غربية أو ريحٍ شرقيّ.. وإنّ البغايا ليتحسرن عندئذٍ، وهنّ مغروسات تحت النخلات تلك، لمرور ساعاتٍ بلا صُحبة عضوٍ ذكوريّ واحد.
" الشريفة "، لم تكن مومساً بحال من الأحوال. كانت كالحورية المكلّفة من الإله بالترويح عن زبائن الفردوس، المختارين. ولأنها ابنة أصيلة للمكان، فقد أعتادت أن تمنح جسدها بكرم وسخاء لطالبي المتعة طالما أنهم كرماء وأسخياء. ما كان الأمرُ يتعلق بالمال بشكل مباشر، بل من خلال منافع معينة. إلا أنّ حوريتنا، بطبيعة الحال، ما كانت معفاة من معاناة مثيلاتها الأرضيات إن كان لجهة آلام الحيض والمخاض أو لجهة أوجاع الرحم والمعي المستقيم. ولكنّ معاناتها الحقة كانت تكمن في الروح، في جرحٍ ما يني مفتوحاً ينزّ منه الدّم والصديد والقيح.
يبرز فجأة من المشهد جسدُ " شيرين "، المهشّم على أثر حادث الإنتحار، كما لو أنّ صاحبته تبغي الإشارة بيدها المدمية إلى من كان لعنة حياتها. وجهها الجميل، الملفوف بالقماش الأبيض، ما يني سليماً تشمله سَكينة الأبدية والخلود. في سيرتها المخطوطة، مثلما أذكر، كانت قد أعتبرت امرأةَ ذلك الرجل بمثابة " القرين " لها. وأعتقدُ من جهتي، أنّ أحداً غيرها لم يتكامل مع قرينه حدَّ الإنصهار في كيان واحدٍ. كان تبادلاً غريباً لأدوار العشق والشبق، رأيتني متورطاً به عبرَ علاقة مع " الشريفة " في الآن نفسه، الذي بدأ فيه رجُلها بإغواء شقيقتي. ولأنني ركّزتُ فيما مضى على ثيمة المكان، فإنّ الغرابة لتبلغ غايتها حينَ نعلمُ بإتفاق خروجي وشقيقتي من الفيللا مع دخول الزوجَيْن في حياة كلّ منا. فيللا العائلة، وكانت قد أستضافتنا قرابة شهرين مذ ليلة حلولنا في مراكش، لم تكن مكاناً مناسباً لتطوّر هكذا علاقة على طريقٍ حقّ.. طريق الجلجلة، أجل، المفضي بأجسادنا جميعاً إلى صليب الروح.
لم يكن ممكناً تفاهمي مع " سيمو "، بالنظر لإختلاف عقليتينا ومسلكينا. هذا، على الرغم من أن الرجل حظيَ بقدر جيّد من التعليم علاوة على كونه الابن الأصغر للسيّد " الفيلالي " من امرأته الأولى، المقيمة في ورزازات. وإنها المرأة الثانية، " للّا بديعة "، من كانت قد أستضافتني في الفيللا مع شقيقتي وعاملتنا كأحد أفراد العائلة. في المقابل، كان خروجنا من ذلك المكان الحميم أشبه بالطرد، عقبَ فضيحة فضّ عقد قران الابنة الصغيرة " خدّوج ". لم نكن مرتبطَيْن بسببٍ للفضيحة، إلا فقط في أذهان أصحاب العلاقة الحقيقية بها: الإبنة الكبرى، " سُمية "، هيَ من شاءت إزاحة الوزر عن كاهلها حينَ نبرَت لإتهام " شيرين " بتشجيع شقيقتها " خدّوج " على فكّ أرتباطها بالرجل العراقيّ: " لكي يخلو الأمر لأخيها فرهاد، الطامح بالإقتران من شقيقتي! "، كما قالت حرفياً على مائدة الفطور في يومٍ تلى الواقعة. ذلك الرجل العراقيّ، وإسمه " رفيق "، صدَّق على كلام الشقيقة الكبرى لخطيبته السابقة مدفوعاً على الأغلب بمشاعر الغلّ والغيرة. ففي يومٍ سبق موعد عقد القران، أظهرَ العريسُ المفترض إنزعاجه البالغ لدى قيامي بحماية " خدّوج " من تحرّش شابّ أرعن أثناء تجوالنا ليلاً في ساحة جامع الفنا. " رفيق "، وبرأي خطيبته ذاتها، كان يبغي تغطية جبنه ليلتئذٍ بالإيحاء بوجود دافعٍ لي، مشبوه، وراء الدفاع عنها. كلاهما، الشقيقة والخطيب، كان في واقع الحال مسؤولاً بشكل مباشر عن الفضيحة: إنّ " سمية " قد سبقَ وعرّفت ذلك الرجل على ابنة خالتها، " نجيمة "، ثمة في باريس. ابنة الخالة، هيَ من كانت وراء الفضيحة لما أتصلت مع " خدّوج " في ليلة عقد القران لتدّعي باكيةً أنها حاملٌ من " رفيق ".
أيام ثلاثة حَسْب، ثمّ جاء الدَور على " الشريفة " كي تُوصد أبواب الفيللا بوجهها ووجه زوجها. خرجتْ مشفوعةً بتهمةٍ، تتعلق بمناسبة الفضيحة نفسها. إذ جرى الحديث هناك عن قيامها بإبلاغ " خولة " بموعد ليلة عقد القران، مع كون " للّا بديعة " قد شدّدت على كتمان الأمر عن ابنة الضرّة هذه: لكأنما ذاك كان طرداً من الفردوس السماويّ، شملنا نحنُ الأربعة بوصفنا " آدم وحواء " مزدوجين.. كأنّ إمكانية كلّ من الزوجين التعرّفَ على الآخر، ثمة في الفردوس الخلفيّ، لن تتحقق إلا من خلال حيّة الإغواء المُتمثلة بالمرأة السورية الغنية؛ " سوسن خانم ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الأول من الرواية: ب / 3
- الجزء الأول من الرواية: ب / 2
- الجزء الأول من الرواية: ب / 1
- الجزء الأول من الرواية: أ / 3
- الجزء الأول من الرواية: أ / 2
- الجزء الأول من الرواية: أ / 1
- الفردوسُ الخلفيّ: تقديم 3
- الفردوسُ الخلفيّ: تقديم 2
- الفردوسُ الخلفيّ: تقديم 1
- غرناطة الثانية
- الرواية: ملحق
- خاتمة بقلم المحقق: 6
- خاتمة بقلم المحقق: 5
- خاتمة بقلم المحقق: 4
- خاتمة بقلم المحقق: 3
- خاتمة بقلم المحقق: 2
- خاتمة بقلم المحقق: 1
- سيرَة أُخرى 41
- الفصل السادس من الرواية: 7
- الفصل السادس من الرواية: 6


المزيد.....




- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الجزء الأول من الرواية: ج / 1