أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف أحمد إسماعيل - أمراء الحرب والسلطان المتحوّل














المزيد.....

أمراء الحرب والسلطان المتحوّل


يوسف أحمد إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5318 - 2016 / 10 / 19 - 01:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس صدفة أن يُسمّى قادة الجماعات المسلحة المتقاتلة بـ " أمراء الحرب " ؛ فالأمير في التراث العربي هو وكيل الخليفة أو السلطان في إقليم أو حاضرة أو مقاطعة ؛ بمعنى أنه ينوب عنه ، ويعمل بمشورته وسلطانه وقوته ، ولا يستطيع مخالفته إلا إذا وجد في نفسه القوة و القدرة على الانفصال . وهذا لا ينطبق على "أمراء الحرب"؛ لأن الإضافة هنا بـ " الحرب " تختلف من حيث القدرة عن أمراء الأقاليم والولايات وما شابه ذلك .
فالانفصال، وإن كان وارداً عند أمراء الولايات، غير وارد عند "أمراء الحرب "؛ فهؤلاء قد يضعفون ويستقوون ويضمحلّون ويُقصَون، ولكنهم لا يستطيعون التمرد والانفصال بحكم محدودية قوتهم، وارتباطهم المباشر بالداعم الخارجي الرئيس الذي يتبعون إليه ؛ أي سلطانهم الذي يعودون إليه، وينفذون أوامره وتوجيهاته . وعليه فهم لا يمتلكون القدرة على التقرير أو التفكير أو التنفيذ بمعزل عن مرجعيتهم السياسية والمادية والعسكرية . ولأن السلطان الآمر والداعم والمتحكم لم يكن تاريخيا مُمثّلاً بالشعب ، وخاصة في ظل الحروب الأهلية ، وإنما كان خارج الدولة وحدودها ، فإن "أمراء الحرب" لا ينفّذون رغبة الشعب وطموحاته ، ولا يمكن وفق ذلك قبول زعمهم بأنهم يمثلون الشعب، أو يدافعون عنه أو عن حريته أو عن تحرره وكرامته ، فتلك المقدمة لا تمهد لهذه النتيجة.
غير أنّ المفارقة في ذلك تكمن بأنهم مخدوعون بقتاعتهم بتمثيلهم للشعب ، وبقناعتهم بأن السلطان الذي يشكّل مرجعيتهم يعمل لخدمة شعبهم ، وفي الوقت ذاته يصادرون حق شعبهم في الرأي والاعتقاد والحركة ، وكل ما يمثله التطلع إلى الحقوق الإنسانية التي أقرتها المعاهدات الدولية . ولا يستفيقون من تلك الخديعة إلا حين ينبذهم سلطانهم أو يضعفهم ، أو يعمل على اغتيالهم ، ولكنهم في كل الحالات لا يستطيعون التلويح له إلا بإشارة الخضوع والخنوع.
ولكي يُتاح لهم التعويض النفسي عن الإحساس بالذل أمام السلطان، يعمدون إلى إبداء البطش والتعنت والجبروت في حكم من يقع تحت سيطرتهم ، ولأنهم من حملة السلاح والقناعة بأن الدم هو الحل الأمثل للانتصار على عدوهم، يستغلهم تجار السياسة، عبرتعميق خديعتهم، بأن السلطان الذي يتبعون له هو سلطان محب لشعوبهم ، فيعملون على تجميل صورته وتسليط الضوء على مواقفه الإنسانية وتبرعاته ودعمه لحقوق الشعوب المضطهَدة .
وذلك الفعل من تجار السياسة يماثل ما يعرف بـ " تجار الحرب " من مهربين ومحتكرين وانتهازيين وعصابات ، ولكن في هذا الموقع يرتدون ثيابا مخملية ويتعلمون لعبة الكلام والإعلام والغضب ، ويدّعون " المعارضة السياسية " باعتبارها رديفا للمعارضة المسلحة . وهكذا تُغلق دائرة الخديعة على "أمراء الحرب" من جهتين : السلطان والمعارضة السياسية . فيصدّقون أنفسهم بتمثيل الشعب دون الانتباه إلى دم الشعب المسفوك طوال التمثيل ذاك.
ولكن المفارقة الكبرى في قضية "أمراء الحرب " أن الأمير لا يتحوّل إلى سلطان، وإنْ توهّم ذلك بنفسه في لحظة تاريخية من لحظات الحرب ، لأن المعارض السياسي هو من سيستثمر نجاح العسكري ، ويتبوّأ عرش السلطنة المزعومة ، ونقول المزعومة، لأنه حتى المعارض السياسي في مثل تلك العلاقات المتداخلة في الحرب الأهلية هو تابع للسلطان الخارجي، ولا يعدو أن يكون ناطقا إعلاميا بلباس وطني؛ سوري، أو عراقي، أو يمني ، أو ليبي !
غير أنّ السلطان الذي شبّت في بلاده الحرب الأهلية، قد يتحوّل إلى أمير من "أمراء الحرب" أيضاً، وذلك حين يكون طرفا في الصراع، ويجعل من مواليه وقودا لحربه ، ومن بقية شعبه من المعارضين عدوّاً وخائنا للوطن ، أي له باعتباره رمز الوطن !
ولأن "أمراء الحرب" لا بد لهم من سلطان خارجي يدعمهم في حربهم ، لا بد أيضا للسلطان المتحوّل من سلطان خارجي يدعمه ، وحين يجده يصاب بانفصام شخصي كأي أمير حرب من "أمراء الحرب" فيقف أمام داعمه الخارجي كتابع وأمام شعبه كسلطان ، متوهما كأي أمير حرب أنه على حق وبصيرته نافذة !
ولكن الرؤية الضبابية تلك لا تلبس أن تنفشع حين يقرر السلاطين، الخارجيون الداعمون، الاتفاقَ، أو تغيير قواعد لعبة الصراع ، أو تغيير بعض "أمراء الحرب" ، أو إضعافهم أو اغتيالهم ، أو إبعادهم؛ حينها يكتشف السلطان المتحول أنه تحوّل إلى أمير حرب تابع ، سيُغتال ، أو يُقصى ، لأن الصراع بين السلاطين كان في جغرافيته من أجل مصالحهم فقط ، وليس من أجله هو .



#يوسف_أحمد_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشويه الآخر تحت سقف الوطن
- مثقف السلطةومثقف المعارضة
- الانتصار للحرية
- الطابور الوطني الساذج
- النظام الجمهوري العربي
- الوطنية شراكة إنسانية
- حلب تحترق 2
- حلب تحترق
- البوكر والعيش المشترك
- مواطن بأوراق ناقصة
- وطن بلا حرافيش
- سرود قصرة (10 )
- سرود قصيرة (9)
- سرود قصيرة(8)
- سرود قصيرة (7 )
- مفارقات
- سرود قصيرة (6)
- سرود قصيرة (5)
- سرود قصيرة (4)
- المعارضة السلمية (3)


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف أحمد إسماعيل - أمراء الحرب والسلطان المتحوّل