أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - اسعد عبدالله عبدعلي - مربي الطيور -المطيرجية- والمجتمع, علاقة متأزمة















المزيد.....

مربي الطيور -المطيرجية- والمجتمع, علاقة متأزمة


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5315 - 2016 / 10 / 16 - 01:12
المحور: المجتمع المدني
    



مربي الطيور "المطيرجية" والمجتمع, علاقة متأزمة

اسعد عبدالله عبدعلي
فزع كريم من نومه, على صوت ابن جاره "شنكل" المطريجي, وهو يصفر ويصيح على طيوره التي طارت في السماء, مع أن الوقت مازال السابعة صباحا, حيث يعتقد شنكل أن الطيور تفهم زعيقه وتأتمر بأمره, وشنكل يعتقد انه كلما زعق بقوة على طيوره, تصبح مطيعة له أكثر, وألا انهال عليها بالحجارة, حيث تتهاوى حجارته على بيوت الجيران, ف"المطيرجي" شنكل منزعج من عدم استجابة الطيور لزعيقه, يفكر كريم في ترك الدار والانتقال الى بيت بعيد عن شنكل, فلا قانون يحمي المواطنين من الإزعاج, ولا تنفع شكوى كريم لأبي شنكل, مما سد أبواب الراحة, الا بالانتقال لبيت بعيد.
مربي الطيور "المطيرجية" ظاهرة غير صحية, تلازم المناطق الشعبية خصوصا, وتتسبب بالأذى للجيران, من خلال الصفير والحجارة والقفز فوق أسطح الجيران, سعيا وراء طير قد هبط هنا أو هناك, والمجتمع يتأذى من هذه الظاهرة, بسبب السلوكيات بعض مربي الطيور, التي تتجاوز على حق الناس , حاولنا أن نتعرف عن الأسباب التي تدفع مربي الطيور لفعل كل هذا , ثم نتعرف على رأي المواطن.

●لماذا أنت "مطيرجي"؟
حاولنا أن نتعرف على هذا العالم عن قرب, فتكلمنا مع بعض المطيرجية لفهم دوافعهم, كي يحملوا هذا اللقب المثير للجدل:
أول كلامنا كان مع المطيرجي خليل زاجل ( هكذا يلقب في عالم المطيرجية ) فقال: أنا ابلغ 26 سنة, وعاطل عن العمل, ولم أكمل تعليمي, بسبب كرهي للدراسة, وقضية عمري كله في برج الطيور, أرعى الطيور واشتري الجديد, واجلب الصمون والخبر واطحنه وامزجه بالماء, واطعم طيوري ثم أطلقها في الجو, وابدأ منذ الصباح حتى غروب الشمس, فهي عالمي الأهم, لا اعرف شيء أخر, وكل ( أصدقائي مطيرجية), فيكون كل كلامنا حول عالم الطيور, أحس أننا بعيدون عن الناس وواقع الحياة, وأحس أن البعض يحتقرنا فقط لأننا مطيرجية, لكن لا يمكن أن أغير قدري بان أعيش مطيرجي!
التقينا بمطيرجي أخر وهو بسام كركر ( هكذا يلقب نفسه ), وقابلناه وهو حامل عصا مربوط بها شبكة, فقلنا له نريدك أن تحدثنا عن الطيور, وهل الجيران راضون عنك؟ فقال: الطيور أخذت كل وقتي أحب أن أربيها, وهي أخذت مني كل وقتي, البعض يدمن على الخمر, والبعض الأخر يدمن شرب الحبوب المخدرة, لكن أنا مدمن طيور, فلا استطيع أن أعيش يوم واحد بعيد عن طيوري, وأنا الآن بالثلاثين من العمر, وأحس أنني مكروه من قبل الجيران, بسبب ما أحدثه من إزعاج للجيران, والكثير من بيوت جيراني له زجاج شباك مكسور من حجارتي التي ارميها هنا وهناك, كي أسيطر على حركة الطيور, وامنع أن يصطاد احد أحدى طيوري.
وأخر لقاء مع المطيرجية كان مع هاني النار : يسموني النار لأني سريع الغضب, وهذا اللقب لازمني منذ الابتدائية, قبل أيام بنيت برج جديد لطيوري, وقد كلفني كثيرا لكن مجرد الجلوس أمامه والنظر لحركة الطيور, وهي تأكل وتنام يشعرني بسعادة ما بعدها سعادة, صحيح أن الكثير من الناس يكرهوني بسبب صفيري وقفزي على أسطح الناس, لكن لا استطيع التخلي عن هوايتي أبدا, واعلم أن اغلب مصاريفي تذهب على الطيور, لكنها كل حياتي, لحظة طيران الطيور في الجو وأنا أتابعها, وهي تحلق ثم ترجع الى برجي, يمثل لي مشهد السعادة القصوى, نعم حصلت معي مشاجرات كثيرة مع المطيرجية آخرين, بسبب الطيور وتجد عناوين تلك المشاجرات على جسدي بسبب ضربات السكاكين, لكن هذا حال حياة كل مطيرجي.

● رأي المجتمع بالمطيرجية
قررت أن اعرف رأي الناس بالمطيرجية, هل يشعرون بالرضا بوجود هؤلاء "المطيرجية " مربي الطيور, أم يشعرون بالتعاسة لان جارهم مطيرجي ؟
توجهت بالسؤال الى المواطن أبو خالد الخفاجي ( من أهالي مدينة الصدر) فقال: لقد سبب المطيرجية الم وإزعاج دائم, فزجاج نوافذنا تكسر, والحجارة نجد منها العشرات على السطح يوميا ! بالإضافة للزعيق وتبادل الشتائم فوق السطوح والكلام البذيئة! ولا يستحون ابدأ فلا مكان للقيم الأخلاقية في قواميس حياتهم! ولا توجد جهة تعاقب من يسبب الأذى لجاره ! لذا صدقني أنا أتمنى بيع بيتي اليوم قبل الغد, بسبب هؤلاء المطيرجية, مع أن أقاربي وأصدقائي هنا, لكن الإزعاج المستمر من قبل هؤلاء الجهلة هو الدافع الأهم لبيع البيت.
التقيت بالحاج شلال أبو حسن ( من سكنة حي الكفاءات) فقال: هؤلاء المطيرجية سبب محنتي لقد حولوا نومي الى جحيم, فاليوم جمعة والناس ترتاح من تعب الأسبوع, لكن هذا "المطيرجي" ابن جاري, منذ السادسة والنصف صباحا بدا عمله بصفير مزعج وصراخ كالمعتوه والضرب بعنف على الصفيحة ( التنكة ) أفزعني من نومي, ولا خلاص من هذا الهم, فلا يسمعون الكلام ولا يؤنبهم ضمير ولا كبير لهم نشتكي عنده,والمجالس البلدية لا تفعل شيء لنا, ولولا مخافة الله لسجلت شكوى في مركز الشرطة , لكن كان أبيهم جاري وكان إنسان طيب رحمه الله, كل الحلول لم تنجح مع هذا المجنون بالطيور , فقط بقي أمامي الرحيل وترك الحي.

● حجارة "مطيرجي" تسببت بوفاة طفل
أما الحاجة أم نوري فقالت: انه جرح السنين يا بني, لقد كان لي حفيد اسمه يونس, وكنا جميعا نحبه فأبيه متوفي, وكان برعايتنا أنا وجده وأعمامه, وفي احد الأيام كنا جالسين في حديقة البيت, وهو يلعب ويركض خلف دجاجة عندنا, لحظتها سقط حجر على رأسه وكان حجرا كبير, وجاء من السماء فقد قذفه مطيرجي ما, ومات يونس بلحظتها تراكض أولادي لمعرفة الجاني لكن لم نجده, وحصلت شجارات مع اقرب المطيرجية لبيتنا, والكثير من الهموم تراكمت بعد الحادث, لكننا فقدنا يونس طفلنا المحبوب, ولليوم كلما تذكرته ابكي فأحزاننا سببها المطيرجية, وأنا اعتب على الحكومة التي لا تقوم بشيء لنصرة الناس, من هؤلاء "المطيرجية", الذين وجودهم مزعج ومؤذي, لكن فقط أقول لله المشتكى.

●ختام الرحلة
ظاهرة تربية الطيور من المظاهر السلبية, خصوصا في الأحياء الشعبية, وذلك من خلال التجاوزات المستمرة على حقوق الآخرين, فمربي الطيور "المطيرجي" شخص لا يهتم الا بتحقيق هوايته, والاندماج مع عالم الطيور, حتى لو قفز على أسطح بيوت الجيران, أو صاح وصفر مسببا إزعاج الجيران, أو رمي الحجارة حتى لو تسببت بأذى الجيران, فالمهم عنده أن تستجيب له الطيور, وهذا يدلل على نوعية تفكير سطحيه لأغلب مربي الطيور, فلو كان إنسان واعي لما فعل كل هذه الأشياء, لذا أجد الحل لهذه الظاهرة يكمن في النقاط التالية :
أولا: تفعيل قانون العقوبات الذي يحاسب "المطيرجية" لكي نحمي حقوق الناس, عبر محاسبة المزعجين, فالصفير والصراخ والطرق على الصفيح ورمي الحجارة, كلها تجاوزات من دون ردع, فلو كانت عقوبات كالحبس مع غرامات مالية لامكن أصلاح الخلل .
ثانيا : على المجالس البلدية أن تترك الكسل, وان تقوم المجالس البلدية بدور حقيقي في الأحياء السكنية, مثل توفير بيانات عن "المطيرجية", وإدخالهم كورسات تثقيف ليغادروا حالة اللاوعي .
ثالثا: على الناس أن تقاطع مربي الطيور ذو السلوكيات المنحرفة, فيكون اتفاق بين الأهالي كي يحس بخطيئته ويعود للصواب, وهذا يحتاج لثقافة التكاتف والتضامن بين أبناء المجتمع والذي نفتقده اليوم .
رابعا : الدور المفقود لمنظمات المجتمع المدني, فنحتاج منها أن تنتشل هؤلاء وتحتضنهم, وتضع برامج لتطويرهم فهم يسبحون ببحر الجهل والضياع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسعد عبدالله عبدعلي
كاتب وأعلامي عراقي
الايميل الدائم / [email protected]



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاغية صدام ومحاربة الشعائر الحسينية
- كاتب مفلس, ورجل مهموم, وأنف امرأة
- النقل والسياحة النهرية ضرورة مفقودة
- حديث منتصف الليل عن كربلاء
- مهنة صباغ الأحذية والتحديات الاجتماعية
- منهج صدام حسين في تدمير الجيش العراقي
- مرض السرطان, ومحنة غياب العلاج في العراق
- حوار بعثي ساخن
- البصقة البريئة
- لصوص صندوق تنمية العراق (DFI ), متى يحاكمون؟
- الباص, صراع وإزعاج وتدخين وتحرش
- المصارف الأهلية بوابة للفساد
- الدوري العراقي ومصيبة التشفير
- من علامات العشق السعودي – الإسرائيلي
- لماذا يفتتح مرتين مستشفى الأمام الصادق في الحلة؟!
- التحالف الوطني وانتظار الانطلاقة الجديدة
- مشروع مترو بغداد بين الحلم والوهم
- جمعة الصواريخ في بغداد... شكرا لكم
- أفكار امرأة أنانية
- يا وزارة التربية, نريد مدارس لصعوبات التعلم


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...
- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - اسعد عبدالله عبدعلي - مربي الطيور -المطيرجية- والمجتمع, علاقة متأزمة