أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد إبريهي علي - تتقلص فرص النمو الأقتصادي في العالم وبلادنا لم تباشر نهضة التصنيع بعد















المزيد.....

تتقلص فرص النمو الأقتصادي في العالم وبلادنا لم تباشر نهضة التصنيع بعد


أحمد إبريهي علي

الحوار المتمدن-العدد: 5314 - 2016 / 10 / 15 - 23:30
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تتقلص فرص النمو الأقتصادي في العالم وبلادنا لم تباشر نهضة التصنيع بعد
الدكتور أحمد إبريهي علي

أتجاه النمو في العالم والدول النامية:

تشير البيانات التي نسّقتها انكتاد في تقريرها لسنة 2016 إن الأتجاه العام للنموالأقتصادي يتناقص في العالم وفي البلدان المتقدمة على وجه الخصوص. فبينما بلغ النمو السنوي في الدخل الحقيقي للفرد في العالم، اي الزيادة النسبية السنوية للناتج المحلي للفرد بالقوة الشرائية المتعادلة وباسعار ثابتة، 2.7 بالمائة للمدة 1951-1980 اصبح 2.1 بالمائة في السنوات اللاحقة حتى عام 2015.
وكان التراجع اشد في البلدان المتقدمة من 3.5 بالمائة للفترة الأولى إلى 1.8 بالمائة بين سنتي 1981 و 2015، وفي العقد الأول من القرن الحالي 1.2 بالمائة ومنذ عام 2011 1.1 بالمائة. وفي البلدان النامية بإستثناء شرق وجنوب شرق آسيا وجنوبها كان النمو 1.1 بالمائة سنويا بين عامي 1981 و 2014، وهي مدة طويلة ومع هذا النمو المنخفض يأخذ اليأس والاحباط مداه وخاصة في اوساط المحرومين .
و لقد حسّنت الأنجازات التنموية في شرق آسيا صورة اداء النظام الأقتصادي في العالم، إذ بلغ نمو الدخل الحقيقي للفرد في تلك المحموعة النامية 7.1 بالمائة سنويا للمدة 1981 – 2015، وفي العقد الأول من القرن الحالي 9.6 بالمائة سنويا ومنذ عام 2011 إنخفض إلى 6.5 بالمائة سنويا، وكانت الصين مصدرا رئيسيا لهذا الزخم. وتفيد الكثير من التقارير إن استمرار النمو المرتفع في الصين ضعيف الأحتمال وتنتظرها أزمة في قطاع الشركات والمصارف تتعمد السياسة تأجيلها، بتمويل ميسّر وموسّع، يؤدي إلى تراكم مديونية كبيرة على شركات واطئة الأداء. وإذا ما تعثرت التنمية في الصين يتعرض اقتصاد العالم إلى ضربة قاسية فالصين، على سبيل المثال تستهلك حوالي 13 بالمائة من النفط و54 بالمائة من الألمنيوم و 50 بالمائة من النحاس عام 2015، وهي رافد رئيسي لزيادة الطلب الذي يشكو اقتصاد العالم من عدم كفايته.
ومما لا بد من ذكره ان البلدان التي حققت " معجزات النمو الأقتصادي" في آسيا هي التي قاومت الثورة النيوكلاسيكية المضادة للدور التنموي للدولة التي استشاطت منذ السبعينات وغذتها حكومتا ريغن وتاتشر. بل اعتمدت تلك البلدان الآسيوية سياسات اجمالية وإنتقائية لدعم التصنيع واستنادا إلى استراتيجيات جسورة للّحاق بالعالم المتقدم. ولم تذعَن لتوافق واشنطن بعد منتصف الثمانينات، واستخدمت مختلف ادوات الحماية والدعم من اجل التصنيع، وكانت حذرة من النزعة الأستهلاكية واصرّت على رفع مستويات النشاط الأستثماري، وفرضت الحكومات هناك اولوياتها على السوق وقطاع الأعمال.
ومن الحقائق التي تستحق التحليل الموسع ان النمو الصناعي، في دول الغرب المتقدمة واوروبا وآسيا لكل الحقبة الممتدة بين عامي 1870 و 2014، وصل ذروته في السنوات 1950 – 1973 ثم اخذ بالأنخفاض. ولهذا الصعود ثم النزول علاقة وثيقة مع الدور الأقتصادي للدولة . إذ كانت الحكومات الغربية بعد الحرب العالمية الثانية قادرة على الموازنة بين الأنتفاع من كفاءة اقتصاد السوق ومطالب الناس بعدالة المشاركة في الرفاه والأمن الأقتصادي. ولذا لم تكن محايدة في موازناتها العامة بل فعّالة متدخلة، واخضعت النشاط الخاص لقواعد تتسم بالدقة وفرضتها بقوة، وبقيت محتفظة بقطاع انتاجي عام، على تفاوت فيما بينها، لحين طغيان اليمين والخصخصة.
ثم حصلت تغيرات لا بد منها في بنية الأنتاج لأختلاف مركّب الطلب من السلع والخدمات مع تغير مستوى الدخل. مع ذلك عبّرت الكثير من الأوساط عن قلقها من انحسار الصناعة هناك، فقد إنخفضت نسبة القيمة المضافة في الصناعة التحويلية إلى مجموع القيمة المضافة، الناتج المحلي، بالأسعار الجارية من 26.4 بالمائة عام 1970 إلى 14.6 بالمائة عام 2014 في البلدان المتقدمة. و كان ذلك الأنخفاض النسبي في القيمة الجارية اشد من انخفاض اسهامها النسبي في الناتج الحقيقي بسبب تغيرالأسعار لصالح قطاعات اخرى. وانخفضت نسبة المشتغلين في الصناعة التحويلية، ايضا، إلى 12.8 بالمائة عام 2014 وكانت 26.8 بالمائة عام 1970 نتيجة التقلص النسبي في الناتج ونمو انتاجية العمل في هذا القطاع الحيوي. لأن الصناعة التحويلية تولّد وتنشُر نمو الأنتاجية في كل الأقتصاد الوطني، فهذا القطاع هو الخالق والمستخدم للتقنيات الجديدة ويستفيد من وفورات الحجم الستاتيكية ، مع نمواس المال واتساع نطاق الأنتاج الكبير، والديناميكية المرتبطة بالتطور التقني المجسد براس المال.
وقد جرى التحول نحو الخدمات، الذي يعبر عنه الأنحسار النسبي للصناعة وعموم الأنتاج السلعي، مع تعملق الأمولة Financialisation عندما بلغت الديون 225 بالمائة من الناتج العالمي، على القطاع الخاص غير المالي والحكومات، حسب بيانات المرصد المالي للصندوق Fiscal Monitor في اكتوبر هذا العام.
ويقدّر تقرير الأستقرار المالي الدولي للصندوق Global Financial Stability Report والصادر في نفس التاريخ أن 25 بالمائة من المصارف في البلدان المتقدمة، وتبلغ اصولها 11.7 ترليون دولار، تبقى ضعيفة وتواجه الحاجة إلى اصلاحات عميقة. وإذا اضيفت إلى الصورة المعدلات المنخفضة للتضخم واسعار الفائدة، ومواصلة البنوك المركزية مراكمة السيولة على امل تحريك الأقتصاد، تتضح المخاطر التي ينطوي عليها الأستعصاء الحالي والذي يسمى الركود المالي.
وكانت نسبة الأستثمارإلى الناتج المحلي الأجمالي في الدول المتقدمة 27.5 بالمائة في عقد السبيعينات من القرن الماضي إنخفضت إلى 21 بالمائة منذ عام 2010 وحتى عام 2014 ، بينما في الصين اصبحت حوالي 44 بالمائة في الفترة الأخيرة.
التنمية والتصنيع:
وكلما تأخرت مباشرة الدولة النامية نهضتها الصناعية واجهت صعوبات اكثر نتيجة لأزدحام المصدّرين وتنافسهم الشديد في الأسواق مع نمو عالمي منخفض والذي يعني ايضا ضآلة نمو الطلب الكلي، وفي نفس الوقت تُقتَحم بالسلع الرخيصة وتحتاج حماية عالية والمزيد من الدعم للحفاظ على ديمومة انتاجها المحلي . ومن المؤشرات المثيرة للأنتباه، ولها علاقة بتأخر انخراط الدولة بعملية التصنيع، تراجع احتمال انتقال الدولة متوسطة الدخل إلى المجموعة عالية الدخل من 18 بالمائة في المدة 1950 – 1980 إلى 8 بالمائة في فترة السنوات 1981- 2010.
إن اللحاق بالعالم المتطور، وامتلاك ناصية الحضارة، وتقليص التفاوت واشاعة الرفاه كلها متعلقة ، في نهاية المطاف، بانجاز مهمة التصنيع، وإلأّ يصل المجتمع إلى طريق مسدود وتتفاقم المشكلات الأجتماعية للعوق التنموي.
ولم تكن النهضة الصناعية نتاجا تلقائيا لسعي الأفراد في تعظيم ارباحهم ومنافعهم، وعمل "الأسواق الحرة عالية الكفاءة ذاتية التنظيم"، لا في المجتمعات التي إبتدات الثورة الصناعية فيها او التي لحقتها في القرن التاسع عشر، ولا في اليابان او كوريا الجنوبية والصين حاليا. ولم يكن دور الحكومات يقتصر على تشريعات لحماية حقوق الملكية والبناء التحتي مثل تسهيل النقل والعمران الحضري، وبعض الضوابط لتنسيق الأنشطة الأقتصادية في المكان وما اليها. بل تنوعت السياسات واشكال التدخل لدعم التصنيع وحماية اسواقه في الداخل والخارج، وتوريد مستلزمات الأنتاج بالأسعار المناسبة، والتدخل في القطاع المالي لصالح الصناعة. وأن مزاولة الحكومات للأستثمار المباشر في الصناعة، او الأنشاء ثم التحويل للقطاع الخاص، لم يكن غريبا في تجارب الدول غير الأشتراكية.
ولا أحد يصدق ان الجزء المتقدم من العالم انتقل من مجتمعات ريفية فقيرة إلى وضعها الحالي الذي يسمى ما بعد الصناعة دون سياسات حكومية واضحة الاهداف والأدوات. لأن التلقائية تعيد انتاج الاوضاع القائمة، بينما تتطلب التنمية تحولا في بنية الأنتاج نحو انشطة جديدة بانتاجية أعلى، وفرص عمل مع تكنولوجيا ارقى وتنظيم افضل لتحسين دخل العاملين ومستويات معيشتهم.
وفي هذا السياق تكون المفاضلة في ضوء الهدف هي الدليل للأولويات، ثم تكامل السياسات والقدرة المستمرة على التنسيق والمناورة . ان الحجم الأستثماري الكبير الذي تحتاجه التنمية، في موائمة بين مقتضيات تطوير البناء التحتي، والتصنيع من التحديات الكبيرة التي لا يستطيع الكيان الأجتماعي مواجهتها مع دولة محايدة على التصور الكلاسيكي الليبرالي. الدولة قادرة على تغيير المزايا النسبية وتخليق فرص جديدة للنمو الأقتصادي، وهذا ما تقتضيه التنمية بعيدة الأمد، اي خلق واعادة تخصيص الموارد. وقد بينت ارما ادلمن بحق ان التنظير النيوكلاسيكي للتنمية في البلدان الأقل تطورا لا يريد التمييز بين شروط الأنتقال من توازن ادنى إلى اعلى وهو ديناميك النمو، من جهة، والتخصيص الأمثل الستاتيكي للموارد في نماذجهم للأقتصاد الجزئي من جهة اخرى. اي ان التنمية خرق للبنية القائمة وبالتالي يتضمن هذا الخرق تغيّر شروط التخصيص الأمثل للموارد.
لقد اعتمدت أستراتيجية ازاحة الدولة عن دورها التنموي اسطورة " الأسواق تكفي" و " الحكومة شر " والنمو لا يحتاج سوى تحرير الأسواق من إعاقات التدخل الحكومي وما خلّفه من تشويه الأسعار. وكان لوقائع الفساد المالي، والخلل الوظيفي في بناء الدولة ذاتها، دور لا يستهان به في التعطيل. وقد اشيعت افكار وقيم بأن التنمية لا تنطلق ولا تستمر دون غياب الدولة بالكامل اي ان الحرية الأقتصادية تعني التحرر من القانون والمسؤولية الأجتماعية. ولهذه التوجهات اساس يدعمها من القوى الجديدة في الغرب عبرإضعاف المؤسسات والضوابط التنظيمية والرقابية عن قصد وصولا إلى الأزمة المالية الأخيرة، والتي كشفت عن فظائع الفساد في قطاعات الأعمال وفي مؤسسات كبيرة في حجمها المالي. وهذه البيئة في العالم المتقدم، ونسختها المتخلفة في الدول النامية، ربما ساعدت على تعميق الفساد في اجهزة الدولة، مع ان العلاقة بين انسحاب الدولة من وظيفتها التنموية وفساد اجهزتها يتطلب بحثا معمقا.
ان الغاء الدور التنموي للدولة وواجباتها في التصنيع بالذات يتناغم مع مختلف اشكال الفكر التعطيلي والذي يشتّت الأهتمام بالشأن العام في نواحي عقيمة ومؤذية للمجتمع. ويصرف الوعي عن معرفة حقائق الحياة الأقتصادية، كما هي، واليات عمل النظام الأقتصادي.
اطار كلي للتنمية والتصنيع:
لا غنى عن إطار إقتصادي كلي للتنمية التي محورها التصنيع كلي بقصدية عالية من كادر الأدارة الأقتصادية، وفهم عميق لمضامينه في العمليات الأقتصادية المختلفة والسياسات . وهو ضروري للتنسيق والسيطرة في الأمد المتوسط على وجه الخصوص، وان يعدّل بصفة مستمرة.
ويعتني ذلك الأطار اولا بالنمو على المستوى التجميعي في حوار مع الأستثمار والعمل والتخصيص القطاعي للموارد. ويهتم بالطلب الكلي، الأستهلاكي والأستثماري، الخاص والعام، مع التركيز والجدية في البحث عن ادوات فعالة للتأثير بهذه المكونات بالعلاقة مع توليد الدخل وتوزيعه وظيفيا، تعويضات المشتغلين والفائض، وما يدّخرمنه.
وعندما تتخذ الصناعة محورا لا بد من إستراتيجية للتصنيع تقوم على تعيين انشطة لتعويض المستوردات، واخرى للتصدير، واقتراح برامج استثمار لتغطيتها، وبيان تمويل تلك البرامج. وتتبُّع تفاعل النشاط الأستثماري، والطاقات الأنتاجية التي يستحدثها مع كافة مكونات الأقتصاد الوطني، ومنها ميزان المدفوعات. وتخصيص بقية الأستثمار للقطاعات الأخرى، واجراء تعديلات في تقريبات متتابعة لحين الوصول إلى إتّساق. وينصح البعض بالتوجه نحو مستلزمات الأنتاج المستوردة لتعويضها، والتحرك في صناعة التصدير نحو الأنشطة عالية القيمة المضافة ، وفي كل الأحوال لا يمكن اهمال الموارد الطبيعية في استراتيجية الصناعة من اجل التصدير.
ومن المعلوم ان الأستثمار في البناء التحتي ينافس الأستثمار الأنتاجي على كم محدود من الموارد، وهنا ايضا تحتاج التنمية الحقة تطوير عملية الأستثمار في مضمونها الحقيقي اي انتاج الأصول الراسمالية، بمعنى التعامل مع انتاج الأبنية والأنشآت وعناصر التكوين الراسمالي الأخرى في القطاعات المنتجة لها، اي شمولها في خطة تحسين الكفاءة وخفض الكلفة، وزياددة مجمل القدرة الوطنية على انتاجها. فالأستثمار لاينظر إليه بصفته مخصصا ماليا لحيازة اصول ثابتة وحسب، بل من زاوية الأمكانية الأقتصادية لأنتاج تلك الأصول.
والتنمية في دولة فاتتها الكثير من الفرص في الماضي تتطلب الأصرار على مستوى مرتفع من النشاط الأستثماري، وبصفة اولية ليكن 35 بالمائة من الناتج المحلي. وكذلك استهداف التشغيل الكامل للقوى العاملة في فترة انتقالية ثم زيادة نسبة النشطين اقتصاديا إلى مجموع السكان في الفترة اللاحقة مباشرة، اذ تعاني الكثير من الدول النامية لبطالة مع انخفاض نسبة النشطين اقتصاديا. وفي سياق تحضير الأطار الكلي يوضع هدف لنمو الأنتاجية والأجر الحقيقي.
لقد كانت خطط التنمية على المستوى الكلي تفتقر تماما إلى وسائل محددة لأنجاز النمو على المستوى القطاعي. ولذا ينبغي ان يعبر تخصيص الأستثمار والقوى العاملة حسب القطاعات عن التزام حكومي بإخلاص لتحقيق هذا التصور التنموي، او على الأقل الأقتراب منه.
الموازنة المالية العامة حقيبة ادوات للسياسة الأقتصادية وقوانين الدول، في حدود ما اطلعت عليه، تلزم ربطها باطار اقتصادي كلي لأمد متوسط. وأن يبدأ البرلمان مناقشة الأطار الكلي للموازنة قبل الولوج في الايرادات والنفقات. ومن الصعب تصور ان الدولة جادة في التنمية ولم تكترث مؤسساتها بمفهوم الأطار الكلي للأيرادات والنفقات الحكومية. ومن الناحية المبدئية ينبغي ربط اجماليات الموازنة وكل عنصر من عناصرها بهدف تنموي واضح، جنبا إلى جنب مع أغراضها المباشرة للأنفاق على هذه الخدمة او تلك او تمويل هذه المجموعة من المشاريع او سواها.
ومثلما يؤثر اجمالي الأنفاق الحكومي في الطلب الكلي، ومن هذه الزاوية ينظر في كفايته لتشغيل مجموع الطاقة الأنتاجية اوتجاوزه الحد، كذلك يتجه كل عنصر من عناصر الأنفاق نحو مجموعة من السلع والخدمات التي تنتج محليا او تستورد. وذلك إلى جانب الأهمية الحاسمة لبرامج الأستثمار التي مولتها الموازنة وتوقيتات الأنفاق عليها والمباشرة والأنجاز ارتباطا باهداف التنمية. ولا ينظر للأيراد الضريبي في حدود الغرض التمويلي، بل لأن النسب والأعفاآت الضريبة من وسائل التحفيز والمفاضلة لخمة الأهداف الأقتصادية. ولذا كلما ازداد حجم الأيراد الضريبي إزدادت فاعلية الموازنة العامة في سياسة التنمية.
إن حركة سعر الصرف الحقيقي غاية في الأهمية طالما ان تعويض المستوردات او بناء طاقات انتاجية للتصدير اساس التنمية. ومن هذا المدخل يأتي الربط بين السياسات المالية والنقدية وسياسة الأستثمار. ولأن سعر الصرف الحقيقي يعتمد ليس على سعر الصرف الأسمي فحسب بل ومعدل التضخم في الداخل نسبة إلى الخارج من هذه النقطة يوجد ربط آخر مع الموازنة التي يؤثر مجموع الأنفاق منها بالتضخم. و يعد ميزان المدفوعات الخارجية من اهم الموازين التقديرية والذي يرتبط بالتصنيع وتعويض المستوردات وتنمية الصادرات، والذي يوضح الفائض او العجز المحتمل، ومسار الأحتياطيات الدولية، وبالتالي يساعد على بلورة سياسة لسعر الصرف.
وفي هذا السياق يخضع الأقتراض الحكومي من الداخل والخارج لأهداف التنمية ايضا ارتباطا بحجم الأنفاق والأئتمان المطلوب للقطاع الخاص لمجاراة هدف الأستثمار. ولا يكفي الألتزام باسعار فائدة وشروط إئتمان موحدة، لأن التحفيز الأئتماني من وسائل المفاضلة تبعا لأولويات التنمية، وهنا يمكن التنسيق بين استقلال وحرية المصارف في السوق المالية وسياسة الأئتمان الحكومية عبر إعانات الفائدة والضمانات الحكومية وغيرها.
الأجهزة الحكومية تخضع لأهداف ومعايير التنمية:
للغرض التنموي يمكن تصنيف اجهزة الدولة إلى : حكومية بحتة وهي وحدات الدفاع والأمن والقضاء والدوائر السيادية الأخرى؛ والخدمات العامة مثل الصحة والتعليم وما إليهما ؛ والقطاع الأقتصادي العام مثل النفط والغاز والشركات الصناعية العامة والمصارف الحكومية وهكذا.
وفي سياق تأكيد التوجه التنموي تُشمل تلك القطاعات بمعايير محددة لكفاءة الأداء في الدوائر السيادية للمجموعة الأولى؛ وتَخضع الخدمات العامة إلى خطة تطوير على اساس الكلفة الفاعلية ؛ اما الصنف الثالث فيعامل اقتصاديا في الأستثمار والأنتاج والتشغيل بما يضمن كفاءة التصرف بالموارد تبعا لأهداف التنمية ومعاييرها. وهكذا تصبح مهمات إعادة الهيكلة متضمنة في التوجه التنموي.
ومن المنتظر وتدريجيا، مع النجاح في مزاولة الدور التنموي، تتغير مواقف المجتمع تجاه الحكومة والقطاع العام طالما اصبحت المسؤولية الأقتصادية للدولة لا تنتهي في نطاق دوائرها بل إنما شاملة للأقتصاد الوطني والمجتمع. ومع الزمن تتحسن بيئة الأعمال الخاصة، ويتعمق التعاون بين قطاع الأعمال الخاص والمجتمع الأهلي والدولة.ومع تنقية الدوائر العامة من اختراقات الفساد، وتطوير قواعد تنظيم الحياة الأقتصادية وترصين الرقابة، تتبلور قيم اخرى اكثر ايجابية وإكتراث بالمسؤولية الأجتماعية. د. أحمد إبريهي علي



#أحمد_إبريهي_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقتصاد العالم وعلاج نقص الطلب في التقرير الأخيرللصندوق: بعض ...
- عقود المشاريع والتجهيزات الحكومية بحاجة إلى إدارة تُخالِف ال ...
- هل ثمة فرصة لأصلاح أجهزة الدولة وتحسين أدائها في العراق
- ملاحظات عامة حول الحساب الاقتصادي للخطط الخمسية في العراق
- سوق النفط و إخراج الأقتصاد العراقي من المأزق
- تسوية القضايا الخلافية وتعديل الدستور على اسس واضحة
- الأقتصاد المالي الدولي والسياسة النقدية: كتاب في سياق الحوار
- متابعة سوق النفط وملاحظات حول الوضع المالي
- الأستثمار الأجنبي والنمو وسياسات الأستقرار الأقتصادي:مقاربات ...
- إقتصاد العراق في دراسات للدكتور احمد ابريهي علي: عرض مختصر ل ...
- تعريف بكتاب الأقتصاد النقدي للدكتور احمد ابريهي علي
- التمويل وسوق الصرف والتنمية في اقتصاد نفطي للدكتور احمد ابري ...
- الحفاظ على الديمقراطية في العراق وتطوير النظام السياسي لقد إ ...
- النزاع على السلطة اساس الأزمة في العراق
- إحتياطيات البنك المركزي العراقي ومورد النفط وعجز الموازنة ال ...
- الديمقراطية التوافقية و محنة العراق
- ضعف الدولة يستنزف العراق اقتصاديا
- مقاولات المشاريع الحكومية في العراق
- حكومة التكنوقراط في العراق
- التجارة الخارجية في العالم بين عامي 2000 و2014 وإتجاهات الأم ...


المزيد.....




- بوتين يحدد أولويات السلطات في التعامل مع أضرار الفيضانات
- مستقبل التكنولوجيا المالية في منطقة المشرق العربي
- بعد تجارب 40 سنة.. نجاح زراعة البن لأول مرة في مصر
- كندا تسمح لـ-إيرباص- بشراء التيتانيوم الروسي
- -أرامكو- السعودية توقع صفقة استحواذ ضخمة
- مشروع ضخم جديد بين مصر والسعودية
- مصر تستعد لبناء سفن جديدة مع الصين
- روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى
- بيسكوف: -عسكرة- الاقتصاد البريطاني -تمويه- لوضع اقتصادي صعب ...
- تقرير لصندوق النقد: مصر تعهدت بالكف عن الاقتراض المباشر من - ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد إبريهي علي - تتقلص فرص النمو الأقتصادي في العالم وبلادنا لم تباشر نهضة التصنيع بعد