أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد حسن يوسف - الصوماليين وحكاية إسمها جالكعيو















المزيد.....

الصوماليين وحكاية إسمها جالكعيو


خالد حسن يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 5313 - 2016 / 10 / 13 - 11:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جالكعيو Gaal Kacayo مدينة في صومال الدولة كانت مركز لمحافظة مذوج Mudug بجمهورية الصومال الديمقراطية, جهويا تقع في المنطقة الوسطى في اطار التقسيم الإداري لدولة الوطنية, والمدينة شكلت كبلدة تاريخية قائمة منذ القرون الوسطى تنازعت عليها القومية الصومالية والأورومية وكلاهما تنحدران من المجموعة الكوشية الحامية في منطقة القرن الافريقي, ويجمع القوميتان الرابطة اللغوية حيت ان هناك مفردات لغوية كثيرة مشتركة بينهما والجوار الجغرافي, ناهيك عن التحالف التاريخي في ظل حروب القرون الوسطى والتي تم الإصطفاف فيها على المستوى الديني في منطقة القرن الافريقي - مسلمين ومسيحيين والتي شكلت كوباء تاريخي على المنطقة.

ولا زالت تداعيات ذلك النزاع قائمة في السياسة والاجتماع, ومدلول كلمة Gaal Kacayo باللغة الصومالية يعني طرد الكفار وكلمة جالا مسمى لقومية الأورومو بينما المقصود ب كاعيو باللغة الصومالية هوالطرد والترحيل, فقد حدث في اطار المواجهات بين المجموعات الصومالية والأورومية أن طرد الصوماليين الأورومو من محيط البلدة في ظل الصراعات على الأرض, ومن ثم سميت البلدة بالمسمى المذكور فيما بعد, كما ان كلمة جالا انتهت مع اسلام الصوماليين كرديف للكفر بحكم اسبقية الصوماليين في الاسلام مقارنة مع الأورومو واللذين أسلم البعض منهم على أيدي الصوماليين.

وفي زمن الاحتلال الايطالي لصومال شكلت جالكعيو ومحيطها الجغرافي كمنطقة مواجهة مع الملكية الايطالية الاستعمارية واستبداد نظام موسوليني وتمت المواجهة ما بين الثوار الصوماليين وجنود روما - سطر الصوماليين خلالها ملاحم عسكرية - ومع تفعيل سياسة فرق تسد فيما بعد بينهم وشراء الذمم استطاعت ايطاليا إخضاع ثورتهم واستيعاب بعض نخبهم, وشكلت بذلك جالكعيو أرض مذوج كمنطقة رافدة لشرطة الايطالية والتي انخرط فيها الكثير من أبناء المنطقة, وفي هذا الصدد ذكر الرئيس الصومالي عبدالله يوسف أحمد أنه جاء من هذا الريف بغية شراء حاجيات لأسرته في المدينة ورأى الايطاليين يسجلون عساكر مقابل مهية مالية فقرر أن ينظم إليهم - كمرتزق - وبذلك تدرج في خدمتهم هو وغيره من الصوماليين ممن انظموا لتلك القوات التي كانت مهمتها إخضاع الصوماليين وحماية الوجود الايطالي في الصومال, بالإضافة لذلك أن تلك القوات خاضت حروب ايطاليا مع أثيوبيا وبريطانيا.

استقلت الصومال في عام 1960 وتركت ايطاليا قوة عسكرية صومالية عملت في خدمتها سابقا وانتهت كنواة للقوات المسلحة الصومالية وشكل أبناء محافظة مذوج كمجموعة عسكرية رئيسية من ضمن تلك القوات, ناهيك عن ذلك بأن مدينة جالكعيو ذاتها بحكم التواجد العسكري الكثيف اصبحت كمقر عسكري رئيسي للقوات المسلحة الصومالية, وبذلك شكلت مقر جبهة مواجهة رئيسية للقوات الاثيوبية في أولى الحروب التي اندلعت بين الجمهورية الصومالية والدولة الاثيوبية في عام 1964 وظلت المدينة والمحافظة يمارسان ذلك الدور وصولا إلى مرحلة التطبيع السياسي بين الصومال واثيوبيا عام 1988.

وقد قاد طموح واطماع بعض نخب أبناء المحافظة إلى خروجهم عن اللحمة الصومالية والاتجاه نحو مسلك النعرات القبلية والسعي لأجل الاستثار بالسلطة السياسية واهدروا من خلاله دماء كثيرة في صفوف قبائلهم والقوات المسلحة والتي شكلوا بجزء رئيسي فيها! وبذلك اتجهت تنظيماتهم لتعاون مع اثيوبيا الدولة والانطلاق من الأراضي الصومالية التي تسيطر عليها, وبذلك كشفت تنظيمات الجبهة الديمقراطية لانقاذ الصومال والمؤتمر الصومالي الموحد عن هزالة مواقفهم والافتقاد إلى البرنامج الوطني والديمقراطي, حين اصبحت أولوية صراعهم مع النظام الصومالي مقدمة عن المصلحة الوطنية التي نالوا منها بشدة ووضوح, وكانت ردود النظام بدورها عشوئية ونالت من الأهالي على خلفية صلتهم القبلية مع اوساط تلك التنظيمات او نتيجة لتعاطف السكان الملموس مع التنظيمات.

وعرفت محافظة مذوج من قبل كمحافظة بمجيرتينيا كمسمى لقبيلة صومالية, وجمع الكثير من سكانها روح مواجهة ومعارضة النظام الصومالي إلى أن قبائلها الرئيسية ممثلة بمجيرتين وهبرجيدير شكلاى محوري صراع تقليدي أكان في ظل وجود الدولة المركزية أو بعد سقوطها في عام 1991 ووصولا إلى الراهن وذلك انطلاقا من خلفية نزاعات اجتماعية تاريخية لم تستطيع نخبهم تجاوزها, فكان الصدام المسلح منذ العام المذكور ما بين القبيلتين واللتان استنصرت كل منهما مع قريباتها المترامية جغرافيا في كل اتجاه وشمل ذلك مواجهة المؤتمر الصومالي الموحد مع النظام الصومالي ممثلا في شخص الرئيس محمد سياد بري, وسلسلة من الحروب الأهلية والتي خاضتهم القبيلتان في محافظتي مذوج وجوبا السفلى تحديدا.

كما صُدرت تلك الأوضاع في اتجاه ما عرف بمؤتمرات المصالحة الصومالية والتي شكلت كمحاولات لاستعراض العضلات وجس نبض ورغبة لنفاذ إلى تغرات الآخر وايجاد محاصصة سياسية بين الفرقاء الصوماليين, بدلا من ان تنتهي وتتمحور كمصالحة حقيقية اجتماعيا وسياسيا بين المتنازعين, واصبحت المفارقة الحاضرة بقوة خلال نصف قرن من الزمن بأن انتهت مدينة جالكعيو ومحافظة مذوج كبؤرة لصراع السياسي والمسلح بين القبائل والعشائر القاطنة فبها, وتجدد الأمر ذاته في المشهد الراهن بين إدارات التجزئة التي تتصارع على الجغرافيا والسيادة عليها استحضروا قوات خارجية ممثلين بالشرطة الصومالية الاثيوبية وقوات يونيصوم الافريقية المتواجدة في الصومال والقوات الحكومية وتوزيع أدوار الاستقواء بالآخر.

والنظام الفيدرالي المعلن عنه في الدستور الصومالي لم يستطيع رسم حدود جغرافيا سياسية للمحافظة وتوزيعها بين الإدارتين اللتان تتنازعان السيادة الوهمية عليها - ممثلين بأرض البونت وجالمذوج - ومدينة جالكعيو مقسمة بينهما إلى شمال وجنوب على غرار تقسيم مدينة برلين إلى شرقية وغربية, والاشكالية الكبرى في الصومال كبلد هي ان المجتمع ونخبه لا يستطيعون تجاوز نمط صراعاتهم التقليدية وتصديرها إلى الحياة السياسية والإرتقاء نحو برامج سياسية مدنية, فمقومات العلم والراس مال والخبرة السياسية حاضرة في محافظة مذوج إلى أن سكانها غير قادرين على إخضاع تلك المقومات وغيرها من موقع وموارد حيوانية كثيفة في سبيل تطوير واقعهم اليومي, وفي صدد النزاع على الجغرافيا كنت اقترحت شخصيا بأن يعتمد النظام الفيدرالي في الصومال التقسيم الإداري الجغرافي السابق لجهورية الصومال الديمقراطية والمستند إلى تشكيلة 18 محافظة وهو ما كان سيجنب المحافظة شبح التقسيم والصراع عليها وعلى مدينتها الرئيسية جالكعيو.

والنتيجة ان الصوماليين سينتهون إلى مزيدا من الضعف والصراعات مع النزاع القائم بمحافظة مذوج وستنتهي أي تغيرات سياسية تتم في منطقة القرن الافريقي كعبئ سياسي ثقيل عليهم وكضحايا لها, وهذا ما لا يتم استيعابه بعد زمن طويل من الصراعات السياسية والمسلحة بين الفرقاء الصوماليين المدمنيين لنزاع الدائم والتسول والاستقواء بالخارج!





#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحاكم الا إسلامية.. سراب خدع الصوماليين
- زبلوط عربي يقابله افمينشار صومالي1-2
- مارشال الصومال 3-4
- مارشال الصومال 2-3
- صالح حماية وحربه مع العربية!
- تباين إسلامي بصدد مفاهيم اركان الايمان
- حرية المعتقلين لا تكفي
- مارشال الصومال 1-2
- المشهد متسم بالرتابة
- العلمانيين لم يتولوا السلطة في الصومال1
- صوماليين يتخوفون على اللغة العربية2-2
- صوماليين يتخوفون على اللغة العربية1-2
- يوم مع رجال الدين
- التعبير وحاجز التقية
- في الصومال الكيل بمكيالين!
- فنانين صوماليين.. المسيرة والاعتزال 2-2
- قراءة لمذكرات داعية 3
- التعريب بين الصوماليين 2
- التعريب بين الصوماليين
- نحو إعادة صياغة الشرق الأوسط 1


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد حسن يوسف - الصوماليين وحكاية إسمها جالكعيو