أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد السلام أديب - الشراكة الأورومتوسطية بين واقع الهيمنة وأحلام التنمية














المزيد.....

الشراكة الأورومتوسطية بين واقع الهيمنة وأحلام التنمية


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 390 - 2003 / 2 / 7 - 03:37
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


 

توجد أغلب دول جنوب وشرق المتوسط اليوم  في وضعية مديونية مفرطة اتجاه البلدان الأوروبية المكونة للاتحاد الأوروبي. لكن بالرجوع الى تاريخ المنطقة سنلاحظ أن دول الجنوب تعتبر على المدى الطويل دائنة للبلدان الأوروبية بتخلفها أولا ثم بالازدهار الذي عرفته بلدان الاتحاد الأوروبي التي كانت تستغل سيطرتها الاستعمارية على هذه الدول لاستغلال مواردها الطبيعية والبشرية والعمل على تحويل فوائضها الاقتصادي إلى بلدانها.

وتختلف الهيمنة الأوروبية الرأسمالية عن ما سبقها من هيمنة في ظل الإمبراطوريات القديمة (الفينيقية والرومانية والعربية والتركية ... ) والتي كانت تسعى إلى السيطرة  على دول المتوسط دون أن تسعى إلى  تحطم البنيات الإنتاجية القائمة بها بل كانت رغم العنف الذي كانت تمارسه  ضد الأهالي  تقتصر على فرض الإتاوات أو الخراج واقتسام الخيرات المحلية.

أما في ظل الهيمنة الرأسمالية التي بدأت مع عهد الكشوفات الجغرافية ولم تنقطع رغم الاستقلال السياسي للشعوب التي كانت مستعمرة عقب الحرب العالمية الثانية، فقد كان تأثيرها وخيما على نمط عيش السكان حيث برزت لأول مرة ظاهرة التخلف مع انطلاق هذه الهيمنة. لقد كانت البداية الأولى عبر فرض السيطرة الاستعمارية على مناطق حرة (مثل المغرب) وعلى المناطق التي كانت تخضع للنفوذ التركي (الجزائر، ليبيا، تونس، مصر...الخ).   وبما أن نمط الإنتاج الرأسمالي الناشئ في البلاد الأوروبية كان يتطلب شروطا معينة لتوسعه فقد سارعت هذه الأخيرة إلى تكييف اقتصاديات البلاد المستعمرة مع تلك الشروط،  محطمة في سبيل بلوغ ذلك البنيات الإنتاجية المحلية . وقد كان من نتيجة الهيمنة الرأسمالية تخصص البلاد الخاضعة في منتجات معينة تحتاجها الثورة الصناعية الأوروبية ثم بالتالي حرمان شعوبها من تنوع الإنتاج كما أدى إلى احتكار الأقلية لأخصب الأراضي ولأهم القطاعات الإنتاجية..

ولم تتوقف عملية تكييف البلدان الخاضعة للاستعمار مع شروط نمو الدول الصناعية المتقدمة ومع تحول شروط التراكم الرأسمالي، بل ظلت الدعوة إلى التكيف حتى بعد الاستقلال السياسي عبر نظرية التقسيم الدولي للعمل تارة وعبر برامج التقويم الهيكلي تارة أخرى. لكن الغريب في الأمر أنه مع كل عملية تكييف جديدة إلا وتزداد شعوب دول الجنوب فقرا وتخلفا ودول الشمال ثراء.

 

 

وبطبيعة الحال، فإن شعوب جنوب المتوسط هم المعنيون ببرامج التقويم الهيكلي التي تعتمد بتوجيه من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتي أدت إلى إفلاس العديد من الاقتصاديات الوطنية ورمت بملايين الأشخاص عبر العالم نحو الفقر المطلق.

من هنا يمكن الجزم بأن اتفاقيات الشراكة الحالية المبرمة بين دول الإتحاد الأوروبي الخمسة عشر ودول جنوب وشرق المتوسط الاثني عشر تتضمن مرحلة جديدة من الهيمنة والتكييف والغبن لدول الجنوب.

ويكفي للتدليل على ذلك من الاشارة إلى صمت اتفاقيات الشراكة،  المبرمة مع دول الجنوب، عن الكثير من الجوانب الحساسة لشعوب الضفة الجنوبية للمتوسط:

- فلماذا تم إقصاء المنتجات الفلاحية الحيوية لدول الجنوب من منطقة التبادل الحر المزمع إقامتها في أفق 2010، خصوصا وأن الحوامض والبواكير ومنتجات فلاحية أخرى تعتبر المنتجات الوحيدة التي يمكن لهذه الدول مثل المغرب  أن تأمل التوفر  من ورائها على حد أدنى من التنافسية في السوق الأوروبية؟

- لماذا تم إقصاء ملف الصيد البحري الشائك  من هذه الاتفاقيات؟ والاحتفاظ به كشوكة في حلق العلاقات الأوروبية المغربية تهدد بإفشال الاتفاقيات؟

- لماذا أقصيت إشكالية المديونية من اتفاقيات الشراكة في الوقت الذي أصبحت هذه المديونية تثقل الميزانيات العمومية لدول جنوب وشرق المتوسط وتحد من قدرتها على مواصلة الاستثمار ومنح مواطنيها الخدمات الاجتماعية الضرورية؟

يمكن الاسترسال في سرد العديد من الأمثلة المشابهة. فليس من الصعب التأكيد على أن التبادل الحر الذي تعمل اتفاقيات الشراكة على فرضه ليس الحل المثالي لضمان "التأهيل المنشود لدول الجنوب ولإتاحة بناء « منطقة للرفاهة المشتركة ».

وعلى العكس من ذلك، فإن فتح المجال أمام المنافسة الحرة، عبر فتح المجال أمام حرية التجارة والمضاربة، بين شركاء غير متكافئين، لا يمكن أن يؤدي سوى الى تكريس المزيد من الاختلالات القائمة فعلا ويؤدي  بالتالي نحو  المزيد من تهميش الدول الأكثر فقرا، وبالتالي نحو  سجنها في اطار دوامة لولبية تكرس باستمرار مديونيتها مما يؤدي الى المزيد من اقصاء وافقار شرائح واسعة من المواطنين.

 

إذن فتاريخ الهيمنة الأوروبية  لم ينتهي بعد، ويبدو أنها ستتكرس أكثر مع اتفاقيات الشراكة المبرمة، مما يدل على أن الطريق لا زال بعيدا لبلوغ شراكة حقيقية متكافئة تعيد الاعتبار لشعوب جنوب وشرق المتوسط.

 



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المديونية الخارجية والعولمة
- مقاومة العولمة الليبرالية
- فخ المؤسسات المالية الدولية
- أبعاد التنمية المستدامة


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد السلام أديب - الشراكة الأورومتوسطية بين واقع الهيمنة وأحلام التنمية