أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف محسن - إسهام نقدي حول مقولة - الأسلام مصدر للتشريع















المزيد.....

إسهام نقدي حول مقولة - الأسلام مصدر للتشريع


يوسف محسن

الحوار المتمدن-العدد: 1412 - 2005 / 12 / 27 - 15:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إسهام نقدي حول مقولة ( الأسلام مصدر للتشريع )
يوسف محسن
اولاً :
شكلت الانتخابات العراقية والعملية الدستورية موضوعاً مثيراً للحوارات والجدل وكان احد هذه الحوارات مع شخصية عراقية قادمة من بريطانيا ( مدينة الضباب … ) المكان كان مقهى الشاه بندر . حيث قدم نفسه بوصفه قانوني وحاصل على شهادة عليا في هذا المجال . اخذ يشرح كيفية كتابة الدستور وصياغة خطوطه الرئيسية . وكيف نتعامل نحن ( المسلمون ) بخط عريض مع الاقليات الدينية ( كلدناً واشوريين وسريان وأرمن وصابئة مندائيين وأيزيدية وشبك ويهود ) حيث أننا نحترم حقوقهم الدينية وان الاسلام هو مصدر التشريع الاساسي ؟
هالني هذا الخلط العجيب من شخص قادم من بريطانيا اولاً وقانوني ثانياً ويمثل احد النخب العراقية التي توسمنا فيها ( العقل التنويري . وقيم الحداثة الفكرية والسياسية والاقتصادية ، سألته أي اسلام تعني ؟ قال ( اسلام النص ) ولكن علي بن ابي طالب له عبارة رائعة تقول ( القرآن حمال أوجه ) أنت تحمله اي الوجوه ؟ تسألت مع نفسي بمرارة وإحباط أن هؤلاء القادمون الى العراق الراهن . هل أصيبوا بالصدمة من فضاءات اوربا ويريدون لنا ان نعود الى هويات عتيقة لا تستطيع ان تتحمل تحديات التاريخ والعولمة وعالم مابعد الحداثة وهل تستطيع هذه النخب سوى كانت النخب السياسية او النخب الاقتصادية او النخب الثقافية ان تنقل المجتمع العراقي الى مرحلة تاريخية جديدة ام هي نخب تقليدية عاشت على هامش المجتمعات الاوربية ؟ ( هذا الموضوع يستحق الدرس ) .
قبل أن نخضع المقولة والتي اخذت صفة مقدسة وكثر ترددها في الاوساط السياسية والدينية حتى اصبحت بديهية لابد من قراءة انتخابات 30 / 1 بدقة متناهية والتي رسمت الخارطة الفكرية والثقافية والسياسية والدينية للقوى السائدة في المجتمع العراقي ولو بشكل نسبي ومشوش حيث افرزت نمط من الاستقطابات والتمركز القومي والطائفي والأثني فألانتخابات أفرزت ثلاث قوى ( قائمة الأئتلاف العراقي الموحد . المدعومة من المرجعية الدينية الشيعية وكتلة قومية هي التحالف الكردستاني والقائمة العراقية ) وعدم مشاركة فعلية للجماعات والمكونات السنية .
أن هذا التصميم للأنتخابات أدى الى خلل في التمثيل السياسي للجماعات الليبرالية واليسارية والحركات الديمقراطية كان نتيجة لتداخل مجموعة العوامل البنيوية المعقدة وهي تعود اصلاً الى ضعف الصراعات الأيديولوجية داخل المجتمع العراقي وتشتت اليسار التقليدي والتيارات الديمقراطية والعلمانية وضعف مكانتها في المجتمع بسبب الاضطهاد التأريخي والأحباط السياسي والممارسات التي رافقت العملية الانتخابية ( الشطب . الخروقات . التجاوزات ) يضاف الى ذلك أزمة تكوين البنى الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع العراقي والتخلف السياسي وأنهيار الطبقة الوسطى والتي هي الطبقة الأجتماعية القادرة على حمل مشروع تنويري مع أضافة النقطة الأهم هي أن العراقيين عندما ذهبوا الى الانتخابات لم يكونوا ( مواطنيين ) وانما كانوا عبارة عن ولاءات طائفية أو قومية أو أثنية وهي عودة الى الهويات الاولية ما قبل الدولة وهذه أحد النتائج الأساسية لأزمة تركيب الهوية التي يعاني منها المجتمع العراقي.
ثانياً :
(( أن أغلب العراقيين عرياً وكرداً وتركماناً ( مسلمون ) حيث أن الدين الأسلامي ( معتقد روحي ) وهو ينظم العلاقة بين الفرد والفرد فهو أذن ( دين الدولة الرسمي ) وهو ( مصدر اساسي للتشريع ) يحترم حقوق الاقليات الدينية ولا يمكن التخلي عنه شرعاً بالأضافة أنه لا يجوز النص على ما يخالف الأسلام )).
هذا النص التركيبي هو أحد النماذج السائدة والمهيمنة والأكثر رواجاً في الأوساط السياسية والدينية . حيث أن هذا النص يتحدث بآليات مطلقة خارج النسبية التأريخية للقانون والتي تحكم العقد الاجتماعي للجماعات المكونة للمجتمع العراقي . حيث أن قراءة هذا النص للوصول الى نمط المعرفة السياسية والتي يتضمنها وكشف البنى الفكرية الحاضنة مسألة بالغة الأهمية . حيث أن كلمة ( الأسلام ) ( الدين الأسلامي ) ( الأغلبية ) ( مصدر أساسي للتشريع ) تمثل مركز العلة في تأريخية النص أنها وبشكل خفي تحقق إنزلاقات الفكر من صعيد التحليل العلمي الى صعيد التضليل الأيديولوجي ليس لنا مأخذ على مفهوم ( الأسلام ) بحد ذاته بشرط أن يتحدد منذ البدء ضمن الفضاءات الفكرية والسياسية والتاريخية انما المأخذ على استخدام معين والمطلوب هو الفصل بين ( الاسلام التاريخي ) و ( الاسلام التخيلي ) وأخضاع هذا الاستخدم لتفحص النقدي لكشف آليات التلاعب الأيديولوجي داخل خطاب الأنتلجستيا الأسلامية حيث أن داخل تأطيرات الاسلام التاريخي أقصد الاسلام الأنثربولوجي ( الممارس ) كمنظومة عقائدية توجد كتلة من التمايزات اللاهوتية والسياسية والقانونية . فأن العودة الى نظام الأنظمة المعرفية التي تتحكم بمقولة ( الاسلام مصدر للتشريع ) يعني الوقوع في فخ ميتافيزيقي لأنتاج وإعادة أنتاج الأشكاليات الفكرية والسياسية والفلسفية والأقتصادية التي رافقت هذه الأنماط المتعددة والمتباينة ( للأسلاميات التاريخية ) هذا أولاً يضاف الى الجواب المتلبس ، الغامض .
أي اسلام يمكن أن يكون مصدر للتشريع ؟
هل هو الاسلام الشيعي ام الاسلام السني . أم عملية توافق وترقيع دستوري أم العودة الى القرآن والذي هو نتاج نظام أبيستيمي معين ورؤيا للعالم شكلت أبان القرن السابع الميلادي .
أي كيف يتم تحويل النص المقدس والذي ينتمي الى وضعيات أجتماعية - أقتصادية وداخل تحديدات مادية تاريخية الى تمثيلات قانونية وتشريعية ؟ حيث أن الأنتلجستيا ألأسلامية تؤكد على ( أسلامية النص ) وليس ( اسلام التاريخ ) أي الفصل التام بين النصوص التأسيسية الاولى ( النصوص الواردة في الكتاب والسنة ) والتجربة التاريخية . ( التجارب ) حيث أن هذا الفصل والتمييز يهدف الى إدانة التجارب التاريخية بأعتبارها كانت ( خارج النص ) .
هذا الفصل / التمييز يقع في مفارقة مع النصوص التأسيسية بوصفها نصوص خارج التأريخ ولاتحمل في بنيتها بصمات التاريخ الثقافي أو اللغوي أو الفلسفي حيث أن البحث عن ( إسلامية النص ) يؤدي الى تحطيم الخطاب التأسيسي والدخول في عملية جديدة من الأدلجة .
أما بصدد مفهومي ( الأغلبية ) ( الأقلية ) فهما نتاج أسطورة المحاصصة والتوافقات السياسية أي وليدة مجتمع لم يتشكل كـمجتمع سياسي ولم تتبلور فيه الدولة السياسية ورغم انهما مفهومان نسبيان ولكن لهما قاعدة بنيوية مادية يتغذان عليها لأفتقار المجتمع العراقي ( كمجتمع أفتراضاً ) للوحدة البنيوية والتسارع في عملية التمايزات وبروز النزعات الفرعية والإنقطاعات في التسلسل الاجتماعي حيث ان هذين المفهومين يتناقضان مع فلسفة الديمقراطية والتي تقوم على التعايش بين الجماعات الاجتماعية بغض النظر عن الانتماء الديني والطائفي والقومي .
فالأسلام كونه ( دين الأكثرية ) و ( دين الدولة الرسمي ) و ( مصدر التشريع ) سيتم توظيفه ليلعب عامل ضبط سياسي وسلطوي وقانوني داخل بنية المجتمع العراقي . حيث يأخذ صبغة أيديولوجية مطلقة والتأكيد أن كل تشريع مخالف أو يتعارض مع الفضاء الأسلامي اللامتعين الهلامي يمثل هرطقة أو انحراف عن الخط المستقيم .
أن هذه المقولة ( الاسلام مصدر للتشريع ) مخترعة من قبل شبكة التصورات السياسية للحركات الدينية والتي تحاول الدمج بين الآراء والأفكار السياسية والقانونية والمعتقدات الدينية لتأسيس ( مشروع ) رغم انهما خطابين منفصلين داخل الفضاء الايديولوجي . خطابين مختلفين ومتمايزين ولكل منهما حقله اللغوي والثقافي والسياسي . لذا فأن تعدد مصادر التشريع هو مصدر ديناميكية العملية السياسية والتشكيلات الاجتماعية والاقتصادية ويمثل جزء من التوازنات الثقافية داخل المجتمع العراقي . أما تكريس وهيمنة رأسمال رمزي كتمثيلات دستورية وعقد أجتماعي يمكن أن يغذي التمزق والفوضى داخل العالم الواقعي للمجتمع العراقي حيث ان المساواة القانونية ( للمواطنين ) لاتتحقق الا باحتجاب عنصر الانتماء الديني في تحديد محتوى القواعد الدستورية وضبط مجالها وحمولاتها الايديولوجية يضاف الى ذلك ان المجتمع العراقي يتكون من بنى فسيفسيائية قومية وعرقية وأثنية ودينية وطائفية فهو بحاجة ماسة الى دستور مدني وينظر الى العراقيين كمواطنين وليس مواطنين قيد الدرس على حد تعبير عيتاني .



#يوسف_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحريم السياسي: مقاربات أولية حول الخطاب الجنساني في الثقافة ...
- اعادة انتاج النخب السياسية التقليدية2
- قراءة في التصميم الكولو نيالي للديمقراطية في العراق الراهن
- نقد النزعة التاريخية الأحيائية في الفكر العربي
- تحليل الخطاب السياسي حول مفهوم الديمقراطية الشعبوية


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف محسن - إسهام نقدي حول مقولة - الأسلام مصدر للتشريع