أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مولاي عبد الحكيم الزاوي - في الحاجة الى الانتربولوجيا التاريخية















المزيد.....

في الحاجة الى الانتربولوجيا التاريخية


مولاي عبد الحكيم الزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5303 - 2016 / 10 / 3 - 10:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



تصدح تجربتنا التاريخية بغير قليل من خيبات أمل، تذكرنا حوادث الزمان بانكسار وجداننا الحضاري على مقصف فوهات الغرب" الكافر"، فيشهد حاضرنا على انعطاب ذاكرة تصدعت في مرايا منكسرة، على بؤس واقع، وتصحر وعي، فهل هي أزمة تاريخ، أم أزمة وعي به؟
ساحاتنا العمومية صارت لا مدنية، تضع شرخا بين التاريخ والذاكرة، من أجل بناء ذاكرة جماعية بالتوصيف المدني لا السياسي، السياسي أضحى يتلاعب بالذاكرة وفقا لغايات الهيمنة والتحكم والتبرير، فالذاكرة هي كذلك في حاجة إلى توافقات، من أجل إعادة بناء الضابط الاجتماعي من وجهة نظر مدنية وليس من وجهة نظر خلاصية. يجب أن نكتب تاريخا بالوثائق، ومع الوثائق، وبمسافة من الروايات التي تقدمها الوثائق لصياغة الحكاية، فالوثيقة ليست أرشيفا، وليست خبرا، وليست نصا فقهيا، وليست ترجمة، وليست خطابا سياسيا بالضرورة. فهي بحر من الأجناس، وتمتح من مجال التاريخ كما تنهل من مجال الذاكرة.
من نوكل إليه مهمة كتابة هذا التاريخ، من نأتمنه على صياغة الشواهد وبناء الحكاية؟ إنه الرجل الذي يجب أن يشبه "الحداد" ، الذي يشتغل على حديد بارد، يصهره، يطرقه، ليصنع شيئا، فالتاريخ صناعة تشتغل على شيء بارد، أو كما يقول المؤرخ عبد الله العروي " لا يزيد عمل المؤرخ على تعليب الوقائع التاريخية". تعليب وتكييف شريطة ألا يتعارض مع حاجيات الراهن، بينما الذاكرة شيء مندس يوميا في حياتنا، تخضع للبثر والتمطيط، للتضخيم والتقزيم، حسب تجاذبات اللحظة السياسية. علينا أن نؤمن بأن الماضي ليس هو التاريخ، فالماضي شيء أساسي بالنسبة للحاضر وللمستقبل، لكنه ليس هو التاريخ. لأنه يتميز بنظرة مخصوصة، وقابل للتبرير والشرعنة.
علينا أن نعيد صياغة مفهوم "الهوية" بالمدلول التاريخي، وأن نعيد حكي التاريخ، فمن "لا يملك الحكاية لا يملك أرض الحكاية" كما قال الشاعر محمود درويش، علينا أن نصنع تاريخنا، وأن نرفع القداسة على الفعل المدني، وأن نعيد التفكير في مدلول الضابط الاجتماعي الذي تحدث عنه موريس هالفاكس، وأن نعيد الاعتبار للروحي. لأننا نتموقع في الكوني من أجل فهم عميق للغيرية، من موقع المقاومة التي نواجه به الآخر، الغيرية الحميمة أي كل "ما يتصل بالفضاء الذي يرتبط بالحكاية"، والغيرية الغريبة أي "كل من طردناه من هذا الفضاء". فهل يسمح لنا موقعنا في الحقيقة اليوم أن نقارب التاريخ؟
تعليمنا أخلف الموعد مع التاريخ، وأدار ظهره للحداثة والتنوير، أنتج قطاعات عريضة من البشر قادرة على "القراءة"، لكنها غير قادرة على تمييز ما يستحق القراءة، مدرسونا يلقنون الجهل ويقتلون الحياة، مهندسونا يغشون في الأساس والدعامات، أطباؤنا لا يتعجلون في المستعجلات، قضاتنا يكيفون الحق وفق التسعيرات، فقهاؤنا أعلنوا الدين جلابيب وعباءات، كتابنا صنعوا للظلم مسالك وممرات، ولائحة العبث طويلة، ماذا حدث للسلطة في هذه البلاد، وأقصد سلطة العقل والفكر.
الإبتذال الفكري، التدني الثقافي، التلاعب الإعلامي، تزييف الوعي، الكذب المتعمد، تشويه الحقائق، مداهنة صانعي القرار والنفوذ...تلك أهم الصفات التي تختزل إلى حد كبير واقع الصحافة بمملكة الأولياء، أو لم يقل العروي يوما، إن "قول المؤرخ لا يرضي إلا المؤرخ أو من له مزاج المؤرخ". فالأشياء التي تظهر مجردة من الأصل ومرتجلة ولا إرادية، وأيضا الكلمات العفوية، تأتي كلها من بعيد، وتشهد على الصدى الطويل لأنساق التفكير بعبارة عراب الحوليات جاك لوغوف.
نحيا اليوم حالة انسداد تاريخي، وتكلس حضاري، وانغلاق وجداني، مما يعدو معه سؤال التنوير أكثر إلحاحا للمشاركة في المتاح البشري المشترك، ودحض الاستثناء الذي يمشي بنا خارج مراكب الزمن، وهذه هي معضلة العالم الإسلامي اليوم، التي جعلته عاجزا عن تدبير إرثه التاريخي وفق حاجياته المتجددة، وأسئلته الزمنية، وأفرزت معها اتجاهات متضادة في قراءة هذا الإرث، بين قائل بالقطيعة، وبين متبن للانتقاء، وبين متحدث عن الاستعادة والنقد المزدوج وغيرها ...لهذا السبب بالذات، فشلنا في مشروع التحديث من الداخل، فظلت الحداثة عندنا مرتبطة بالخارج، وبتجربتنا مع الإستعمار، فهل هذا الفشل مرده تحكم الأنظمة السلطوية " ملكية، عسكرية، أوليغارشية، عشائرية... التي راهنت على إجهاض المشروع التحديثي، وعملت على إعادة التقليد؟ أم إلى اكتشاف البترول الذي دعم اقتصاد الريع، وأنتج اديولوجيات منغلقة؟
ويبدو لي أننا أضحينا في هذا البلد مثل أبطال في مسرحية " في انتظار غودو" للكاتب الشهير صامويل بكيت، وليس غودو في سياق مأساتنا غير قطار إقلاع البلاد الذي طال انتظاره، حتى أصبحنا نحن المغاربة كائنات انتظارية بامتياز، نمني النفس بما قد يأتي وقد لا يأتي.
وها هي سنة أخرى نودعها الوداع الأخير، تذكرنا أن بؤس واقعنا أكبر من أحلامنا الجميلة، لم نزرع غير الريح، فكان لزاما أن نحصد العاصفة:
انتخابات على الأبواب قضت وستقضي بأن يكون مصير البلاد والعباد بين أيدي صناع العاهات.
رياضة بمثابة مرآة عاكسة لتخلفنا المخجل والمخزي في آن.
فقر سرطاني يعيد تشكيل الوطن إلى وطنين بينهما حجاب: وطن الغنى والبذخ والثراء حتى السفاهة، ووطن الفاقة والحاجة وقلة ذات اليد.
حقوق مهضومة على مستوى الخطاب وزئبقية على مستوى الواقع.
شباب في زهرة العمر، يبحر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صباح مساء، بحثا عن نجومية "رحال لعوينة" في رائعة ياسين عدنان " هوت ماروك".
وها نحن على مشارف استحقاق جديد نجر خيباتنا وانكساراتنا، فهل سينبلج فجر جديد يضئ سماء ما بعد 7 أكتوبر؟ أم أن قدرنا نحن بسطاء هذا البلد هو أن نبقى بشكل سيزيفي ننتظر غودو؟
حمامتنا المخلصة لم تحضر بعد، وأحفادنا من بعدنا ملزمون بانتظارها، فلا يمكن لبجعة أن تنجب سنجابا من سرعوف. هذا قانون الطبيعة، وهو بالبداهة يمشي وفق نسق واضح.
فهل نختزل التاريخ في أشخاص؟ وما ذنبي أنا إن لم أعرف المهدي بن بركة وعلال الفاسي؟ ألا يمكن أن نطرح القضايا التي تعتور مجتمعا في إطار قوالب فكرية، ومن خلال ظواهر اجتماعية؟ هل نستطيع أن نتجاوز الحماية ومنظومتها؟ وهل تلتئم خيارات المغرب وما تمليه الجغرافيا؟.



#مولاي_عبد_الحكيم_الزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفسانية التواكل


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مولاي عبد الحكيم الزاوي - في الحاجة الى الانتربولوجيا التاريخية