أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - مظاهر غياب العدالة عند العرب














المزيد.....

مظاهر غياب العدالة عند العرب


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 5301 - 2016 / 10 / 1 - 03:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا تحدثت مع فلان عربي عن واقع بلده وقتها إما يستخدم أسلوب المعارضة أو الحكومة، فلو كان معارض سيكثر من كلمات.."الديمقراطية-الحرية-حقوق الإنسان- العدالة"..وإذا كان مؤيد للحكومة سيكثر من كلمات.." الفوضى –المؤامرة"..في الأولى كان المعارض يستخدم هذه الكلمات لتبرير موقعه كمعارض وتنزيه نفسه عن الغرض، وفي الثانية استخدم المؤيد نفس الأسلوب وهو تبرير موقعه كحاكم مسئول عن أمن البلاد.

يوجد تقاطع بين المعارضة والحكومة عند العرب أزعم أنه تقاطع في جزئية واحدة وهي الاعتراف بغياب العدالة وأهمها العدالة السياسية ثم الاجتماعية والدينية، حتى أن حاكم مصر مؤخرا برر موقفه من حقوق الإنسان في بلده أنها لا تصلح لمجتمعه بمفهوم الغرب، وجهل أن حقوق الإنسان مُعرّفة دوليا كمفهوم مُسقَط على الجميع بمن فيهم المصريين، أي من حق الإنسان أن يتكلم بحرية ما دام حديثه لم يؤذ أحداً فيما يتعلق بحقوقه الطبيعية كحقه في الطعام والرأي والاعتقاد.

فلا يأتي حاكم عربي بعد ذلك ويقول أن حقوق الإنسان الدولية لا تصلح لبلده، فلا العالم يؤمن بفرض الأعراف والسلوكيات المحلية على الجميع ، ولا هو يؤمن بانفصال مجتمع أرضي عن حياة الكوكب، وقتها أفطن-في تقديري- عن موقف السيسي من حقوق الإنسان، وهي أنه يراها مجرد (أعراف وثقافات غربية) وهذا موقف تيار الإسلام السياسي بالمناسبة، فبرغم تنظير الإسلاميين لموقفهم أنهم يؤمنون بحقوق الإنسان يرون في نفس الوقت هذه الحقوق لا تصلح لمجتمعهم الشرقي، وأن الأفضل البقاء على ما هم عليه من القمع وغياب العدالة باسم المحافظة..

أي أن موقف السيسي من حقوق الإنسان هو موقف الإخوان من نفس القضية، رغم أن الاثنين أعداء، قس على ذلك بقية الأنظمة الملكية والدكتاتورية العربية كلها تعاني من نفس الداء..

كذلك من أبرز مظاهر غياب العدالة عند العرب هو عدم شعور المواطن بالمسئولية سواء تجاه مرافق الدولة .."مدارس- حدائق عامة- مستشفيات- شوارع- وسائل النقل"..تجده لا يهتم بنظافتها وسلامتها، ولا حتى تجاه بسلوكياته وتصرفاته الشخصية فتجده يكثر من الكذب والتجني على الحقائق بدون علم، حتى أن العربي تجده يُكثر من التعميم والتهور في إطلاق الأحكام وكأن حياة وكرامة وممتلكات الآخرين بالنسبة له لا تساوي شيئا، وأن العالم أصبح محكوم بنظرية سيادته، وأنه البطل والعالِم الأوحد.

والسؤال: هل لو كان المواطن يشعر بالعدالة فعلا وأن الدولة والمجتمع يحترمان استقلاليته، وأن من حقه الاختلاف عن الآخرين، وقتها هل سيفهم أن مرافق الدولة ممتلكاته هو أم هي أملاك الحكومة؟..هذا الشخص شعر بالتجني على حقه، وأصبح وعيه متشبعا بمبدأ.."دع الحكومة تفكر وتقرر فهي المالكة لكل شئ والعالمة بكل الأشياء"..ومع الاعتياد يصبح وعيه جزء من منظومة اجتماعية قمعية لا تؤمن بالاختلاف، فالرأي هو رأي الحكومة، والمصلحة هي ما يراها الحاكم..وهذا هو السر في عدم احترام وتقدير دور المعارضة في الشارع.

حتى شاع عند العرب أن المعارِض إما جاهل أو متآمر، وبالتالي هو.."شئ قبيح"..لا يصلح للحُكم ولا هو ثقة نأتمنه على أفكارنا ومصالحنا، وبعض الانتهازيين من متسلقي السلطة ومنافقي الحاكم من المثقفين يدركون ذلك، فيقدمون أنفسهم للمجتمع من باب السلطة لا من باب المعارضة، فالمعارِض عند الجماهير مشبوه، رغم أن الجمهور في وعيه المختزن يؤمن بمبادئ المعارضة أصلا وحقه في العيش الكريم، لكن بجهله وضعفه الفكري رأى السلطة إما بصورة.."البطل المواجه للصعاب"..أو.."الشر الذي لابد منه"..حتى انتشرت كلمة.."اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش"..كتعبير عن عدم الثقة في البديل، والأفضلية دائما للموجود وكراهية التغيير.

وبمناسبة المعارضة فهي عند المجتمعات المتقدمة ليست شئ قبيح كما هو الحال عند العرب، بل هي شئ جميل لابد منه لإصلاح وضع المجتمع ومنع تغوّل الأفراد والتنظيمات ، والدفاع عن حقوق الأقليات السياسية والاجتماعية والدينية، والمعارِض في الحضارة الغربية له كيانه المقدس يحرم التعرض لرأيه ولا لحركته في الشارع، وبعض الانتهازيين والوصوليين العرب يستغلون هفوات تلك الحضارة لتبرير موقفهم من حقوق الإنسان، كمنع مظاهرة مثلا في إيطاليا أو فرنسا، ويتغاضون أن مبدأ التظاهر نفسه غير منكر ولا ممنوع وأن المظاهرة التي مُنعت يوجد غيرها المئات لم تُمنع.

إذن المنطق يقول الاستثناء يؤكد القاعدة، فالمظاهرة الممنوعة هي إثبات أن المظاهرات (غير ممنوعة) وبالتالي يجري تفسير هذه المظاهرة الممنوعة، فهي ربما تكون من رأي الحكومة قد أخلت بالنظام العام، وحسب رأي المعارضة غلطة حكومية يُحاسب فاعلها، كل هذا يجري حسب النظام الديمقراطي الذي يكفل الحرية للجميع، ثم يأتي بعد ذلك عربي ويأخذ هذه المظاهرة كدليل على القمع في الحضارة الغربية، وكأنه اعتراف داخلي منه بأنه يمارس الفاحشة السياسية بقمعه لأي مخالف ، وهذه ازدواجية يعاني منها العرب، فالغالب عليهم أنهم يبررون مواقفهم العدوانية بعدوانية فلان وعلان..وينسون أن هذا اعتراف منهم بالفشل والتسلط والظلم.

إن غاية ما يحدث في مجتمعات العرب هو ذوبان استقلالية الفرد لصالح رأي الجماعة/ الحكومة كنتيجة طبيعة لغياب العدالة، فتوحيد الرأي السياسي صفة أصيلة في المتسلطين والأنظمة الدكتاتورية، وهو يشبه توحيد الأزياء والأعراف المحلية، حتى أخص الخصوصيات كطريقة المشي والجلوس والكلام يريدونها موحدة، هؤلاء في الأصل يرون الإنسان كائن غير مستقل ، وأن الإنسان الوحيد المخلوق على الأرض هم أنفسهم لا أحد آخر.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة صلاح الدين الأيوبي
- مباراة حربية بين إيران والسعودية (4)
- مباراة حربية بين إيران والسعودية (3)
- مباراة حربية بين إيران والسعودية (2)
- مباراة حربية بين إيران والسعودية
- من صفحات تدليس الإخوان د محمد عمارة نموذج
- أضواء على تصريحات مفتي موريتانيا
- نظرية الضفدع المغلي وتطبيقها في الشرق الأوسط
- مركز استطلاع بصيرة المشبوه
- خدعة الوسطية
- أسباب الأزمة الاقتصادية في مصر
- قراءة في قمة موريتانيا العربية (اجتماع الشمبانزي)
- الإنسانية بين الوهم والدين
- الأزهر واضطهاد المسيحيين في مصر
- الدروز.. مجمع الأديان
- داعش ليست خوارج بل انعكاس للسلفية المعاصرة
- أكذوبة فضائل السور
- الانغلاق العربي بين التأمل والواقعية
- أبعاد الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي
- جلالة دكتاتور مصر..


المزيد.....




- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - مظاهر غياب العدالة عند العرب