أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - لا يحدث إلا في أوطان اليأس!














المزيد.....

لا يحدث إلا في أوطان اليأس!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 5301 - 2016 / 10 / 1 - 00:05
المحور: كتابات ساخرة
    


إليكم هذه الصور، المنظرُ الأول:
بيتٌ اختارتْ له مالكتُه البلاط المنمنم، وأشرفتْ على دهان سقفه الأملس الناعم، تتدلى منه الثُّرياتُ والأضواءُ، وبلاط مطبخُهُ يعكس الأضواءَ، فتبدو شعلةَ موقدِ الطبخ معكوسة على سطحه، أدراجُه الخشبيةُ المملوءة بالأطعمة المجففة، والأطباق الزجاجية، والصينية الفاخرة، وعشرات المنظفات، والمذيبات، والمُفاعلات، والمُطهرات .
المنظر الثاني:
سيارةٌ فاخرة، كساها صاحبها بالفرو الغالي، ووضع فيها من الروائح الجميلة أثمنها، واشترى لها قطعة من جلد غزال ليُلمِّع زجاجها.
المنظر الثالث:
دكانٌ تجاريٌ، تستلقي فيه البضائعُ فوق الرفوف، وكأنها طيورٌ أليفةٌ، مختلفة الأشكال والألوان، يفتحه صاحبه في الصباح الباكر، ويطرد بقايا الغبار، بمذبة ريشية غالية، لتصفو عُلبُ البضاعة وتلمعُ، لتغري الناظرين .
المنظر الرابع:
شابٌ جميل، اعتاد أن يجلو وجهه بأغلى أنواع الصابون، ثم يتأملُ تقاطيعَ وجهه في المرآة، ثم ينثرُ على يديه شذا الطيبِ المعلب، المستورد من جزر العطور، ثم ينثرُ الجل فوق شعره ليصطف في مدرجات، ولا يترك البيت إلا بعد أن يتأكد بأن قميصه وبنطاله قد حافظا على خطوط السهم الكهربي (المكواة)، ولا يخطو خطواتِه الأولى إلا بعد أن يتأكد من لمعان نعليه، فيفركهما بسائل لامع، ويُغادر البيت!!
ما أروعَ النظافةَ ولكن، إليكم ما يفعله هؤلاء:
أما ربةُ البيت الأولى، فقد حملت بقايا نفايات قصرها المنيف!! وفتحت الباب الخارجي ببطء، والتفتتْ ناحيةَ الشمال واليمين، ثم طوَّحت ببقايا منزلها وقمامته في وسط الطريق، أو تحت صندوق القمامة، ونثرتْ قمامة منزلها، حتى تُضفي منظرا آخر على لون الإسفلت الأسود!
أما صاحب السيارة الأنيقة الجميلة والنظيفة والفارهة، فما إن يتوسط الطريق، حتى يفتح شباك نافذة سيارته، بتأنٍ وثقةٍ، وهو يحمل في يده منفضة السجائر، المملوءة ببقايا الرماد، وينثرها مع الريح في الشارع العام، فوق الإسفلت الأسود القاتم!!
أما صاحبُ الدكان، فإنه يجمعُ غبارَ دكانه، وعوالق رمالِ أحذية الزبائن، وينثرها هو الآخر في الشارع العام، غير بعيد عن باب دكانه، في انتظار أن يعيدها الريحُ إلى الدكان، مرة أخرى، عند أول الهبّات!
أما الشابُ الأنيق، الخالي من الأدران، المشحون بروائح العطور، صاحبُ الحذاء اللامع النظيف، فإنه بعد أن يترك منزله بخطواتٍ، يُنظف ما علِق بمنخريه من غبار الشارع، فيضغط بإصبعيه على طرفي أنفه، ويخرج المخاط وسط الشارع العام، فوق الإسفلت الأسود الكئيب، وأخيرا يتحسس جيوبه، ويُخرج منديلَ ورقٍ أبيض، ليمسح أنفَهُ، ويرميه في وسط الشارع ، تحت أقدام المارَّة!
الإسفلت في وطننا، هو شارعٌ يملكه الجميع، ولا يحق لأحدٍ، مهما كان، أن يدَّعيَ ملكيته، فهو من الأملاك العامة، لذا، فإن أي فردٍ يستطيع أن يفعل فيه ما يحلو له، بدون أن يعترض عليه أحد!
المناظر السالفة لا تحدث إلا عند الشعوب اليائسة، التي فقدتْ الأمل في مستقبلها، وهذه الممارسات هي أبرز علامات الفناء والموات!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل التجارة خساسة؟
- الكلام المهموس مسموع
- أطباء آخر زمن!
- هل الزواج العربي زواج؟
- بيت الطاعة العولمي
- الأنبوش والأنابيش
- ورم الزعامة عند الفلسطينيين
- زعماء المكارثية الثقافية في إسرائيل
- الحل الاستيطاني النهائي
- مجازر نيس، والكراده، وباريس!
- القواقع القبلية في فلسطين
- جعفر الإفريقي، ابن قاهر الامبراطورية
- كيف كنتُ آكلُ البطيخ؟!!
- انتهاء صلاحية الإنسان العربي
- مقال مرفوض بمناسبة الأعياد اليهودية
- في فقه العلاقات الإسرائيلية الروسية
- لماذا تسعى إسرائيل لإفشال مؤتمر باريس؟
- تسونامي ليبرمان الجديد
- هل غزة فاشستية؟
- فلسفة للتبرير، وليس فلسفة للتنوير والتغيير


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - لا يحدث إلا في أوطان اليأس!