أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الفنان الكوبي ويفريدو لام وشخصياته المهجّنة في التيْت غاليري















المزيد.....

الفنان الكوبي ويفريدو لام وشخصياته المهجّنة في التيْت غاليري


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5300 - 2016 / 9 / 30 - 12:45
المحور: الادب والفن
    


نظّم التيْت غاليري بلندن معرضًا استعاديًا للفنان الكوبي ويفريدو لام للفترة من 14 سبتمبر الجاري ويستمر لغاية 8 يناير 2017. وقد ضمّ المعرض أكثر من 120 لوحة تُمثِّل مجمل مراحلة الفنية إضافة إلى مجموعة كبيرة من الأعمال السيراميكية والطباعية التي تكشف عن الثيمات التي كانت تدور في ذهن الفنان خلال العقود الأخيرة من حياته على وجه التحديد.
يُعتبر ويفريدو من أشهر الفنانين الكوبيين في القرن العشرين. وقد استطاع منذ وقت مبكّر من حياته أن يرسم الطريق التي تفضي به إلى مستقبله الفني حيث درس الرسم في مدرسة الفنون الجميلة في هافانا لمدة خمس سنوات ثم حصل على منحة دراسية أهّلتهُ لمواصلة تعليمه العالي في مدريد.
يستطيع المتابع لتجربة ويفريدو الفنية أن يتلمس التأثيرات الأولى التي خلّفها مُعلّمهُ، رسّام البورتريهات، فرناندو ألفاريز دو سوتومايور، وكذلك تأثير مشاهداته الأولى وهو يقف أول مرة أمام لوحات دييغو فيلاسكيز وفرانسيسكو دي غويا في متحف البرادو بمدريد.
لا يمكن بطبيعة الحال أن نغطّي كل المحاور التي اشتمل عليها هذا المعرض ولكننا سنتوقف عند "الشخصيّة المُهجّنة" التي تكشف عن إبداع هذا الفنان وتقنياته المتطورة التي تجمع بين مدارس فنية متعددة طوّعها لمصلحة ثيماته المحلية والعالمية على حدٍ سواء.
احتلت اللوحات والأعمال السيراميكية والطباعية 12 صالة لكن ما إن يلج المُشاهد الصالة الأولى حتى يصطدم بلوحة تحمل عنوان " بورتريه شخصيIII" 1938وعلى الرغم من أنّ ويفريدو لم يرسم بورتريهات شخصية كثيرة لنفسه إلاّ أن هذه اللوحة بالتحديد تكشف عن نزوعه كفنان بوهيمي آنذاك. إنه يقف بحزم وثقة كبيرة أمام المُشاهد لكنه يتفادى النظر إليه مباشرة. لعل أهم ما في هذا البورتريه أن الفنان قد حوّل وجهه إلى قناع أفريقي، وهذه هي أولى المؤثرات والرموز التي استقاها من الفن الأفريقي ليخلق صورًا مُهجّنة تجمع بين مصادر وخلفيات متعددة، ومع ذلك فإنّ بعض النقاد والدارسين فسّروا مضمون هذا البورتريه على أن ويفريدو قد وضع نفسه خارج التراث الأوروبي "فأبوه مهاجر صيني وأمه من أصول أسبانية أفريقية".
تحتوي الصالة الثانية على 12 لوحة أبرزها "نافذة رقم 1" 1935 بألوانها الباردة التي تحيل إلى تأثره الواضح بالفنان الفرنسي هنري ماتيس الذي يركِّز كثيرًا على الموضوعات ويهمل التفاصيل الصغيرة. كما يُعنى عناية شديدة بتدرجات اللون الواحد التي انتقلت إلى ويفريدو وصارت جزءًا من البنية الداخلية لعمله الفني. تضم هذه الصالة أربع لوحات لشخصيات منتصبة القامة وهو الشكل الذي دأب على رسمه في أثناء الحرب الأهلية الأسبانية حينما انضمّ إلى ميليشيا الجمهوريين ضد الطاغية فرانكو لكنه بعد ستة أشهر تدهورت صحته فانسحب إلى كتالونيا كي يلتقط أنفاسه. تفاقمت أوضاعه النفسية حينما توفيت زوجته إيفا بيريز وابنه الصغير ويلفريدو بسبب التدرن الرئوي فانعكست الأحزان والأفكار السوداوية على لوحاته الفنية. جدير ذكره في هذه المرحلة أن النحات الكاتلوني مانولو هوغيه حرّض ويفريدو على السفر إلى باريس ومهّد له سبيل التعرّف على بيكاسو الذي سيؤثر هو الآخر في تجربته الفنية بدرجة كبيرة حتى ليخال المُشاهد المحترِف أن لوحات ويفريدو قد أنجزتها أنامل بيكاسو المرهفة.
تحيل لوحة "إله مُفترق الطرق" 1943إلى الديانة السانتيرية الأفرو- كوبية لكن ويفريدو يصرّ على أنه "لم يخلق رسوماته باعتبارها تقليدًا رمزيًا وإنما على أساس الإثارة الشعرية". انتقل ويفريدو إلى باريس عام 1938 وقوبل باحتفاء شديد من قِبل بيكاسو الذي آزرهُ وعرّفه على العديد من الكُتّاب الفنانين أمثال ميشيل ليريس، أندريه بريتون، هنري ماتيس، خوان ميرو وغيرهم حتى صار عنصرًا فاعلاً في المدرستين التكعيبية والسوريالية وأنجز أعمالاً مهمة خلال هذه المرحلة التي سبقت الغزو الألماني لفرنسا الأمر الذي اضطره أولاً للهروب إلى مارسيليا ومنها إلى المارتنيك قبل أن يقرر العودة إلى وطنه بعد 18 سنة من الغربة ويصل إلى كوبا عام 1941.
أفاد ويفريدو كثيرًا من تقنيات المدارس الفنية الأوروبية، لكن مصادر ثيماته كان يستمدها من موروثه الوطني والديني الأفرو- كوبي، فهو شخص متعدد الثقافات والانتماءات بامتياز فلا غرابة أن يرسم عملاً مثل "الغابة" 1943 يجسّد فيه الديانة السانتيرية، والأقنعة الأفريقية، والاسترقاق وما إلى ذلك من موضوعات إنسانية حسّاسة شغلت الكائن البشري سنواتٍ طوالا، وينفِّذ هذه الأفكار بتقنيات أوروبية حديثة جدًا في ذلك الوقت. تتألف هذه اللوحة من أربع شخصيات رئيسة تتميز بوجوهها الهلالية، بعضها بشري وبعضها الآخر حيواني، لكنها تُذكرنا بالأقنعة الأفريقية . كما تتميز هذه الشخصيات بأقدامها الكبيرة، وسيقانها الطويلة، وأردافها الكبيرة وقد نُفذت بأسلوب تكعيبي لا يشي بانتظام هذه الأجزاء الجسدية في مواقعها الصحيحة ومع ذلك فإن خلفية اللوحة العليا المكتظة بأوتار قصب السكّر تحيلنا إلى فكرة استرقاق الأفارقة الذين جلبهم التجار للعمل في المزارع الكوبية. ولو دققنا جيدًا في هذه التحفة الفنية لوجدنا أن الشخص في أقصى يمين الناظر يحمل مِجزًّا في إشارة واضحة لموسم الحصاد، والشخص الرابع في أقصى اليسار كأنه يلمِّح إلى واحدة من الأرواح في التصوف الأفرو- كوبي. ما يهمنا في هذا المقال هو الشخصية المهجنة التي تجمع بين الوجوه البشرية والحيوانية وتحيلنا مباشرة إلى السانتيرية والطقوس الأفرو- كوبية التي كانت تُمارس سرًا في كوبا على الرغم من تطعيمها ببعض الطقوس الكاثوليكية. عُرضت هذه التحفة أول مرة في غاليري بيير ماتيس بنيويورك وأثارت جدلاً كبيرًا لم تنتهِ تداعياته إلا بعد مدة طويلة ذلك لأن اللوحة تصوِّر التوتر الحاد بين الحداثة والطاقة الثقافية الكامنة في الموروث الأفرو- كوبي. وغالبًا ما تُقارن هذه اللوحة بعمل غورنيكا" الفذّ لبيكاسو المعلّق حاليًا على جدران متحف الملكة صوفيا في مدريد.
كثيرة هي الشخصيات المهجنة في أعمال ويفريدو وهناك العشرات من اللوحات التي تجمع بين الإنسان والحيوان والنبات أيضًا. ويبدو أن دراسة ويفريدو للنباتات الإستوائية هي التي ساعدتهُ على توظيف الصورة النباتية في العمل الفني ويكفي أن نشير هنا إلى لوحات من قبيل "فاكهة البابايا" و "الحضور الأبدي" وعشرات اللوحات الأخرى التي تستلهم مادتها من أشجار الطبيعة ونباتاتها وأثمارها.
لم ينجُ ويفريدو من تأثير الجانب السياسي عليه فقد آزر المظاهرات الطلابية ضد دكتاتورية باتيستا وأعلن ولاءه لأفكار فيدل كاسترو في سعيه لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية ورسم لوحة "العالم الثالث" التي خصّصها للقصر الرئاسي.
لابد من الإشارة إلى أن الفنان الدنماركي أصغر يورن هو الذي شجّع ويفريدو على خوض تجربة السيراميك التي أسفرت عن إقامته لأول معرض شخصي سيراميكي لكن تقنياته النحتية لم تكن مختلفة عن رسوماته التي تتمحور على الشخصيات المهجّنة التي نملس فيها مرجعيات الفنون البدائية المنفذة بأساليب فنية حديثة تنتمي إلى روح الفنان ويفريدو ومخيلته البصرية التي تحتفي بمرجعيتها الكونية.
أما الأعمال الطباعية في هذا المعرض فهي كثيرة بمكان وهي تحتاج إلى مقال خاص يُفرد لها وحدها وبالذات تلك التي تتعاطى مع فكرتي "القلق والعنف" اللتين شغلتا الفنان لعقود طويلة من الزمن.
نخلص إلى القول بأن تجربة الفنان ويفريدو لام قد تطورت بشكل مذهل، فبعد تأثره بماتيس وانغماسه في رسم الحياة الصامتة، والمناظر الطبيعية، والبورتريهات المبسّطة، وخاصة صور الفلاحين الأفارقة والكوبيين والأسبان، انتقل إلى المرحلتين التكعيبية والسوريالية حيث جسّد بواسطتهما ثيماته الدينية والأسطورية التي تنطوي على قوة عاطفية كبيرة تستنطق الجانب الجمالي ولا تتقصّد الأسطورة أو الطقس الديني بحد ذاته. وعلى الرغم من كل المؤثرات التي أشرنا إليها سلفًا إلاّ أن أعمال ويفريدو لام تحمل بالنتيجة توقيعه الخاص ولا تحيل إلى أي فنان آخر شرط أن نتأملها جيدًا ونستعيد مرجعياتها العالمية النابضة بالحياة.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رصانة القصة في فيلم -على حلّة عيني- لليلى بوزيد
- ترييف العاصمة المنغولية آلان باتور في فيلم وثائقي
- حيث تنمو الأعشاب عالياً
- إشكالية الموت في فيلم -شبابِك الجنّة- لفارس نعناع
- الدورة الحادية والعشرون لمهرجان بورتوبيللو السينمائي بلندن
- قبل زحمة الصيف: قصة مفكّكة في بناء بصري رصين
- أفلام تخترق التابوهات السياسية والاجتماعية في مهرجان سفر الس ...
- أفلام عربية جريئة في مهرجان سفر السينمائي بلندن
- تجليات السيرة الذاتية والأسرية في النص الأدبي
- سلالة باتريك موديانو النقيّة
- لُغز أُذن فان كَوخ: الحادثة الأشهر في تاريخ الفن المعاصر
- جورجيا أوكَيف . . .أيقونة الفن التشكيلي الأميركي
- -وصية لأجل الملك- وتنميط الشخصية العربية المسلمة
- الفن الأرضي الزائل الذي توثِّقه العين الثالثة
- أسرار القدّيس يوحنا بولص الثاني وحُبِّه لآنا تيريزا تمنيسكا
- الحياة ما بعد تشرنوبل
- أغنية الغروب . . . قوّة المرأة في مواجهة المصائر المُفجعة
- تسعة فنانين عراقيين يحتفون بزَها حديد
- نبوءة السقّا . . . بطولة جماعية في مكانٍ افتراضي
- سمكة الأمازون الكهربائية. . .صعقتها تشلّ التمساح وتطرح الحصا ...


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الفنان الكوبي ويفريدو لام وشخصياته المهجّنة في التيْت غاليري