أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أيوب - الكوابيس تأتي في حزيران 17 / 18















المزيد.....

الكوابيس تأتي في حزيران 17 / 18


محمد أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 1411 - 2005 / 12 / 26 - 08:41
المحور: الادب والفن
    


ظلت زوجته تروح وتجيء محاورة نفسها .. ترى هل ستطول غيبته ؟ وهل يحدث له مكروه لا قدر الله فلا يرى ابنه ، وهل يعيش الطفل القادم بلا أب ، أم أنها أضغاث أحلام ويمر الأمر بسلام ، ما أصعب الفقد ، وما أصعب أن تترمل الزوجة في بداية حياتها .. عندما تزوجنا أصروا على أن أقوم بلصق ورقة خضراء على قطعة من العجين ولصقهما بعد ذلك على الجدار على يمين الباب .. اللهم اجعل قدمها قدم السعد على هذا البيت وأهل هذا البيت ،ولما تمض خمسة أشهر على زواجنا حتى وجدت نفسي وحيدة ، قالت حماتها وكأنها قرأت أفكارها : لن تطول غيبته .
وأردفت : ما رآه في المنام هو أضغاث أحلام .
تمنت أن يكون الأمر كذلك وألا تطول غيبته حتى يرى ابنه ويربيه ، لكن غراباً ظل يحوم في صدرها ناعقاً .. اللهم الطف بنا ، وبعد عدة أيام جاءتها أخته وطلبت منها أن تنزل معها إلى غزة للحصول على المرتب وكانت لا تعتقد أنه المرتب الأخير لأحمد الفايز من عمله معلما في مديرية التعليم ، ادعت أخته أمام الموظف المسئول أنها زوجته فصرف لها المرتب دون تردد ووقعت باسم زوجته في كشوف الماهيات ، اعتقدت زوجته أنها لو احتجت لضاع المرتب وهي في أمس الحاجة إليه خصوصاً في بداية فترة الحمل ، فقد انتصف شهر حملها الثالث عند دخول زوجها السجن ، قالت أخته : هناك بعض المصاريف الضرورية ، لذلك سأبقي المعاش معي .
ـ ولكني زوجته .
قالت أخته : قال من وقتيش إلك في القصر ؟ قال له من امبارح العصر.
قالت زوجته : أنا زوجته على سنة الله ورسوله ، ثم إنني في شهري الثالث ، ولم يترك أخوك مليماً واحداً في البيت قبل اعتقاله.
ـ خشّي في عبي يااختي .. يعني فكرك تقنعيني بهالحكي ؟
فكرت زوجته حياة فيم ستتمخض عنه الأيام والليالي القادمة ، هل من الممكن أن يعترف ويجلب له ولنا المتاعب ، أم أنه سيحتمل تعذيبهم ، ربما ضعف ، مع أنني عرفته قوي الإرادة .. أعتقد أن من واجبي أن أقوم بنقل الأشياء المخبأة في البيت من باب الاحتياط ، ولكني قبل أن أفعل ذلك يجب أن أشاور من أثق به ، وهل يمن منح الثقة لكائن من كان ؟ من الأفضل أن أستشير والدي ، أدرك أن بينهما علاقة ما ، كان ينقل التعليمات لوالدي قبل الحرب فينفذها دون تردد ، ولا يتأفف من كون هذه التعليمات تأتي من ابن أخيه .
استقر رأيها أن تستشير والدها حول الأسلحة والأختام الموجودة في المنزل .. بعضها كانت تعرف مكانه ، ذلك السلاح تحت الطلب والجاهز للاستعمال في أية لحظة .. ترى لماذا لم يستخدم السلاح ضدهم ؟ قالت في نفسها ، واستطردت : لقد تصرف بحكمة وروية ، فلو استخدم سلاحه ضدهم من داخل البيت لكانوا دمروا البيت فوق رءوسنا ولكنا خسرنا كل شيء ، أما وأنه لم يفعل ذلك فربما يكون قد أنقذ نفسه وأنقذ رفاقه ، لأنهم خرجوا من البيت دون دليل ، وفكرت فيما لو تم نقل السلاح وتم ضبط ذلك الذي سينقله أثناء عملية النقل ، توجهت إلى والدها وهي تتلفت حولها في جميع الاتجاهات خشية أن يكون هناك من يراقب البيت أو يراقب سكانه ، قالت لأبيها : ما رأيك يا والدي لو نقلنا السلاح الموجود في البيت ؟
قال إسماعيل الفايز : وإن كانوا يراقبون المنزل وتم ضبطنا أثناء النقل ؟
قالت : هل أنت خائف يا أبي ؟
قال والدها : يا عيب الشوم عليك ؟ ألم أتعرض للاعتقال بعد دخولهم مباشرة ؟
قالت : وإن ضعف واعترف ؟
قال والدها : الضعف صفة إنسانية وكل إنسان معرض للحظة ضعف ، ولكني واثق أنه حتى لو مرت به لحظات ضعف فإنه واسع الحيلة يستطيع أن يتغلب على لحظات ضعفه بذكائه وسعة حيلته وسيخرج من هذه الأزمة بأقل الخسائر ، وسيحافظ على نفسه وأخوته في التنظيم .
قالت : إذن فأنت تعرف أنه منظم ؟
قال : بكل تأكيد .
قالت : ولماذا كان يخفي ذلك عني ويدعي أنه يحتفظ بالسلاح ليبيعه عند الحاجة ؟
قال : وهل تتوقعين أن يخبر الرجل زوجته بكل ما يقوم به من أعمال ؟
قالت : أليس من حق الزوجة على زوجها أن تعرف كل شيء عنه ؟
قال : في شئون البيت نعم ، أما في الأمور النضالية فإن الأمر جد مختلف .
قالت : هذا يعني أنكم لا تثقون بالمرأة .
قال : ليس كذلك ، ولكنهم يؤسسون لمرحلة خطيرة ، ولا يريدون أن يتعرضوا لأية نكسة ، هل تعتقدين أنني أعلم شيئاً عما يفعلونه ؟ واستطرد: هذا عمل سري نتمنى لهم كل النجاح فيه ، يا بنيتي اطلبي من الله أن يمنحهم الصبر وقوة الاحتمال حتى يخرجوا من هذه المحنة سالمين غانمين .
تمتمت : اللهم احفظهم من كل شر ، لقد أسبلت سترك علينا في البداية فامنحنا الستر في النهاية .
ورغم كل تطمينات والدها فإن القلق لم يبارح فؤادها ، تحاول أن تنام فلا تستطيع ، تسبقها أفكارها ، ترى هل يرى ابنه البكر أن رؤياه ستتحقق ؟ هل يخرج من السجن حيا أم أنه سيموت تحت التعذيب ، لقد ضربوا أبي داخل البيت أمام أخواتي وأخوتي وأمي وجدتي ، لم يرحموا شيبة جدتي ، لم تبك وقتها ، بصقت عليهم ودعت عليهم بكل أنواع البوار والدمار وشيعتهم بالشتائم أثناء خروجهم آخذين معهم والدي ، لقد كسرت ضربة كعب البندقية أنفه فتتدفق الدم غزيراً على ملابسه ، ولكنهم لم يضربوا زوجي، لم يتعرضوا له ، أخذوه بهدوء ، حاولت النظر من ثقب الباب ، كان المطر يندف، نهرتها حماتها بصوت أقرب إلى الفحيح :
ـ ماذا لو رجعوا ووجدوك خلف الباب ؟
قالت : لقد أركبوه سيارتهم العسكرية وأحاط به الجنود المسلحون من جميع الجهات ، لقد غاروا في ستين داهية إن شاء الله .
عادت إلى غرفتها ، الكتب تتناثر هنا وهناك في فوضى غريبة ، أخذت تلملم الكتب في مرارة .. كم كان يعشق الكتب ، كان يحب الكتب إلى درجة جعلتني أشعر بالغيرة منها ، لقد كانت تشاركني اهتمامه بي ، ولكنها ستصبح عزائي وسلواي أثناء غيابه الذي أرجو الله ألا يطول ، ساعدتها أم أحمد في لملمة الكتب ثم طلبت منها أن تتفقد أغراض البيت ، وجدوا بعض المواد التموينية ترقد في تراخٍ على الأرضية الإسمنتية بينما تتسلل جداول السيرج بين حبيبات الأرز والسكر والملح التي اختلطت ببعضها بطريقة عشوائية ، كانت صفيحة الزيتون تستقر دون أن تندلق ، كان غطاؤها ملقى في عفوية غريبة ، طافت على شفتيها ابتسامة خجولة : لقد فزع الجندي الذي فتح تنكة الزيتون من صوت الهواء المضغوط الذي انقذف في وجه الجندي فجأة : طق . ربما ظن أنها انفجرت ، وجه فوهة بندقيته نحو الصفيحة بحركة لا إرادية ، ولما لم يحدث أي شيء اختلس نظرة نحوي ، داريت ابتسامة كادت تفضح احتقاري له وتجاهلت الأمر بينما كانت أم زوجي تقف قرب الباب وعيناها معلقتان بباب الغرفة التي يتواجد فيها زوجي ، كانت دقات قلبها مسموعة لي ، رجوت الله ألا تفضحني دقات قلبي وتشي لهم أننا نخبئ شيئاً ما في دولاب حماتي ولكن الله سلم ، فقد خرج الجندي من الغرفة بسرعة وهو يحمل كتاباً في يده اليمنى وكأنه يحمل رأس كليب ، كان يريد أن يداري جفوله من الصوت الذي خرج من الصفيحة ، شيعناه بابتسامة شامتة : كتاب أيها النذل ؟!
صاح الضابط بغضب : سفروت لو ، تين كول هكتوفت ." لا أريد كتبا ، أريد أشياء مكتوبة "
تراجع الجندي مخذولاً وقال : بسيدر " تمام أو حاضر"

الفصل الثامن عشر

ـ 18 ـ

برودة الزنزانة تذكره بالموت ، حركته كانت محدودة وكذلك كان مدى الرؤية ، والسواد الذي يجلل جدران الزنزانة يلح عليه مذكراً إياه بسواد الواقع ومرارته ، الهزيمة وواقع الزنزانة يطاردانه على الرغم من أنه لم يستوعب أن العرب قد هزموا ، وما زال يأمل أن ينهض المارد من كبوته ، كوابيس الهزيمة تلاحقه ونيران القهر تتأجج في قلبه ، لم يستطع أن يشفي غليله ، فقد كسرت عصاته من أول غزواته وبات سجيناً بلا عصا ولا ما يحزنون ، كان يأمل أن يمارس العمل السري لعدة سنوات دون أن يكتشف أمره ، ما الذي حدث يا ترى ؟ وكيف جاءتهم الضربة بمثل هذه السرعة ؟ وهل في الأمر خيانة ؟ فكر أحمد الفايز وهو يمشي ويمشي في الزنزانة ، تخيل نفسه وهو يسير في شارع البحر، لو كان يسير بحريته لكان قطع بضعة كيلومترات ، لكن الزنزانة تحد من حركته ومن مدى رؤيته، وجدران الزنزانة المجللة بالسواد تذكره بسواد الواقع ومرارة الهزيمة والقهر، وبينما هو يسير في شارع البحر جاءته أصوات جنود يتراطنون ، تختلط رطانتهم بشخشخة مفاتيح وأصوات أبواب تفتح وترتج بعنف ، اصطكت المفاتيح بقفل زنزانته برعونة وتجمع عدد غفير من الحراس الذين كانوا يحملون العصي والشواكيش وأدوات أخرى ، وسرعان ما ابتلعهم جوف الزنزانة بينما ظل بابها مفتوحا ووقف حارس أو اثنان خارج الزنزانة ، دار الجنود في أرجاء الزنزانة ، تفقدوا الجدران السوداء بينما صعد أحدهم فوق سلم طويل ليصل إلى كوة الزنزانة ، كانت الكوة عالية ومزودة بقضبان حديدية سميكة ومتينة ، دق الجندي برواز الشباك الحديدي بشاكوشه عدة دقات ثم نقر على القضبان بينما كان أحمد الفايز ينظر بارتياب ، ترى ماذا يفعلون ؟ ولأي غرض جاءوا ؟ ما الذي يجري ؟ هل يخشون أن أطير من تلك الفتحات الضيقة الموجودة بين القضبان ؟ لا أعتقد أنهم أغبياء إلى هذا الحد ، ولكنه اكتشف فيما بعد أن أحد السجناء الأمنيين وبمساعدة من الخارج نجح في الهرب من زنزانة مشابهة على الرغم من ارتفاع كوتها ، فقد تم نشر القضبان من الخارج وبقيت في مكانها حتى جن الليل ، تم رفع القضبان وإنزال حبل من الكوة تعلق به السجين وطار كالعصفور من الكوة ونجا من حكم بالمؤبد أكيد ، وفي الصباح اكتشف الحراس مدى غبائهم وغفلتهم ، لقد كانوا أغبى من الغباء نفسه ، وهاهم يقومون بتفقد كوى الزنازين المختلفة واستعراض عضلاتهم الطرشاء على بقية المساجين الذين لم يكونوا يعلمون شيئاً عما جرى ، خرجوا من الزنزانة قبل أن يصفقوا الباب بعنف .. تراك .. صاح الباب بغضب ، وتردد الصدى في الممر الموجود بين الزنازين تـــ ........ را ... ك .. ك . ك . ك ، وخشخشت المفاتيح عند باب آخر ، وبعد فترة ترددت صيحة جديدة .. تراك ، وتبعها صدى جديد تـ ....... را ... ك . ك . ك.
واصل أحمد الفايز جولته في شارع البحر من جديد ، كانت زعقات الأبواب وترداد الصدى يلاحقانه إلى أن ماتت الأصوات وتلاشى الصدى ، كانت تجربة السجن جديدة عليه ،وكانت أخماسه تنضرب في أسداسه ، ما هي المعلومات المتوفرة لديهم ؟ وهل استطاعوا الحصول على بعض المعلومات من المعتقلين ، أم أن جدار الصمت صدهم ؟ وإن حصل واخترقوا جدار الصمت فما هي طبيعة الاعترافات التي حصلوا عليها، وما هي الأحكام التي يمكن أن يتعرضوا لها ؟ لامس نعل حذائه الأرض فوطأ ظله، صرخ الظل .. آه .. لقد آذيتني .. لقد آذيتني ، ود لو ينطفئ المصباح الدائم الاشتعال والمبهر للبصر فيتلاشى الظل كما تلاشى الصدى ومات صراخ الأبواب على فوهات الزنازين ، جولات التحقيق تتكرر كما تتكرر جولاته في شارع البحر ، مضى على وجوده في الزنزانة عشرون يوما ما نسي خلالها العالم الخارجي ، كان يتجول في كل لحظة في ركن من أركان البيت أو المدينة .. هل الدنيا هي الدنيا أم أنها تغيرت بعد غيابهم القسري عنها؟ وهل هناك عمليات جديدة أم أن العمليات توقفت فتزداد الشبهات حولهم ، لاحت منه التفاتة إلى أعلى ، ومن الكوة تسلل القمر جميلاً باسماً ، قابل ابتسامة القمر بابتسامة مثلها ، أثمله ضوء القمر ، ذاب ، انتعش، تلاشى ، تسامى ، حلق في الفضاء الفسيح .. ما زالت الدنيا بخير وما زال القمر يسكب نوره في جوف الليل فتبهت العتمة وتذوب ، وما زالت الغيوم تلاحق القمر محاولة اصطياده وسجنه ، أما الناس فينظرون إلى ما يجري بحياد وبلاهة وكأن الأمر لا يعنيهم في ليالي الشتاء الباردة ، شهر يناير يوشك على الانتهاء ، أدرك ذلك من الرزنامة التي خططها على سواد الجدران ،أما القمر فيعيش الثلث الأوسط من عمره ، يعيش ربيعه الخاص بكل الحيوية والدفء رغم برد الأربعينية القارس ، انتعشت آماله وترعرعت ، فما زال الكون جميلاً مترعاً بالجمال، سينام على تلك البطانية اليتيمة وسيلتحف بأختها ، أما حذاءه فسيأخذ مكانه الطبيعي تحت رأسه يتوسده وكأنه وسادة من ريش النعام ، لا بأس في أن ينام المرء على بلاط الزنزانة ما دام القمر قد نقل إليه رسالة الكون الجميل ، تخيل زوجته وحيدة لكنها لا تبكي ، كانت تبتسم وتشير براحتي يديها أن كل شيء على ما يرام ، يصيح : اسكتي .. لا تظهري أمام رجال أغراب ، ولكن كلماتها كانت برداً وسلاما على قلبه المحاط بنار القلق خشية أن يفتضح أمره بعثورهم على بعض الأشياء المخبأة ولا يكاد يخلو منها ركن من أركان المنزل ، يبتسم الضابط من الجليل : أستاذ .. عندنا ديمقراطية في إسرائيل .
ـ الرجال قوامون على النساء ، قال أحمد الفايز ، وأردف لا يحق للمرأة أن ترفع صوتها أمام رجال أجانب . وانطلى الأمر على الضابط الجليلي ، لم يدرك سبب عصبية أحمد الفايز المفتعلة ، كما أنه لم يدرك أنها عصبية مفتعلة بل اعتقد أنها من باب الغيرة الشرقية.
وعند الفجر عادت المفاتيح تخشخش من جديد يسبقها صوت خطوات متعجلة وأصوات تزجر شخصاً ما ، انفتح باب زنزانته فاندفع شبح إنسان لم يتبين ملامحه ، تظاهر بأنه نائم واندفع شخير مفتعل من أنفه ، ركله أحد السجانين بحذائه الضخم ركلة آلمته .. تكوم (انهض )، قال الجندي وأتبع الأمر بشتيمة نابية ، فرك عينيه بكلتي يديه ، تبين ملامح إنساناً تميل ملامحه إلى السمرة ، يلف رأسه بكوفية بيضاء ويرتدي معطفاً بني اللون تحته جلابية بهتت من طول الاستخدام ، وخرج الجنود بعد أن صفعوا الباب خلفهم صفعة قوية أطارت ما تبقى من نوم تحت جفنيه فاستيقظ واحتبى .
لم يتمكن النوم من العودة إلى جفنيه بعد أن غادرهما فاعتدل في جلسته بينما تكوم الرجل في زاوية الزنزانة ، غرقت اللحظات في الصمت فساد السكون بينهما ، نظرات الرجل تتسلل نحو أحمد الفايز من خلف ظهر تلك اللمبة المشتعلة دائما ، وخزته النظرات فانغرست في أعصابه مشاعر من عدم الارتياح ، هكذا هو يحدد موقفه من أول لقاء ، يصادف الرجل أو المرأة فيقرر ما إذا كان صالحاً للصداقة أم لا ، وكثيراً ما كان شعوره صادقاً ، لكنه انزعج من أفكاره ، كيف يخامره شعور بعد م الارتياح من معتقل معه في مكان واحد ولما ير منه خيراً أو شراًً ، لابد أنه مخطئ في هذه المرة ، أن يكون رجل في السجن يعني أنه مناضل ، وكونه مناضلاً يجب أن يعني أنه فوق أية مشاعر بعدم الارتياح ، ومع ذلك قرر التريث وعدم التسرع في تحديد موقف من الرجل حتى لا يخطئ في حق نفسه قبل أن يخطئ في حق الرجل ، نظر إلى الرجل الذي كان يلتف ببطانية من رأسه إلى أسفل ظهره بينما لمّ أطرافها حول صدره بكلتي يديه ، هربت نظرات الرجل إلى الجدار متفادياً النظرة التي وجهت إليه ، كاد أحمد الفايز يسأله عن اسمه ولكنه امتص هذه الرغبة قبل أن تندلق الكلمات من جوفه.



#محمد_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكوابيس تأتي في حزيران 15 / 16
- الكوابيس تأتي في حزيران 13 / 14
- الكوابيس تأتي في حزيران 11 / 12
- التلفزيون الفلسطيني والمصداقية العالية
- حول الديمقراطية والإصلاح السياسي في الوطن العربي
- الكوابيس تاتي في حزيران الفصل التاسع والعاشر
- ظاهرة التسول في المجتمع الفلسطيني
- الكوابيس تأتي في حزيران - الفصل الثامن
- الكوابيس تأتي في حزيران - الفصل السابع
- من المسئول عن إطلاق الرصاص على العمال في محافظة خان يونس
- حين يعطش البحر ويظمأ الغيم
- الكوابيس تأتي في حزيران - الفصل السادس
- العريس
- أشتاق إليك - خاطرة ،
- 5-الكوابيس تاتي في حزيران
- الكوابيس تأتي في حزيران - الفصل الرابع
- الكوابيس تأتي في حزيران - الفصل الثالث
- الانسحاب والمستوطنات بين الواقع والطموح
- الكوابيس تأتي في حزيران
- الكوابيس تاتي في حزيران


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أيوب - الكوابيس تأتي في حزيران 17 / 18