أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - أصبح الآن عندهم برلمان















المزيد.....

أصبح الآن عندهم برلمان


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1411 - 2005 / 12 / 26 - 10:45
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


خطا الأفغان في الأسبوع الماضي خطوة حاسمة أخرى على طريق الألف ميل نحو بناء دولة القانون و المؤسسات الديمقراطية. إذ تحدوا كل تهديدات حركة طالبان المدحورة ومناصريها من قوى الشر و التخلف و افتتحوا مؤسستهم التشريعية المنتخبة، مدشنين بذلك عودة الحياة البرلمانية التي توقفت قبل نحو ثلاثة عقود. و يمثل هذا الحدث استكمالا لعملية بدأت بسن دستور جديد في عام 2003 ، و تواصلت مع اختيار رئيس الحكومة الانتقالية حامد كارزاي رئيسا للبلاد وتشكيل حكومة جديدة في عام 2004 ، و إجراء الانتخابات العامة و تشكيل مجالس الأقاليم في سبتمبر الماضي.

الحدث فرض على من شهدوا حفل الافتتاح من الرعيل الأول العودة بذاكرتهم إلى النصف الأول من الستينات وأوائل السبعينات، أو الحقبة الموصوفة بأكثر الفترات أمنا و سلاما وتفاؤلا بالمستقبل في تاريخ أفغانستان الحديث. فوجود الملك السابق محمد ظاهر شاه ( أبو الأمة بحسب الدستور الجديد) بينهم و قيامه بافتتاح البرلمان و إلقائه الكلمة الأولى أعادت إليهم صورته و هو يفتتح أول وآخر برلمانين منتخبين بطريقة ديمقراطية و ذلك في عامي 1965 و 1969 على التوالي، و قبل أن يطيح انقلاب الجنرال محمد داوود خان بالملكية ومؤسساتها الدستورية في عام 1973.

و انعقاد البرلمان الجديد في نفس المبنى الذي شهد جلسات البرلمان في العهد الملكي، قبل تحوله إلى ساحة قتال بين المجاهدين فمتراس للمتحاربين فسجون للاعتقال والتعذيب في العهود التالية، كان له نفس الوقع و حمل أكثر من إشارة، لعل أهمها إصرار الأفغان على البناء و التشييد بدلا من الهدم و التدمير. فهذا المبنى لئن كان اليوم مجرد مقر مؤقت ريثما تنهي إحدى الشركات الهندية أعمال البناء و الترميم في قصر "دار الأمان" ليكون مقرا دائما للمؤسسة التشريعية، فانه بذلت في تنظيفه من مخلفات الحروب العبثية و ترميمه و تأثيثه و تزويده بأحدث الأجهزة جهودا استغرقت نحو عام كامل و أموالا بلغت نحو 3.5 مليون دولار.

يتكون البرلمان الجديد من مجلسين هما: ووليسي جيرغا (مجلس ممثلي الشعب) الذي يضم 249 نائبا منتخبا عبر التصويت الحر المباشر ، و ميشرانو جيرغا (مجلس الأعيان) الذي يضم 102 عضوا ممن اختارتهم المجالس المحلية لأقاليم البلاد الأربعة و الثلاثين، إضافة إلى بعض المعينين من قبل رئيسا البلاد كممثلين للأقليات. و الملاحظ على تشكيلة المجلس الأول أن أعضاءه هم في الغالب الأعم ممن ترشحوا و فازوا كمستقلين، و إن كانت لهم ارتباطات إيديولوجية أو مصلحية بأحزاب البلاد المسجلة رسميا و البالغ عددها نحو 70 حزبا.

في التفاصيل، و ببعض التجاوز و الحذر الذي يفرضه واقع التداخلات العرقية و المذهبية والجهوية و القبلية، يمكن تقسيم القوى داخل المجلس إلى أربعة أقسام رئيسية هي:
1- المنتمون إلى فصائل المجاهدين السابقة، و بينهم نسبة لا تقل عن 40 بالمئة من أعضاء الحزب الإسلامي من المنشقين على رئيسه الهارب قلب الدين حكمتيار.
2- المستقلون و التكنوقراط و زعماء القبائل ممن لا ينتمون إلى فصائل سياسية.
3- اليساريون و الشيوعيون السابقون.
4- بقايا نظام طالبان ممن نبذوا العنف و انخرطوا في العملية السياسية.

والقراءة الأولية لهذا التوزيع تشير إلى هيمنة المجاهدين على البرلمان. غير أن هذا لا يعني بالضرورة قدرتهم على فرض أجندتهم المحافظة على حكومة كارزاي، أو نجاحهم في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بإسقاط أو تبديل تشريعات وتعيينات السنتين الماضيتين. فالخلافات بينهم كثيرة، و ولاءاتهم السياسية متغيرة، ناهيك عن أن بينهم من القادة من يعتبر نفسه ضمن معسكر كارزاي الذي منحه الدستور سلطات قوية. إلى ذلك، فان ما قد يجعل المجاهدين اقل اندفاعا في قرارتهم و أكثر ميلا إلى التوافق مع مرئيات الحكومة هو حرصهم على ألا تفتح ملفاتهم المزرية زمن توليهم السلطة في النصف الأول من التسعينات. وأخيرا هناك كتل المستقلين والتكنوقراط والنساء التي تبدو إلى حد كبير متحدة خلف كارزاي.

من المعالم الايجابية لمجلس "ووليسي جيرغا" أن 68 من أعضائه أو نسبة تزيد على 25 بالمئة هم من الإناث، الأمر الذي دفع بأفغانستان إلى المرتبة العشرين بين دول العالم لجهة عدد المشرعات. و هذا بطبيعة الحال رد فعل واضح على سنوات إقصاء المرأة و تهميشها و قهرها في ظل حكم طالبان. غير أن هذه العلامة الايجابية تقابلها صورة سلبية فاقعة يجسدها وجود عدد كبير من النواب الذكور ممن تلطخت أيديهم بدماء الأفغان أو ارتكبوا انتهاكات فاضحة ضد حقوق الإنسان خلال العقود الثلاث الماضية. من أبرز هؤلاء الجنرال محمد فهيم وزير الدفاع السابق، وحاجي محمد محقق أحد قادة العنف ضمن جماعة الهزارة الشيعية، و مولانا عبدالسلام المعروف باسم روكيتي (الصاروخي) بسبب مهاراته في دك المدن بالصواريخ أثناء عمله انتسابه إلى طالبان، و عبد الرسول سياف أحد كبار لوردات الحرب المتهمين بضرب مناطق الهزارة بالصواريخ بوحشية في أوائل التسعينات، و برهان الدين رباني رئيس البلاد الأسبق الذي كان تمسكه بالسلطة سببا في معارك وحشية حصدت عشرات الآلاف من الأبرياء.

إن تحول أمثال هؤلاء إلى مشرعين للأمة تسبب في بعض الألم لدى قطاعات من الشعب الأفغاني من تلك التي ترغب في رؤية من مارس العنف ضدها أو حرمها من السلام وسرق أجمل أيامها يحاكم و يدان، أو على الأقل يقبع بعيدا عن مراكز التأثير و صنع القرار. و من هنا فان أكثر التحديات التي يواجهها البرلمان هو كيفية التعامل مع دعوات من داخله وخارجه حول محاسبة المتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان قبل سقوط النظام الطالباني، خاصة مع استجابة كارزاي مؤخرا لتلك الدعوات بتشكيله لجنة باسم "لجنة الحقيقة والمصالحة". فإذا كان البرلمان الحالي قادرا على المساعدة في هذا الجهد، فانه بالقدر نفسه قادر على إعاقة التحقيق و منع المحاسبة بفعل عضوية لوردات الحرب فيه. وفي هذا السياق دعا بعض النواب من أمثال "محمد داوود زازاي" المحسوب على سياف إلى عدم إثارة مثل هذه الملفات الآن بسبب انعكاساته الخطيرة على عملية التوحد و البناء و الاستقرار ومواجهة الإرهاب الطالباني، قائلا انه من الأفضل نسيان الماضي والتركيز على المستقبل وفق مبدأ "عفا الله عما سلف".

الصورة السلبية الأخرى للبرلمان الجديد هو أن نسبة كبيرة من أعضائه هم من عديمي الخبرة بأمور التشريع و المحاسبة البرلمانية أو ممن لا يجيدون ألف باء السياسة، هذا إن لم يكونوا من الأميين. و هذا يصعب من عمله و الآمال المبنية عليه، خاصة في ظل عدم توفر موارد مالية كافية للإنفاق على برامج التدريب بعدما صرفت الدولة نحو 160 مليون دولار من مساعدات الدول المانحين على إجراء الانتخابات العامة.

غير انه مهما كانت السلبيات، فان مجرد النجاح في إعادة الحياة البرلمانية هو انتصار لأفغانستان كما عبر رئيس تحرير يومية "صوت الفجر" سيد عبدالله فرامرز. و إذا تمكن البرلمان على الأقل من إصلاح النظام البيروقراطي أو تحسين صورة البلاد المشوهة من جراء تجارة المخدرات فانه يكون قد أنجز ما يستحق الإشادة.

د. عبدالله المدني
*باحث و محاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية
تاريخ المادة: 25 ديسمبر 2005
البريد الالكتروني: [email protected]



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين الرياضيات السنغافورية و العربية
- ملكية فريدة و ملك فريد
- نحو إقامة نظام نفطي آسيوي بقيادة الهند و الصين
- أفغانستان تؤكد هويتها الجنوب آسيوية
- الوزير المثير للجدل
- امرأة الصين الحديدية
- النفط الروسي كمحور للتنافس الصيني- الياباني
- النسخ الآسيوية من الزرقاوي
- الهند تنحاز إلى إناثها
- مطاردة -الأحمديين- تمتد إلى اندونيسيا
- -فرقة مريم-.. نمط جديد للأمر بالمعروف
- جنرال مسلم لقيادة جيش تايلاند -البوذية-
- ديمقراطية تمثيلية و بيئة حضرية و أديان لا تتدخل في السياسة
- توقعوه من اندونيسيا ففعلته باكستان
- انظروا إلى من تذهب الجوائز في آسيا!
- مشروع طلبنة بنغلاديش
- اغتيال رجل شجاع بيد جبانة
- البريد يطيح بالبرلمان
- كارشي خان آباد
- مصانع إنتاج الإرهاب و الكراهية


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - أصبح الآن عندهم برلمان