أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب مال الله ابراهيم - حلم أدبي














المزيد.....

حلم أدبي


حبيب مال الله ابراهيم
(Habeeb Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 5296 - 2016 / 9 / 26 - 02:56
المحور: الادب والفن
    


حلم أدبي
د.حبيب مال الله ابراهيم
قلعة كركوك بشموخها الأزلي وحكاياتها الخرافية المثيرة، رابضة على حافة التاريخ، تعرض بقايا فتنتها الروحية الهائجة. كل شيء فيها ساكن سأم الهدوء إلا أعلاها، فقد كان يشذ بحركة غريبة تفوح منها رائحة الموائد الشهية، ويصدر عنها صوت قبلات الأقداح الزجاجية. كانت الأنوار تتلألأ وعدد من وسائط النقل القديمة والحديثة بمظهرها المتناقض تقبع على مرأى من الجسر الحديدي الحديث الذي ورث مكان الجسر الحجري. عجلات قدمت من القرن الثامن عشر، وأحصنة حملت المتنبي والمعري، وسيارة موغلة في القدم جاءت بديستويفسكي وأخرى حديثة حملت زهدي الداوودي بعد غياب دام خمسة وعشرون عاماً عن مدينته، والحوذيون واقفون مع سواق السيارات يمارسون طقوسهم المألوفة في التحدث عن مغامراتهم.
وقفت عجلة تجرها فرس هرم فتقدم أحد الحوذيين لفتح الباب. نزل رجل ذو لحية كثيفة لم يكن غريبا عن عالم الأدب، فسأل المتنبي الحضور:
- من القادم؟
همس ديستويفسكي:
- اهدأ...انه جوزيف كونراد ...لا تتحدثوا بصوت مرتفع...لأنه يحب الهدوء.
- أكان شاعرا؟
- كلا… لقد كان روائيا، وقد دفعه حبه للأدب أن يبحر إلى الكونغو ليكتب عن حياة السود هنالك.
قاطعه توليستوي وهو يصيح:
- أهلا بكونراد...المحب للسلام.
فاحتضنه وتركه ليرحب به الآخرون. وصاح المتنبي عند ذاك:
- يبدأ احتفالنا الآن على قلعة كركوك الموغلة في القدم، سنجعله احتفاءً بالأدب.
وصاح ديستويفسكي:
- لنشرب نخب اللقاء.
- هيا أيها الأدباء.
- توقفوا أيها الأصدقاء...ألم تنسوا أحدا؟
فسال المتنبي:
- من؟
- جليل القيسي.
- ومن هو جليل القيسي هذا؟ شاعر من القرون الوسطى!
أجابه ديستويفسكي:
- كلا...انه قاص وسأعرفكم به لو جاء. إنني اعرفه جيدا لقد زرنه في بيته وتحدثنا مرارا، كما حدثني طويلا عن هذه القلعة التي نقف عليها، وقد اشتد به الفضول أن يتجرا على مصادقة أبطال روايتي ويتعرف على الأخوة كرامازوف.
- إذن سندعوه إلى احتفالنا ونطلب مجيئه قبل أن نشرب نخب اللقاء.
وجاء صوت فيكتورهيجو متحديا:
- لنرسل من يأتي به.
لكن بوشكين التفت إلى الوراء وصاح قبل أن يشعر بدوار الذهول:
- ها هو قادم.
- من؟
- جليل القيسي.
فسأله هيجو:
- كيف علم بوجودنا هنا؟
- وهل يخفى عليه أمر كهذا، لنرحب به انه ضيف عزيز.
تقدم منهم جليل القيسي ورحب بهم بطريقته، كما رحب بآلهة البحر حيث خرجت له من نهر الخاصة، وهي متمثلة أمامه على صورة رجل عجوز، واعترف القاص بذلك في إحدى قصصه.
سأله ديستويفسكي:
- ما هذا أيها القاص، لقد اختفيت عنا فترة طويلة.
تقدم منه وقبل جبينه ثم همس يخاطبه:
- أنت صديق حميم للإخوة كرامازوف، إنهم يسألوني عنك دوما ، وكلما سألوني ألوذ بالصمت ولا أتجرأ القول أنك امتنعت عن زيارتي منذ سنوات.
فصاح المتنبي من جديد:
- هيا أيها الأعزاء لنشرب نخب اللقاء، وقدموا لضيفنا الجديد كأسا مليئة.
تقدم غابرييل غارسيا ماركيز وهو يسألهم:
- أين اختفى صديقي الحميم بلزاك؟
فأجابه (بيره ميرد):
- أخشى أن يكون قد عاد إلى باريس ليمارس هوايته في العشق.
فوجه إليهم فضولي البغدادي حديثه قائلا:
- لا تخشوا شيئا لقد ذهب لزيارة مقام النبي دانيال.
- ماذا؟ وأين؟
أنه هناك خلف العتمة وأشار بيده خلف البيوت.
ثم تحدث جورج سيمون:
- من معكم...جان جاك روسو.
- نعم أيها المزارع، لقد كتبت أكثر من 400 رواية أكنت تزرعها؟
- وكنت أسقيها بين حين وآخر لتنمو.
- وأين شارل ديكنز؟
- انه هناك جالس يقرا رواية لزهدي الداوودي.
- من هو زهدي الداوودي؟
فأجابه جليل القيسي قائلا:
- لا تسألوا عنه لأنكم لو قرأتم واقعية رواياته لأفسدت عليكم خيالاتكم المليئة بأحلام البطولات هذه الليلة الصاخبة.
- لابد أن نقرأ روايات الداوودي...لأن حاجتنا إلى حفنة من الواقعية كبيرة.
ظلت أعالي القلعة مزدحمة بالأدباء حتى فجر يوم جديد آخر، وقبل أن يحيد الظلام لينكشف الضياء الأول انصرفوا جميعاً الواحد تلو الآخر. بوشكين أولا ثم توليستوي وديستويفسكي وهيجو وماركيز، وظل جليل القيسي يهذي لوحده، جلس بخمول ينظر إلى الكراسي المتناثرة والموائد المكتظة بالفضلات.
أشرقت شمس ذلك اليوم بعد زمن قصير فانعكست في قعر إحدى الكؤوس قبل أن ترتد بعيني القيسي حتى لم يعد يرى شيئا بوضوح عندها تنحى قليلا وفتح عينيه لتخترق نظراته زجاج غرفته وترتطم بالأشجار القائمة في حديقة داره، حينها أيقن أن موعداً آخر سيجمعه بالأخوة (كرامازوف) وتمنى أن يراهم مجدداً ويغلق أمامهم باب الاعتذار.



#حبيب_مال_الله_ابراهيم (هاشتاغ)       Habeeb_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كونراد… كان هناك
- مفهوم المعلومات واهميتها
- المعلومات
- تأريخ الصحافة
- الدكتور زهدي الداوودي .. والبعد الرابع
- الصحافة الاستقصائية
- الوقت بين الماضي والحاضر..
- حرية الصحافة بين النظرية والتطبيق
- الاعلام الحديث
- الاعلام الدولي وعصر -انفجار المعلومات-
- مفهوم الخطاب وسماته
- مجتمع المعلومات ومجتمع المعرفة
- الهجرة والثقافة
- تمثال الملك
- ثقافة الرشق بالأحذية
- الملك الجبان
- يدّ العون
- قصص قصيرة جدا
- أم.......وات
- مُحاكمة كلب


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب مال الله ابراهيم - حلم أدبي