أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مدينة الناصرية وآخر اليهود














المزيد.....

مدينة الناصرية وآخر اليهود


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 5295 - 2016 / 9 / 25 - 15:24
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مدينة الناصرية وآخر اليهود
نعيم عبد مهلهل
اليهودي يعقوب كوهين آخر يهودي غادر الناصرية بعد أن ظل ملتصقا بطين الفرات القريب بأمتار من الخان الذي يملكه . مقابل خان التمر الذي كان يملكه المرحوم كاظم مخيفي والمرحوم الحاج جمعة فليح ، وكذلك محلات المرحوم يوسف النصر الله.
و يعقوب كوهين الذي سكن الناصرية وربما ولد فيها منذ أن اصبحت حاضرة مدينة حين اسسها الوالي العثماني مدحت باشا ، واقام فيها متصرفها ناصر باشا السعدون أول حكومة مدنية ، يعقوب كوهين والمعروف بـ(أبو مير) ترك خلفه ما عرف بـ(خان النيدي) حيث كان يتاجر ببيع وشراء الصوف ولديه علاوة على ذلك (بودقة التيزاب) التي يجهز من خلالها صاغة الذهب من الصابئة المندائيين بمادة التيزاب (حمض الأسيد أو ماء النار) وتستخدم في جليّْ الذهب. وتنظيفه من الشوائب.
كنا صغارا في نهاية ستينيات القرن الماضي ، وكان اليهودي يعقوب كوهين يجلس أمام الخان عندما نمر أمامه بعد انتهاء عروض الافلام في سينما الاندلس حيث يقع الخان منتصف الطريق بين السينما وقيصرية القماش ، وكان يجلس على كرسيه بوجه متجهم ونظرات من شيخوخة قاسية ويبدو أنه كان يعيش وحيدا ، ومن اسرار حياته الشخصية أنه كان في اشتياقه لمن يؤنس ليله بشوق رجل لأنثى يسافر الى البصرة ويقضي بعضا من حاجة مع يهودية تعمل نادلة في واحد من ملاهي البصرة ، وفي الآخر ربما قرر ان يقضي اخر ايام شيخوخته وترك الناصرية وهاجر الى البصرة ليموت هناك قرب التي كانت تؤنس فيه وحده في ذلك الخان المظلم .
لم تكن تعجب الاطفال تلك النظرة المتجهمة ، وكنا ننظر اليه بخوف ونحن محملين ببعض اساطير الخوف من اليهود والتي كنا نسمعها في درس التربية الوطنية من انهم قساة وسلبوا فلسطين ، ولم يتجرأ أي معلم ليقص لنا حقيقة وجودهم المؤثر في حياة المدينة ودورهم في بناء المدينة وصنع ذاكرتها الحضارية الاولى ، بالرغم أن معلم الوطنية كان معلمه يهوديا وهو ( سلمان كوهين ) وهو من اهدى اليه اول كتابا تنويريا ليقرأه وكان الكتاب للاديب والفيلسوف المصري سلامة موسى.
أتذكر يعقوب كوهين بأنفه المعقوف وسدارته السوداء ، وكنا نشبهه بسدارة نوري السعيد وكان الفتيان الكبار منا ينادون عليه : نوري السعيد طار ، وانت بعدك حاط .
وكان يرمقهم بنظرات حادة وصامته وربما اراد ان يذكرهم أن كانوا يفقهون أن اليهود اتى بهم نبوخذنصر الى بابل قبل ان يولدونَ وأبائهم.
يجلس كوهين على كرسي من الخيزران ، ولايقوم منه ، وعندما يأتي احدهم لشتري فحما او تيزايا كان يقبض الثمن ويوميء لعامل لديه من الحمالين ليجهز المشتري ويبقى طوال الوقت يتفحص بعينيه المادة المباعة ليتأكد ان لا يجهزه الحمال بكمية اكبر مما دفع ثمنه.
غرابة جلسة يعقوب كوهين أن الذي فوق رأسه هو جدارية من الجبس بطول متر بمتر هي للمشير عبد الكريم قاسم وفيها موضوعة ثورية عن انبثاق ثورة تموز 1958 . وقد تم تخريبها بحكها بشفرة من الحديد خلال احداث شباط 1963 .لكن ملامح الجدارية وشيئا من بدلة الزعيم العسكرية بقي منها ، وكنت اظن ان جلوس كوهين تحت جدارية للزعيم لم تأثر في مزاجه من شيء ، اذ لم يكن لثورة تموز موقفا عدائيا وان التهجير تم في اغلبه في عهد الحكم الملكي.
بين سدارة الزعيم وسدارة يعقوب كوهين آخر يهودي غادر مدينة الناصرية يحفر الزمن تواريخ فيها الكثير من اللذة والغموض والاسرار ، غير ان حقيقية واحدة بقيت تتعلق تحت رموش المدينة ، أنها كانت عشا دافئا لكل البشر والاقليات والقوميات من العربي الى الفارسي والتركي واليهودي والافغاني والكردي والمسيحي واليزيدي .
كلهم عاشوا هنا ... وبقيت فاصلة الزمن البعيد تؤشر لأجمل ذكرياتنا معهم.......!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمهاتنا ( ليل الناصرية ودموع السفر و النعوش )
- نوح في بلادِ ماوتسي تونغ
- منديل نابليون وبيت حسقيل ساسون
- صالح الكويتي ( العود والفرهود خلف الحدود )
- القيصر وعنتر ( أنوثة العراق وذكورة سبايكر )
- غيمة مايكوفسكي في بنطلون باب الشرقي
- هل من معدان مَسقطْ ما يُفتي ؟
- الحديث عن أسرار مقديشو
- خُمرة الطين والحنين
- من طفولة صباح مضى..!
- ( محمد الجاسم ..تدوين الشعر ومراثيه بلغةٍ ساحرة )
- الدمعة من أور الى الكرادة
- الناصرية ( المترفون ، الشاي وبوذا )
- الناصرية 51 مئوية
- هايكو الأهوار ، وهايكو اديث بياف
- أور وموبايل اوردغان
- النبي نوح في طفولة الناصرية
- جاموسة الليدي غاغا
- أبراج الحظ
- آثار دمُكَ على النعش


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مدينة الناصرية وآخر اليهود