أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - أيّام الرّعب(الظّلاميّة و التنوير)














المزيد.....

أيّام الرّعب(الظّلاميّة و التنوير)


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 5294 - 2016 / 9 / 24 - 19:30
المحور: الادب والفن
    


أيّام الرّعب ليس من أهمّ أفلام محمود ياسين، و لكنّني أرى أنّ التّيمة الّتي يقدّمها بالغة الأهمّيّة، فالفيلم قد يُوحِي للوهلَةِ الأولى أنّه يُعالِج قضيّة الثّأر في المجتمع المصري، و لكنّنا إذا أمعَنَّا النّظر في أحداثه، فسنجد أنّ قضيّة الثّأر ليست سوى غلالة رقيقة تستُرُ وراءها التّيمة الرّئيسة، ألا وَ هِيَ الصّدام بين الظّلاميّة و التّنوير، بين الماضي عندما يُطارِدُ حاضرَنَا، بل يغزُوه و لا يريد إفلاته و كأنّه لعنةٌ فرعونِيّة.
أمّا الفكرة المُتَفَصِّدَة عن التّيمة الرّئيسة الّتي يطرحها الفيلم، هي الخوف، كيف يشلّ الإنسان، فلا يستطيع الإنسان تحت وطأتِه أن يُدير أمور حياته البسيطة و الضّروريّة، فضلاً عن أن يُنجِزَ أو يُبدِع. فها هو محروس الرّجل المثقّف و المُتَّزِن، الّذي كان يعيب على دَرْدِيرِي (أحمد بدير) خوفَهُ الشّديد منَ القتل، يُبدِي مِنَ الجَزَع أضعاف أضعاف ما أبداه درديري الرّجل الجاهل، عندما أصبح موضوع ثأر عويضة (غسّان مطر) المجرم المحترف، فالخوف كفيل بالإجهاز على أعتى العقول، و لا أدلّ على ذلك من ما صنعته المكّارثيّة بالفيزيائي الشهير أوبنهايمر، و مدى الضّرر النّفسي الّتي ألحقته به.
لكن ما يتبدّى لنا جليّاً، هو أنّه بالرّغم من شدّة الرّعب الّتي أطاشَت لُبَّ كلٍّ من محروس و قبلَهُ دَردِيرِي، فإنّهما ما اِنفَكَّا يُحاولان التشبّث بحلم غدٍ تنقشع عن سمائه غيوم الرّعب، ما اِنفكّا يتعلّقان بأذيال الحُبّ، فمحروس يحلم بالزواج من سلوى (ميرفت أمين)، و درديري يحلم بحبيبته فاكهة. و هنا لنا وقفة، قد يمنع الخوف العقل من التفكير، و لكنّه لا يستطيع النَّيْلَ من حقّنا في الحُلم، يقول الرّوائي البرازيلي (خورخي أمادو) في كتابه (طفل في حقل الكاكاو سيرة ذاتيّة عن الطفولة)(ليس لدينا حقّ أكثر استقامةً، و أكثر ثباتاً من حقّنا في الحلم، إنّه الحقّ الوحيد الّذي لا يستطيع أيّ دكتاتور أن يُقَلِّصَ مِنْ حَجمِه أو أن يلغيه).
إنّ أقصى ما يسعى إليه محروس و درديري في الفيلم، هو حقّهما في الأمن و الحبّ، و هذا يدفعنا إلى إعادة بَلوَرَة تعريف البطولة، هل يستحقّها صانعو الحروب أم غزاةُ مشاكل و مصائب البشر و الذين يراعون هشاشة الإنسان؟ يقول (خورخي أمادو) في كتابه سالف الذّكر (هل سنُعجَب بنابليون أو نحبّه إذا نحن تذكّرنا باستور و شابلن؟).
إنّ الدّور الّذي يلعبه والد سلوى (صلاح ذو الفقار) للتخفيف من معاناة محروس، يُشبِهُ قليلاً الدّور الّذي لعبه الأب كابرال أو الرّاهب المارق، كما يُسَمِّيه (خورخي أمادو) عندما كان في مدرسة داخليّة كاثوليكيّة، غير أنّ والد سلوى خاب في مسعاه و الرّاهب كابرال، قد نجح و أهدانا كاتباً كبيراً بِحَجم خورخي أمادو(دَلّنِي الرّاهِب كابرال على رحلات جوليفر، و على سُبُل الحرّيّة، فتحت لي الكُتُب آفاقاً في سجني).
تتوالى أحداث الفيلم، إلى أن يصل محروس إلى درجة اليأس من النّجاة من قبضة عويضة، فيغادر منزله حافِي القدمين، ثم و في حالٍ أشبه بالجنون يتناول ساطوراً، ثمّ يخترق الجموع في حفل مولد الحسين، إلى أن يصل إلى عويضة فيعاجله هذا الأخير برصاصة في القلب، و يهوي محروس على رأس عويضة بساطوره، فيقتل كلٌّ منهما الآخَر. إنّني أرى في هذه المواجهة الدّامية بينهما و هذه النّهاية التّراجيديّة، شَبَهًا بين ما سيقع لا محالة في منطقتنا العربيّة من مواجهةٍ أخيرةٍ فاصلة بين الظّلاميّة و التّنوير، و لن تكون نتيجة هذه المواجهة أقلَّ من بحرٍ من الدّماء. لقد عانى أمادو كثيراً بعد أن قرّر أن لا يكون نسخةً عن الآخَرِين، أن لا يَمنحَ أحدهم وكالةً تخوّله التفكير بَدَله(لقد علّمتني التّجارب القاسية الطويلة على مدى السّنين، أهمّيّة أن تفكّر أنت بدماغك، ولكي أفكّر و أتصرّف بما أراه أدَّيتُ ثمناً باهِظاً، و أصبَحتُ مُستَهدَفاً من طَرَف كلّ الدّوريّات و الأيديولوجيّات و الأرثوذكسيّات الجذريّة، أَدَّيتُ الثمن باهظاً و لكنّه مع ذلك كان ثمناً بخساً)

لقد كانت جموع الثوّار الفرنسيّين تقول (ننتصر أو نموت من أجل الحريّة)، نعم لقد دفعوا مهر الحرّيّة غالياً فاِستَحَقُّوها بذلك عن جدارة، حتّى أنّني أمتّع عَينَيّ و أنا أنظر إلى أعلى مبنى بلديّة مدينة تروا TROYES التي انتقلت للعيش فيه مؤخَّراً، و قد كُتِبَت عليه جملةٌ لم أجدها على أيّة بناية في المدن و الدّول الكثيرة الّتي زُرتُهَا إلى الآن(الحرّيّة، الأخوّة، المساواة، أو المَوْت).



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسور مقاطعة ماديسون
- الشّموع
- نَدَى كفِّك
- لماذا نكتب الشعر؟
- سينما باراديزو
- الأَوْلَى بِقَلبِك
- لا رجوع
- العَصَا السِّحرِيَّة
- لا يُرِي النَّاسَ وَجهَه
- أين الحقيقة؟
- مَنْ أَكُون؟
- حَظُّ شَاعِر
- الشِّعر
- فِتنة الشّعر
- نِهاية عذاب
- أَلَمْ
- منير الأسطل هَمسَةُ مُحِبّ
- منير الأسطل همسة محبّ
- الإلهام
- دَوْماً حاضِرَة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - أيّام الرّعب(الظّلاميّة و التنوير)