أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - هل هو الإفلاس التام ؟















المزيد.....

هل هو الإفلاس التام ؟


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5293 - 2016 / 9 / 23 - 16:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا أحد يشكك أن المدرسة العمومية تعاني إفلاسا تاما، أولا نظرا لغياب عدالة مجالية، فالمدرسة في القرية ليست هي في المدينة، المدرسة في القرية مهشمة وتفتقد للأقسام الكافية والمكتبات وقاعات الأنشطة، بل في بعض الأحيان لا نعثر حتى على جدران تحميها من اللصوص والكلاب الضالة و المواشي، بمعنى أن المدرسة لا حرمة لها، بل هي جزء من " الخلا" وليست لها حدود تحرسها أو تحميها، بينما المدرسة العمومية في المدينة تعاني من غياب عدالة طبقية، ففقراء المدن هم من يدرسون في المدارس العمومية، أما أبناء الطبقات الوسطى والبورجوازية فإنهم يتوجهون إلى المدارس الخصوصية ومدارس البعثات الأجنبية، تتمتع هذه المدارس بكل ضروب العناية وشروط الدراسة وليس فيها الاكتظاظ، كما أنها لا تحتوي على برنامج دراسي طويل وسيارات النقل تأخذهم إلى أبواب المدارس، ولا ننسى أيضا التعبئة البدئية التي يحظى بها كل تلميذ من تلاميذ الطبقة البورجوازية، فالأب يملك دراية وعلم وثقافة ويعطي قيمة للدراسة ويعتبرها أساس النجاح والهيمنة الطبقية في الاقتصاد والسياسة، في حين أبناء الفقراء تجدهم محشورين في قسم فاقد للتهوية وجالسين على طاولات مهشمة وجدران متسخة وصباغة مقشرة، مع اكتظاظ مهول، لا الشارع يشجعهم على الدراسة ولا الأسرة التي انسحبت كلية من الحياة الاجتماعية ولا الإعلام الذي سخر برامجه كلها لمتابعة المسلسلات المدبلجة وتصوير الأحلام الوردية. ففرض تجهيل تام يعزى بكامله إلى كل المؤسسات التنشئوية بما فيها الأحزاب السياسية والجمعيات التي صارت مهبا للاسترزاق والبحث عن الغنى، أما أبناء الكادحين والفقراء لا يعرفون ما يدور وما يجري في بلادهم، فهم يعيشون في جزر معزولة، لست أفهم هل هي سياسة مدبرة للحيلولة دون تعليم أبناء الشعب والمساهمة في صناعة القرار ؟ غداة الاستقلال ثار الريفيون ضد المخزن من أجل عدالة تنموية، فقصفوا بالطائرات، وفي 23 من مارس عام 65 انتفض الشعب من أجل المدرسة العمومية بعد قرار جائر لوزير التعليم بلعباس يقضي بطرد كل تلميذ وصل 18 سنة وحدثت انتفاضات أخرى تناشد العدالة الاجتماعية وكان الشعب في منتهى الحصافة والمواطنة مثلما رفض دستور 1962 الذي يفوض صلاحيات واسعة للملك، لكن الملفت أن أغلبية الانتفاضات كانت في المدن، بينما الأرياف المهمشة المفروض منها أن تنتفض فلم تقوم بذلك بالمرة، في كل الأحوال همش الريف بحرمانه من تعليم جيد لكي لا ينفلت الأهالي من سيطرة المقدمين والشيوخ ويبقوا الطابور الذي تمرر منه السياسات كما حدث في دستور 2011، القرويون لم يفهموا مضمون الدستور وهبوا جماعات للتصويت بنعم بعد أن تدخل المقدم والشيخ والفقيه وفرضوا إرادتهم على قرويين أميين حرموا من الثقافة المعدومة أصلا في البوادي و تدخلت أيضا الزاوية البوتشيشية، بمعنى أنه منذ الاستقلال إلى الآن لم يتعلم المغربي وخاصة في الأرياف أن يصير مواطنا له القدرة على الاختيار ويقرر مصيره، ما تعلمه هو يكون رعية يختار له ويقرر مصيره دون إرادة منه. لقد جرد من حقه في تعليم جيد مثل مستوى التعليم الذي تحظى به الطبقة البورجوازية، وخير دليل على ذلك مستوى الحضيضية التي وصل إليه المغربي : مسيرة الدار البيضاء التي نظمت يوم 18 شتنبر 2016، لقد كشفت عن الانحدار السياسي التي وصل إليه المغاربة، إنها هزيمة لأحزاب سياسية، ولبرلمان ولمدرسة وجمعيات ومثقفين ولكل أطياف المجتمع، فرق شاسع بين المغاربة الذين خرجوا في انتفاضة 23 مارس 65 وبين هؤلاء الذين خرجوا في مسيرة 18 شتنبر، متظاهر يرفع لافتة مكتوب عليها : " لا للأخونة ولا للأسلمة " وحينما سألته الصحافة عن معناها، قال : "سولو هذوك اللي كتبوها "، وآخر قال : "جينا ضد بن كيران حيتاش خونا لينا حقوقنا وخاذ لينا الصحرا دالنا "، بينما متظاهرة كانت ترفع لافتة عليها صورة القباج الذي منعته السلطات من التصويت بداعي أفكاره المتطرفة، ولما سألتها الصحافة، قالت لنا : "متسولنيش بحال هاذ الأسئلة "، أي مستوى وصلنا إليه ؟ أي ثقافة وصلنا إليها ؟ أين هي أموال "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" ؟ هل شكلت لتشكيل جمعيات للمساهمة في التتفيه ومواسم التبوريدة والتعييش والتجهيل والدفع بالناس وخاصة أهل البادية للمشاركة في مسيرات لا يعرفون الغايات من تنظيمها ؟ يجب الوقوف بجدية تامة من كان وراء المسيرة ولكن ليس بمعاقبة هؤلاء القرويين الذين حضروا وليس المقدمين والشيوخ، هؤلاء لو لم تأتيهم أوامر عليا ما كانوا ليشاركوا أو يدفعوا الناس في سبيل معركة خاسرة ومفضوحة، فالقرويون جهلوا منذ الاستقلال وعبروا في مسيرة الدار البيضاء بكلمات عارية عن الحرمان والتهميش الذي كرسته حكومة العدالة والتنمية . أي تحقيق قضائي يجب أن يسائل السر وراء توظيف حافلات اتصالات المغرب وحافلات المكتب الوطني للمطارات والأحزاب السياسية المذكورة في أفواه المشاركين وليس الاكتفاء بتسريح الموظفين الصغار في وزارة الداخلية أو معاقبة البدويين الذي جهلوا لسنوات طويلة وغيبوا عن معرفة الواقع السياسي المغربي كأنهم ليسوا بمواطنين لهم الحق في المعلومة والعلم والمعرفة .
لا جرم أن الواقع كارثي في كل أبعاده، وتعد المدرسة هي الأكثر كارثية، وإن أي تغيير مرهون بإعادة الاعتبار إلى المدرسة ولاسيما إلى الأستاذ، فإذا كانت المدرسة هي منارة المجتمع، فالأستاذ هو منارة المدرسة، فالسبيل الوحيد لبداية الخروج من حالة الإفلاس هو مدرسة عمومية موحدة لكل الطبقات بجودة عالية وليست سجنا للتلميذ أو جدرانا من الإسمنت، بل حافلة بكل ما يشجع الدراسة من مكتبة والانترنت والأنشطة والكتب والمجلات والتحسيس الاجتماعي بأهمية المدرسة وليس تبخيسها وتبخيس الأستاذ والحط من شأنه بالاقتطاع من أجره وتحميله وزر ملء صناديق التقاعد وحرمانه من الحق في الإضراب وتشغيله بواسطة شركات المناولة وقمعه أمام البرلمان . جاء الوقت لكي يعاد النظر في كل شيء بعد التجارب الفاشلة التي تراكمت منذ الاستقلال إلى الآن، مستقبل هذا البلد لا يكون بجهل أبنائه، بل بوعيهم وثقافتهم، لقد كشف المستور آن الأوان لإعادة النظر في كل شيء وخاصة في المنظومة التعليمية، للخروج من حالة الإفلاس التام .
ع ع / الدار البيضاء / 23 شتنبر 2016



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل واقعنا واقع سرابي ؟
- الأرض العطشى
- رحلة إلى الشمال : بين أزلا وشفشاون : رحلة بطعم المغامرة
- رحلة إلى الشمال : أقشور : الغابة المطيرة
- رحلة إلى الشمال : واد لاو : حينما تصير القراءة فعلا استثنائي ...
- رحلة إلى الشمال : أزلا : المناظر الخلابة وتردي الخدمات
- رحلة إلى الشمال : أزلا : القرية الهادئة والأهالي الطيبون
- رحلة إلى الشمال : مارتيل : مزيج بشري
- تراتيل أزلا
- رحلة إلى الشمال : الفنيدق : أسى دفين
- رحلة إلى الشمال : بين طنجة والفنيدق: أسى عن رفيقة سليبة
- رحلة إلى الشمال : طنجة المدينة التي أرفضها
- رحلة إلى الشمال : أصيلة : تأمل في اللوحات أم تأمل في الجميلا ...
- رحلة إلى الشمال : في طريق الشمال : ما يجمعنا هو الوطن
- جيراننا في الريف
- كيكي والآخرون
- تحت الشجرة الوارفة : حنين متجدد إلى الأرض
- موسم مولاي بوعزة : تكريس التبعية
- وحيد في البراري
- رحلة علمية إلى تافيلالت : المغرب المتباين والمفارق


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - هل هو الإفلاس التام ؟