أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حبيب مال الله ابراهيم - تأريخ الصحافة















المزيد.....


تأريخ الصحافة


حبيب مال الله ابراهيم
(Habeeb Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 5291 - 2016 / 9 / 21 - 20:34
المحور: الصحافة والاعلام
    


تأريخ الصحافة
د.حبيب مال الله ابراهيم
الصحيفة هي الوسيلة المادية الملموسة التي تَصدر بانتظام وبصورة دورية وتَحمل فنونا صحفية (أخبار، وتقارير، ومقابلات، واستطلاعات، وتحقيقات، ومقالات، ومقالات افتتاحية، وأعمدة صحفية) وتزود القراء بمعلومات وآراء حول مختلف الأحداثِ الآنية، وتصدر من قبل المنظمات والاتحادات والجماعات الدينية والشركات الإعلامية، وتختلف عن المنشورات في أنها تصدر بانتظام ولها هيئة تحرير ويتجاوز عدد نسخها 10000 نسخة.
وقد كانت الصحف الأولى مليئة بالمقالات (المعبرة عن آراء كتابها) على عكس الصحف التي تصدر اليوم، لذلك كانت الصحافة آنذاك تسمى بصحافة الرأي، بسبب عدم معرفة القائمين على الصحف بأن القراء يفضلون الأخبار والتقارير على الآراء والمقالات ويعود سبب ذلك إلى عدم وجود بحوث إعلامية تؤكد نتائجها برغبة القراء بالاطلاع على الأحداث أكثر من اطلاعهم على الآراء، وبسبب صعوبة الحصول على الأخبار أيضا والتكاليف الباهضة لإيفاد المراسلين إلى الخارج من اجل الحصول على الأخبار إضافة إلى عدم وجود وسائل الاتصال الحديثة التي تستخدم اليوم في نقل الأخبار كالانترنيت والهاتف الخلوي والفاكس.
إنّ الأخبارَ التي تنشر في الصحف تمر بعملية طويلة ومعقدة، تبدأ بالمندوب والمراسل الصحفي الذي يحضر مكان وقوع الحدث لتغطيته، مرورا بعملية صياغته وفق قوالب كتابة الأخبار والتقارير، وتعتبر الأخبار أهم الفنون الصحفية على الإطلاق في الصحف والمجلات.
وتهتم الصحافة الغربية بالقصص الإخبارية على عكس معظم الصحف في دول العالم الثالث بقصد تعريف القراء بأخبار النجوم والمشاهير والسياسيين، فالمراسل يسعى لمعرفة أخبار المشاهير ويقوم بالتقصي عن مختلف مشاريعهم ولقاءاتهم وعلاقاتهم ثم يقوم بتغطية علاقة قد يتأكد الصحفي منها ويقوم بدوره باطلاع القارئ على تفاصيل تلك العلاقة وتطوراتها وقد تستمر تلك التغطية لأشهر لحين انتهاء العلاقة بالفشل أو النجاح، ويكتشف الصحفي أثناء تغطيته العشرات من التفاصيل الشخصية الأخرى التي يهتم بها القراء.
وإذا كانت الصحف تباع بأسعار باهضة تفوق قدرة القارئ العادي على شرائها في بداياتها فان سعرها رخص شيئا فشيئا مع نشر الصحف للإعلانات وحصول أصحاب الصحف على الإيرادات اللازمة من نشر الإعلانات وقد ساهم ذلك في إقبال العامة على شراء الصحف.
وتسعى الصحف منذ صدورها لإشباع رغبات القراء فتقدم لهم (الأخبار، والتقارير، والمقابلات، والاستطلاعات، والتحقيقات، والمقالات، والمقالات الافتتاحية، والأعمدة الصحفية) وهي ما تسمى بفنون التحرير الصحفي وبأنواعها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والثقافية، بحيث أصبح لها دور في توسيع التجارة وتثقيف الشعب وفي تشكيل الرأي العام، وأصبحت الدول أثناء الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي للفترة من 1955 ولغاية 1990 تعتمد على الصحف على وجه الخصوص في نشر أيديولوجيتها السياسية وبسط نفوذها العقائدي على الشعوب وكسب الرأي العام العالمي.
ومع انتهاء الحرب الباردة نزل ترتيب الصحف إلى المرتبة الثانية ومن بعدها الثالثة وذلك بعد التطورات التي شهدتها وسيلتي الإذاعة والتلفزيون وتدشين البث الإذاعي والتلفزيوني المباشر عبر الأقمار الصناعية.
وحين شرعت الحريات في العالم لم تشرع حرية الصحافة، بل تأجلت لحين استطاع الصحفيون إثبات حقوقهم من خلال مطالبتهم بالحرية في ممارسة مهنتهم التي تعد ضرورية في جميع مجالات الحياة، واستطاعت الصحافة الحصول على حريتها في دستور الولايات المتحدة الأمريكية ُحين صادق الكونغرس الأمريكي على الدستور سنة 1791، بعد أن رفض الكونغرس الأمريكي مرور أي قانون يخص حرية الصحافة سنة 1787، وقد أطلق الرئيس الأمريكي الأسبق توماس جيفيرسن، مؤلف إعلان الاستقلال جملته المشهورة حين قال: حكومة بدون صحف، أَو صحف بدون حكومة، أنا أفضل الثاني على الأول.
يخلط الكثير من المؤرخين بين تاريخ التدوين والنشر وتاريخ الصحافة، فتاريخ التدوين يعود إلى السومريين حين كانوا يدونون القوانين توجيهات الآلهة على الرقم الطينية في حدود سنة 3000 قبل الميلاد، ونشر الرومان لأخبارهم عن طريق كتابتها على جلود الحيوانات وقد سمي ذلك النوع من التدوين بـ(اكتاديورنا) الذي صدر سنة 59 قبل الميلاد في ظل حكم يوليوس قيصر، واستمر في الصدور حتى سنة 222 ميلادية، وقد دون الصينيون معلوماتهم وقوانينهم وسمي إصدارهم ذلك بـ(tipao)، وكان يوزع بين المسؤولين أثناء حكم السلالات بحدود السنة 202 قبل الميلاد إلى سنة 221 ميلادية. ولا نستطيع أن نعد هذه الطريق البدائية صحافة لقلة عدد الذين يطلعون على الرقم الطينية وغياب الوسيلة المادية الملموسة التي تصل إلى القراء وغياب الفنون الصحفية المنشورة فيها وافتقارها إلى هيئة تحرير، لذلك يعود تاريخ الصحافة إلى السنوات التي أعقبت اختراع غوتنبرغ للمطبعة سنة 1450 واستطاع في نفس السنة من طبع أول كتاب بمطبعته وكان الكتاب المقدس (التوراة).
بعد اختراع غوتنبرغ للمطبعة سنة 1450، وجدت عدة محاولات لإصدار نشرات ورقية تتألف من ورقة واحدة لنشر الأخبار والقوانين واللوائح، وكانت أول نشرة طبعت بالمطبعة في برشلونة في شهر نيسان سنة 1493. وفي القرونِ السادس عشر والسابع عشر صدرت عشرات الكتب الإخبارية (news books) وهي عبارة عن كراريس مطبوعة لنشر الأخبار والشعر وتتألف من ورقة واحدة وزعت في أوروبا وبدرجة أقل في المستعمراتِ الأوروبيةِ الجديدةِ في أمريكا.
يرى الكثير من المؤرخون بأن النشرات الورقية والمكتوبة باليد ظهرت لأول مرة في مدينة البندقية الايطالية في القرن السادس عشر، وقد عرفت هذه النشرات بـ(avisi) وكانت تصدر أسبوعيا سنة 1566.
كذلك ظهرت نشرة في ألمانيا سنة 1609 في مدينة ستراسبورغ باسم (Furnemmen) وقد طبعها يوهان كارولوس، إلا إن النشرات الصحيفةُ المطبوعة انتشرت بسرعة خلال أوروبا. فقد ظهرت هذه النشرات في فرانكفورت وفينا بحلول سنة 1615، وفي هامبورغ بحلول سنة 1616، وفي برلين سنة 1617 وفي أمستردام بحلول سنة 1618، حتى دفع بمسؤول إنكليزي في ذلك الحين إلى تقديم شكوى بأنّ بلادَه تفتقر إلى نشرة تذِكْر، لذلك طبعت أول نشرة في انكلترا باسم اوكورانتس (occurents) بصورة أسبوعية سنة 1621، وأصدرت فرنسا بعد ذلك أول نشرة لها سنة 1631.
تطورت النشرات شيئا فشيئا خاصة بعد افتتاح أقسام وكليات الصحافة في الجامعات العالمية وقد أصبحت للصحف عناوين فرعية وتنشر الصور والفنون المختلفة ويتم الاهتمام بتوزيع المواضيع على الصفحات إلا إن هذه الأمور وان كانت اليوم تبدو بسيطة بسبب تطور التكنولوجيا الصحفية لكنها استلزمت قرونا عديدة.
كان الهدف الأول للصحافة في انكلترا هو الحصول على حرية المهنة الصحفية وممارستها بمنأى عن مراقبة الحكومة مع إصرار الحكومة على فرض رقابة صارمة على الصحافة، بيد إن الصحافة حصلت على حريتها عقب ثورةِ سنة 1688، وامتلكت الصحافة منذ ذاك الحق في انتِقاد الحكومة، كما إن الصُحُف أصبحتْ تساهم في توسيع التجارة والتعامل التجاري بين المدن والدول عن طريق نشر الإعلانات الصحفية ونشر تقاريرِ الأسواقِ.
يرجع تاريخ الصحافة الحديث إلى صحيفة كورانت (Courant) الانكليزية اليومية، وهي أول صحيفة يومية تصدر في العالم وفيها مقومات الصحيفة الحديثة وقد ظهرت في لندن سنة 1702، أما الصحف الأمريكية الأولى فقد كان المستعمرون البريطانيون يصدرونها في الولايات المتحدة الأمريكية، وصدرت أول صحيفة في الولايات المتحدة الأمريكية باسم (الأحداث العامة) بولاية بوسطن في 25 أيلول سنة 1690. وتضمنت هذه النشرة أخبار الهنود الذين قاتلوا إلى جانب الإنجليزِ ضدّ الفرنسيين ونشر أخبار الوطن الأصلي (بريطانيا)، وقد صدرت في بوسطن صحيفة (رسالة أخبارِ بوسطن) وهي ثاني صحيفة تصدر في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1704 واستمر صدورها 72 عاما، وصدرت الصحيفة الثالثة في الولايات المتحدة الأمريكية من قبل مدير مكتب البريد وليام بروكير، إذ بَدأَ بطِباعَة صحيفتِه الخاصةِ (جريدة بوسطن الرسمية) في 21 كانون الأول سنة 1719.
صدرت صحيفة في بوسطن هي الثالثة باسم نيو إنجلند كورانت، سنة 1721 من قبل (جيمس فرانكلين كورانت) وكانت ادبيةَ ومقروءة بشكل كبير من قبل المستعمرين البريطانيين.
وظهرت صحيفة في ولاية فرجينيا الأمريكية باسم Williamsburg سنة 1736. وبحلول سنة 1765، وصل عدد الصحف الأسبوعية إلى:أربع صحف في بوسطن، وثلاث صحف في نيويورك؛ وثلاث صحف في فيلاديلفيا اثنتان باللغة الانكليزية وواحدة باللغة الألمانية، وكانت هنالك صحيفتان في كونيكتيكت، وكان عدد صفحات هذه الصحف لا يتجاوز عن أربع صفحات وتحتوي على الأخبارِ القصيرةِ وبعض التقارير والمقالاتِ المأخوذة على الأغلب من الصُحُفِ الأخرى، بريطانية أو أوروبيةً.
صدرت أول صحيفة في مدينة نيويورك باسم (نيويورك الرسمية)، أَسسها وليام برادفورد سنة 1725، وأصدر جون بيتر مجلة (نيويورك زينكر) الإسبوعية سنة 1733، والتي كَان لَها تأثير رئيسي على تأريخِ الصحافة الأمريكية.
وقد اتهمت مجلة (زينكر) بنشر المقالات الناقدة لحاكم نيويورك، وقد عرض بعض من هيئة التحرير أمام المحكمة في آب سنة 1775، وقد أَمر القاضي هيئةَ المحلفين بأن تتم ادانة المجلة بسبب نقد الحكومة، لكن محامي مجلة (زينكر) أندرو هاملتن دافع بحماسة عن المجلة مستشهدا بالفقرات التي تنص على حرية الصحافة في الدستور الأمريكي، مما حدا بهيئة المحلفين إلى إهمال أوامر القاضي.
وحين تم فرض الضريبة على المطابع في الولايات المتحدة الأمريكية وفي انكلترا في القرن الثامن عَشَرِ والنصف الأوّلِ مِنْ القرن التاسع عشرِ ارتفع أثر ذلك سعر الصحف حيث لم تعد الطبقات الفقيرة قادرة على شرائها، وقد صادق البرلمان البريطاني على قانون المطابع سنة 1765 وقد أصبح ساريا اعتبارا من الأول من تشرين الثاني سنة 1765، لكن الصحف الأمريكية لم تلتزم بهذا القانون لأنهم لم يمثلوا في البرلمان البريطاني أثناء تمرير القانون.
ولابد من القول بأن الصحف الأمريكية لعبت دورا رئيسيا في إضعاف أوامر الحكومة البريطانية، وتأجيج مواطني الولايات المتحدة الأمريكية ضد بقاء أمريكا مستعمرة بريطانية ومهدت لتحرر أمريكا عن طريق تشكيل الرأي العام الأمريكي ضد بريطانيا وبقاء أمريكا مستعمرة بريطانية.
ولا نستطيع القول بأن جميع الصحف الأمريكية كانت بالضد من بقاء أمريكا ضمن ممتلكات بريطانيا فهنالك قلة من الصحف كانت موالية لبريطانيا كصحيفة Rivington احد أفضل الصُحُفِ في أمريكا، إذ كانت موالية لبريطانيا، مما قام الأمريكيون بتحطيم مطبعة الصحيفة وإثناء قيام الثورة الأمريكية اجبر رئيس تحريرها على التوقيع على تحرر أمريكا.
أما فيما يخص حرية الصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية فعلى الرغم من أن حرية الصحافة حذفت منْ الدستورِ الأمريكي سنة 1887، إلا إنها وردت في لائحة حقوق الإنسانِ، وعادت إلى الدستور أثناء التعديلِ الأولِ لهِ.
وفي سنة 1798، واجهت حرية الصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية أول الضغوط حين أصدر الرئيس جون أدامز قرارا قرر بموجبه منع نشر أية مادة صحفية فيها إساءة إلى حكومةِ الولايات المتّحدةِ أو الكونجرس أَو الرئيس.
وحين انتخب توماس جيفيرسن رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية سنة 1800، الغي ذلك القرار، وقرر أن تمارس الصحافة كامل حريتها، ويعتبر الصحفيون الأمريكيون قرار جيفرسون انتصارا للصحافة ولحريتها.
كان هناك حوالي 200 صحيفةَ في الولايات المتّحدة الأمريكية حين وصل جيفيرسن الرئاسة، وازدهرت الصحافة أثناء حكمه وصدرت العديد من الصحف التي تنشر الأخبار الاقتصادية وأخبار الأسواق العالمية والجارة مما ساهم في ازدهار التجارة والأسواق واستطاع التجار معرفة الأسعار من الصحف والأزمات الدولية وأرباح الشركات الاخرى.
صدرت أول صحيفة يومية في ولاية بنسلفانيا الأمريكية باسم (بريدَ مساء بنسلفانيا) مِن قِبل (Benjamin Towne) سنة 1783. واستمرت في الصدور 17 شهرا، وفي سنة 1801 كان هناك حوالي 20 صحيفة يوميةَ في الولايات المتحدة الأمريكية، بضمنها ست صحف في فيلادلفيا، وخمس صحف في نيويورك وثلاث صحف في بالتيمور.
في صباحِ يوم الثالث من أيلول سنة 1833 طبعت صحيفة مكونة من أربع صفحاتِ بحجمِ الرسالةَ وملئت بأخبار وتقاريرِ الشرطةِ وبيعت في شوارعِ نيويورك. وكان ناشرها Benjamin، وقد باع صحيفته بـ(بنس) واحد، وبيع منها4500 نسخة في يوم واحد في مدينة نيويورك التي كان يبلغ تعداد سكانها آنذاك 218000 نسمة.
أما في بريطانيا ففي سنة 1830، كانت صحيفة الأوقات (the times) اللندنية الأكثر شهرة آنذاك، وقد أسسها جون والتر سنة 1785 وكَان يباع منها 10000 نسخِة في اليومِ في مدينة لندن التي كان عدد سكانها لا يتجاوز المليون.
وإذا كانت مطبعة غوتنبرغ لا تستطيع سوى أن تطبع 125 نسخة في الساعة، فانه ومنذ السنة 1825 استخدمت طريقة أكثر كفاءة في طبع الصحف، عن طريق استخدام الاسطوانات الطباعية التي اخترعت من قبل ألألماني (فريدريك كوينك) وأضاف (نابير) إليها التحسينات في إنجلترا، وقد استخدمت هذه الطريقة لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1825 باستعمال اسطوانتين طباعيتين، وطوره (ريتشارد) بعد ذلك في نيويورك سنة 1832. فقد كانت المكائن البخارية تستخدم في مطبعة الصحف لطبع صحيفة التايمز (the times) اللندنية في 1814. وبحلول سنة 1835 كانت الصحف الأمريكية والبريطانية تطبع في المطابع البخارية، وقد ساهمت هذه المطابع في زيادة عدد النسخ إلى 18000 نسخة في الساعة والى السرعة في طبع الصحف.
إلا إن الصحيفة الرخيصة (التي كانت تباع ببنس واحد) لم تلقى النجاح الكبير بعد سنوات، حتى بعد أن ضمت أخبارا وفيرة وأصبحت تباع بـ(سنتين)، وكانت أغلب صُحُفِ البنسِ الأمريكيةِ بعيدة ذات اهتمام قليل بالسياسة. وقد كان (جيمس جوردن بينيت) أصحاب إحدى صحف البنس سنة 1835. كان يبيع منها 20000 نسخةَ في اليوم، على الرغم مِن زيادة سعرها إلى سنتين.
وصلت حمى الصحف الرخيصة (صحف البنس) إلى فرنسا وانكلترا سنة 1836، وصلت إلى فرنسا بواسطة (أميل دي غرانديان) وكانت تباع في فرنسا ببنس واحد أيضا، إلا إن صحف البنس الفرنسية والانكليزية اختلفت عن مثيلاتها الأمريكية في الشكل والمضمون.
أما صحف البنس التي صدرت في انكلترا في النصف الأولِ مِن القرن التاسع عشرِ فإنها كانت فقيرة من حيث الشكل والمضمون، بسبب الضرائب المفروضة على المطابع في انكلترا، لذلك عمد أصحابها إلى رفع سعرها إلى أربعة بنسات بحلول سنة 1815، وقد صدرت أكثر من 560 صحيفة غير مرخصة في إنجلترا بين السنتين 1830 و 1836.
ومنذ منتصف القرن التاسع عشر نشأت المؤسسات الصحفية وان كانت صغيرة في بداياتها، نتيجة الأرباح التي جنتها بعض الصحف جراء نشر الإعلانات، وبدات هذه الشركات بشركة صحفية صغيرة أسسها (بينيت) حين اشترى صحيفة الشمس (the sun) مقابل 250000 دولار سنة 1849.
أما بالنسبة لوصول الصحف من اوربا ونشرها في الصحف الأمريكية، فقد كانت تأتي على متن السفن وتصل أمريكا بعد شهرين لتنشر في الصحف، وكانت بعض الأخبار تصاغ نتيجة حديث الصحفي مع أحد المسافرين القادمين الذي عايش حدثا ما أثناء الرحلة، وقد كتب مرة محررَ جريدة Orleans سنة 1805 (بالكاد نَعرف كيف نملأ أوراق الصحيفة بالأخبار).
كذلك فان غياب المؤسسات الأكاديمية الإعلامية ككليات الإعلام كان له دور في بقاء الصحف على تخلفها، إذ لم يعتمد أصحاب الصحف على متخصصين في التصميم الصحفي والإخراج الصحفي في تصميم الصحف، كذلك فان الأخبار كانت أشبه بالقصص القصيرة وتكتب بأسلوب بدائي والمقالات تكتب كيفما تكتب دون أن يمتلك الكتاب أدنى فكرة عن كتابة المقالات، لذلك بقيت مستوياتها متدنية.
وبالنسبة لمراسلين فان الصحف المهمة كانت تخصص لها مراسلين في الدول مقابل أجور قليلة وكان البريد الوسيلة الوحيدة لإرسال الأخبار، فقد كتب (فرانكلين بنيامين) في جريدته في بنسلفانيا بحلول سنة 1792بأنه يملك 32 مراسلا في 28 ميناءِ مختلفِا في العالم.
ثم أصبح للصحف مراسلون يحضرون الحروب من أجل تغطيتها، وذلك حين أصبح للصحف الحق في حضور مراسليها جلسات البرلمان في أواخر القرن الثامن عشرِ، فقد أصبح (جيمس بيري) مراسلا حربيا حين بعثت به صحيفته إلى باريس لتغطية الثورةِ الفرنسية. وفي سنة 1807 بعثت صحيفة التايمس اللندنية (هنري كراب روبنسن) لتغطية معارك نابليون، وكانت أخبار الحروب والثورات تساهم في زيادة مبيعات الصحف ومن ثم في تكالب المعلنين عليها لنشر إعلاناتهم.
إلا إن الأخبار أصبحت تصل بطريقة أسرع بفضل اختراع (صموئيل مورس) للبرقية، وقد اعتمدت الصحف على البرقيات في استلام الأخبار من المراسلين، وأدى ذلك إلى تأسيس وكالات الأنباء مثل الأسوشيتد بريسِ، التي أُسّست لتزويد صحف نيويورك بالأخبار سنة 1848.
وأثناء الحرب الأهلية الأمريكية أصبح الصحفيون تحت مراقبة الأجهزة الأمنية، إذ لم يكونوا قادرين على حضور جبهات القتال أثناء بسبب اتهامهم بالتجسس وكانت أجهزة الحكومة تراقب تقاريرهم ومن أفضل مراسلي الحرب الأهلية الأمريكية: ألبرت دي ريجاردسون وهنري فيلارد وفيليكس جريجوري وبيتر دبليووألكساندر. وقد نمت تلك الفترة الصحفِ في الولايات المتّحدة الأمريكية، إذ كان هنالك 3000 صحيفة سنة 1860، ووصل عددها إلى 4500 صحيفة سنة 1870، والى 7000 سنة 1880.
كانت الصحف الأمريكية آنذاك تعكس توجهات وأفكار أصحابها لكن الأمر اختلف بعد ذلك، تحديدا بعد الحرب الأهلية الأمريكية، إذ أصبحت تتجه نحو تغطية الأخبار بصدق وموضوعية. خاصة بعد افتتاح كليات الإعلام وأقسام الصحافة في هذه الكليات، بحيث وضع خبراء الإعلام قوالب كتابة الأخبار والتقارير والمقالات واللقاءات والاستطلاعات وتم إيجاد كادر من الصحفيين المتخصصين القادرين على نقل الأخبار بمصداقية وبكفاءة إلى القراء.

المصادر
1. http://www.cambridge.org/about-us/who-we-are/history
2. http://www.historicpages.com/nprhist.htm
3. http://www.cambridge.org/about-us/who-we-are/history/brief-history-press
4. http://www.infoplease.com/encyclopedia/history/press-freedom-the-history.html
5. https://en.wikipedia.org/wiki/History_of_newspaper_publishing



#حبيب_مال_الله_ابراهيم (هاشتاغ)       Habeeb_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور زهدي الداوودي .. والبعد الرابع
- الصحافة الاستقصائية
- الوقت بين الماضي والحاضر..
- حرية الصحافة بين النظرية والتطبيق
- الاعلام الحديث
- الاعلام الدولي وعصر -انفجار المعلومات-
- مفهوم الخطاب وسماته
- مجتمع المعلومات ومجتمع المعرفة
- الهجرة والثقافة
- تمثال الملك
- ثقافة الرشق بالأحذية
- الملك الجبان
- يدّ العون
- قصص قصيرة جدا
- أم.......وات
- مُحاكمة كلب
- أزمة الاعلام العراقي
- ازمة الاعلام العراقي (2)
- البُعد اللغوي للثقافة
- التحديات التي تواجه الاقليات العرقية والدينية في العراق


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - حبيب مال الله ابراهيم - تأريخ الصحافة