أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - ألو!... ألو














المزيد.....

ألو!... ألو


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 1410 - 2005 / 12 / 25 - 04:02
المحور: كتابات ساخرة
    


كل من سمع قصتي نصحني بدفع (المعلوم) للمعنيين بإصلاح خط هاتفي المعطل منذ أكثر من خمسة عشر يوماً! قائلين لي: (اِسأل مجرّباً ولا تسأل حكيماً! يا أخي لا تتعب نفسك! لن يصلّح هاتفك ما لم تدفع بالتي هي أحسن!) إلا أنني وبسبب عنادي الشديد لم أستجبْ. حتى إنني تراهنت مع أحد أصدقائي على وجبة فاخرة على حساب الخاسر, بأنّ الهاتف سيصلّح وخلال يومين على الأكثر دون أن أدفع قرشاً واحداً لأحد!
وبعد أن سجّلتُ العطل في كوة سجلّ الأعطال, توجهتُ إلى كل معارفي في مؤسسة الهاتف – وما أكثرهم – طالباً منهم مساعدتي في إصلاح الهاتف لكسب الرهان ليس إلاّ... ولكن دون جدوى!
قابلتُ رئيس المقسم الذي يتبع إليه رقم هاتفي أكثر من مرة, شارحاً له معاناتي, والأصحّ عنادي, وبأنّ الهاتف الأرضي من غير المعقول أن يبقى كل هذه المدة دون إصلاح! وإن مؤسسة الاتصالات لا تربح من جرّاء تعطّل خطوط المشتركين... بل أستطيع القول بأن استمرار تعطل الخطوط الهاتفية يُعدّ هدراً وإضاعةً للمال العام.. وإن حب الوطن والتمسك به والدفاع عنه, يبدأ من أمورٍ صغيرة كتوفر الخدمات بيسرٍ وسهولة للمواطنين...
إلا أنه وفي كل مرة كان يلجأ رئيس المقسم في ردّه إلى الباري عزّ وجلّ, قائلاً وبمنتهى الكسل: (إنشاء الله سيصلّح هاتفك اليوم... استعنْ بالله يا أخي!)
ومع ذلك, فقد بقي خطي معطلاً!
قالت لي زوجتي: نسمع بصلاة الاستسقاء يؤديها المؤمنون في أيام احتباس المطر, فيستجيب لهم سبحانه... تعال نجرّب ونصلّي مع أولادنا صلاة (الاستصلاح) عسى ولعلّ!
توضّأنا وبدأنا الدعاء والابتهال والتضرّع بأكثر الكلمات توسلاً واستجداءً...
ولكن دونما جدوى!
عندما سمع صديقي الذي تراهنت معه بما وصلت إليه الأمور, وجعه قلبي عليّ وأعفاني من تنفيذ الرهان. إلا إن أمارات النصر كانت جليّة على محيّاه. وعاتبني قائلاً:
(ماذا استفدتَ من عنادك يا صاحبي؟ ألمْ يكن من الأفضل لو أنك دفعتَ المعلوم؟ كم من الوقت والجهد والأعصاب صرفت, بل حرقت, ولم تحقق شيئاً!؟ واللهِ وبكسر الهاء وضعك يبكي الحجر.. الله يعين زوجتك وأولادك عليك!)
جمعت نفسي وتوجهت إلى رئيس المقسم وأنا أغلي من الغضب. وصمّمتُ على أن أزفّه هذه المرة بهدلة محترمة. فهو المسؤول عن توجيه العمال وتوزيعهم على المناطق لإصلاح الأعطال. ولدى دخولي إليه لمح نظراتي القاسية صوبه. ويبدو أن بعض الشرر المتطاير منها أصابته. فما كان منه إلا ونهض عن كرسيه قائلاً: لا تقل لي بأن هاتفك لم يصلّح حتى الآن؟! لقد أرسلت ورشة إلى عنوانك منذ الصباح. فقط ذكّرني لو سمحت برقم هاتفك لأجرّب الخط...! وأمسك سماعة الهاتف ينتظر مني الردّ.
الحقيقة إن عباراته الرقيقة تلك جعلتني أهدأ قليلاً وأعيد النظر بما كنت أنوي فعله. إلا أنني أحسست بأنه من المناسب التشفي منه وإخافته قليلاً..
أجبته مزهواً بعد أن رسمتُ على وجهي ابتسامة من نجح بإيقاع خصمه في الشرك:
لو كنتَ مهتماً برقم هاتفي فعلاً لما احتجتني لتذكيرك به, صحيح أنك فاسدٌ صغير قياساً بحيتان هذا البلد, ولكن لا يعني ذلك أنك ستكون في منأى عن المحاسبة. لقد تأخرتَ كثيراً يا صاحبي! ولن ينفعك إصلاح هاتفي بعد الآن أبداً. ويسرّني أن أنقل إليك خبر وصول ملفك إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش وإلى كافة الفروع الأمنية... بالمناسبة, لقد جئت لأخبرك فقط بأن القاووش في سجن عدرا بانتظارك. فهنيئاً لك نزْلك الجديد..
وبعد أن مشيت عدة خطوات مغادراً مكتبه التفتّ إليه بسرعة كمحقق محترف وأشرت له بسبّابتي متوعداً قائلاً: على فكرة, هل تعلم بأنني عطّلت هاتفي خصيصاً لأرى كيف تتعاملون مع الأعطال؟ لقد أخفقتَ في الامتحان بجدارة يا عزيزي!
قذفتُ إيصال تسجيل العطل باتجاهه وغادرتُ مكتبه منتصراً كبدوي استطاع الانتقام وأخذ الثأر من عدوه بعد انتظار سنين طويلة.
لدى عودتي إلى البيت سارعتُ إلى الهاتف لتفقد جاهزيته. وكم كانت المفاجأة سارة, فقد اشتغل! وما إن وضعت السماعة في مكانها حتى رنّ جرس الهاتف, وكان على الخط رئيس المقسم وطفق يتوسل بصوتٍ مرتعش ألا أآخذه, وأنه سيعاقب العامل على تقصيره في إصلاح خط هاتفي.. وختم المكالمة برجاء سحب الشكوى بحقه.
قلت في نفسي: يا ألله! إذا مجرد تهديد طفيف كان له مثل هذا الوقع في نفس رئيس المقسم! تُرى, كيف سيكون الوضع لو أن رئيس البلاد يفاجئ الشعب بإحياء قانون (من أين لك هذا وذاك وذلك؟..)



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير أمني
- الكوسا والديموقراطية
- استفتاء عربي
- فضائح عند غيرنا.. تزكم الأنوف
- !قيام.. جلوس
- استقالة وزير
- زوم البندورة
- جحيم الاستبداد ولا جنّة الموساد
- كيف ستتزوج إذن؟
- لن ننساك أبداً
- الحلّ الأمثل
- الأخرس
- الطابق السابع
- أبو بحر
- على وشك الإحباط
- عمل ثانٍ
- الحلاّف
- سلحفاة المعلم
- !كان ... وما زال
- هايل أبو زيد


المزيد.....




- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- صدور ديوان الغُرنوقُ الدَّنِف للشاعر الراحل عبداللطيف خطاب
- صدر حديثاً رواية - هذا أوان الحبّ- للأديبة الفلسطينية: إسرا ...
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - ألو!... ألو