أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الديانة العبرية والأساطير والتضحية بالأبناء














المزيد.....

الديانة العبرية والأساطير والتضحية بالأبناء


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5286 - 2016 / 9 / 15 - 02:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لماذا استجاب أجاممنون لأوامر الإلهة آرتميس بأنْ يضحى بابنته؟
لماذا جعلتْ الأسطورة من أجاممنون بطلا تراجيديـًـا؟
يـُـثير موضوع حكاية النبى إبراهيم فى الديانة العبرية من التضحية بابنه (إسحاق فى التوراة وإسماعيل فى القرآن) الكثير من التأمل والكثير من الأسئلة :
أولا: ما الحكمة من تلك التضحية؟
ثانيـًـا : لماذا كانت الوسيلة بتلك البشاعة : الذبح مثل ذبح الخروف؟
ثالثــًـا : لماذا استجاب النبى إبراهيم بتلك السرعة؟ وأقدم على ذبح ابنه. وما مشاعره وقد شحذ نفسه لتنفيذ الأمر (الربانى)؟ ولماذا تجاهلتْ الرواية التراثية اليهودية والإسلامية، إبراز تلك المشاعر، وتجسيد تلك اللحظات الدراماتيكية، لموقف الأب الذى سيذبح ابنه؟
رابعـًـا : ما الجريمة التى ارتكبها الأب حتى يتعرّض لهذه المحنة القاسية؟
خامسًـا: كيف استجاب الابن ورقد على ظهره كى يـُـذبح، وبصورة آلية ميكانيكية، فاقتْ تصرف الخروف الذى يـُـبدى بعض (العصلجة/ المقاومة) أثناء سحبه من رقبته تمهيدًا لذبحه؟
سادسًـا : لماذا توافقتْ الديانة الإسلامية مع الديانة اليهودية حول تلك القصة؟ ولماذا اختارتْ اليهودية (إسحاق) واختار الإسلام إسماعيل؟
فى الرواية التوراتية التركيزعلى وصف (الحدث) مع تجاهل (السبب) فنقرأ ((حدث أنّ الله امتحن إبراهيم (لماذا؟ صمت النص) فقال خذ ابنك وحيدك الذى تحبه واذهب إلى أرض المُـريا وأصعده هناك على أحد الجبال.. فبكــّـر إبراهيم وشدّ على حماره.. وقال إبراهيم أنا هنا مع الحمار. وأنا والغلام نذهب إلى هناك ونسجد.. وأخذ إبراهيم حطب المحرقة ووضعه على إسحق ابنه وأخذ بيده النار والسكين. وكلــّـم إسحق أباه وقال يا أبى : فقال ها أنا ذا يا ابنى. فقال هو ذا النار والحطب فأين الخروف للمحرقة؟ ثمّ مدّ إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه. فناداه ملاك الرب من السماء وقال لا تمد يدك إلى الغلام.. وإذا بكبش وراءه عوضًـا عن ابنه. فدعا إبراهيم اسم ذلك الموضع يهوه (تكوين: الإصحاح22)
أما القرآن فورد به عن إبراهيم ((وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين* ربّ هبْ لى من الصالحين* فبشرناه بغلام حليم* فلما بلغ معه السعى قال يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إنْ شاء الله من الصابرين* وناديناه يا إبراهيم قد صدقتْ الرؤيا.. وفديناه بذبح عظيم)) (الصافات/ من99- 107) الاختلاف هنا أنّ الرواية القرآنية جعلتْ إبراهيم يسأل ابنه : انظر ماذا ترى؟ وهو سؤال بقدر ما فيه من الجدل الدرامى، بقدر ما فيه من السذاجة الفطرية المشوبة بالتردد، ولكن الابن (وفقــًـا لعقلية اللاهوت الدينى) كانت إجابته (سابقة التجهيز) يا أبت افعل ما تؤمر..إلخ.
سابعـًـا: لماذا ركــّـزتْ الديانة العبرية على ترسيخ معانى القتل مع بداية الخلق؟ مرة مع ابنىْ آدم حيث قتل الشقيق شقيقه، ومرة مع إبراهيم الذى كاد أنْ يذبح ابنه؟ فهل كان الهدف ترسيخ مقولة معينة ملخصها أنّ حياة البشرمؤسسة على العنف حتى بين ذوى الأرحام؟ وإذا كان هذا المعنى شديد الوضوح مع قصة ابنىْ آدم، فإنّ ذبح إبراهيم لابنه لم يتم، لتجسيد قدرة السماء على إرسال (الفدية/ الكبش) فهل كل تفاصيل هذه القصة وحالة الرعب التى تنتاب أى أب وهو يستعد لذبح ابنه، وحالة الرعب التى تنتاب الابن وهو يعلم أنّ مصيره مثل مصير الخروف، كل هذا من أجل اثبات قدرة السماء على إرسال الفدية؟
ثامنــًـا : هل قصة تضحية الآباء بأبنائهم انفردتْ بها الديانة العبرية أم سبقتها قصص شبيهة فى ميثولوجيا وأساطير بعض الشعوب؟ فى كتب علم الأنثروبولوجيا (التى تناولتْ عادات وعقليات الشعوب القديمة، شعوب ما قبل الكتابة) الكثير من القصص عن تضحية الآباء بأبنائهم. بل إنّ هوميروس فى ملحمة الإلياذه تناول هذا الموضوع فى ملحمته الشهيرة عن البطل الإغريقى (أجاممنون) حيث أتاه رسول من الإلهة (آرتميس) تأمره بذبح ابنته إفيجينيا كى ترضى عنه وتــُـرسل له الرياح وهو يستعد لمحاربة طرواده، وعندما استجاب لأوامر الإلهة، إذا بها تـُـرسل له غزالة بدلا من ابنته. وعن نفس القصة كتب المسرحى الكبير(يوربيدس) مسرحية (إفيجينيا) مُـستلهمًـا ما جاء فى أسطورة أجاممنون، ولكنه تصرّف فى الأسطورة وفق رؤاه الخاصة، حيث بدأ المسرحية بأنّ أجاممنون قتل غزالة كانت ترعى فى غابة الإلهة أرتميس المقدسة. وهذا ذنب لا يـُـغتفر. أصدرتْ الإلهة أمرًا إلهيـًـا بموجبه أنّ على أجاممنون التضحية بكبرى بناته وأعزهنّ إلى قلبه : إفيجينيا. وكان هذا شرطها كى توافق على أنْ تـُـسخـّـر له الرياح وهو ذاهب لقتال أهالى طروادة. استجاب أجاممنون لأوامر الإلهة آرتميس، حيث أنها إلهة الصيد والخصوبة. وتُـعتبرمن أهم الآلهة الإغريقية. وابنه زيوس (كبير الآلهة) وأخت أبوللو. وبالرغم من حب أجاممنون لابنته فإنه لم يجد وسيلة تــُـمكنه من رفض طلب الإلهة آرتميس. أما عن الموقف من التضحية بابنته، فقد اختلفتْ الرواية من أسطورة لأخرى، البعض كتب أنه ضحى بابنته، بدليل موقف زوجته (كليمنسترا) التى لم تغفر لزوجها فعلته الشنيعة ورفضتْ أنْ تـُـسامحه وأعلنتْ غضبها عليه، والبعض كتب أنّ أجاممنون لم يقتل ابنته، لأنّ الإلهة أشفقتْ عليه وأرسلتْ له عزالة بدلا من ابنته.
رأى كثيرمن النقاد الذين كتبوا عن تلك الأسطورة، أنّ هدفها كان لتجسيد الصراع بين نداء الوطن (الحرب ضد طروادة) وبين الغريزة الإنسانية (الفطرية) فى علاقة الأب بأبنائه، وبناءً على ذلك فإنّ (موتيفة) تضحية الأب بأحد أبنائه كان لتجسيد هذا الصراع النفسى والعقلى داخل أى إنسان من لحم ودم، وهذا ما نجح فيه كاتبو الأسطورة، فرغم أنّ أجاممنون شخصية أسطورية، فإنه حمل صفات الإنسان الذى يتألم ويـُـفكــّـر. ولذلك فإنّ تلك الأسطورة جعلتْ منه بطلا تراجيديـًـا.
**



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أردوغان يطالب باسترداد الأهرام
- تواصل حوار القرآن مع الواقع
- هل يمكن إنهاء زواج رجال الأعمال برجال السلطة؟
- هل الحضارة المصرية حضارة موت ؟
- ما سر الولادة المتعسرة لقانون بناء الكنائس ؟
- لماذا ارتدى بوكاى عمامة المسلمين ؟
- لماذا يسعى الأصوليون للتدخل فى كتب التراث ؟
- العلاقة المُضادة بين الميتافيزيقا والعقلانية
- هل مصر ينطبق عليها مصطلح (دولة فسادكو) ؟
- حوار الواقع والقرآن
- هل سرق الصبى الفجل ؟
- الشخصية الأفريقية والأدب الأفريقى
- القومية المصرية ومرحلة ما قبل يوليو1952
- هل كذب شاعر الر سول فى شهادته ضد عائشة ؟
- أثر الواقع الاجتماعى على النص القرآنى
- لماذا اختلفتْ برلمانات مصر بعد يوليو1952؟
- رد على السيد ماسنسن بشأن القومية المصرية
- هل الواقع أفرز النص أم العكس ؟
- من أفرز الآخر : الواقع أم النص ؟
- ملاحقة القرآن للواقع (2)


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الديانة العبرية والأساطير والتضحية بالأبناء