أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مازن كم الماز - حركة احتلوا وول ستريت : الديمقراطية ضد التسيير الذاتي















المزيد.....

حركة احتلوا وول ستريت : الديمقراطية ضد التسيير الذاتي


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 5285 - 2016 / 9 / 14 - 13:01
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


حركة احتلوا وول ستريت : الديمقراطية ضد التسيير الذاتي

بقلم ب . ترافن ( عن موقع المجموعة الأناركية كرايم ثينك )

إهداء المترجم - إلى شبان التحرير و محمد محمود و التحرير في صنعاء و الحراك الشبابي في لبنان , الخ , نحو أغنيات أخرى و ليالي أخرى ....

تقول القصة أن الاجتماع الأول لحركة احتلوا وول ستريت بدأ كمسيرة على الطراز القديم تدار من الأعلى يثرثر فيه بعض المتحدثين إلى ما لا نهاية حتى قاطعتهم طالبة يونانية ( أناركية ربما ؟ ) و طالبت بعقد جمعية أفقية بدلا من مواصلة المسيرة على ذلك الشكل . انفصلت عندها هي و بعض المشاركين الشبان ليشكلوا حلقة خارج البلازا ( الميدان أو الحديقة ) و بدأوا بعقد اجتماع على أساس قاعدة الإجماع . واحدا تلو الآخر انسل جمهور المستمعين الذين كانوا يصغون لخطابات المتحدثين و انضموا إلى تلك الحلقة . كان ذلك في الثاني من أغسطس 2011 . في قصة ( أسطورة ) نشوء حركة احتلوا وول ستريت هذه نقف أمام غموض أساسي في علاقة الحركة بالتنظيم . يمكننا أن نفهم هذا التحول إلى قاعدة اتخاذ القرارات بالإجماع كتبني لنموذج أكثر تشاركية و بالتالي ذا شرعية ديمقراطية أكبر مما سينتج فيما بعد المزاعم بأن الجمعيات العامة لحركة احتلوا وول ستريت تمثل الديمقراطية الحقيقية في الممارسة . أو يمكننا أن نركز على قرار الانسحاب من المسيرة الأولى كموقف مؤيد لفكرة الاتحاد الطوعي . في العام التالي انفجر هذا التوتر الداخلي مرارا , من جهة الديمقراطيون المصممون على عرض أشكال جديدة من الحكم ( الحاكمية ) في معارضة رغبة الأناركيين بالتشديد على أولوية التسيير الذاتي . رغم أن ديفيد غرايبر شجع المشاركين على اعتبار آلية اتخاذ القرارات بالإجماع على أنها جملة مبادئ أكثر منها قواعد حاكمة , فإن أنصار قاعدة الإجماع و معارضيه السلطويين استمروا بمعاملتها كوسيلة رسمية للحكم - بينما وجد الأناركيون أنفسهم , الذين يشترك معهم غريبر بمنظومة أفكارهم , وجدوا أنفسهم خارج الواقع الذي خلقته ممارسة قاعدة الإجماع من قبل رفاقهم في حركة احتلوا وول ستريت . فشل الحركة في أن تصل إلى إجماع داخلها على ما تعنيه كلمة الإجماع بلغ ذروته في الهجمات القبيحة التي حاول فيها كل من ريبيكا سولنيت و كريس هيدجيز أن يصموا المشاركين الأناركيين بأنهم بلطجية ( بلاطجة , شبيحة ) عنيفين . كيف حدث أن مجموعة احتلوا وول ستريت في مدينة صغرى في منطقة نائية تبنوا ممارسات اتخاذ القرارات لحركة احتلوا وول ستريت ؟ القصة التالية ترصد التوترات بين أشكال التنظيم الديمقراطية و تلك القائمة على التسيير الذاتي في مسار حركة احتلوا وول ستريت محلية . قبل عقد و نصف كنت مشاركا فيما يسمى بالحركة المناهضة للعولمة كما وصفها يومها الصحفيون الذين فضلوا ذلك الاسم على استخدام كلمة مناهضة للرأسمالية . بادئة بموجات من المبادرات المحلية تحولت هذه الحركة فيما بعد إلى سلسلة متعاقبة من الاضطرابات ( أعمال الشغب ) الجماهيرية مع انعقاد مؤتمرات التجارة العالمية من سياتل في نوفمبر تشرين الثاني 1999 إلى جنوة يوليو تموز 2001 . رغم أني كنت أناركيا قبل ذلك بعدة سنوات , لكني تعرفت على قاعدة اتخاذ القرارات بالإجماع فقط في أثناء تلك التجارب . اعتقدت ككثير من المشاركين الآخرين أن هذا الشكل من آلية اتخاذ القرارات يشير إلى الطريق نحو عالم من دون حكومة و دون رأسمالية . ابتهجنا لهذا الحلم الذي كان يبدو مستحيلا من أن آلية اتخاذ القرارات هذه سيجري تبنيها من قبل غالبية الناس ذات يوم قريب . بعد ذلك بعشر سنين زرت مخيم احتلوا وول ستريت في حديقة زوكوتي . كان عمر المخيم يومها أسبوعين فقط , لكنه كان قد طور ثقافته السياسية بالفعل : جمعيات يومية تعتمد على قاعدة اتخاذ القرارات بالإجماع . كان ذلك مألوفا لي منذ أيامي مع مناهضة العولمة رغم أن معظم الناس هناك لم تكن لهم مثل تلك الخلفية . في تلك الزيارة القصيرة سمعت الكثير من الكلام المنمق القانوني و الإصلاحي . في نفس الوقت كان ذلك هو ما حلمنا به , أن تنتشر ممارساتنا خارج أوساطنا . لكن هل يمكن لهذه الممارسات نفسها أن تزرع نفس القيم السياسية التي دفعتنا أساسا لنستخدم مثل هذه الآليات ؟ رأى بعض رفاقنا أن النماذج الديمقراطية المباشرة ستكون خطوة لدفع الناس ليصبحوا أكثر راديكالية , باتجاه الأناركية . بعد أسبوعين من زيارتي لمانهاتن عدت إلى مدينتي في وسط أمريكا لأحضر الجمعية الثانية لمجموعة احتلوا وول ستريت في مدينتي . حيث كان مائة شخص من خلفيات سياسية مختلفة يتناقشون فيما إذا كان يجب أن نقيم مخيما هنا أم لا . ليس من السهل على حشد أو جمهور اجتمع اعتباطا بدعوة على الفيسبوك أن يصل إلى قرار مشترك . البعض رفض القيام باحتلال ( مساحة عامة ) قائلا أن الشرطة ستقوم بفض اعتصامنا في نهاية المطاف مشددين على أن نحاول الحصول على موافقة رسمية من السلطات أولا . في المدينة المجاورة تقدم أعضاء حركة احتلوا وول ستريت بطلب للحصول على موافقة لمظاهرتهم لكنهم حصلوا على موافقة لعدة ساعات فقط , كل من بقي بعد انقضاء تلك الساعات تم اعتقاله من قبل الشرطة . اعتقد بعضنا أنه من الأفضل أن نقوم باحتلال تلك المساحة العامة دون الحصول على موافقة من السلطات كيلا تعتقد هذه السلطات أننا سنلتزم بأوامرها فقط . لو كان الشخص الذي يقوم بإدارة اللقاء شخصا آخر لتمكن من إبقاء النقاش معلقا إلى ما لا نهاية معرقلا بالتالي إمكانية القيام بالاحتلال ( الاعتصام ) باسم الحفاظ على قاعدة الإجماع تلك . لكن وجد من وضع حدا لهذه المهاترات "ليرفع يديه كل من يريد التخييم هنا الليلة" . رفعت بعض الأيادي بتردد . "يبدو أن هناك خمسة , ستة , سبعة ... حسنا , لننقسم إلى مجموعتين : أولئك الذين يريدون القيام بالاعتصام لوحدهم و من جهة أخرى الآخرون . سنعاود الاجتماع بعد عشرة دقائق" . في البداية اجتمعت نصف دزينة منا في جانب المطالبين بالقيام بالاعتصام في البلازا ( الحديقة أو الميدان ) , لكن بعد أن بدأنا بأول خطوة بدأ الآخرون بالانضمام إلينا . بعد عشرة دقائق أصبحنا 24 - في تلك الليلة خيم العشرات في البلازا . بقيت طوال الليل أنتظر هجوم الشرطة , لكنهم لم يأتوا . لقد كسبنا الجولة الأولى موسعين مما اعتقد الجميع أنه ممكن , و كنا ندين بذلك للأشخاص الذين أخذوا المبادرة على عاتقهم بشكل ذاتي لا على أساس اتخاذ القرارات بالإجماع . كان احتلالنا للبلازا ناجحا . في الأسابيع الأولى القليلة جاء أشخاص جدد و بدأنا نعرف بعضنا البعض من خلال المظاهرات و العمل اللوجستي و ليالي النقاشات الحامية . خدمت الجمعيات الليلية كفضاء ( مساحة ) لنتعرف على بعضنا سياسيا . أولا سمعنا شهادات كثيرة عن الأسباب التي جاءت بهؤلاء الأشخاص إلى هنا . تراوحت تلك الأسباب من الشعور بالملل إلى الشعور بالإعجاب , لكنها اختفت ما أن بدأ العمل على اتخاذ القرارات أثناء الجمعيات العامة . ثم انخرطنا في نقاشات مطولة عما إذا كنا سنعتمد سياسة لاعنف على أن يكون اللاعنف هو كلمة السر للخضوع للقانون . بفضل مشاركة الكثير من الأناركيين توقف هذا النقاش في المنتصف لكنه أتاح للكثير من أعضاء حركة احتلوا وول ستريت الذين لم يسبق لهم أن شاركوا في مثل هذه النقاشات أن يسمعوا أشياء جديدة تماما بالنسبة لهم . كان من الرائع أن نشاهد الكثير من البشر يمرون بتطور سياسي سريع كهذا . استمعت كثيرا بالنقاشات , دراما مشاهدة ليبراليي الطبقة الوسطى يصارعون لكي يتحدثوا بنفس المستوى مع الأناركيين و بقية الفقراء الغاضبين . من جهة أخرى كانت الجمعيات العامة غير قادرة على اتخاذ القرارات . بعد أسابيع من الجلسات اليومية المرهقة , عجزنا كلية عن صياغة بيان عن أهدافنا الأساسية , منعتنا آلية اتخاذ القرارات بالإجماع مرارا , بسبب اعتراض شخص واحد في كثير من الأحيان . تمكن البعض من تنظيم مظاهرتين صغيرتين بواسطة آلية اتخاذ القرارات بالإجماع لكنها لم تجتذب أية مشاركين . موافقة الجمعية العامة لم تعن شيئا للناس الذين قرروا لأنفسهم , كان القرار بالقيام بفعالية ما يتخذ في مكان آخر غير الجمعية العامة . بينما ساعدتنا الجمعيات العامة الليلية في معرفة بعضنا البعض سياسيا , لكنك إذا أردت معرفة الآخرين بشكل شخصي فعليك أن تقضي وقتا أطول في المخيم . من خلال المساهمة في ساعات الحراسة الليلية , و مواجهة طلاب جامعيين سكارى أو رجعيين , تعرفت عن قرب على الكثير من فريق احتلوا وول ستريت الذين جاؤوا هنا كأفراد معزولين في البداية . كانت هذه العلاقات هي التي أعطتنا السبب لنراهن على أعمالنا المشتركة في الأشهر القادمة . بشكل غير متوقع كان الليبراليون من أكثر الداعين إلى اعتماد الإجماع كآلية لاتخاذ القرارات رغم أنها كانت غريبة عنهم , فقد وجدوا أنها تضمن لهم أن يتم القيام بكل فعل بطريقة "مناسبة" . خلق تشديدهم هذا على الإجماع خلافات مع السكان الحقيقيين للمخيم , الذين شعر الكثيرون منهم بالاستياء من التواصل بمثل هذه الطريقة الشكلانية , و اتضح أخيرا أن الانقسام الطبقي كان أكثر أهمية من أي خلاف سياسي . من منظور الليبراليين كانت تلك جمعية ديمقراطية يشارك فيها الجميع و أن من لا يحضر أو يتحدث فيها لا يحق له الشكوى أو الاعتراض على القرارات التي تتخذ هناك . من حيث الإقامة في المخيم , كان الليبراليون يأتون لساعة أو ساعتين كل يومين و كانوا يريدون خلالها أن يهيمنوا على القرارات التي على المقيمين في المخيم طوال الأربع عشرين ساعة أن يخضعوا لها - و غالبا دون حتى أن يبقوا ليشاركوا في تطبيقها . كنت جزءا من الأقلية التي كانت معتادة على آلية اتخاذ القرارات بالإجماع لكني كنت في نفس الوقت من سكان المخيم مما جعلني قادرا على أن أرى الجهتين في نفس الوقت . حاولت أن أشرح لليبراليين الذين كانوا يأتون لحضور الجمعيات العامة فقط - الذين فهموا احتلوا وول ستريت كمشروع سياسي أكثر منه فضاء اجتماعي - أنه كانت هناك آليات اتخاذ قرارات موجودة بالفعل داخل المخيم , حتى لو لم تكن شكلانية و أنهم إذا أرادوا أن يقيموا علاقات أفضل مع سكان المخيم فإن عليهم أن يأخذوا تلك الآليات بجدية أكبر و أن يشاركوا فيها أيضا . بعد الأسابيع الأولى خف قدوم أشخاص جدد . أصبحنا نعرف بعضنا جيدا . أصبح عددنا معروفا و هكذا بدأنا نفقد قوتنا أمام السلطات . في تلك الأثناء كان الطقس يميل إلى البرودة و أصبح الشتاء على الأبواب . اعتمادا على خبرتنا السابقة حاولنا أن نصيغ بيانا للدعوة إلى مسيرات جديدة , بدا واضحا لنا أنه إذا كانت من خطوة تالية ممكنة فإنه يجب تحديدها خارج الجمعيات العامة . التقيت ببعض الأصدقاء الذين أعرفهم و أثق بهم منذ وقت طويل - نفس المجموعة التي دعت إلى الاعتصام في مدينتنا في البداية . ناقشنا فيم إذا كان علينا أن نحتل مبنى كبيرا فارغا على بعد عدة شوارع من البلازا . اعتقدت غالبيتنا أن ذلك كان مستحيلا , لكن بعض "المتهورين" أصروا على أنه من الممكن القيام بذلك . رأينا أنهم إذا تمكنوا من إدخالنا إلى داخل المبنى فإننا سنسعى للتمسك به بكل قوتنا . لكن كان يجب أن تبقى الخطة سرية حتى يوم التنفيذ كيلا تقوم الشرطة بإيقافنا . نجحنا في احتلال المبنى . اقتحم المبنى حوالي مائة شخص و أقاموا مطبخا و مكتبة للقراءة و أماكن للنوم . ثم عزفت فرقة موسيقية و تلى ذلك حفلة رقص . في تلك الليلة نام عديدون داخل المبنى لا في البلازا سعيدين بأن يقضوا ليلتهم بعيدا عن البرد في الخارج . مرة أخرى بقيت ساهرا طول الليل منتظرا هجوم الشرطة - كانت المخاطر أعلى هذه المرة , لكنهم لم يأتوا . كانت معنوياتنا مرتفعة : مرة أخرى دفعنا ما هو ممكن أبعد فأبعد . في المساء التالي بينما كنا ننظف و نرمم البناء انتشرت شائعة أن الشرطة كانت تعد لهجوم . تجمع العشرات منا لعقد اجتماع مهم . فاجأني كم كان الجو مختلفا عن جمعياتنا العامة المعتادة . لم تكن هناك مظاهر بيروقراطية و لا إصرار على التفاصيل التافهة . لم يخطب أي كان إلى ما لا نهاية بينما يحدق فيه المستمعون بملل . لم تقل كلمات المدح أو الذم بسبب الالتزام بالشكليات . لم يكن هنا أي كلام مجرد أو بلا معنى عن الموضوع الذي كنا نواجهه . كنا معا لأننا موجودون هنا , كانت هناك خيارات حقيقية ذات تأثيرات مباشرة على كل واحد منا . لم نحتاج إلى شخص يقود أو يوجه النقاش لكي نستمع لبعضنا البعض أو كيلا نفقد تركيزنا على الموضوع . كانت حريتنا هي المسألة , كان لدينا سبب قوي لنعمل معا . في اليوم التالي على غارة الشرطة اجتمع حشد كبير في المخيم الأصلي في جمعية عامة مستمرة - كانت الجمعية الأكثر حيوية و الأكبر عددا في مدينتنا طوال فترة الاعتصام . قرارنا باحتلال المبنى الذي أخذناه خارج الجمعية جعل هذه الجمعية العامة , يا للسخرية , مغرية جدا لكل شخص . كان البعض قد حفزهم احتلال المبنى و طريقة ردنا على غارة الشرطة , آخرون اعتبروا أن الجمعية العامة هي الهيئة القيادية ( الحاكمة , الحكومية ) للحركة , و غضبوا لأننا تجاوزناهم , لكن كان هناك أيضا أشخاص لم يهتموا بحركة احتلوا وول ستريت من قبل , جاؤوا لينضموا إلينا لأنهم رأوا أننا كنا قادرين على إحداث تأثير كبير . حتى لو كانوا هناك فقط ليناقشونا و يقنعونا أن "نبقى سلميين" و نلتزم بالقانون , كنا نأمل أن دخولهم فضاء الحوار هذا قد يوسع من فكرتهم عن ما هو مقبول أو ممكن , أيضا . هكذا استفادت الجمعية العامة من احتلال المبنى سواء قبل به أعضاؤها أم لا . لكنهم جاؤوا فقط بسبب القوة التي عبرنا عنها بعملنا الذي قمنا به بمبادرة ذاتية منا . كانت تلك القوة هي ما أرادوا الحصول عليه من خلال الجمعية - بعضهم ليخضعها , بعضهم ليسيطر عليها , بعضهم لترويضها . في الواقع لم توجد تلك القوة في الجمعية العامة كفضاء لاتخاذ القرارات , بل في الناس الذين يأتون إليها و العلاقات التي أقاموها فيما بينهم . في الأسبوع التالي حصل الناس على تحفيز أكبر مع احتلال أبنية أخرى في أوكلاند و في مدينتنا الصغيرة و في سانت لويس , واشنطن , و سياتل . هذه الموجة الجديدة من الفعاليات حولت حركة احتلوا وول ستريت من مجرد احتجاجات رمزية إلى تحد مباشر لقدسية المفاهيم الرأسمالية عن الملكية . شهدت مدينتنا يومها أكبر مظاهرة لم تحصل على تصريح من السلطات منذ سنوات . بعد أشهر قارنت ملاحظاتي مع ملاحظات رفاقي في مختلف أنحاء البلاد عن سير هذه التجربة الجماهيرية عن اتخاذ القرارات بآلية الإجماع . في كل مكان كانت هناك نفس الصراعات , بينما رأى البعض في الجمعيات العامة فضاءات شرعية ( قانونية ) لاتخاذ القرارات منتقدين كل من كان يدفع الحركة نحو الفعل على أساس التسيير الذاتي . حتى في أوكلاند , حيث وجد المخيم الأكثر كفاحية في البلاد , لم يتمكنوا أبدا من أن يصلوا إلى قرار بالإجماع لإبقاء الشرطة خارج المخيم . حدثني صديق من أوكلاند عندما منع شرطيا من دخول المخيم , كيف صرخ شاب من الإصلاحيين , كان قد تعلم للتو علامات آلية اتخاذ القرارات بالإجماع , صرخ غاضبا "أنا أمنعك ( أستخدم الفيتو ضدك ) !" . في صورة أخذت بعد الاضطرابات التي رد فيها المعتصمون على محاولة إخلاء مخيمهم , كتب أحدهم على نافذة مكسورة "هذا العمل التخريبي لم تقره الجمعية العامة" , كما لو أن الجمعية العامة كانت هيئة حكومية مسؤولة عن أفرادها و بالتالي مسؤولة عن قانونية أفعالهم أو لا قانونيتها . يظهر هذا سوء الفهم الهائل لفوائد آلية اتخاذ القرارات بالإجماع . إنها مثل أية أداة , تنتقل القوة منا إليها , لا بالعكس - يمكننا أن نمنحها القوة , لكن استخدامها لن يعطينا القوة بالضرورة . كل خطوة جعلت حركة احتلوا وول ستريت ناجحة في مدينتنا من الدعوة للجمعية العامة الأولى إلى قرار احتلال البلازا و قرار احتلال البناء , كانت نتيجة مبادرات ذاتية . لم يكن من الممكن أبدا أن نصل إلى الإجماع لفعل أي من هذه الأشياء في جمعية عامة تضم الأناركيين و الماويين و الفقراء أصحاب الأفكار الرجعية و ليبراليي الطبقة الوسطى و مخبري الشرطة و أشخاص ذوي مشاكل نفسية و آخرين يحلمون بأن يصبحوا سياسيين في المستقبل و أي شخص تصادف وقوفه هناك في تلك اللحظة . كانت الجمعيات العامة ضرورية كفضاء يمكننا فيه أن نتواصل مع بعضنا و نتبادل المقترحات , و لنخلق علاقات جديدة و نبني قوتنا الجماعية , لكننا لا نحتاج شكلا أكثر تشاركية و بالتالي أقل فاعلية من الحكومة ( الحاكمية ) . إننا نحتاج إلى القدرة للعمل بحرية كما نعتقد , منطقا مشتركا لنوجد إلى جانب الآخرين حيثما يكون ذلك ممكنا و إلى الشجاعة لنتصرف بأنفسنا في كل مرة يظهر فيه خلاف حقيقي بيننا . عندما بدأت الحركة تموت , دعا ذلك الفصيل من حركة احتلوا وول ستريت الذي ركز على الطرق "الشرعية" ( القانونية ) و الالتزام بالبروتوكول إلى اجتماع وطني في فيلاديلفيا في الرابع من يوليو تموز 2012 , "لوضع رؤية جماعية عن مستقبل ديمقراطي" . بالكاد حضر 500 شخص من كل أنحاء البلاد , مجموعة صغيرة جدا من تلك الأعداد التي كانت قد احتلت المرافئ و الميادين و تظاهرت في الشوارع من قبل . لقد صوت الناس , كما يقولون , بأقدامهم .

نقلا عن
http://www.crimethinc.com/blog/2016/04/14/occupy-democracy-versus-autonomy/



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة السلطة للأناركي النقابي الروسي الكسندر شابيرو - 1917
- ديمقراطية الرجعية , 1848 - 2011 , للمجموعة الأناركية كرايم ث ...
- الثورة السورية و البحث عن فتوى
- -دين أناركي- ؟ لبيتر لامبورن ويلسون
- في بيان استحالة أن تكون الثورة السورية ثورة إسلامية , سنية
- هل نحن جيدون بما يكفي لبيتر كروبوتكين
- معاداة الأسدية كممانعة
- نحو إلحاد تحرري - نقاش مع نقد محسن المحمد للإلحاد السائد عرب ...
- ابراهيم اليوسف .... حقا ؟
- عندما تحدث برهان غليون عن الولاء و البراء
- من مقدمة كتاب السيكولوجيا الجماهيرية للفاشية لفيلهلم رايتش
- عندما برأ ابن تيمية بشار الأسد
- إلى الأخت عبير النحاس : الأخت التي قدمت أول شهيد من أجل سوري ...
- الزحف المقدس
- تعليق على مقال ياسين الحاج صالح : سورية في العالم , العالم ف ...
- الشتيمة في الثورة السورية
- انتصار الثورة المضادة
- إسلامية إسلامية لا شرقية و لا غربية
- حوار مع مقال أسعد أبو خليل الأخير , عن إسرائيل الأخرى , و ال ...
- تعقيب مهم على تعقيب الرفيق الماركسي يوسف الحبال


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مازن كم الماز - حركة احتلوا وول ستريت : الديمقراطية ضد التسيير الذاتي