أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الهوية وقانون الحريات والعلمانية















المزيد.....

الهوية وقانون الحريات والعلمانية


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 5281 - 2016 / 9 / 10 - 10:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تنفس معظم الناطقين باللغة العربية الصعداء بعد عزل الرئيس محمد مرسي، لدرجة ان الشاب خالد غيّر عنوان اغنيته المشهورة "ديدي واه" إلى "سيسي واه"، ووضع بعض كلمات جديدة تناسب فرح الناس بما حدث في مصر، التي تأسّف معظم كتاب الصحف والمفكرين على ضياع هيبة دولتها على ايادي رعاع الشارع. تلك الهيبة التي لم تضع مطلقا حتى بعد هزيمة 1967، وإغتيال الرئيس السادات في مشهد إستفزازي أُريد منه كسر هيبة دولة وليس إغتيال رئيس.
إنتشرت تلك السعادة بين معظم الناطقين باللغة العربية ليقينهم بأن ما يجري في مصر، سيحدث بالتبعية وبطريقة سقوط قطع الدومينو على بقية دول الشرق الاوسط، و مسلسل الثورات التي حدثت بعد ثورة يوليو 1952 يشهد على ذلك. كما يشهد ايضا سقوط حزب النهضة سياسيا في تونس والخدعة الكبرى (التفرغ للدعوة وعدم مزجها بالسياسة) التي اطلقها راشد الغنوشي حفظا لماء الوجه، وما حدث في ليبيا من فوضى توّلد أخرى، ورفض المغرب "فوضى الربيع الخلاقة" وتمسكه بالملك وتركيبة المملكة التي تناسب جميع طوائفها وإثنياتها واديانها.
يلُاحظ ان حكم المرشد ذهب سياسيا في مصر وتونس، لكن لم تزل تعاليمه وادبياته مستقرة في النفوس لأن الحركات الفنية والادبية والفكرية مسلط عليها دنيويا دعاوى نشر الفسق والفجور، إضافة إلى السيف السماوي وهو إزدراء الاديان مرة وإهانة الذات الإلهية مرة اخرى، وهي تُهم في واقع الامر تمس رجال الدين وليس الاديان، وتزدري سلطة رجال الدين التي استفحلت وليس الله.
يتساوى في رمي التهم السماوية النظام الوهابي والمنتفعون منه، ونظام آيات إيران ومن يستقوي بهم، ومنذ ايام خرج مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ وقال ان الايرانيين ليسوا مسلمين بل مجوس، وهو كلام يناقض القرآن الذي يؤمن به المفتي نفسه الذي ينص على وجود عدم فوارق بين المسلمين سوى بالتقوى، ويثبت بما لا لبس فيه ان قذائف المنتفعين من الاسلام سياسيا لا شأن لها بالدين. ثم رّد الشيعة القذيفة الإلهية فقالوا ان السُنّة اولاد أبو جهل وأبو سفيان. وهو أمر يناقض القرآن ايضا.
هذه التهم تشبه تماما في فساد مضمون دعواها تهمة شن حرب ضد الله التي ألصقها آيات الله بالشاعر الاحوازي هاشم شعباني، وهي لمن يتأملها بهدوء، تهمة سياسية لإهانة العقول في المقام الاول لكي تستكين وتخضع، لأن الله حسب زعمهم خارج الكون والمحسوسات، فكيف يشن إنسان حربا على كائن غير محسوس لا يملك دولة أو حرس ثوري أو جيش أو مقعد دائم في الامم المتحدة؟ ناهيك عن جلد السُنّة لأي مدون مارق يستعمل عقله.
فقدان الهوية
اعود إلى مصر لأنها بيت القصيد في المقال. هذه المصطلحات والزي الموَّحد والفتن السياسية سواء عند الوهابيين أو آيات الله لم تعرفها مصر في كل تاريخها الشيعي أو السُنّي، لأن مصر حافظت دائما على هويتها المتميزة، وعندما فقدتها تدريجيا بدأت هذه الامراض الاجتماعية المتسربلة بقشور الدين تتفشى.
المحامي المصري خالد المصري في أول ظهور تلفزيوني له بعد قيامه بتحريك دعوى قضائية ضد الكاتب السيد القمني بحجة "ازدراء الدين الإسلامي" إستند كما قال إلى قانون الحريات، والاستناد نفسه ساقط وسبب كاف لخسارة قضيته فكريا، لأن قانون الحريات يتيح للمفكر السيد القمني قول ما يشاء، والناس ترد عليه بما شاءوا وليس عن طريق المحاكم. ثم أن السيد القمني تحدث بأدلة وبراهين وتاريخ ولم يفتر أو يزدري أي دين، وعندما سُئل مرة هل ما يقوله يعني الاستغناء على الاديان، قال: "بالعكس كل شيء يجب ان يبقى كما هو لنعرف كيف صار التطور الاجتماعي، لكن يجب ان نفكر في ما لدينا بعقلية الحاضر". وهم لا يغفرون له انه يعتبر فتح مصر ايام عمرو بن العاص احتلالا وليس تبشيرا دينيا، لذلك هو هدف لمن فقدوا هوياتهم لأسباب غيبية أو على وجه الدقة مالية.
سألت ضابطا سابقا إيرانيا خدم في عهد الشاه وترك الخدمة وهاجر بمجرد سقوط الامبراطورية:
- ما هي المشكلة التي هاجرت بسببها؟
- انا إيراني قبل ان أكون مسلما ولا أقبل ان افقد هويتي بسبب ديني.
- لكنك فقدتها بسبب الهجرة!
- غير صحيح. وطني فقد هويته ولم أفقدها! قال الرجل.
تحرش جنسي
من المظاهر العلمانية التي يحاربها المستفيدون من الاسلام سياسيا التماثيل، لأسباب لم تعد ذات صلة بواقعنا الحالي، ولا بالماضي فالقرآن يقول ان الناس اتخذوها زلفى وتقربا من الله ولم يعبدوها (إلا ليقربونا إلى الله زلفى)
جميع فاقدي الهوية اصحاب اسلوب موحَّد تجاه التماثيل، فقد ألبس احدهم تمثال أم كلثوم طرحة بعد وصول الاخوان للحكم في مصر، ودمر واحد منم تمثال أبي العلاء المعري في سورية، ونسف رجال من القاعدة في أفغانستان تمثال لبوذا، وكذلك فعل خلفية المسلمين البغدادي في تدمر وغيرها، ومنذ ايام تحدثوا باسم أهالي سوهاج بمصر وقالوا ان تمثال "أم الشهيد" غير ملائم ويوحي بالتحرش الجنسي، لأن الجندي يقف مطوقا بذراعيه الفلاحة وهي رمز مصر، وارتفعت موجة من انتقادات فاقدة لهويتها ووصفت التمثال بعمل "يوحي بتحرش جنسي" و"علاقة غير مرغوبة مع امرأة" وبلغ التحريض الحضيض عندما قالوا: "يوحي التمثال بأن الجيش المصري يتحرش بالبلاد".
الجندي ببساطة يطوق الفلاحة ولا يلمسها، وكل منهما لا توحي بملامحه بأي تحرش، بل العزيمة له والعنفوان لها، وقد اضطر النحات المصري وجيه ينّي إلى إجراء تعديلات على تمثاله، الذي صنعه لتكريم الجنود الذين فقدوا حياتهم أثناء الخدمة، ويجري حاليا إزالة الجندي ووضع غصن زيتون في يدي المرأة، كما سيشكل هلالا (رمز إسلامي) فوق رأس المرأة من خلال الحمام الأبيض الذي يعد رمزا للسلام.
روح مصر
كل المماحكات الواردة اعلاه دليل تغيّر معايير المجتمع المصري وإصابة روحه بعاهات ثقافية وفقدانه لهويته القومية، ومن الغريب انه قبل غزو ثقافة الحجاب والتشادور والنقاب لمصر لم يكن التحرش الجنسي ظاهرة منتشرة كما هي اليوم، ولم ترد في الصحف نسبة الاغتصابات الجنسية نفسها ايام سفور المرأة المصرية والميني جيب، التي تُذكر بعد حجابها وتربية اللحى عند الرجال.
وربما بعد تسونامي البوركيني في فرنسا يدفع اصحاب الهويات المشوهة المجتمع إلى جدل عقيم حول لوحة "دو لا كروا" وهي الحرية تقود الشعب، لأن المرأة ظهرت فيها عارية الصدر وهي تقود الثوار، وربما إنتهى هذا الجدل السخيف بتغطية ثديي المرأة، لأنها تؤذي مشاعر المنقبات المحتشمات.
اعود إلى مصر. روح مصر كانت دائما تمصير كل ما يأتي إليها وكل وافد. فقد مصّرت مصر كل الجاليات الاجنبية التي عاشت فيها، وكانت مصر تتكلم في البيوت بأكثر من سبع لغات وفي الشارع باللهجة المصرية حتى بدايات ثورة يوليو. مصّرت مصر كل وافد إليها لدرجة ان بعض الناس يندهشون عندما يعلمون ان فريد شوقي من اصول تركية، واستفيان روستي من اصول إيطالية، وليلى مراد يهودية، ونجيب الريحاني عراقي، وشويكار وزبيدة ثروت وبوسي من أصول تركية.
مصّرت مصر كل دين وفد إليها؛ يهودية مصر تختلف اليهودية الاصلية، ومسيحية مصر تختلف عن مسيحية أي بلد آخر، وإسلام مصر يختلف عن الاسلام الوافد من الصحراء، وقد حدث هذا التغيير العميق لأن مصر علمت الناس الايمان واخترعت اسطورة الحياة الاخرى، فكان سهلا عليها ان تستوعب بضاعتها التي رُدت إليها بأسماء عقائد اخرى واسم آله اخر وتمصّرها.
الحاكم الوحيد الذي فهم روح مصر هو محمد علي باشا، وإذا لم يفهم الرئيس عبد الفتاح السيسي ما هو مطلوب منه تحديدا، بغض النظر عن "لعبة الامم"، سيظل مجرد لاعب في تلك اللعبة وكبير موظفي مصر وليس منقذها من فرق مماليك العصر. وطريق السيسي الوحيد هو العلمانية لأنها تستخدم العقل، وهو أقوى ما يخافه أي فاقد لهويته، ولا يجب ان يخشاهم المشير لأنهم لا يطمعون في كرسيه بل يريدون تحسين الامور.



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المواطنة المتساوية وانفصام الشخصية
- البوركيني وثقافة الملابس
- عالم كيمياء وفقيه كلام
- البابا فرنسيس يؤسس اخلاقيات تخالف الموروثات الابراهيمية
- أتنادون باالخلافة وتبخلون على خليفة رسولكم بجزيرتين؟!
- في معضلة تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم
- يعيش يعيش حكم المرشد
- هل أفلست الاديان شكلا ومضمونا؟
- افراط البطش الذي يتجاهل القرآن والاحاديث
- تعدي مؤسسة على صلاحيات الله المطلقة
- -موال الهوى-: رواية تعبق بثقافات البحر المتوسط
- المسلمون المتنورون والصم المسيحيون
- ختان العقل ووأد الروح واستهجان الاستنارة
- تحت خط الفقر العلمي
- التمييز والعنصرية والتقية ومصادر التمويل
- الازدواجية الاخلاقية في الضمير الجهادي
- ليته يستقيل قبل تشرين
- الفرق بين رجال السياسة وبائعي التمائم
- تحديث الخطاب الديني مهمة العلمانيين
- قراءة في فقه المستفيدين من الاسلام سياسيا(8)


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل صوما - الهوية وقانون الحريات والعلمانية