أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود الباتع - حفيد -أبو يسرى- ..














المزيد.....

حفيد -أبو يسرى- ..


محمود الباتع

الحوار المتمدن-العدد: 5281 - 2016 / 9 / 10 - 00:00
المحور: كتابات ساخرة
    


لم يجد "أبو يسرَى" متسعاً له في الدنيا بأسرها يوم أن رزقت وحيدته "يسرى" بمولودها الأول بعد عامين من زواجها، ليصبح بذلك جداً لأول مرة في حياته وهو في السادسة والأربعين لا غير. سيطرت عليه وراقت له كثيراً فكرة الجد الشاب الذي أصبحه، بما ضاعف عليه فرحته ضعفين، ورغب في إشراك كل من حوله في هذه الفرحة العارمة، فقام بصناعة صينية نمورة باللوز بنفسه، وجلس بها عند مدخل العمارة مزوداً بمنضدة صغيرة ومقعد أصغر إلى جانب صدر الحلوى وعدد من الأطباق البلاستيكية إلى جانبه. ائتزر بمريلة المطبخ وارتدى قفازين من المطاط متخذاً هيئة بائعي الحلوى الجوالين، فراح ينادي على كل داخل وخارج من السكان داعياً إياهم لتذوق حلوان حفيده الوليد. كان من الإلحاح عليهم بحيث لا يترك مجالاً لأيهم للاعتذار ..،

تفضل يا جار ..
عقبال عند أنجالكم ..
حلاوة حفيدي يا حلوين
تفضلي جارتنا .. حلوان سلامة "يسرى"
إيدي ع راسك تجابرنا بلقمة ..
أقسمت عليك لتتحلى يا أبو فلان ..
ليوم ببلاش .. بكرة بمصاري .. هههه

ما هي إلا دقائق حتى تحلق جمع من الجيران وبعض العابرين حول "أبي يسرى"، وكل قد أمسك بصحنه بينما يمضغون قطع النمورة اللذيذة واحدة تلو أخرى، مطلقين ألسنتهم بآيات التبريك والتهاني مشفوعة بالدعاء للوليد القادم بالصحة والسعادة والصلاح، قبل أن يستزيد بعضهم من صدر النمورة قطعة أخرى أو أكثر.

كان قد تبقى من الصدر العرمرم أقل قليلاً من ربعه عندما مر داخلاً إلى العمارة "أبو سليم"، وهو جار انعزالي في أواسط العمر، قليل الكلام والاختلاط والتعاطي مع الجيران، ربما عن خجل أو عن كبر ربما .. وهذا ما أثار حول شخصيته نظريات متعددة بين السكان.
ألقى "أبو سليم" السلام على الجمع بعينين مصوبتان نحو الأرض وصوت خافت سريع النبرة لم يكد يميزها من كان على بعد خطوات .. علا صوت "أبو يسرى" مرحباً (أهلين "أبو سليم" .. حماتك بتحبك، تفضل يا جار حلوان الصبي، عقبال عند حبايبك ..)
"شكراً شكراً .." .. تمتم "أبو سليم" بسرعة بينما قدماه تسبقانه باتجاه المصعد. لكن "أبو يسرى" ركض خلفه بصحن امتلأ بالحلوى وهو يحلف عليه أن يتحلى ويشاركه فرحته، غير أن "أبو سليم" بقي على إطراقه وانطلاقه نحو المصعد، وحتى عندما وضع "أبو يسرى" الصحن بين يديه، أخذه "أبو سليم" وأعاده بسرعة إلى المنضدة دون أن يتوقف عن ترديد ( .. شكراً شكراً ..) ثم دخل إلى المصعد واختفى.
وسط ذهول الجمع ونظراتهم الصامتة في إنكار للموقف الذي تسمرت فيه أيديهم على صحونهم وأفواههم على قطع النمورة، عاد "أبو يسرى" صوب مقعده وقد علته ابتسامة بها من الخزي أكثر من أي شيء آخر، وسرعان ما كسر حدة الوجوم بأن علّق قائلاً .. ( يا سلام .. هل رأيتم أخلاق "أبو سليم" وتربيته الراقية ؟!) ليضيف والجمع يحملق فيه مشدوهاً ..

( .. أبو سليم هذا رجل صاحب موقف وعنده كرامة عالية الجودة .. يا ريت الكل يتعلم منه كيف تكون عزة النفس ...) !!!



#محمود_الباتع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومشى حذاء العمر
- الاحتكار الاجتماعي للعقيدة
- -مردخاي- واعظاً
- قضية من لا قضية له
- مطلوب شهادات وفاة
- بين القلق والخجل .. ثمة مكان للفرح !
- زمن الحارة .. هل كان حقاً جميلاً ؟
- جذور الحرية في المجتمع المدني
- ثمار الحرية في المجتمع العربي
- وماذا بعد فقدان الذاكرة؟
- سقوط زيتونة !
- هل كان يجب أن تموت بدور؟
- الإنسان والغريزة والأخلاق
- نحو فلسفة أخلاقية للاختلاف
- أحداث نهر البارد .. من المسؤول؟
- عاشقة الليل تستأذن بالرحيل
- نحن وعصر المابعديات
- رعاةُ البشر .. فرقوا ولم يسودوا
- ماذا نريد من العلمانية ؟
- الأكراد والعرب .. أية علاقة؟


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمود الباتع - حفيد -أبو يسرى- ..