أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجم النسّاج - القرآن.. إعجاز لغوي أم مجرد بلاغة؟















المزيد.....



القرآن.. إعجاز لغوي أم مجرد بلاغة؟


نجم النسّاج

الحوار المتمدن-العدد: 5280 - 2016 / 9 / 9 - 21:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


القرآن.. إعجاز لغوي أم مجرد بلاغة؟
#نجم_النساج

لا شك في أن #القرآن أحد أهم الكتب من الناحية اللغوية، لما يتضمنه من بلاغة وفصاحة وبيان، إلا أن هذا الكتاب الذي يعتقد #المسلمون أنه كلام #الله لم يصل لمستوى الإعجاز اللغوي الذي يدعونه فيه، إذا لو كان القرآن معجزاً من ناحية اللغة لوجب ان تتحقق فيه صفتان؛ أولاهما خلّوه من أي عيب، والثاني عدم قدرة البشر عن الإتيان بما يجاريه بلاغة وفصاحة ولغة، ولا نقول الإتيان "بمثله"، لأن دولة قامت على السيف وقمع المخالف في الفكر والعقيدة طوال 1400 سنة لن تسمح بأن يكون هناك (مثله) وإن حصل فلن تسمح بوصوله إلينا.

في هذه المقالة سأكتفي فقط بعرض نماذج من القرآن مع تعليقات بسيطة عليها، لنرى ما إذا كان القرآن هو فعلا كلام الله و "(لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ) أم أنه مجرد كلام بشري فيه من البلاغة الشيء الكثير، لكنه لا يخلوا من الأخطاء أيضاً، كما سأعرض بعدها نماذج من لغة #العرب لا أظن أن مستوى البلاغة فيها يقل عما في القرآن.
ولكن قبل سرد النماذج استوقفني حديث عَن #أَنس_بن_مالك يقول فيه: كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فلا أدري أشيء أنزل عليه، أم شيء يقوله". أخرجه أحمد ومسلم. وهذا يجعلك تفكر في أنه إن كان في القرآن (إعجاز لغوي) فإنه يفترض أن يكون بينه وبين كلام محمد فارقاً كبيراً مهما كان كلام #محمد بليغاً، أما حين يختلط على أنس كلام الله بكلام محمد فهذا يعني أنه لا فرق كبير بين كلام الله وكلام محمد على المستوى البلاغي إلا إن سلّمنا بأن كلام محمد هو إعجاز لغوي أيضاً.

لعلّ أبرز ما يميز لغة القرآن هي #الموسيقى التي تتضمنها، وذلك لكثرة استخدامه فن #السجع في آياته، وقد وقع مؤلف القرآن في أخطاء بلاغية فقط من أجل المحافظة على السجع في آياته، إذ ينقل #جلال_الدين_السيوطي في كتاب (الاتقان في علوم القرآن) عن شمس الدين بن الصائغ ما معناه أن القرآن اضطر الى تبديل كلمات مكان أخرى فقط من أجل المحافظة على السجع، مثل:

- (فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ : النجم 25)، تم تقديم المتأخر في الزمان وتأخير المتقدم، والأصل أن يقول فلله الأولى والآخرة، كما في الآية (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَةِ : القصص 70)، وذلك لأنه يريد أن تظل نهاية جميع الآيات بنفس السجع (هوى، غوى، يوحى، قوى، أولى.. الخ).

- (برب هارون وموسى : طه 7) تم تقديم الفاضل على الأفضل من أجل السجع، مع أن الأصح بلاغياً أن يقول برب موسى وهارون.

- حذف ياء المنقوص المعرف مثل: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ : الرعد 9)، والقاعدة أن يقول المتعالي، و (وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ : غافر 32)، والأصح أن يقول يوم التنادي.

- حذف ياء الفعل غير المجزوم مثل: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ : الفجر 4) والأصل أن يقول يسري.

- حذف ياء الإضافة مثل: (كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ : القمر 18) والأصل أن يقول عذابي ونذري، و(ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ : الرعد 32) والأصل أن يقول عقابي.

- تأخير الوصف الأبلغ عن الأبلغ مثل: (الرحمن الرحيم) والصواب أن تأتي الرحمن بعد الرحيم لأن الرحمن أبلغ، و (رءوف رحيم) والأصل أن يقول رحيم رؤوف لأن الرأفة أبلغ من الرحمة.

- الاستغناء بالإفراد عن التثنية نحو: (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى : طه 117) والأصل أن يقول (فتشقيان)، الاستغناء بالإفراد عن الجمع مثل: (واجعلنا للمتقين إماماً : الفرقان 74)، والأصل أن يقول (أئمة)، كما قال (إن المتقين في جنات ونهر : القمر 54) والمفروض أن يقول (أنهار).


وكتأكيد على ما نقله السيوطي، اعتبر البعض أن القرآن استخدم الفعل (كان) في كثير من الجُمَل ذات القافية المنصوبة، فقط من أجل المحافظة على السجع فيها، مقابل استخدامه للجمل نفسها دون الفعل (كان) في سور أخرى قافيتها مرفوعة أو مجرورة، مثل:

- (إنَّ اللهَ كان علِيّاً كبيراً : النساء 34)، مقابل: (وأنَّ اللهَ هو العَلِيُّ الكبير : الحج 62).
- (فإنَّ اللهَ كان غفوراً رحيماً : النساء 129)، (إنَّ اللهَ كان غفوراً رحيماً : الأحزاب 24)، مقابل: (إنَّ اللهَ غفورٌ رحيم : المائدة 39، والأنفال 69).
- (وكان اللهُ غنياً حميداً : النساء 131)، مقابل (فإنَّ اللهَ غنيٌّ حميد : لقمان 12).
- (وكان اللهُ سميعاً بصيراً : النساء 134)، مقابل (إنَّ اللهَ سميعٌ بصير : الحج 75، ولقمان 28، والمجادلة 1).
- (وكان ذلك على الله يسيراً : النساء 169) مقابل (إنَّ ذلك على الله يسير : الحج 70).
- (إنَّ اللهَ كان بما تَعْمَلون خبيراً : الأحزاب 2)، مقابل (واللهُ بما تَعْمَلون خبير : آل عمران 180)، (وأنَّ اللهَ بما تَعْمَلون خبير : لقمان 29).
والأمثلة كثيرة جداً بإمكان أي قاريء للقرآن أن يجدها بسهولة.

الحشو الكلامي:

ومما يلفت النظر في القرآن هو الحشو الذي اتبعه مؤلفه في كثير من المواضع، وهو حشو لا معنى له ولا مبرر، وكان بإمكانه الاستغناء عنه، مثل:

- (لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ : النور 61)، لماذا كل هذا التفصيل لأمر سخيف لا يحتاج لإذن أصلاً، ألم يكن كافياً لو قال ليس عليكم حرج أن تأكلوا من بيوت أهلكم وأقاربكم؟، ثم ما هذا الموضوع الخطير الذي يحتاج لإذن أصلاً؟ (الأكل في بيوت الأقارب.. جميعاً أو أشتاتاً)، الأمر ليس سوى مجرد حشو لغوي.

- (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ : الكافرون)، ألم يكن يكفي أن يقول: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ ما أعبد، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ؟

- وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِه انظُرُوا إِلَىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ : الأنعام 99)، لاحظوا كمية الحشو والتكرار غير المبرر في هذه الآية.

- (فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا : الكهف 77)، ألم يكن من الأبلغ القول: "فإنطلقا حتى إذا أتيا قرية استطعما أهلها"، أو "فإنطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعماهم"؟.

- (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ : ص 73)، "كلهم أجمعون" مجرد حشو زائد من أجل الموسيقى والسجع كما ذكرنا سابقاً.

أخطاء الجمع والتثنية والتأنيث والتذكير:

- (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ : ص 21 – 22)، بعيداً عن الرأي القائل أن الاثنين جمع، ألم يكن من الأفضل لو قال: وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الخصمين إِذْ تَسَوَّرا الْمِحْرَابَ، إِذْ دَخَلُا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُما قَالا لَا تَخَفْ خصمان بعضنا على بعض؟.

- (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ : الأعراف - 190)، كان الأصل أن يقول: فتعالى الله عما يشركان، وللخروج من هذا المأزق يقول ابن كثير: "ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء، وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته"، أما الطبري فيقول: "فتعالى الله عما يشرك به مشركو العرب من عبدة الأوثان".

- (جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ: يونس 22)، مع أن الريح مؤنثة كما قال في موضع آخر: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً : الأنبياء 81)

- (وقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَٰذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ : الأنعام 139)، جاءت لفظة خالصة بصيغة التأنيث، ومحرم بصيغة التذكير، فلماذا جاءت الصفتان بصيغتين مختلفتين، مرة بالتأنيث ومرة بالتذكير؟ طبعا يكفي أن تلقي نظرة على أقوال المفسرين كي تدرك حجم التخبط الذي وقعوا فيه.

التكرار:

هناك مجموعة من الجمل التي تكررت بشكل كبير مثل: (إن الله على كل شيء قدير، إن الله غفور رحيم، إن الله سميع عليم... الخ)، بشكل مبالغ به، وهو أمر لا يمكن تفسيره إلا في سياق الفقر اللغوي لمؤلف القرآن (الذي أمضى في تأليفه 23 سنة) وعجزه عن الإتيان بكلام جديد، فكان يضطر لإعادة نفس الكلام في مواضع كثيرة، كما أن هناك مجموعة كبيرة من الآيات التي تكررت في سور مختلفة مع اختلاف بسيط في صياغتها مثل:

- (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ : البقرة 35)، ثم تجد (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ : الأعراف 19).
- (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ : البقرة 58)، ثم تجد (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ الأعراف : 161)
- (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ : البقرة 48)، ثم يقول في نفس السورة بعد مجموعة آيات (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ : البقرة 123)
- (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ : البقرة 49)، وفي موضع آخر (وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ : الأعراف 141)، وفي موضع ثالث (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ : ابراهيم 6).
وهناك أمثلة أخرى لا يتسع المجال لذكرها هنا، والسؤال أين هو الإعجاز اللغوي في تكرار الكلام في مواضع مختلفة؟ وعلامَ يدل ذلك؟

قطع غير مفهوم وانتقال غير مبرر بين فكرتين:

ومن الأمور اللافتة في القرآن احتوائه آيات تشعر كأنه تم بترها من الوسط، إذ لا رابط بين بدايتها ونهايتها، ولعلّ هذا لا يدخل كثيراً في باب البلاغة، لأن الموضوع مرتبط أكثر بحسب الباحثين في علم المخطوطات بأخطاء النسّاخ، وما حدث بعد تنقيط اللغة، الأمر الذي يدحض فكرة حفظ القرآن، وهو موضوع آخر، أما إن بقيوا على إصرارهم بأن القرىن محفوظ فهم في مأزق يضعهم فيه هذا البتر بين جزئي بعض الآيات، والذي حاول المفسرون ترقيعه عبثاً، وهذه بعض الأمثلة:

- (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ، أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَىٰ، تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ : النجم 19 - 22)، أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى.. ما بها؟ دون أن يجيب يقول لكم: ألكم الذكر وله الأنثى.! طبعا من يعرف قصة الغرانيق والآيات الشيطانية التي تم حذفها واستبدالها يعرف سبب هذا التشوه اللغوي الذي لم تمنع بلاغة مؤلف القرآن الإعجازية من تداركه.

- (مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ : النحل 106)، من شرح بالكفر صدراً عليهم = غضب الله، لكن من كفر بالله بعد إيمان لم نعرف ما أمره.! نسي أن يكمل معنى الجملة الأولى ويخبرنا بما سيحدث لمن يكفر بالله من بعد إيمانه.. طبعا هم يحاولون الخروج من هذا المأزق بقولهم إن (عليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) هي جواب لـ (من كفر بالله) و (من شرح بالكفر صدراً)، من حيث المعنى قد يكون التخريج منطقيا، إلا أن (ولكن) تفسد عليهم تبريرهم، إذ أنها بهذا المعنى زائدة ولا مبرر لوجودها، أما وأنهما موجودة فهذا يعني أن ما قبلها مختلف عما بعدها.

- (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ – الحج – 78)، "ومَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" (..) ثم "مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ" فيها قطع غير مفهوم.!

- هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ : يونس 22)، لاحظ الانتقال في الخطاب من الحاضر (هو الذي يسيركم، حتى اذا كنتم)، إلى الغائب (وجرين بهم، وفرحوا بها).!

أخيراً
(قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ، وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ : الشعراء 18 - 19)، بربّكم أين البلاغة في هذا الكلام.

أمثلة على بلاغة العرب:

تالياً بعض الأمثلة على ما جادت به قرائح العرب قبل الإسلام وبعده، والذي لا يقل كثير منه عما جاء به مؤلف القرآن، بل ويتفوق بشكل كبير جداً على ما ذكرنا سابقاً وعلى ما لم يتسع المجال لذكره:

* سجع الكهّان:

كان سجع الكهان منتشراً في الجزيرة العربية قبل الإسلام، ولكنه بدأ بالانقراض بعدما ادعى محمد النبوّة، إلا أن اللافت أن السور المكية الأولى كانت تأتي بذات أسلوب هذا السجع، مما جعلها تبدو وكأنها ليست سوى امتداد لهذا الفن الذي لم يصلنا منه الكثير، ومن ذلك:

- عبد المسيح، على جمل مشيخ، أتى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلاً صعاباً، تقود خيلاً عراباً، قد قطعت دجلة ، وانتشرت في بلاده.
يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة، وفاض وادي سماوة، وغاصت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرافات وكل ما هو آت آت ثم قضى سطيح مكانه. (الكاهن سطيح).

- واللوح الخافق، والليل الغاسق، والصباح الشارق، والنجم الطارق، والمُزْن الوادق، إنّ شجر الوادي ليأدو خَتْلاً، ويحرق أنياباً عُصْلاً. وإن صخر الطَّوْد ليُنذر ثُكْلاً، لا تجدون عنه مَعْلىً. (الكاهنة زبراء).

- يوم تجزى فيه الولايات، يدعى فيه من السماء بدعوات، يسمع منها الأحياء والأموات، ويجمع فيه الناس للميقات ، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات.
ورب السماء والأرض، وما بينهما من رفع وخفض، أن ما أنبئك به لحق، ما فيه أمض. (شق بن صعب)

- والمُبذرات زرعًا، والحاصدات حصدًا، والذاريات قمحًا، والطاحنات طحنًا، والعاجنات عجنًا، والخابزات خبزًا، والثاردات ثردًا، واللاقمات لقمًا، إهالة وسمنا، لقد فضلتم على أهل الوبر، وما سبقكم أهل المدر، ريفكم فامنعوه، والمعتر فآووه، والباغي فناوئوه.سبح اسم رَبك الْأَعلَى، الذي يسر على الحبلى، فَأخرج مِنهَا نسمَة تسْعى، من بَين أحشاء ومعى، فَمنهم من يموت ويدس في الثرى، وَمِنهم من يعِيش وَيبقى إِلَى أجل ومنتهى، وَالله يعلم السر وأخفى، وَلَا تخفى عَلَيهِ الآخِرَة وَالأولَى. (مسيلمة الحنفي)

* من الكلام المسنوب لعلي بن أبي طالب في كتاب نهج البلاغة:

أَنْشَأَ الخَلْقَ إنْشَاءً، وَابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً، بِلاَ رَوِيَّة أَجَالَهَا، وَلاَ تَجْرِبَة اسْتَفَادَهَا، وَلاَ حَرَكَة أَحْدَثَهَا، وَلاَ هَمَامَةِ نَفْس اظْطَرَبَ فِيهَا. أَحَالَ الاْشياءَ لاِوْقَاتِهَا، وَلاَمَ بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا، وَغَرَّزَ غَرائِزَهَا، وَأَلزَمَهَا أشْبَاحَهَا، عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا، مُحِيطاً بِحُدُودِها وَانْتِهَائِهَا، عَارفاً بِقَرَائِنِها وَأَحْنَائِهَا. ثُمَّ أَنْشَأَ فَتْقَ الاْجْوَاءِ، وَشَقَّ الاْرْجَاءِ، وَسَكَائِكَ الَهوَاءِ، فأَجازَ فِيهَا مَاءً مُتَلاطِماً تَيَّارُهُ، مُتَراكِماً زَخَّارُهُ، حَمَلَهُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ، وَالزَّعْزَعِ الْقَاصِفَةِ، فَأَمَرَها بِرَدِّهِ، وَسَلَّطَهَا عَلَى شَدِّهِ، وَقَرنَهَا إِلَى حَدِّهِ، الهَوَاءُ مِنْ تَحْتِها فَتِيقٌ، وَالمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِيقٌ، ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا، وَأَدَامَ مُرَبَّهَا، وَأَعْصَفَ مَجْرَاها، وَأَبْعَدَ مَنْشَاهَا، فَأَمَرَها بِتَصْفِيقِ المَاءِالزَّخَّارِ، وَإِثَارَةِ مَوْجِ البِحَارِ، فَمَخَضَتْهُ مَخْضَ السِّقَاءِ، وَعَصَفَتْ بهِ عَصْفَهَا بِالفَضَاءِ، تَرُدُّ أَوَّلَهُ عَلَى آخِرِهِ، وَسَاجِيَهُعَلَى مَائِرِهِ، حَتَّى عَبَّ عُبَابُهُ، وَرَمَى بِالزَّبَدِ رُكَامُهُ فَرَفَعَهُ فِي هَوَاء مُنْفَتِق، وَجَوٍّ مُنْفَهِق، فَسَوَّى مِنْهُ سَبْعَ سَموَات، جَعَلَ سُفْلاَهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً، وَعُلْيَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً، وَسَمْكاً مَرْفُوعاً، بِغَيْر عَمَد يَدْعَمُهَا، وَلا دِسَار يَنْظِمُها. ثُمَّ زَيَّنَهَا بِزينَةِ الكَوَاكِبِ، وَضِياءِ الثَّوَاقِبِ، وَأَجْرَى فِيها سِرَاجاً مُسْتَطِيراً، وَقَمَراً مُنِيراً: في فَلَك دَائِر، وَسَقْف سَائِر، وَرَقِيم مَائِر.

* نماذج من خطب العرب:

- خطبة قس بن ساعدة الإيادي:
يا أيها الناس اسمعوا وعوا، وإذا وعيتم فانتفعوا، إنه من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت، مطر ونبات وأرزاق وأقوات، وآباء وأمهات وأحياء وأموات، جمع وأشتات، وآيات وأرض ذات رتاج, وبحار ذات أمواج، ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا، أم تركوا هناك فناموا، أقسم قس قسماً لا حانث فيه ولا آثماً، إن لله ديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه، ونبياً قد حان حينه وأظلكم أوانه، فطوبى لمن آمن به فهداه, وويل لمن خالفه وعصاه، ثم قال تباً لأرباب الغفلة من الأمم الخالية والقرون الماضية، يا معشر إياد أين الآباء والأجداد، وأين ثمود وعاد، وأين الفراعنة الشداد، أين من بنى وشيد وزخرف ونجد وغره المال والولد، أين من بغى وطغى وجمع فأوعى وقال أنا ربكم الأعلى، ألم يكونوا أكثر منكم أموالاً وأطول منكم آجالاً وأبعد منكم آمالاً، طحنهم الثرى بكلكله ومزقهم بتطاوله، فتلك عظامهم بالية وبيوتهم خاوية، عمرتها الذئاب العاوية، كلا بل هو الله الواحد المعبود ليس والد ولا مولود.

- خطبة أكثم بن صيفي:
يا بني تميم لا يفوتنكم وعظي إن فاتكم الدهر بنفسي، إن بين حيزومي وصدري لبحراً من الكلم، لا أجد له مواقع غير أسماعكم، ولا مقار إلا قلوبكم فتلقوه بأسماع صافية، وقلوب واعية، تحمدوا عواقبها: إن الهوى يقظان، والعقل راقد، والشهوات مطلقة، والحزم معقول، والنفس مهملة، والروية مقيدة، ومن يجهل التواني، ويترك الروية يتلف الحزم. ولن يعدم المشاور مرشداً، والمستبد برأيه موقوف على مداحض الزلل، ومن سمع سمع به، ومصارع الألباب تحت ظلال الطمع، ولو اعتبرت مواقع المحن، ما وجدت إلا في مقاتل الكرام، وعلى الاعتبار طريق الرشاد، ومن سلك الجدد أمن العثار، ولن يعدم الحسود أن يتعب قلبه، ويشغل فكره، ويثير غيظه، ولا يجاوز ضره نفسه. يا بني تميم: الصبر على جرع الحلم، أعذب من جني ثمر الندم، ومن جعل عرضه دون ماله، استهدف الذم، وكلم اللسان، أنكى من كلم الحسام، والكلمة مزمومة ما لم تنجم من الفم، فإذا نجمت فهي سبع محرب، أو نار تلهب، ولكل خافية مختفٍ، ورأى الناصح اللبيب دليل لا يجور، ونفاذ الرأي في الحرب، أنفذ من الطعن والضرب.

- خطبة زياد بن أبيه (البتراء):
أما بعد, فإن الجهالة الجهلاء، والضلالة العمياء، والغي الموفي بأهله على النار ما فيه سفهاؤكم، ويشتمل عليه حلماؤكم من الأمور العظام ينبت فيها الصغير، ولا يتحاشى عنها الكبير كأنكم لم تقرؤوا كتاب الله ولم تسمعوا ما أعد الله من الثواب الكبير لأهل طاعته، والعذاب الأليم لأهل معصيته في الزمن السرمدي الذي لا يزول، أتكونون كمن طرفت عينيه الدنيا، وسدت مسامعه الشهوات، واختار الفانية على الباقية، ولا تذكرون أنكم أحدثتم في الإسلام الحدث الذي لم تسبقوا إليه؛ من ترككم الضعيف يقهر ويؤخذ ماله، ما هذه المواخير المنصوبة والضعيفة المسلوبة في النهار المبصر والعدد غير قليل؟ ألم يكن منكم نهاة تمنع الغواة عن دلج الليل وغارة النهار؟! قربتم القرابة، وباعدتم الدين، تعتذرون بغير العذر، وتغضون على المختلس، كل امرئ منكم يذب عن سفيهه صنيع من لا يخاف عاقبة ولا يرجو معادا، ما أنتم بالحلماء ولقد اتبعتم السفهاء، فلم يزل بكم ما ترون من قيامكم دونه حتى انتهكوا حرم الإسلام، ثم أطرقوا وراءكم كنوسا في مكانس الريب، حرام علي الطعام والشراب حتى أسويها بالأرض هدما وإحراقا. إني رأيت آخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله: لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف. وإني أقسم بالله لآخذن الولي بالمولى، والمقيم بالظاعن، والمقبل بالمدبر، والمطيع بالعاصي، والصحيح منكم في نفسه بالسقيم حتى يلقي الرجل منكم أخاه فيقول: انج سعد فقد هلك سعيد، أو تستقيم لي قناتكم. إن كذبة المنبر بلقاء مشهورة؛ فإذا تعلقتم علي بكذبة فقد حلت لكم معصيتي، فإذا سمعتموها مني فاغتمزوها في، واعلموا أن عندي أمثالها. من نقب منكم عليه فأنا ضامن لما ذهب منه، فإياي ودلج الليل؛ فإني لا أوتى بمدلج إلا سفكت دمه، وقد أجلتكم في ذلك بمقدار ما يأتي الخبر الكوفة ويرجع إليكم، وإياي ودعوى الجاهلية؛ فإني لا أجد أحدا دعا بها إلا قطعت لسانه، وقد أحدثتم أحداثا لم تكن وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة؛ فمن غرق قوما غرقناه، ومن أحرق قوما أحرقناه، ومن نقب بيتا نقبنا عن قلبه، ومن نبش قبرا دفناه حيا فيه، فكفوا عني أيديكم وألسنتكم أكفف عنكم يدي ولساني، ولا تظهر من أحد منكم ريبة بخلاف ما عليه عامتكم إلا ضربت عنقه، وقد كانت بيني وبين أقوام إحن فجعلت ذلك دبر أذني وتحت قدمي، فمن كان منكم محسنا فليزدد إحسانا، ومن كان منكم مسيئا فلينزع عن إساءته. إني لو علمت أن أحدكم قد قتله السل من بغضي لم أكشف له قناعا، ولم أهتك له سترا حتى يبدي لي صفحته؛ فإذا فعل ذلك لم أناظره، فاستأنفوا أموركم، وأعينوا على أنفسكم، فرب مبتئس بقدومنا سيسر، ومسرور بقدومنا سيبتئس. أيها الناس، إنا أصبحنا لكم ساسة، وعنكم ذادة، نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا، ونذود عنكم بفيء الله الذي خولنا، فلنا عليكم السمع والطاعة فيما أحببنا، ولكم علينا العدل فيما ولينا، فاستوجبوا عدلنا وفيئنا بمناصحتكم لنا، واعلموا أني مهما قصرت عنه فلن أقصر عن ثلاث : لست محتجبا عن طالب حاجة منكم ولو أتاني طارقا بليل، ولا حابسا عطاء ولا رزقا عن إبانه، ولا مجمرا لكم بعثا، فادعوا الله بالصلاح لأئمتكم؛ فإنهم ساستكم المؤدبون لكم، وكهفكم الذي إليه تأوون، ومتى يصلحوا تصلحوا، ولا تشربوا قلوبكم بغضهم، فيشتد لذلك غيظكم، ويطول له حزنكم، ولا تدركوا له حاجتكم مع أنه لو استجيب لكم فيهم لكان شرا لكم. أسأل الله أن يعين كلا على كل، وإذا رأيتموني أنفذ فيكم الأمر فأنفذوه على أذلاله، وايم الله إن لي فيكم لصرعى كثيرة فليحذر كل امرئ منكم أن يكون من صرعاي.

- نماذج من الشعر الجاهلي العظيم:

كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا - وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ
إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَـا - نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ
فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً - عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي
ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِـحٍ - وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُـلِ
(معلقة امرؤ القيس)

وأَعْلـَمُ مَا فِي الْيَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَـهُ - وَلكِنَّنِـي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَـمِ
رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ - تُمِـتْهُ وَمَنْ تُخْطِىء يُعَمَّـرْ فَيَهْـرَمِ
وَمَنْ لَمْ يُصَـانِعْ فِي أُمُـورٍ كَثِيـرَةٍ - يُضَـرَّسْ بِأَنْيَـابٍ وَيُوْطَأ بِمَنْسِـمِ
وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْروفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ - يَفِـرْهُ وَمَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْـمَ يُشْتَـمِ
وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْـلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِـهِ - عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْـنَ عَنْـهُ وَيُذْمَـمِ
وَمَنْ يُوْفِ لا يُذْمَمْ وَمَنْ يُهْدَ قَلْبُـهُ - إِلَـى مُطْمَئِـنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَـمِ
وَمَنْ هَابَ أَسْـبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَـهُ - وَإِنْ يَرْقَ أَسْـبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّـمِ
وَمَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِـهِ - يَكُـنْ حَمْـدُهُ ذَماً عَلَيْهِ وَيَنْـدَمِ
وَمَنْ يَعْصِ أَطْـرَافَ الزُّجَاجِ فَإِنَّـهُ يُطِيـعُ العَوَالِي رُكِّبَتْ كُلَّ لَهْـذَمِ
وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِـهِ - يُهَـدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمْ النَّاسَ يُظْلَـمِ
ومَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عَدُواً صَدِيقَـهُ وَمَنْ لَم يُكَـرِّمْ نَفْسَـهُ لَم يُكَـرَّمِ
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مَنْ خَلِيقَـةٍ - وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَـمِ
وَكَاءٍ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِـبٍ - زِيَـادَتُهُ أَو نَقْصُـهُ فِـي التَّكَلُّـمِ
لِسَانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُـؤَادُهُ - فَلَمْ يَبْـقَ إَلا صُورَةُ اللَّحْمِ وَالـدَّمِ
وَإَنَّ سَفَاهَ الشَّـيْخِ لا حِلْمَ بَعْـدَهُ - وَإِنَّ الفَتَـى بَعْدَ السَّفَاهَةِ يَحْلُـمِ
(معلقة زهير بن أبي سلمى).

#نجم_النساج
[email protected]



#نجم_النسّاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلاغة القرآن ورداء الملك العاري
- موجز من التاريخ الدموي للإسلام
- قرآن عربي مبين.؟!!
- تمام البرهان على بشرية القرآن
- لماذا تخلف المسلمون فكرياً وحضارياً؟


المزيد.....




- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجم النسّاج - القرآن.. إعجاز لغوي أم مجرد بلاغة؟